الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب إحياء الموات
وهي الأرض المنفكة عن الاختصاصات وملك معصوم، فإن كان الموات لم يجر عليه ملك لأحد ولم يوجد فيه أثر عمارة ملك بإحياء نصًا، وإن ملكها من له حرمة أو شك فيه فإن وجد أو أحد من ورثته لم تملك بإحياء، وإن علم ولم يعقب لم يملك وأقطعه إمام، وإن كان قد ملك بإحياء ثم ترك حتى دثر وعاد مواتًا، لم يملك بإحياء إذا كان لمعصوم، وإن علم ملكه لمعين غير معصوم فإن أحياه بدار حرب واندرس كان كموات أصليّ يملكه مسلم بإحياء (وإن كان أثر الملك فيه) غير جاهلي كالخرب التي ذهبت أنهارها واندرست آثارها ملك بإحياء، وكذا إن كان جاهليًا قديمًا أو قريبًا أو تردد جريان الملك عليه.
(ومن أحيا أرضًا ميتة فهي له مسلمًا كان أو) ذميًا إلا موات الحرم وعرفات (ولا يملك مسلم ما أحياه من أرض كفار صولحوا على) أنها لهم ولنا الخراج، (و) لا (ما قرب من العامر وتعلق بمصالحه) كطرقه وفنائه ومسيل مائه ومرعاه ومحتطبه وحريمه ونحوه، ويملك (ما لا يتعلق بمصالحه) ويجوز إقطاعه، (ولا تملك معادن ظاهرة) وباطنة ظهرت كحديد ونحوه أو لم تظهر، ولا ما نضب ماؤه (وليس للإمام إقطاعهما)، وقيل يجوز إقطاع الباطنة، وهو أظهر، (وإذا ملك المحيا ملكه بما فيه من المعادن) الجامدة (الباطنة) والظاهرة تبعًا (وإن ظهر فيه عين ماء، أو معدن جار، أو كلأ، أو شجر فهو أحق به) ولا يملكه، (وما فضل من مائه لزمه بذله لبهائم غيره) إن لم يجدن ماء مباحًا ولم يتضرر به، ويلزمه (بذله لزرع غيره) ما لم يؤذه بالدخول، أوله فيه ماء السماء فيخاف عطشًا فلا بأس إن لم يمنعه نصًا، (وعنه لا) فله بيعه بكيل أو وزن معلوم، لا مقدرًا بمدة معلومة ولا بالري ولا جزافًا قاله القاضي وغيره، واقتصر عليه في "الفروع". قلت: لو قيل بالصحة إذا كان مقدرًا بمدة أو بالري وله عادة لكان قويًا.
(وإحياء أرض أن يحوطها بحائط) منيع نصًا (أو يجري لها ماء) إن كانت لا تزرع إلا به أو يحفر فيها بئرًا، أو يغرس فيها شجرًا نصًا، أو يمنع ماء (وحريم بئر عادية) وهي القديمة (خمسون ذراعًا، وغيرها خمس وعشرون) من كل جانب فيهما، وحريم عين وقناة خمسمائة ذراع نصًا، وحريم نهر من جانبيه ما يحتاج إليه لطرح كرايته وطريق شاوية ونحوهما، وحريم شجر قدر مد أغصانها، وأرض لزرع ما تحتاجه لسقيها وربط دوابها وطرح سبخها ونحوه، وحريم دار من موات حولها مطرح تراب وكناسة وثلج وماء ميزاب وممر إلى الباب، ولا حريم لدار محفوفه بملك ويتصرف كل منهم بحسب العادة.
(ومن تحجر مواتًا) بأن حفر بئرًا لم يصل ماؤها نصًا، أو
(1)
* سقى
(2)
* شجرًا مباحًا وأصلحه ولم يركبه ونحوه، أو قطعه له إمام (لم يملكه وهو أحق به ووارثه ومن ينقله إليه، فإن لم يتم إحياؤه) وطالت المدة عرفًا (قيل له إما أن تحييه وإما أن تتركه) إن حصل متشوق للإِحياء، (فإن طلب المهلة أمهل
(3)
* شهرين أو ثلاثة) أو أقل ما يراه الحاكم، (فإن أحياه غيره) في المدة الممهل فيها لم يملكه في الأصح، قال في الفروع: ويتوجه مثله من نزل عن وظيفة لزيد هل يقرر غيره؟ قال ابن أبي
باب إحياء الموات
(1)
* قوله: (أو سقى شجرًا مباحًا وأصلحه ولم يركبه)، قال في "المغني" و"الشرح": كالزيتون والخروب المباح.
(2)
* قوله: (سقى) كذا في نسخ التنقيح وكل من ينقل عنه وغيره أي بالسين المهملة والقاف وهي تصحيف وغلط من الكتاب، وصوابه بالشين المعجمة والفاء المشددة أي قطع من الأغصان الكبيرة القديمة التي لا تصلح للتركيب والتطعيم ليستخلف أغصانًا جديدة تصلح للتركيب، وهذا هو الواقع في جبال الأرض المقدسة وغيرها كما شاهدناه نحن وغيرنا، فإنه ليس هناك ما يسقى به الزيتون والخروب.
(3)
* قوله: (أمهل شهرين أو ثلاثة) ظاهره سواء كان له عذر أو لم يكن، وقيده في المغني ومن تابعه كالحارثي وغيره بما إذا كان له عذر وإلا فلا يمهل.
المجد: لا يقرر غيره، فإن قرر هو وإلا فهي للنازل. وقال الشيخ تقي الدين في إمام: يتعين المنزول له ويولى الناظر مستحقها شرعًا. وقال ابن القيم: ومن بيده أرض خراجية فهو أحق بها وورثته وليس للإِمام أخذها، وإن نزل عنها فالمنزول له أحق بها. قلت: وقريب منه ما صححه المصنف وغيره: لو آثر شخصًا بمكانه في الجمعة لم يكن لغيره سبق إليه؛ لأنه أقامه مقامه في استحقاقه، أشبه من تحجر مواتًا، أو سبق إليه وآثر به، وخالف ابن عقيل.
(وله إقطاع جلوس في طرق واسعة ورحبة مسجد) إن قيل أنها ليست منه (ويكون أحق بالجلوس فيها) ما لم يعد الإمام فيه، (وإن أطال الجلوس فيها) من غير إقطاع (أزيل، وإن سبق) إليه (اثنان) فأكثر، أو إلى خان مسبل، أو رباط، أو مدرسة، أو خانقاة ولم يتوقف فيها إلى تنزيل ناظر أقرع، ولا يمنع (إذا طال مقامه في معدن إذا سبق إليه)، وإن سبق إليه اثنان فأكثر وضاق المكان عن أحدهم جملة أقرع.
(وإن كان الماء في نهر غير مملوك كمياه الأمطار) والأنهر الصغار (فلمن في أعلاه أن يسقي ويحبس حتى يصل المال إلى كعبه) نصًا، ثم من يليه كذلك إلى آخرهم، فإن لم يفضل عن الأول أو غيره شيء فلا شيء للباقي، فإن كانت أرض أحدهم مستعلية ومستفلة سقى كل واحدة على حدتها، ولو استوى اثنان في القرب اقتسما الماء على قدر الأرض إن أمكن وإلا أقرع، فإن كان الماء لا يفضل عن أحدهما سقى القارع بقدر حقه.
(فإن أراد إنسان إحياء أرض يسقيها منه) لم يمنع (ما لم يضر بأهل الشاربة منه) ولا يسقي قبلهم، ولو أحيى سابق في أسفله ثم آخر فوقه، ثم ثالث فوق الثاني سقى المحي أولًا ثم الثاني ثم الثالث، ولو كان الماء بنهر مملوك كحفر نهر صغير سيق الماء إليه من نهر كبير ملك، فلو كان لجماعة فبينهم على حسب العمل والنفقة، فإن لم يكفهم وتراضوا على قسمته جاز، وإلا قسمه حاكم على قدر ملكهم فما حصل لأحدهم في ساقية تصرف فيه بما أحب، وأما النهر المشترك فليس لأحدهم أن يتصرف فيه بذلك (وما حماه النبي صلى الله عليه وسلم فليس لأحد نقضه)، ولا إحياؤه ولو لم يحتج إليه، ولإمام (نقض ما حماه غيره من الأئمة) حتى هو، (وقيل لا يجوز) فعليه يملكه محييه.