الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - باب العُروض إذا كانت للتجارة هل فيها زكاة
؟
1562 -
حدَّثنا محمدُ بن داود بن سفيان، حدَّثنا يحيى بنُ حسان، حدَّثنا سليمان بن موسى أبو داود، حدَّثنا جعفرُ بنُ سعدٍ بن سمرة بن جندب، حدَّثني خبيبُ بنُ سليمان، عن أبيه سليمان
عن سمرة بن جندب، قال: أما بعد فإن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يأمُرُنا أن نُخْرِجَ الصَدقة مِن الذي نُعِدُّ للبيع
(1)
.
(1)
إسناده ضعيف. جعفر بن سعد بن سمرة ضعيف، وخُبيب بن سليمان وأبوه مجهولان.
وقال الذهبي في الميزان 1/ 408: وهذا إسناد مظلم لا ينهض بحكم. ومع ذلك فقد حسَّن إسناده ابن عبد البر في "الاستذكار"!!
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(7029) و (7047)، والدارقطني (2027)، والبيهقي 4/ 146 - 147، وابن عبد البر في "التمهيد" 17/ 130 - 131 و131من طريقين عن جعفر بن سعد، بهذا الإسناد.
قلنا: وفي الباب أحاديث مرفوعة وموقوفة استدل بمجموعها جمهور العلماء على وجوب الزكاة في عروض التجارة، فمن المرفوعة ما رواه الدارقطني في "سننه"(1932)، والحاكم 1/ 388، والبيهقي 4/ 147 من حديث أبي ذر رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البقر صدقتها، وفي البر صدقته " قال النووي في "تهذيب الأسماه واللغات": هو بالباء والزاي، وهي الثياب التي هي أمتعة البزاز. قال: ومن الناس من صحّفه بضم الباء والراء المهملة وهو غلط. ولهذا الحديث طرق لا تخلو من ضعف.
وأما الآثار: فمنها ما رواه مالك في "الموطأ"1/ 255 عن يحيى بن سعيد، عن زُريق بن حيان - وكان على جواز مصر في زمان الوليد وسليمان وعمر بن عبد العزيز - فذكر أن عمر بن عبد العزيز كتب إليه: أن انظر من مر بك من المسلمين فخذ مما ظهر من أموالهم مما يُديرون من التجارات من كل أربعين ديناراً ديناراً، فما نقص فبحساب ذلك، حتى يبلغ عشرين ديناراً، فإن نقصت ثلث دينار، فدعها ولا تأخذ منها شيئاً. وإسناده حسن. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وروى عبد الرزاق (7099)، والشافعي في "مسنده" 1/ 229، والدارقطني (2018)، والبيهقي 4/ 147 عن أبي عمرو بن حِماس، عن أبيه، قال: كنت أبيع الأدم والجِعاب، فمر بي عمر بن الخطاب، فقال لي: أدِّ صدقة مالك، فقلت: يا أمير المؤمنين، إنما هو في الأدم، قال: قوّمه ثم أخرج صدقته. وسنده حسن.
وروى عبد الرزاق (7103) عن ابن جريج، قال: أخبرني موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يقول: في كل مالٍ يُدار في عَبيد أو دواب أو بزٍّ للتجارة الزكاةُ فيه كلّ عام. وسنده صحيح.
وروى أيضاً عبد الرزاق (7104) عن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب والقاسم قالوا: في العروض تُدار الزكاةُ كل عام، لا تؤخذ منها الزكاة حتى يأتي ذلك الشهر عام قابل.
وروى الشافعي في "الأم" 2/ 39 عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ليس في العروض من زكاة إلا أن يُراد به التجارة. وإسناده صحيح.
ورواه البيهقي في "سننه" 4/ 147 وقال: هذا قول عامة أهل العلم.
وقد استدل بعض أهل العلم بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: 267]، على زكاة عروض التجارة. فقال البخاري في "صحيحه" 3/ 307: باب صدقة الكسب والتجارة، لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} قال الحافظ: هكذا أورد هذه الترجمة مقتصراً على الآية بغير حديث، وكأنه أشار إلى ما رواه شعبة، عن الحكم، عن مجاهد في هذه الآية:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} قال: من التجارة الحلال. أخرجه الطبري (6124)، وابن أبي حاتم من طريق آدم، عنه.
وأخرجه الطبري (6134) من طريق هشيم، حدَّثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد قوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} قال: من التجارة، {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} قال: من الثمار.
وقال ابن المنذر: أجمع عامة أهل العلم على وجوب زكاة التجارة، واتفقوا على وجوبها، في قيمتها لا في عينها، وعلى أنها تجب فيها الزكاة إذا حال الحول إلا أن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحنفية والشافعية والحنابلة قالوا: تجب بمضي كل حول، ووافقهم المالكية فيما إذا كان التاجر مديراً وهو الذي يبيع كيفما اتفق، ولا ينتظر ارتفاع الأسعار كأرباب الحوانيت، بخلاف ما إذا كان محتكراً، وهو الذي ينتظر بالسلع ارتفاع الأسعار، فإنه يزكيها إذا باعها عن عام واحدٍ ولو كانت عنده أعواماً. وانظر "الموطأ"1/ 255.
وقال البغوي في "شرح السنة" 6/ 53: ذهب عامة أهل العلم إلى أن التجارة تجب الزكاة في قيمتها إذا كانت نصاباً عند تمام الحول، فيُخرج منها ربعُ العُشر، وقال داود: زكاة التجارة غير واجبة، رهو مسبوق بالإجماع.
وقال العلامة محمد رشيد رضا: جمهور علماء الملة يقولون بوجوب زكاة عروض التجارة، وليس فيها نص قطعي من الكتاب والسنة، وإنما ورد فيها روايات يقوي بعضها بعضاً مع الاعتبار المستنِد إلى النصوص، وهو أن عروض التجارة المتداولة للاستغلال نقود لا فرق بينها وبين الدراهم والدنانير التي هي أثمانها، إلا في كون النصاب يتقلب ويتردد بين الثمن وهو النقد، والمُثمن وهو العروض. فلو لم تجب الزكاة في التجارة لأمكن لجميع الأغنياء أو أكثرهم أن يتّجروا بنقودهم، ويتحرَّوا أن لا يحول الحولُ على نصاب من النقدين أبداً، وبذلك تبطل الزكاة فيهما عندهم. ورأس الاعتبار في المسألة أن الله تعالى فرض في أموال الأغنياء صدقة لمواساة الفقراء ومن في معناهم، وإقامة المصالح العامة، وأن الفائدة في ذلك للأغنياء تطهير أنفسهم من رذيلة البخل وتزكيتها بفضائل الرحمة بالفقراء، وسائر أصناف المستحقين ومساعدة الدولة والأمة في إقامة المصالح العامة، والفائدة للفقراء وغيرهم إعانتهم على نوائب الدهر، مع ما في ذلك من سدّ ذريعة المفاسد في تضخم الأموال، وحصرها في أناس معدودين، وهو المشار إليه بقوله تعالى في حكمة قسمة الفيء {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: 7]، فهل يُعقل أن يخرج من هذه المقاصد الشرعية كلها التجار الذين ربما تكون معظمُ ثروة الأمة في أيديهم؟
وقال الشيخ محمود شلتوت في كتابه "الفتاوى" ص 121: وأما عروض التجارة فالرأي الذي يجب التعويلُ عليه - وهو رأي جماهير العلماء من سلف الأمة وخَلَفها - أنه تجب فيها الزكاة متى بلغت قيمتها في آخر الحول نصاباً نقدياً، ومعنى هذا أن =