الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - باب في تزويج الأبكار
2048 -
حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا أبو معاويةَ، أخبرنا الأعمشُ، عن سالم بنِ أبي الجَعد
عن جابر بنِ عبد الله، قال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أتزوجْتَ؟ " قلتُ: نعم، قال:"أبِكراً أم ثيِّباَ؟ "
(1)
فقلتُ: ثيباً، قال:"أفلا بِكْراً تُلاعِبُها وتُلاعِبُك؟ "
(2)
.
= وأخرجه البخاري (5090)، ومسلم (1466)، وابن ماجه (1858)، والنسائي في "الكبرى"(5318) من طرق عن يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد"(9521)، و"صحيح ابن حبان"(4036).
قال الخطابي: فيه من الفقه مراعاة الكفاءة في المناكح، وأن الدين أولى ما اعتبر فيها، وقوله:"تربت يداك": كلمة معناها الحث والتحريض، وأصل ذلك في الدعاء على الإنسان، يقال: تَرِبَ الرجل، أي: افتقر، وأترب: إذا أثرى وأيسر، والعرب تُطلق ذلك في كلامها، ولا يقصد بها وقوع الأمر.
وقال الحافظ في "الفتح" 9/ 132: وقد جزم بأن اعتبار الكفاءة مختص بالدين مالك ونقل عن ابن عمر وابن مسعود ومن التابعين عن محمد بن سيرين وعمر بن عبد العزيز، واعتبر الكفاءة في النسب الجمهور
…
وقال الثوري: إذا نكح المولى العربية يفسخ النكاح، وبه قال أحمد في رواية، وتوسط الشافعي، فقال: ليس نكاح غير الأكفاء حراماً، فَأَرُدَّ به النكاح، وإنما هو تقصير بالمرأة والأولياء، فإذا رضوا صح، ويكون حقاً لهم تركوه، فلو رضوا إلا واحداً فله فسخه، وذكر أن المعنى في اشتراط الولاية في النكاح كيلا تضيع المرأة نفسها في غير كفءٍ.
(1)
جاء في (أ) و (ب) و (ج): "بكرٌ أم ثيّبٌ" بالرفع، والمثبت من (هـ)، وهو الموافق لما في "مسند أحمد".
(2)
إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والاعمش: هو سليمان بن مهران. =
2049 -
قال أبو داود: كَتَبَ إليَّ حُسينُ بنُ حريث المروزيُّ، حدَّثنا الفضلُ ابنُ موسى، عن الحسين بنِ واقد، عن عُمارةَ بنِ أبي حفصة، عن عِكْرِمَة
= وأخرجه مختصراً ومطولاً البخاري (2097)، ومسلم بإثر (1466) من طريق وهب بن كيسان، والبخاري (2309)، ومسلم بإثر (1466)، وابن ماجه (1860)، والنسائي في "الكبرى"(5309) و (5317) من طريق عطاء بن أبي رباح، والبخاري (2967) و (5079) و (5245) و (5247)، ومسلم بإثر (1466) من طريق الشعبي عامر بن شراحيل، والبخاري (4052) و (5367) و (6387)، ومسلم بإثر (1466)، والترمذي (1125)، والنسائي في "الكبرى"(5308) و (8888) من طريق عمرو بن دينار، والبخاري (5080)، ومسلم بإثر (1466) من طريق محارب بن دثار السدوسي، ومسلم بإثر (1466) من طريق أبي نضرة، ستتهم عن جابر بن عبد الله، به.
وفي رواية البخاري ومسلم زيادة: قال جابر: فقلت له: إن عبد الله هلك وترك بنات، وإني كرهت أن أجيئهن بمثلهن، فتزوجت امرأة تقوم عليهن وتصلحهن، فقال:"بارك الله لك، أو: خيراً".
وهو في "مسند أحمد"(14132)، و (14237)، و"صحيح ابن حبان"(2717) و (6517).
وفي الحديث الحث على نكاح البكر، وفي "سنن ابن ماجه" (1861):"عليكم بالأبكار، فإنهن أعذب أفواهاً، وأنتق أرحاماً، وأرضى باليسير" وفيه فضيلة لجابر لشفقته على أخواته، وإيثاره مصلحتهن على حظ نفسه، ويؤخذ منه أنه إذا تزاحمت مصلحتان قدم أهمهما، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صوب فعل جابر ودعا له لأجل ذلك.
ويؤخذ منه الدعاء لمن فعل خيراً وإن لم يتعلق بالداعي.
وفيه سؤال الإمام أصحابه عن أمورهم، وتفقد أحوالهم، وإرشاده إلى مصالحهم، وتنبيههم على وجه المصلحة ولو كان في باب النكاح وفيما يُستحيا من ذكره.
وفيه مشروعية خدمة المرأة زوجها ومن كان منه بسبيل من ولد وأخ وعائلة، وأنه لا حرج على الرجل في قصده ذلك من امرأته وإن كان ذلك لا يجب عيها، لكن يؤخذ
منه أن العادة جارية بذلك، فلذلك لم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم. "فتح الباري" 9/ 123.
عن ابنِ عباسٍ قال: جاء رَجُل إلى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتي لا تَمْنَعُ يَدَ لا مسٍ، قال:"غَرِّبْها" قال: أخافُ أن تَتْبَعَها نفسِي، قال:"فاستمْتِع بها"
(1)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل الحسين بن واقد، فهو صدوق لا بأس به، وهو متابع.
وأخرجه النسائي في "الكبرى"(5629) من طريق الحسين بن حريث، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في "الكبرى"(5320) و (5321) و (5630) من طريق عبد الله ابن عُبيد بن عُمير، عن ابن عباس، به. وقال:"طلقها" بدلاً من "غربها"، وقال:"فأمسكها" بدلاً من "فاستمتع بها".
رجاله ثقات، لكن تفرد به بهذا الإسناد الحسين بن واقد، وعنه الفضل بن موسى، فيما قاله الدارقطني، حكاه عنه ابن طاهر المقدسي في "أطراف الغرائب" 3/ 348 (2560)، قلنا: ولا يحتمل تفرد مثله بهذا الإسناد. لكن رواه أيضاً عبد الله ابن عُبيد بن عُمير، عن ابن عباس، إلا أنه اختلف عنه، فقد رواه عنه ابنُ جريج، مرسلاً، دون ذكر ابن عباس. ورواه عنه أيضاً هارون بن رئاب، واختلف عنه كذلك، فقد رواه النضر بن شميل وأبو داود الطيالسي عن حماد بن سلمة، عن هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عُبيد بن عُمير، عن ابن عباس. وخالفهما يزيد بن هارون وعفان بن مسلم، فروياه عن حماد بن سلمة، عن هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عُبيد بن عُمير، مرسلاً، وكذلك رواه حماد بن زيد وسفيان بن عيينة، ومعمر بن راشد، عن هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عُبيد بن عمير مرسلاً، ورواه عبد الكريم بن أبي المخارق عن عبد الله بن عُبيد بن عُمير، عن ابن عباس، موصولاً. وعبد الكريم ضعيف لا تقوم به حجة.
قلنا: فالأكثرون إذاً قد رووه عن عبد الله بن عُبيد بن عمير مرسلاً. ولهذا صحح يحيي بن سعيد القطان والنسائي وغيرهما القولَ بإرساله. ووافق ابن كثير في "تفسيره" النسائيَّ على القول بإرساله من طريق عبد الله بن عُبيد بن عمير.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى ردَّ هذا الحديث جملة، فقد نقل ابن كثير عن
الإمام أحمد قوله: هو حديث منكر، وقال أبو بكر بن العربي فيما نقله عنه مرعي بن يوسف الكرمي في "أقاويل الثقات" ص 189: هذا حديث لم يثبت، وذكره ابن الجوزي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= في "الموضوعات"، وقال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" 32/ 116: ضعفه أحمد
وغيره، فلا تقوم به حجة في معارضة الكتاب والسنة.
وقال أبو عبيد القاسم بن سلاّم في "الناسخ والمنسوخ"(190): ليس يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما يحدثه هارون بن رئاب عن عبد الله بن عُبيد (وتحرف في المطبوع إلى: عتبة) ويحدثه عبد الكريم الجزري، عن أبي الزبير، كلاهما يرسله.
وأخرجه النسائي في "الكبرى"(5629) عن الحسين بن حريث، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (5320) و (5630) من طريق النضر بن شميل، والرامهرمزي في "المحدث الفاصل"(145)، والخطيب البغدادي في"الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع"(1903) من طريق أبي داود الطالسي، كلاهما عن حماد بن سلمة، عن هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عُبيد بن عمير، عن ابن عباس.
وأخرجه النسائي (5321) من طريق يزيد بن هارون، والرامهرمزي (145)، والخطيب في"الجامع"(1903) من طريق عفان بن مسلم، كلاهما عن حماد بن سلمة، عن هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، مرسلاً.
وأخرجه الشافعي في "الأم" 5/ 12 عن سفيان بن عيينة، وعبد الرزاق (12365) عن معمر بن راشد، كلاهما عن هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عُبيد بن عمير، مرسلاً. قال يحيى القطان فيما نقله عنه الخطيب في "الجامع" (1903): وقال حماد ابن زيد: عن هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عُبيد، مرسل.
وأخرجه الخطيب (1903) من طريق يحيى بن سعيد القطان، قال: حدثني ابن جريج، قال: حدثني عبد الله بن عبيد مرسلاً.
وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 183 - 184، والنسائي في "الكبرى"(5321) من طريق يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، عن عبد الكريم بن أبي المخارق، عن عبد الله ابن عُبيد بن عمير، عن ابن عباس. وعبد الكريم بن أبي المخارق ضعيف الحديث.
وقد روي من طريق آخر عن أبي الزبير، واختلف عنه، فرواه بعضهم عنه عن جابر، وبعضهم يرويه عنه عن هشام مولى رسول الله، وفي كل ذلك لم يُصرِّح أبو الزبير بسماعه، وهو مُدلِّس، انظر بيان طرقه في"التلخيص الحبير" 3/ 225.
وعلى فرض صحة الحديث فليس المعنى على ظاهره، فقد قال الحافظ في "التلخيص" 3/ 226: قيل: والظاهر أنها لا تمتنع ممن يمد يدَه ليتلذذ بلمسها، ولو =
2050 -
حدَّثنا أحمدُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، أخبرنا مستلمُ بنُ
سعيد ابن أُخت منصور بنِ زاذان، عن منصورٍ - يعني ابن زاذان - عن معاوية بنِ قرَّةَ
عن مَعْقِلِ بنِ يسارٍ، قال: جاء رجل إلى النبيٌ صلى الله عليه وسلم فقال: إني أصبتُ امرأةً ذاتَ حَسَبٍ وجَمَالٍ، وأنها لا تَلِدُ، أفاتزوجُها؟ قال:" لا" ثم أتاهُ الثانيةَ فنهاه، ثم أتاه الثالثةَ، فقال:"تزوجوا الوَدُودَ الوَلُودَ فإني مكاثِرٌ بِكُمُ الأمم"
(1)
.
= كان كنى به عن الجماع، لعد قاذفاً، أو أن زوجها فهم من حالها أنها لا تمتنع ممن أراد منها الفاحشة لا أن ذلك وقع منها.
وقال محمد بن اسماعيل الصنعاني في "سبل السلام": الأقرب المراد أنها سهلة الأخلاق ليس فيها نفور وحشمة عن الأجانب، لا أنها تأتي الفاحشة، وكثير من النساء والرجال بهذه المثابة مع البعد عن الفاحشة، ولو أراد أنها لا تمنع نفسها من الوقاع من الأجانب، لكان قاذفاً لها.
وقال ابن كثير: وقيل: المراد أن سجيتها لا ترد يد لامس، لا أن المراد أن هذا وقع منها، وأنها تفعل الفاحشة، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأذن في مصاحبة من هذه صفتها، فإن زوجها والحالة هذه يكون ديوثاً، وقد تقدم الوعيد على ذلك، ولكن لما كانت سجيتها هكذا ليس فيها ممانعة ولا مخالفة لمن أرادها لو خلا بها أحد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بفراقها، فلما ذكر أنه يحبها، أباح له البقاء معها، لأن محبتها له محققة، ووقوع الفاحشة منها متوهم، فلا يُصار إلى الضرر العاجل لتوهم الآجل.
وقوله: غربها: معناه: أبعدها، يريد الطلاق، وأصل الغرب: البعد.
(1)
إسناده قوي. مستلم بن سعيد صدوق لا بأس به.
وأخرجه النسائي في "الكبرى"(5323) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
وهو في "صحيح ابن حبان"(4065) و (4057).
وفي الباب عن أنس بن مالك عند أحمد في "مسنده"(12613)، وابن حبان في "صحيحه"(4028)، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تزوجوا الوَدودَ الوَلُود، إني مُكاثرٌ الأنبياءَ يوم القيامة". وإسناده قوي أيضاً.