الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[*] وقد قال مجاهد في قوله: {أُولِي بَأْسٍ شَدِيد} . هم فارس والروم وبه قال الحسن البصري. قال عطاء: هم فارس وهو أحد قولي ابن عباس رضي الله عنه، وفي رواية أخرى عنه أنهم بنو حنيفة يوم اليمامة فإن كانوا أهل اليمامة فقد قوتلوا في أيام أبي بكر: وهو الداعي إلى قتال مسيلمة وبني حنيفة من أهل اليمامة، وإن كانوا أهل فارس والروم (1)، فقد قوتلوا في أيام أبي بكر وقاتلهم عمر من بعده وفرغ منهم وإذا وجبت إمامة عمر وجبت إمامة أبي بكر كما وجبت إمامة عمر لأنه العاقد له الإمامة فقد دل القرآن على إمامة الصديق والفاروق رضي الله عنهما، وإذا وجبت إمامة أبي بكر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب أنه أفضل المسلمين رضي الله عنه (2).
هـ- قال تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (سورة الحشر، الآية: 8).
وجه دلالة هذه الآية على خلافته رضي الله عنه أن الله عز وجل سماهم (صادقين) ومن شهد له الرب - جل وعلا- بالصدق فإنه لا يقع في الكذب ولا يتخذه خلقاً بحال وقد أطبق هؤلاء الموصوفون بالصدق على تسمية الصديق رضي الله عنه (خليفة رسول الله)(3) صلى الله عليه وسلم ومن هنا كانت الآية دالة على ثبوت خلافته رضي الله عنه (4).
الأحاديث الدالة على خلافة أبي بكر رضي الله عنه
-:
وأما الأحاديث النبوية التي جاء التنبيه فيها على خلافة أبي بكر رضي الله عنه فكثيرة شهيرة متواترة ظاهرة الدلالة إما على وجه التصريح أوالإشارة ولاشتهارها وتواترها صارت معلومة من الدين بالضرورة بحيث لا يسع أهل البدعة إنكارها (5) ومن تلك الأحاديث.
(1) جامع البيان للطبري (26/ 82 - 84)؛ الاعتقاد للبيهقي، ص173.
(2)
الإبانة في أصول الديانة، ص67.
(3)
منهاج السنّة (1/ 135)؛ الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 107).
(4)
عقيدة أهل السنّة والجماعة (2/ 538)، ناصر حسن الشيخ.
(5)
عقيدة أهل السنّة والجماعة في الصحابة (2/ 539).
(1)
(جبير بن مطعم رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) قال: أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن ترجع إليه قالت: أرأيت إن جئت ولم أجدك - كأنها تقول الموت- قال صلى الله عليه وسلم إن لم تجديني فأتي أبابكر.
[*] قال ابن حجر رحمه الله: وفي الحديث أن مواعيد النبي صلى الله عليه وسلم كانت على من يتولى الخلافة بعده تنجيزها وفيه رد على الشيعة في زعمهم أنه نص على استخلاف علي والعباس (1).
(2)
(حديث حذيفة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اقتدوا باللذين بعدي أبي بكر وعمر.
[*] قال لعلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي:
فقوله صلى الله عليه وسلم: (اقتدوا باللذين من بعدي) أي: بالخليفتين اللذين يقومان من بعدي وهما أبوبكر وعمر وحث على الاقتداء بهما لحسن سيرتهما وصدق سريرتهما، وفي الحديث إشارة لأمر الخلافة (2).
(3)
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بينا أنا نائم، رأيتني على قليب عليها دلو، فنزعت منها ما شاء الله، ثم أخذها ابن أبي قحافة، فنزع بها ذنوبا أو ذنوبين، وفي نزعه ضعف، والله يغفر له ضعفه، ثم استحالت غربا، فأخذها ابن الخطاب، فلم أر عبقريا من الناس ينزع نزع عمر، حتى ضرب الناس بعطن).
[*] قال الشافعي رحمه الله: رؤيا الأنبياء وحي وقوله: وفي نزعه ضعف قصر مدته وعجلة موته وشغله بالحرب لأهل الردة عن الافتتاح والتزيد الذي بلغه عمر في طول مدته (3).
(4)
(حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح مسلم) قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم * في مرضه ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى اكتب كتابا فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل أنا أولى ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر.
دل هذا الحديث دلالة واضحة على فضل الصديق رضي الله عنه حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما سيقع في المستقبل بعد التحاقه بالرفيق الأعلى وأن المسلمين يأبون عقد الخلافة لغيره رضي الله عنه وفي الحديث إشارة أنه سيحصل نزاع ووقع كل ذلك كما أخبر عليه الصلاة والسلام ثم اجتمعوا على أبي بكر رضي الله عنه (4).
(1) فتح الباري (7/ 24).
(2)
تحفة الاحوذي بشرح الترمذي (10/ 147).
(3)
الاعتقاد للبيهقي، ص171.
(4)
عقيدة أهل السنّة والجماعة في الصحابة (2/ 542).
(5)
(حديث أبي موسى الثابت في الصحيحين) قال: مروا أبا بكر فليصل بالناس قالت عائشة إنه رجل رقيق إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس. قال مروا أبا بكر فليصل بالناس، فعادت فقال مُري أبا بكر فليصل بالناس فإنكن صواحب يوسف، فأتاه فصلى بالناس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
ولذا قال عمر رضي الله عنه: أفلا نرضى لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا؟!
هذا الحديث اشتمل على فوائد عظيمة منها: فضيلة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وترجيحه على جميع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وتفضيله، وتنبيه على أنه أحق بخلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم من غيره ومنها أن الإمام إذا عرض له عذر عن حضور الجماعة استخلف من يصلي بهم وأنه لا يستخلف إلا أفضلهم، ومنها فضيلة عمر بعد أبي بكر رضي الله عنه لأن أبابكر رضي الله عنه لم يعدل الى غيره (1).
مسألة: ما المراد بقول النبي صلى الله عليه وسلم صواحب يوسف؟
[*] قال الإمام ابن حجر رحمه الله والمراد أنهن مثل صواحب يوسف في إظهار خلاف ما في الباطن.
ووجه المشابهة بينهما في ذلك أن زليخا استدعت النسوة وأظهرت لهن الإكرام بالضيافة ومرادها زيادة على ذلك وهو أن ينظرن إلى حسن يوسف ويعذرنها في محبته وأن عائشة أظهرت أن سبب إرادتها صرف الإمامة عن أبيها كونه لا يسمع المأمومين القراءة لبكائه ومرادها زيادة على ذلك وهو أن لا يتشاءم الناس به. أهـ
ومن هنا يتبين أن من صفات المرأة أنها تظهر شيئاً لا تريده وتُخْفي في نفسها وبين جنبيها شيئاً آخر هو الذي تريده.
(6)
(حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عند الله). فبكى أبو بكر رضي الله عنه، فقلت في نفسي: ما يبكي هذا الشيخ؟ إن يكن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عند الله، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو العبد، وكان أبو بكر أعلمنا، قال: يا أبا بكر لا تبك، إن أمنَّ الناس علي في صحبته وماله أبي بكر، ولو كنت متخذا خليلا من أمتي لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب إلا سد، إلا باب أبي بكر.
(1) شرح النووي (4/ 137).