الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[*] أورد الإمام أبو حاتم الرازي في الجرح والتعديل عن محمد بن عثمان بن مخلد قال سمعت بعض مشايخ البصريين قال حضرت جنازة سفيان بن عيينة بمكة قال وابن المناذر يقول فيها مرثية فكان فيما قال: نجلو من الحكمة أنوارها ما تشتهى الأنفس ألوانا، يا واحد الأمة في علمها لقيت من ذي العرش رضوانا، راحوا بسفيان على نعشه والعلم مكسوين أكفانا.
سيرة الفضيل بن عياض رحمه الله:
كان الفضيل بن عياض رحمه الله من أئمة تابعي التابعين، من أئمة الهدى وأعلام التقى ومصابيح الدجى، من حلية الأولياء وأعلام النبلاء، الأضواء اللامعة والنجوم الساطعة.
قصة توبة الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى:
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الفضل بن موسى قال كان الفضيل بن عياض شاطرا يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس وكان سبب توبته أنه عشق جارية فبينا هو يرتقي الجدران إليها إذ سمع تاليا يتلو " (أَلَمْ يَأْنِ لِلّذِينَ آمَنُوَاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللّهِ وَمَا) [الحديد: 16] " فلما سمعها قال بلى يا رب قد آن فرجع فآواه الليل إلى خربة فإذا فيها سابلة فقال بعضهم نرحل وقال بعضهم حتى نصبح فإن فضيلاً على الطريق يقطع علينا، قال: ففكرت وقلت أنا أسعى بالليل في المعاصي وقوم من المسلمين ها هنا يخافوني وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع اللهم إني قد تبت إليك وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام.
قال الإمام الذهبي تعليقا على القصة:
وبكل حال: فالشرك أعظم من قطع الطريق، وقد تاب من الشرك خلق صاروا أفضل الأمة، فنواصي العباد بيد الله، وهو يضل من يشاء، ويهدي إليه من أناب.
[*]
مناقب الفضيل بن عياض:
كان الفضيل بن عياض رحمه الله من أئمة تابعي التابعين، من أئمة الهدى وأعلام التقى ومصابيح الدجى، من حلية الأولياء وأعلام النبلاء، الأضواء اللامعة والنجوم الساطعة.
وهاك غَيْضٍ من فيض ونقطةٍ من بحر مما ورد في مناقبه جملةً وتفصيلا رحمه الله تعالى:
أولاً مناقب الفضيل بن عياض جملةً رحمه الله:
(1)
ثناء العلماء على الفضيل بن عياض رحمه الله:
(2)
خشية الفضيل بن عياض وبكاؤه رحمه الله:
(3)
تواضع الفضيل بن عياض وإيثاره للخمول:
(4)
عظيم قول الفضيل بن عياض في الخوف والرجاء:
(5)
زهد الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى:
(6)
تعريف الفضيل بن عياض للتواضع رحمه الله:
(7)
دعوة الفضيل بن عياض لفضول المخالطة رحمه الله:
(8)
دعوة الفضيل بن عياض لقلة الكلام رحمه الله:
(9)
دعوة الفضيل بن عياض لقلة الضحك رحمه الله:
(10)
تعظيم الفضيل بن عياض لفرائض الله تعالى:
(11)
تواضع الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى:
(12)
دعوة الفضيل بن عياض لسلامة الصدر:
(13)
منابذة الفضيل بن عياض لأهل البدع:
(14)
نُصْحُ الفضيل بن عياض للولاة:
(15)
دعوة الفضيل بن عياض للدعاء للإمام رحمه الله:
(16)
من دُررِ مواعظ الفضيل بن عياض رحمه الله:
(17)
دعوة الفضيل بن عياض لتحري الحلال:
(18)
دعوة الفضيل بن عياض للخوف من الله وحده:
(19)
تحذير الفضيل بن عياض من إيذاء المسلمين.
(20)
دعوة الفضيل بن عياض للتحري في السماع من العالم الرباني:
(21)
تحذير الفضيل بن عياض من الرياء:
(22)
تحذير الفضيل من المعاصي وأنها تحرم العبد من الطاعة:
(23)
دعوة الفضيل بن عياض لحفظ اللسان:
(24)
دعوة الفضيل بن عياض للخمول وإنكار الذات:
(25)
دعوة الفضيل للغبطة وتحذيره من الحسد:
(26)
كيف كان الفضيل يمقت نفسه في جنب الله تعالى:
(27)
دعوة الفضيل بن عياض للبعد عن السلطان:
(28)
قبول الفضيل بن عياض التذكرة من العلماء بخضوعٍ وإذعان:
ثانياً مناقب الفضيل بن عياض تفصيلا رحمه الله:
(1)
ثناء العلماء على الفضيل بن عياض رحمه الله:
[*] قال عنه الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء: ومنهم الراحل من المفاوز والقفار، إلى الحصون والحياض، والناقل من المهالك والسباخ إلى الغصون والرياض، أبو علي الفضيل بن عياض. كان من الخوف نحيفاً، وللطواف أليفاً.
[*] وقال عنه الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء:
الفضيل بن عياض ابن مسعود بن بشر الإمام القدوة الثبت شيخ الإسلام أبو علي التميمي اليربوعي الخراساني المجاور بحرم الله، ولد بسمرقند ونشأ بأبيورد وارتحل في طلب العلم فكتب بالكوفة عن منصور والأعمش وبيان بن بشر وحصين بن عبد الرحمن وليث وعطاء بن السائب وصفوان بن سليم وعبد العزيز بن رفيع وأبي إسحاق الشيباني ويحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن حسان وابن أبي ليلى ومجالد وأشعث بن سوار وجعفر الصادق وحميد الطويل وخلق سواهم من الكوفيين والحجازيين حدث عنه ابن المبارك ويحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي وابن عيينة والأصمعي وعبد الرزاق وعبد الرحمن بن مهدي ابن هلال شيخ واسطي وحسين الجعفي وأسد السنة والشافعي وأحمد بن يونس ويحيى بن يحيى التميمي وابن وهب ومسدد وقتيبة وبشر الحافي والسري بن مغلس السقطي وأحمد بن المقدام وعبيد الله القواريري ومحمد بن زنبور المكي ولوين ومحمد بن يحيى العدني والحميدي وعبد الصمد بن يزيد مروديه وعبدة بن عبد الرحيم المروزي ومحمد بن أبي السري العسقلاني ومحمد بن قدامة المصيصي ويحيى بن أيوب المقابري وخلق كثير آخرهم موتا الحسين ابن داود البلخي وروى عنه سفيان الثوري أجل شيوخه وبينهما في الموت مئة وأربعون عاما.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن سفيان بن عيينة قال: فضيل ثقة.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن ابن مهدي فضيل رجل صالح ولم يكن بحافظ.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن العجلي قال: كوفي ثقة متعبد رجل صالح سكن مكة.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أبي حاتم قال: صدوق.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن النسائي قال ثقة مأمون رجل صالح.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الدارقطني قال: ثقة.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن محمد بن سعد قال ولد بخراسان بكورة أبيورد وقدم الكوفة وهو كبير فسمع من منصور وغيره ثم تعبد وانتقل إلى مكة ونزلها إلى أن مات بها في أول سنة سبع وثمانين ومئة في خلافة هارون وكان ثقة نبيلا فاضلا عابدا ورعا كثير الحديث.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن ابن المبارك قال: رأيت أعبد الناس عبد العزيز بن أبي رواد وأورع الناس الفضيل بن عياض وأعلم الناس سفيان الثوري وأفقه الناس أبا حنيفة ما رأيت في الفقه مثله.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن ابن المبارك قال ما بقي على ظهر الأرض عندي أفضل من الفضيل بن عياض.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن عبيد الله القواريري قال: أفضل من رأيت من المشايخ بشر بن منصور وفضيل بن عياض وعون بن معمر وحمزة بن نجيح.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن النصر بن شميل قال: سمعت الرشيد يقول ما رأيت في العلماء أهيب من مالك ولا أورع من الفضيل.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الهيثم بن جميل قال ك سمعت شريكا يقول لم يزل لكل قوم حجة في أهل زمانهم وإن فضيل بن عياض حجة لأهل زمانه فقام فتى من مجلس الهيثم فلما توارى قال الهيثم إن عاش هذا الفتى يكون حجة لأهل زمانه قيل من كان الفتى قال أحمد ابن حنبل.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن ابن المبارك قال: إن الفضيل بن عياض صدق الله فأجرى الحكمة على لسانه فالفضيل ممن نفعه علمه.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أبو بكر عبد الرحمن بن عفان قال: سمعت ابن المبارك يقول لأبي مريم القاضي ما بقي في الحجاز أحد من الأبدال إلا فضيل بن عياض وابنه علي وعلي مقدم في الخوف وما بقي أحد في بلاد الشام إلا يوسف ابن أسباط وأبو معاوية الأسود وما بقي أحد بخراسان إلا شيخ حائك يقال له معدان.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن بشر بن الحارث قال: عشرة ممن كانوا يأكلون الحلال لا يدخلون بطونهم إلا حلالا ولو استفوا التراب والرماد قلت من هم يا أبا نصر قال سفيان وإبراهيم بن أدهم والفضيل بن عياض وابنه وسليمان الخواص ويوسف بن أسباط وأبو معاوية نجيح الخادم وحذيفة المرعشي وداود الطائي ووهيب بن الورد.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن إبراهيم بن الأشعث قال: ما رأيت أحدا كان الله في صدره أعظم من الفضيل كان إذا ذكر الله أو ذكر عنده أو سمع القرآن ظهر به من الخوف والحزن وفاضت عيناه وبكى حتى يرحمه من يحضره وكان دائم الحزن شديد الفكرة ما رأيت رجلا يريد الله بعلمه وعمله وأخذه وعطائه ومنعه وبذله وبغضه وحبه وخصاله كلها غيره كنا إذا خرجنا معه في جنازة لا يزال يعظ ويذكر ويبكي كأنه مودع أصحابه ذاهب إلى الآخرة حتى يبلغ المقابر فيجلس مكانه بين الموتى من الحزن والبكاء حتى يقوم وكأنه رجع من الآخرة يخبر عنها.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: قال لي المأمون قال لي الرشيد ما رأت عيناي مثل فضيل بن عياض دخلت عليه فقال لي فرغ قلبك للحزن وللخوف حتى يسكناه فيقطعاك عن المعاصي ويباعداك من النار.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن قال إبراهيم بن الأشعث رأيت سفيان بن عيينة يقبل يد الفضيل مرتين.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن ابن المبارك قال إذا نظرت إلى الفضيل جدد لي الحزن ومقت نفسي ثم بكى.
(2)
خشية الفضيل بن عياض وبكاؤه رحمه الله:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن إبراهيم بن الأشعث، قال: كنا إذا خرجنا مع الفضيل في جنازة لا يزال يعظ ويذكر ويبكي حتى لكأنه يودع أصحابه، ذاهب إلى الآخرة حتى يبلغ المقابر فيجلس، فكأنه بين الموتى جلس من الحزن والبكاء حتى يقوم، ولكأنه رجع من الآخرة يخبر عنها.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن سفيان بن عيينة، قال: ما رأيت أحداً أخوف من الفضيل وأبيه.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن: إبراهيم بن الأشعث، قال: ما رأيت أحداً كان الله في صدره أعظم من الفضيل، كان إذا ذكر الله أو ذكر عنده أو سمع القرآن ظهر به من الخوف والحزن، وفاضت عيناه وبكى حتى يرحمه من بحضرته، وكان دائم الحزن شديد الفكرة، ما رأيت رجلا يريد الله بعلمه وأخذه وإعطائه ومنعه وبذله وبغضه وحبه وخصالله كلها غيره، يعني الفضيل.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفيض بن إسحاق، قال: سمعت فضيلاً، يقول: والله لأن أكون هذا التراب أو هذا الحائط أحب إلى من أن أكون في مسلخ أفضل أهل الأرض اليوم، وما يسرني أن أعرف الأمر حق معرفته إذاً لطاش عقلي، ولو أن أهل السماء وأهل الأرض طلبوا أن يكونوا ترابا فشفعوا كانوا قد أعطوا عظيما، ولو أن جميع أهل الأرض من جن وأنس والطير الذي في الهواء، والوحش الذي في البر، والحيتان التي في البحر، علموا الذي يصيرون إليه ثم حزنوا لذلك وبكوا كنت موضع ذلك، فأنت تخاف الموت أو تعرف الموت، لو أخبرتني أنك تخاف الموت ما قبلت منك، ولو خفت الموت ما نفعك طعام ولا شراب ولا شيء في الدنيا، وقال: سأل داود عليه السلام ربه أن يلقي الخوف في قلبه ففعل فلم يحتمله قلبه، وطاش عقله، حتى ما كان يفعل صلاة ولا ينتفع بشيء، فقال له: تحب أن ندعك كما أنت أو نردك إلى ما كنت عليه؟ قال: ردني، فرد الله إليه عقله.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن إسحاق بن إبراهيم الطبري، قال: سمعت الفضيل بن عياض يقول: أنت تخاف الموت؟ لو قلت أنك تخاف الموت ما قبلت منك، ولو خفت الموت ما نفعك طعام أو شراب ولا شيء من الدنيا، ولو عرفت الموت حق معرفته ما تزوجت ولا طلبت الولد، وقال الفضيل: ما يسرني أن أعرف هذا الأمر حق معرفته، إذا لطاش عقلبي، ولم أنتفع بشيء.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن إسحاق بن إبراهيم، قال: قال رجل للفضيل: كيف أصبحت يا أبا علي؟ فكان يثقل عليه كيف أصبحت وكيف أمسيت، فقال: في عافية، فقال: كيف حالك؟ فقال: عن أي حال تسأل؟ عن حال الدنيا أو حال الآخرة؟ إن كنت تسأل عن حال الدنيا فإن الدنيا قد مالت بنا وذهبت بنا كل مذهب، وإن كنت تسأل عن حال الآخرة فكيف ترى حال من كثرت ذنوبه، وضعف عمله وفنى عمره، و لم يتزود لمعاده، ولم يتأهب للموت، و لم يخضع للموت، و لم يتشمر للموت، ولم يتزين للموت، وتزين للدنيا، هيه. وقعد يحدث يعني نفسه واجتمعوا حولك يكتبون عنك، بخ فقد تفرغت للحديث، ثم قال: هاه وتنفس طويلا؟ ً ويحك أنت تحسن تحدث، أو أنت أهل أن يحمل عنك، استحيى يا أحمق بين الحمقان، لولا قلة حيائك وسفاهة وجهك ما جلست تحدث وأنت أنت، أما تعرف نفسك؟ أما تذكر ما كنت، وكيف كنت؟ أما لو عرفوك ما جلسوا إليك، ولا كتبوا عنك، ولا سمعوا منك شيئاً أبداً، فيأخذ في مثل هذا، ثم يقول: ويحك أما تذكر الموت؟ أما للموت في قلبك موضع؟ أما تدري متى تؤخذ فيرمي بك في الآخرة فتصير في القبر وضيقه ووحشته، أما رأيت قبرا قط؟ أما رأيت حين دفنوه؟ أما رأيت كيف سلوه في حفرته وهالوا عليه التراب والحجارة، ثم قال ما ينبغي لك أن تتكلم بفمك كله يعني نفسه تدري من تكلم بفمه كله، عمر بن الخطاب كان يطعمهم الطيب ويأكل الغليظ، ويكسوهم اللين ويلبس الخشن، وكان يعطيهم حقوقهم ويزيدهم، أعطي رجلا عطاءه أربعة آلاف درهم وزاده الفاً، فقيل له: ألا تزيد أخاك وكما زدت هذا؟ قال: إن أبا هذا ثبت يوم أحد ولم يثبت أبو هذا.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن إسحاق بن إبراهيم، قال: ما رأيت أحداً أخوف على نفسه ولا أرجى للناس من الفضيل، كانت قراءته حزينة شهية بطيئة مترسلة كأنه يخاطب إنساناً، وكان إذا مر بآية فيها ذكر الجنة تردد فيها، وسأل، وكانت صلاته بالليل أكثر ذلك قاعداً، تلقى له حصير في مسجده فيصلي من أول الليل ساعة حتى تغلبه عينه، فيلقى نفسه على الحصير فينام قليلاً، ثم يقوم فإذا غلبه النوم نام ثم يقوم هكذا حتى يصبح، وكان دأبه إذا نعس أن ينام ويقال أشد العبادة ما يكون هكذا، وكان صحيح الحديث صدوق اللسان شديد الهيبة للحديث، إذا حدث، وكان يثقل عليه الحديث جداً، ربما قال لي: لو أنك تطلب مني الدراهم كان أحب إلي من أن تطلب مني الأحاديث، وسمعته يقول: لو طلبت مني الدنانير كان أيسر علي من أن تطلب مني الحديث، فقلت له: لو حدثتني بأحاديث فوائد ليست عندي كان أحب إلي من أن تهب لي عددها دنانير، قال: إنك مفتون، أما والله لو عملت بما سمعت من سليمان بن مهران يقول: إذا كان بين يديك طعام تأكله فتأخذ اللقمة فترمي بها خلف ظهرك كلما أخذت لقمة رميت بها خلف ظهرك متى تشبع.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: لا تجعل الرجال أوصياءك، كيف تلومهم أن يضيعوا وصيتك وأنت قد ضيعتها في حياتك، وأنت بعد هذا تصير إلى بيت الوحشة وبيت الظلمة، وبيت الدود، ويكون زائرك فيها منكراً ونكيراً وقبرك روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار، ثم بكى الفضيل وقال: أعاذنا الله وإياكم من النار.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: لم تر أقر عينا ممن خرج من شدة إلى رخاء، ويقدم على خير مقدم، وينزل على خير منزل، فإذا رأى ما يرى من الكرامة، يقول: لو علمت ما سألتك إلا الموت، و لم تر يوم القيامة أقر عيناً ممن خرج من الضيق والشدة والجوع والعطش، ثم نزل على الجنة، يقال لهم: ادخلوا الجنة بما كنتم تعلمون، ولم تر يومئذ أسخن عينا ممن خرج من الروح والسعة والرخاء والنعمة، ثم نزل على النار بقول الله:(ادْخُلُوَاْ أَبْوَابَ جَهَنّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبّرِينَ)[الزمر:72،غافر:76]
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: وعزته لو أدخلني النار فصرت فيها ما أيست. ووقفت مع الفضيل بعرفات فلم أسمع من دعائه شيئا إلا أنه واضعاً يده اليمنى على خده وواضعا رأسه يبكي بكاء خفياً، فلم يزل كذلك حتى أفاض الإمام فرفع رأسه إلى السماء، فقال: واسوأتاه والله منك إن عفوت. ثلاث مرات.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: المؤمن في الدنيا مغموم يتزود ليوم معاده، قليل فرحه، ثم بكى.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: صبر قليل ونعيم طويل، وعجلة قليلة، وندامة طويلة، رحم الله عبداً أخمد ذكره، وبكى على خطيئته قبل أن يرتهن بعمله.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن إبراهيم بن الأشعث قال: سمعت الفضيل يقول رهبة العبد من الله على قدر علمه بالله وزهادته في الدنيا على قدر رغبته في الآخرة من عمل بما علم استغنى عما لا يعلم ومن عمل بما علم وفقه الله لما لا يعلم ومن ساء خلقه شان دينه وحسبه ومروءته وسمعته يقول أكذب الناس العائد في ذنبه وأجهل الناس المدل بحسناته وأعلم الناس بالله أخوفهم منه لن يكمل عبد حتى يؤثر دينه على شهوته ولن يهلك عبد حتى يؤثر شهوته على دينه.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الفضيل قال: لو خيرت بين أن أعيش كلبا وأموت كلبا ولا أرى يوم القيامة لاخترت ذلك.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن وقال فيض بن إسحاق سمعت الفضيل يقول والله لأن أكون ترابا أحب إلي من أن أكون في مسلاخ أفضل أهل الأرض وما يسرني أن أعرف الأمر حق معرفته إذا لطاش عقلي.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن وقال إسحاق بن إبراهيم الطبري سمعت الفضيل يقول لو قلت إنك تخاف الموت ما قبلت منك لو خفت الموت ما نفعك طعام ولا شراب ولا شيء ما يسرني أن أعرف الأمر حق معرفته إذا لطاش عقلي ولم أنتفع بشيء.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن يحيى بن أيوب قال: دخلت مع زافر بن سليمان على الفضيل بن عياض فإذا معه شيخ فدخل زافر وأقعدني على الباب قال زافر فجعل الفضيل ينظر إلي ثم قال هؤلاء المحدثون يعجبهم قرب الإسناد ألا أخبرك بإسناد لا شك فيه رسول الله عن جبريل عن الله " (نَاراً وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ) [التحريم: 6] " فأنا وأنت يا أبا سليمان من الناس ثم غشي عليه وعلى الشيخ وجعل زافر ينظر اليهما ثم خرج الفضيل وقمنا والشيخ مغشي عليه.
(3)
تواضع الفضيل بن عياض وإيثاره للخمول:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: كان يقال كن شاهداً لغائب ولا تكن غائباً لشاهد، قال: كأنه يقول: إذا كنت في جماعة الناس فأخف شخصك وأحضر قلبك وسمعك، وعما تسمع، فهذا شاهد لغائب، ولا تكن غائباً لشاهد، قال: كأنه يقول: تحضر المجالس بيديك وسمعك وقلبك لاه ساه، قال: وسمعت الفضيل يقول: عامة الزهد في الناس- يعني إذا لم يحب ثناء الناس عليه ولم يبال بمذمتهم-وسمعته يقول: إن قدرت أن لا تعرف فافعل وما عليك أن لم يثن عليك، وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت عند الله محموداً، وسمعته يقول: من أحب أن يذكر لم يذكر ومن كره أن يذكر ذكر.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: صبر قليل ونعيم طويل، وعجلة قليلة، وندامة طويلة، رحم الله عبداً أخمد ذكره، وبكى على خطيئته قبل أن يرتهن بعمله.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن فضيل بن عياض قال: حيث ما كنت فكن ذَنَبَاً ولا تكن رأسا، فإن الرأس تهلك والذَنَبَ ينجو.
(4)
عظيم قول الفضيل بن عياض في الخوف والرجاء:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: الخوف أفضل من الرجاء مادام الرجل صحيحاً، فإذا نزل به الموت فالرجاء أفضل من الخوف يقول: إذا كان في صحته محسناً عظم رجاؤه عند الموت، وحسن ظنه. إذا كان في صحته مسيئاً ساء ظنه عند الموت ولم يعظم رجاؤه.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الخوف أفضل من الرجاء مادام الرجل صحيحا فإذا نزل به الموت فالرجاء أفضل.
قال الذهبي رحمه الله تعالى: قلت وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله.
(5)
زهد الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى:
ولد الفضيل بن عياض في أرض خراسان ثم رحل إلى الكوفة في العراق، فسمع الأحاديث النبوية الشريفة والفقه من العلماء؛ أمثال الأعمش ويحيي بن سعيد الأنصاري وجعفر الصادق فأثرت تأثيرًا كبيرًا في شخصيته، حتى أصبح من الزهاد الذين يرون أن الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة، ولا تستحق أن يتكالب الناس عليها، ويتصارعون من أجلها، فهي فانية زائلة، بل الأولى أن يعمل الناس
لأخراهم، فهي الباقية الدائمة بفعل الخير، وتجنب المعاصي، ثم انتقل إلى مكة وأقام بها حتى توفي، وكان إذا خرج في جنازة مع الناس، يعظهم ويذكرهم بالآخرة، حتى إذا وصل إلى المقبرة، جلس في حزن شديد، وظل يبكي ولا ينقطع بكاؤه.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: لو أن الدنيا بحذافيرها عَرِضَتْ عليّ حلالا لا أحاسبُ بها في الآخرة لكنت أتقذرها كما يتقذر أحدكم الجيفة إذا مر بها أن تصيب ثوبه.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: أكذب الناس المدل بحسناته، وأعلم الناس به أخونهم له. وسمعته يقول: إن رهبة العبد من الله عز وجل على قدر علمه بالله، وإن زهادته في الدنيا على قدر رغبته في الآخرة.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: قيل: يا ابن آدم اجعل الدنيا داراً تبلغك لأثقالك، واجعل نزولك فيها استراحة لا تحبسك كالهارب من عدوه، والمتسرع إلى أهله في طريق مخوف لا يجد مسالماً يقدم فيه من الراحة، متبذلا في سفره ليستبقى صالح ما عنده لإقامته، فإن عجزت أن تكون كذلك في العمل فليكن ذلك هو الأمل، وإياك أن تكون لصاً من لصوص تلك الطريق ممن:(يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)[الأنعام: 26]. فإن العين ما لم يكن بصرها من القلب فكأنما أبصرت سهواً، و لم تبصره، وإن آية العمى إذا أردت أن تعرف بذلك نفسك أو غيرك، فإنها لا تقف عن الهلكة، ولا تمضيه في الرغبة فذلك أعمى القلب، وإن كان بصير النظر، فإذا العاقل أخرج عقله فهو يدبر له أمره، ومن تدبر الكتاب تمضيه الرغبة وترده الرهبة، فذلك البصير، وإن كان أعمى البصر.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن فضيل بن عياض قال: ليست الدار دار إقامة، وإنما أهبط آدم إليها عقوبة، ألا ترى كيف يزويها عنه ويمرر عليه بالجوع مرة وبالعرى مرة وبالحاجة مرة؟ كما تصنع الوالدة الشفيقة بولدها، تسقيه مرة حضيضا ومرة صبرا وإنما تريد بذلك ما هو خير له،
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: لا يسلم لك قلبك حتى لا تبالي من كل الدنيا، وقيل للفضيل: ما الزهد في الدنيا؟ قال: القنع وهو الغنى، وقيل: ما الورع؟ قال: اجتناب المحارم. وسئل ما العبادة؟ قال: أداء الفرائض. وسئل عن التواضع قال: أن تخضع للحق، وقال: أشد الورع في اللسان، وقال: التعبير كله باللسان لا بالعمل. وقال: جعل الخير كله في بيت وجعل مفتاحه الزهد في الدنيا. وقال: قال الله عز وجل: إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفيض بن إسحاق: اشتريت دارا وكتبت كتابا وأشهدت عدولا فبلغ ذلك الفضيل بن عياض فأرسل إلي يدعوني فلم أذهب، ثم أرسل إلي فمررت إليه، فلما رآني قال: يا ابن يزيد بلغني إنك اشتريت دارا وكتبت كتابا وأشهدت عدولا، قلت: قد كان ذلك، قال: فإنه يأتيك من لا ينظر في كتابك ولا يسأل عن بينتك حتى يخرجك منها شاخصا، يسلمك إلى قبرك خالصاً، فانظر أن لا تكون اشتريت هذه الدار من غير مالك، أو ورثت مالا من غير حله، فتكون قد خسرت الدنيا والآخرة، ولو كنت حين اشتريت كتبت على هذه النسخة: هذا ما اشترى عبد ذليل من ميت قد أزعج بالرحيل، اشترى منه دارا تعرف بدار الغرور، حد منها في زقاق الفناء إلى عسكر الهالكين، ويجمع هذه الدار حدود أربعة: الحد الأول ينتهي منها إلى دواعي العاهات، والحد الثاني ينتهي إلى دواعي المصيبات، والحد الثالث ينتهي منها إلى دواعي الآفات، والحد الرابع ينتهي إلى الهوى المردى، والشيطان المغوي، وفيه يشرع باب هذه الدار على الخروج من عز الطاعة إلى الدخول في ذل الطلب، فما أدركك في هذه الدار فعلى مبلبل أجسام الملوك، وسالب نفوس الجبابرة، ومزيل ملك الفراعنة، مثل كسرى وقيصر، وتبع وحمير، ومن جمع المال فأكثر، واتحد ونظر بزعمه الولد، ومن بني وشيد وزخرف، وأشخصهم إلى موقف العرض إذا نصب الله عز وجل كرسيه لفصل القضاء، وخسر هنالك المبطلون، يشهد على ذلك العقل إذا خرج من أسر الهوى، ونظر بالعينين إلى زوال الدنيا، وسمع صارخ الزهد عن عرصاتها، ما أبين الحق لذي عينين، إن الرحيل أحد اليومين، فبادروا بصالح الأعمال فقد دنا النقلة والزوال.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن إبراهيم بن الأشعث، قال: سمعت الفضيل بن عياض يقول في مرضه الذي مات فيه: ارحمني بحبي إياك، فليس شيء أحب إلي منك، قال: وسمعته وهو يشتكي يقول: مسني الضر وأنت أرحم الراحمين. قال: وسمعت الفضيل كثيرا يقول: ارحمني فإنك بي عالم. ولا تعذبني فإنك علي قادر. وسمعته يقول: اللهم زهدنا في الدنيا فإنه صلاح قلوبنا وأعمالنا وجميع طلباتنا ونجاح حاجاتنا.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الفضيل قال: ليست الدنيا دار إقامة وإنما آدم هبط إليها عقوبة ألا ترى كيف يزويها عنه ويمررها عليه بالجوع بالعري بالحاجة كما تصنع الوالدة الشفيقة بولدها تسقيه مرة حضضا ومرة صبرا وإنما بذلك ما هو خير له.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الفضيل قال: حرام على قلوبكم أن تصيب حلاوة الإيمان حتى تزهدوا في الدنيا.
(6)
تعريف الفضيل بن عياض للتواضع رحمه الله:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض وسُئِلَ: ما التواضع؟ قال: أن تخضع للحق وتنقاد له، ولو سمعته من صبي قبلته منه، ولو سمعته من أجهل الناس قبلته منه. وسألته: ما الصبر على المصيبة؟ قال: أن لا تبث.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الفضيل قال: لا يسلم لك قلبك حتى لا تبالي من أكل الدنيا وقيل له ما الزهد قال القنوع قيل ما الورع قال اجتناب المحارم قيل ما العبادة قال أداء الفرائض قيل ما التواضع قال أن تخضع للحق وقال أشد الورع في اللسان قلت هكذا هو فقد ترى الرجل ورعا في مأكله وملبسه ومعاملته وإذا تحدث يدخل عليه الداخل من حديثه فإما أن يتحرى الصدق فلا يكمل الصدق وإما أن يصدق فينمق حديثه ليمدح على الفصاحة وإما أن يظهر أحسن ما عنده ليعظم وإما أن يسكت في موضع الكلام ليثني عليه ودواء ذلك كله الانقطاع عن الناس إلا من الجماعة.
(7)
دعوة الفضيل بن عياض لفضول المخالطة رحمه الله:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: إذا خالطت فخالط حسن الخلق فإنه لا يدعو إلا إلى خير، وصاحبه منه في راحة، ولا تخالط سيىء الخلق فإنه لا يدعو إلا إلى شر وصاحبه منه في عناء.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: إني لأسمع صوت حلقة الباب فأكره ذلك قريباً كان أم بعيداً، ولوددت أنه طار في الناس أني قدمت حتى لا أسمع له بذكر، ولا يسمع لي بذكر، وإني لأسمع صوت أصحاب الحديث فيأخذني البول فرقاً منهم.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عبد الله الحذاء يقول: وقفنا للفضيل بن عياض على باب المسجد الحرام ونحن شبان علينا الصوف، فخرج علينا، فلما رآنا، قال: وددت أني لم أركم و لم تروني، أتروني سلمت منكم أن أكون ترسا لكم حيث رأيتكم وتراءيتم لي، لأن أحلف عشراً إني مرائي وإني مخادع أحب إلي من أن أحلف واحدة أنى لست كذلك.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن علي بن الحسن قال بلغ الفضيل أن حريزا يريد أن يأتيه فأقفل الباب من خارج فجاء فرأى الباب مقفلا فرجع فأتيته فقلت له حريز قال ما يصنع بي يظهر لي محاسن كلامه وأظهر له محاسن كلامي فلا يتزين لي ولا أتزين له خير له ثم قال علي: ما رأيت أنصح للمسلمين ولا أخوف منه ولقد رأيته في المنام قائما على صندوق يعطي المصاحف والناس حوله فيهم سفيان بن عيينة وهارون أمير المؤمنين فما رأيته يودع أحدا فيقدر أن يتم وداعه.
(8)
دعوة الفضيل بن عياض لقلة الكلام رحمه الله:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن فضيل بن عياض قال: المؤمن قليل الكلام كثير العمل، والمنافق كثير الكلام قليل العمل، كلام المؤمن حكم، وصمته تفكر، ونظره عبرة، وعمله بر، وإذا كنت كذا لم تزل في عبادة.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الفضيل قال: إن استطعت أن لا تكون محدثا ولا قارئا ولا متكلما إن كنت بليغا قالوا ما أبلغه وأحسن حديثه وأحسن صوته فيعجبك ذلك فتنتفخ وإن لم تكن بليغا ولا حسن الصوت قالوا ليس يحسن يحدث وليس صوته بحسن أحزنك ذلك وشق عليك فتكون مرائيا وإذا جلست فتكلمت فلم تبال من ذمك ومن مدحك فتكلم.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الفضيل بن عياض قال: خصلتان تقسيان القلب كثرة الكلام وكثرة الأكل.
(9)
دعوة الفضيل بن عياض لقلة الضحك رحمه الله:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن: فضيل بن عياض قال: ما يؤمنك أن تكون بارزت الله بعمل مقتك عليه، فاغلق دونك أبواب المغفرة وأنت تضحك، كيف ترى أن يكون حالك؟
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أبي علي الرازي، قال: صحبت الفضيل بن عياض ثلاثين سنة ما رأيته ضاحكا ولا متبسما إلا يوم مات ابنه علي فقلت له في ذلك فقال: إن الله عز وجل أحب أمراً فأحببت ما أحب الله.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن فضيل ورأى قوما من أصحاب الحديث يمرحون ويضحكون فناداهم مهلا يا ورثة الأنبياء مهلا ثلاثا إنكم أئمة يقتدى بكم.
(10)
تعظيم الفضيل بن عياض لفرائض الله تعالى:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن فضيل بن عياض قال: لن يتقرب العباد إلى الله بشيء أفضل من الفرائض، الفرائض رءوس الأموال والنوافل الأرباح.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن فضيل بن عياض قال: يا سفيه ما أجهلك ألا ترضى أن تقول أنا مؤمن حتى تقول أنا مستكمل الإيمان؟ لا والله لا يستكمل العبد الإيمان حتى يؤدي ما افترض الله تعالى عليه، ويجتنب ما حرم الله تعالى عليه، ويرضى بما قسم الله تعالى له، ثم يخاف مع ذلك أن لايتقبل منه.
(11)
تواضع الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى:
كان الفضيل رحمه الله تعالى شديد التواضع، يشعر دائمًا بأنه مقصر في حق الله، رغم كثرة صلاته وعبادته.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن فضيل بن عياض قال: أخذت بيد سفيان بن عيينة في هذا الوادي فقلت له: إن كنت تظن أنه بقى على وجه الأرض شر مني ومنك فبئس ما تظن.
(12)
دعوة الفضيل بن عياض لسلامة الصدر:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن فضيل بن عياض قال: يكون شغلك في نفسك ولا يكون شغلك في غيرك، فمن كان شغله في غيره فقد مكر به، وقال الفضيل: لم يدرك عندنا من أدرك بكثرة صيام ولا صلاة وإنما أدرك عندنا بسخاء الأنفس وسلامة الصدور والنصح للأمة.
(13)
منابذة الفضيل بن عياض لأهل البدع:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن فضيل بن عياض قال: إذا رأيت مبتدعا في طريق فخذ في طريق آخر، وقال الفضيل: لا يرتفع لصاحب بدعة إلى الله عز وجل عمل.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن فضيل بن عياض قال: من أعان صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن فضيل بن عياض قال: لأن آكل عند اليهودي والنصراني أحب إلي من أن آكل عند صاحب بدعة، فإني إذا أكلت عندهما لا يقتدى بي، وإذا أكلت عند صاحب بدعة اقتدى بي الناس، أحب أن يكون بيني وبين صاحب بدعة حصن من حديد، وعمل قليل في سنة خير من عمل صاحب بدعة، ومن جلسى مع صاحب بدعة لم يعط الحكمة، ومن جلس إلى صاحب بدعة فاحذره، وصاحب بدعة لا تأمنه على دينك ولا تشاوره في أمرك، ولا تجلس إليه فمن جلس إليه ورثه الله عز وجل العمى، وإذا علم الله من رجل أنه مبغض لصاحب بدعة رجوت أن يغفر الله له وإن قل عمله، فإني أرجو له، لأن صاحب السنة يعرض كل خير، وصاحب البدعة لا يرتفع له إلى الله عمل، وإن كثر عمله.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن فضيل بن عياض قال: إن الله عز وجل وملائكتة يطلبون حلق الذكر، فأنظر مع من يكون مجلسك، لا يكون مع صاحب بدعة، فإن الله تعالى لا ينظر إليهم، وعلامة النفاق أن يقوم الرجل ويقعد مع صاحب بدعة. وأدركت خيار الناس كلهم أصحاب سنة وهم ينهون عن أصحاب البدعة.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن فضيل بن عياض قال: من أحب صاحب بدعة أحبط الله عمله وأخرج نور الإسلام من قلبه.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الفضيل قال: من أحب صاحب بدعة أحبط الله عمله وأخرج نور الإسلام من قلبه، لا يرتفع لصاحب بدعة إلى الله عمل، نظر المؤمن إلى المؤمن يجلو القلب ونظر الرجل إلى صاحب بدعة يورث العمى، من جلس مع صاحب بدعة لم يعط الحكمة.
(14)
نُصْحُ الفضيل بن عياض للولاة:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: لما دخل على هارون أمير المؤمنين قال: أيكم هو؟ قال: فأشاروا إلى أمير المؤمنين، فقال: أنت هو يا حسن الوجه؟ لقد وليت أمراً عظيماً إني ما رأيت أحدا هو أحسن وجها منك، فإن قدرت أن لا تسود هذا الوجه بلفحة من النار فافعل، فقال لي: عظني، فقلت: ماذا أعظك، هذا كتاب الله تعافى بين الدفتين، انظر ماذا عمل بمن أطاعه، وماذا عمل بمن عصاه. وقال: إنى رأيت الناس يغوصون على النار غوصا شديدا، ويطلبونها طلبا حثيثا، أما والله لو طلبوا الجنة بمثلها أو أيسر لنالوها، فقال: عد إلي، فقال: لو لم تبعث إلي لم آتك، وإن انتفعت بما سمعت مني عدت إليك.
[*] وأخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضل بن الربيع ـ وزير هارون الرشيد ـ، قال: حج أمير المؤمنين فاتأني فخرجت مسرعاً، فقلت: يا أمير المؤمنين لو أرسلت إلي أتيتك، فقال: ويحك قد حاك في نفسي شيء فأنظر لي رجلاً أسأله، فقلت: هاهنا سفيان بن عيينة، فقال: امض بنا إليه، فأتيناه فقرعنا الباب، فقال: من ذا؟ قلت: أجب أمير المؤمنين، فخرج مسرعاً، فقال: يا أمير المؤمنين لو أرسلت إلي أتيتك، فقال: خذ لما جئناك له رحمك الله، فحدثه ساعة ثم قال له: عليك دين؟ فقال: نعم، قال: أبا عباس اقض دينه، فلما خرجنا قال: ما أغنى عني صاحبك شيئا، أنظر لي رجلا أسأله، قلت: هاهنا عبد الرزاق بن همام، قال: امض بنا إليه، فاتيناه فقرعنا الباب فخرج مسرعاً فقال: من هذا؟ قلت: أجب أمير المؤمنين، فقال: يا أمير المؤمنين لو أرسلت إلي أتيتك، فقال: خذ لما جئناك له، فحادثه ساعة ثم قال له: عليك دين؟ قال: نعم قال: أبا عباس اقض دينه. فلما خرجنا قال: ما أغنى عني صاحبك شيئاً، أنظر لي رجلاً أسأله، قلت: هاهنا الفضيل بن عياض قال: امض بنا إليه، فأتيناه فإذا هو قائم يصلي يتلو آية من القرآن يرددها، فقال: اقرع الباب، فقرعت الباب، فقال: من هذا؟ قلت: أجب أمير المؤمنين، فقال: مالي ولأمير المؤمنين؟ فقلت: سبحان الله، أما عليك طاعة؟ أليس قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليس للمؤمن بذل نفسه فنزل ففتح الباب ثم ارتقى إلى الغرفة فأطفأ السراج ثم التجأ إلى زاوية من زوايا البيت، فدخلنا فجعلنا نجول بأيدينا، فسبقت كف هارون قبلي إليه، فقال: يا لها من كف، ما ألينها إن نجت غداً من عذاب الله عز وجل.
فقلت في نفسي: ليكلمنه الليلة بكلامٍ تقي من قلبٍ نقي، فقال له: خذ لما جئناك له رحمك الله، فقال: إن عمر بن عبد العزيز لما ولى الخلافة دعا سالم بن عبد الله ومحمد بن كعب القرظي ورجاء بن حيوة فقال لهم: إني قد ابتليت بهذا البلاء فأشيروا علي، فَعَدَّ الخلافة بلاء وعددتها أنت وأصحابك نعمة، فقال له سالم بن عبد الله: إن أردت النجاة من الله فصم الدنيا وليكن إفطارك منها الموت، وقال له محمد بن كعب: إن أردت النجاة من عذاب الله فليكن كبير المؤمنين عندك أبا، وأوسطهم عندك أخا، وأصغرهم عندك ولدا، فوقر أباك وأكرم أخاك وتحنن على ولدك، وقال له رجاء بن حيوة: إن أردت النجاة غداً من عذاب الله فأحب للمسلمين ما تحب لنفسك، واكره لهم ما تكره لنفسك، ثم مت إذا شئت، وإني أقول لك فإني أخاف عليك أشد الخوف يوماً تزل فيه الأقدام، فهل معك رحمك الله مثل هذا؟ أومن يشيرعليك بمثل هذا فبكى هارون بكاء شديدا حتى غشى عليه، فقلت له: ارفق بأمير المؤمنين، فقال: يا ابن الربيع تقتله أنت وأصحابك وأرفق به أنا؟ ثم أفاق فقال له: زدني رحمك الله، فقال: يا أمير المؤمنين بلغني أن عاملاً لعمر بن عبد العزيز شكى إليه فكتب إليه عمر: يا أخي أذكرك طول سهر أهل النار مع خلود الأبد، وإياك أن ينصرف بك من عند الله فيكون أخر العهد وانقطاع الرجاء، قال: فلما قرأ الكتاب طوى البلاد حتى قدم على عمر بن عبد العزيز، فقال له: ما أقدمك؟ قال: خلعت قلبي بكتابك لا أعود إلى ولاية حتى ألقى الله عز وجل، قال: فبكى هارون بكاء شديدا، ثم قال له: زدني رحمك الله، فقال: يا أمير المؤمنين إن العباس عم المصطفى صلى الله عليه وسلم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أمِّرْنِّي على إمارة، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: إن الإمارة حسرة وندامة يوم القيامة، فإن استطعت أن لا تكون أميراً فافعل. فبكى هارون بكاء شديداً، فقال له: زدني رحمك الله، قال: يا حسن الوجه، أنت الذي يسألك الله عز وجل عن هذا الخلق يوم القيامة، فإن استطعت أن تقي هذا الوجه من النار، فإياك أن تصبح وتمسي وفي قلبك غش لأحد من رعيتك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أصبح لهم غاشاً لم يرح رائحة الجنة. فبكى هارون وقال له: عليك دين؟ قال: نعم دين لربي لم يحاسبني عليه، فالويل لي إن سألني والويل لي إن ناقشني، والويل لي إن لم اللهم حجتي.
قال: إنما أعني من دين العباد، قال: إن ربي لم يأمرني بهذا، إنما أمرني أن أصدق وعده وأطيع أمره، فقال جل وعز (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنّ وَالإِنسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ * مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مّن رّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ * إِنّ اللّهَ هُوَ الرّزّاقُ ذُو الْقُوّةِ الْمَتِينُ) [الذاريات 56: 58]. فقال له: هذه ألف دينار خذها فأنفقها على عيالك وتقو بها على عبادتك، فقال: سبحان ا لله أنا أدلك على طريق النجاة، وأنت تكافئني بمثل هذا؟ سلمك الله ووفقك. ثم صمت فلم يكلمنا، فخرجنا من عنده، فلما صرنا على الباب قال هارون: إذا دللتني على رجل فدلني على مثل هذا، هذا سيد المسلمين، فدخلت عليه امرأة من نسائه فقالت: ياهذا قد ترى ما نحن فيه من ضيق الحال، فلو قبلت هذا المال فتفرجنا به؟ فقال لها: مثلي ومثلكم كمثل قوم كان لهم بعير يأكلون من كسبه، فلما كبر نحروه فأكلوا لحمه. فلما سمع هارون هذا الكلام قال: ندخل فعسى أن يقبل المال، فلما علم الفضيل خرج فجلس في السطح على باب الغرفة فجاء هارون فجلس إلى جنبه فجعل يكلمه فلا يجيبه، فبينا نحن كذلك إذ خرجت جارية سوداء فقالت: يا هذا قد آذيت الشيخ منذ الليلة، فانصرف رحمك الله، فانصرفنا.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الفضيل بن عياض قال: لما قدم هارون الرشيد إلى مكة قعد في الحجر هو وولده وقوم من الهاشمين وأحضروا المشايخ فبعثوا إلي فأردت أن لا أذهب فاستشرت جاري فقال اذهب لعله يريد أن تعظه فدخلت المسجد فلما صرت إلى الحجر قلت لأدناهم أيكم أمير المؤمنين فأشار إليه فقلت السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فرد علي وقال اقعد ثم قال إنما دعوناك لتحدثنا بشيء وتعظنا فأقبلت عليه فقلت يا حسن الوجه حساب الخلق كلهم عليك فجعل يبكي ويشهق فرددت عليه وهو يبكي حتى جاء الخادم فحملوني وأخرجوني وقال اذهب بسلام.
[*] أورد ابن خلكان في وفيات العيان أن الرشيد قال للفضيل يوما: ما أزهدك! فقال الفضيل: أنت أزهد مني، قال: وكيف ذلك؟ قال: لأني أزهد في الدنيا وأنت تزهد في الآخرة والدنيا فانية والآخرة باقية.
(15)
دعوة الفضيل بن عياض للدعاء للإمام رحمه الله:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: لو أن لي دعوة مستجابة ما صيرتها إلا في الإمام، قيل له: وكيف ذلك يا أبا علي؟ قال: متى ما صيرتها في نفسي لم تجزني، ومتى صيرتها في الإمام فصلاح الإمام صلاح العباد والبلاد، قيل: وكيف ذلك يا أبا علي؟ فسر لنا هذا، قال: أما صلاح البلاد فإذا أمن الناس ظلم الإمام عمروا الخرابات ونزلوا الأرض، وأما العباد فينظر إلى قوم من أهل الجهل فيقول: قد شغلهم طلب المعيشة عن طلب ما ينفعهم من تعلم القرآن وغيره فيجمعهم في دار خمسين خمسين أقل أو أكثر، يقول للرجل: لك ما يصلحك، وعلم هؤلاء أمر دينهم، وأنظر ما أخرج الله وعز وجل من فيهم مما يزكي الأرض فرده عليهم. قال: فكان صلاح العباد والبلاد، فقبل ابن المبارك جبهته وقال: يا معلم الخير من يحسن هذا غيرك.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الفضيل قال: لو أن لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في إمام فصلاح الإمام صلاح البلاد والعباد.
(16)
من دُررِ مواعظ الفضيل بن عياض رحمه الله:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن فضيل بن عياض قال: ما تزين الناس يشيء أفضل من الصدق، والله عز وجل يسأل الصادقين عن صدقهم، منهم عيسى بن مريم عليه السلام، كيف بالكذابين المساكين، ثم بكى وقال: أتدرون في أي يوم يسأل الله عز وجل عيسى ابن مريم عليه السلام؟ يوم يجمع الله فيه الأولين والآخرين آدم فمن دونه، ثم قال: وكم من قبيح تكشفه القيامة غداً.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: أدركت أقواماً يستحيون من الله سواد الليل، من طول الهجعة، إنما هو على الجنب، فإذا تحرك قال: ليس هذا لك، قومي خذي حظك من الآخرة.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل ابن عياض في المسجد الحرام يقول: أصلح ما أكون أفقر ما أكون، وأني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق حماري وخادمي.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عبد الله بن محمد الهباري يقول: اعتل فضيل بن عياض فاحتبس عليه البول، فقال: بحبي إياك لما أطلقته، قال: فبال.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن فضيل بن عياض قال: لا حج ولا جهاد ولا رباط أشد من حبس اللسان، لو أصبحت يهمك لسانك أصبحت في غم شديد، وسجن اللسان سجن المؤمن، وليس أحد أشد غما ممن سجن لسانه.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: إنما يهابك الخلق على قدر هيبتك لله.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عبد الرحمن بن حيان المصري، قال: قيل للفضيل بن عياض: يا أبا علي ما بال الميت ينزع نفسه وهو ساكت، وابن آدم يضطرب من القرصة؟ قال: إن الملائكة توثقه ثم قرأ: (تَوَفّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرّطُونَ)[الأنعام: 61]
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن فضيل ابن عياض أن رجلاً سأله فقال: يا أبا علي متى يبلغ الرجل غايته من حب الله تعالى؟ فقال له الفضيل: إذا كان عطاؤه ومنعه إياك عندك سواء، فقد بلغت الغاية من حبه.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن فضيل بن عياض قال: ليس من عبد إلا وفيه ثلاث خصال، أما اثنتان يسترهما وأما الثالثة فلا يقوى، قيل: كيف ذاك يا أبا علي؟ قال: يظهر الرجل حسن الخلق في الخيرات، وليس بحسن الخلق، ويظهر السخاء وليس بسخى، ولكن الثالثة عقل الرجل عند المحاورة، إن كان له عقل عرفته لا يقدر يتصنع.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: إذا أحب الله عبدا أكثر غمه، وإذا أبغض الله عبداً أوسع عليه دنياه.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: ليس من عبد أعطى شيئاً من الدنيا إلا كان نقصاناً له من الدرجات في الجنة، وإن كان على الله كريماً.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: عاملوا الله عز وجل بالصدق في السر، فإن الرفيع من رفعه الله، وإذا أحب الله عبداً أسكن محبته في قلوب العباد.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: من خاف الله تعالى لم يضره شيء ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد. وسألله عبد الله بن مالك، فقال: يا أبا علي ما الخلاص مما نحن فيه؟ فقال له: أخبرني من أطاع الله عز وجل هل تضره معصية أحد؟ قال: لا، قال: فمن عصى الله سبحانه وتعالى هل تنفعه طاعة أحد؟ قال: لا، قال: فهو الخلاص إن أردت الخلاص.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن شعيب بن حرب، قال: بينا أنا أطوف بالبيت إذا رجل يمد ثوبي من خلفي فالتفت فإذا بفضيل بن عياض، فقال: لو شفع في وفيك أهل السماء كنا أهلاً أن لا يشفع فينا، قال شعيب: ولم أكن رأيته قبل ذلك بسنة، قال: فكسرني وتمنيت أني لم أكن رأيته.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن فضيل بن عياض قال: ما أغبط ملكا مقرباً، ولا نبيا مرسلا، يعاين القيامة وأهوالها، وما أغبط إلا من لم يكن شيئاً.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن فضيل بن عياض قال: تريد الجنة مع النبيين والصديقين، وتريد أن تقف الموقف مع نوح وإبراهيم ومحمد عليهم الصلاة والسلام، بأي عمل؟ وأي شهوة تركتها لله عز وجل، وأي قريب باعدته في الله، وأي بعيد قربته في الله.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن فضيل بن عياض قال: لا يترك الشيطان الإنسان حتى يحتال له بكل وجه، فيستخرج منه ما يخبر به من عمله، لعله يكون كثير الطواف فيقول: ما كان أجلي الطواف الليلة، أو يكون صائما فيقول ما أثقل السحور أو ما أشد العطش، فإن استطعت أن لا تكون محدثاً ولا متكلماً ولا قارئاً، وإن كنت بليغاً، قالوا: ما أبلغه وأحسن حديثه وأحسن صوته، فيعجبك ذلك فتنتفخ، وإن لم تكن بليغا ولا حسن الصوت قالوا ليس يحسن يحدث وليس صوته بحسن أحزنك وشق عليك، فتكون مرائيا، وإذا جلست فتكلمت ولم تبال من ذمك ومن مدحك من الله فتكلم.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: إنما هما عالمان عالم دنيا وعالم آخرة، فعالم الدنيا علمه منشور، وعالم الآخرة علمه مستور، فاتبعوا عالم الآخرة واحذروا عالم الدنيا، لا يصدكم بسكره، ثم تلا هذه الآية: (يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ إِنّ كَثِيراً مّنَ الأحْبَارِ وَالرّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ [التوبة: 34]. الآية. تفسير الأحبار العلماء، والرهبان العباد، ثم قال الفضيل: إن كثيراً من علمائكم زيه أشبه بزي كسرى وقيصر منه لمحمد صلى الله عليه وسلم، إن محمداً لم يضع لبنة على لبنة، ولا قصبة على قصبة، لكن رفع له علم فسموا إليه، قال: وسمعت الفضيل يقول: العلماء كثيرون والحكماء قليلون، وإنما يراد من العلم الحكمة، فمن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا، وقال: لو كان مع علمائنا صبر ما غدوا لأبواب هؤلاء، يعني الملوك. وسمعت رجلاً يقول للفضيل: العلماء ورثة الأنبياء، فقال الفضيل: الحكماء ورثة الأنبياء. وقال رجل للفضيل: العلماء كثير، فقال الفضيل: الحكماء قليل، وسمعت الفضيل يقول: حامل القرآن حامل راية الإسلام، لا ينبغي له أن يلغو مع من يلغو، ولا أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، وينبغي لحامل القرآن أن لا يكون له إلى الخلق حاجة، لا إلى الخلفاء فمن دونهم، وينبغي أن يكون حوايج الخلق إليه.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: ما من ليلة اختلط ظلامها وأرخى الليل سربال سترها إلا نادى الجليل جل جلاله: من أعظم مني جوداً، والخلائق عاصون، وأنا لهم مراقب، أكلؤهم في مضاجعهم كأنهم لم يعصوني، وأتولى حفظهم كأنهم لم يذنبوا، من بيني وبينهم أجود بالفضل على العاصي، وأتفضل على المسىء، من ذا الذي دعاني فلم أسمع إليه؟ أو من ذا الذي سألني فلم أعطه؟ أم من ذا الذي أناخ ببابي ونحيته، أنا الفضل ومني الفضل، أنا الجواد ومني الجود، أنا الكريم ومني الكرم، ومن كرمي أن أغفر للعاصي بعد المعاصي، ومن كرمي أن أعطي التائب كأنه لم يعصني، فأين عني تهرب الخلائق، وأين عن بابي يتنحى العاصون؟
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يعد البلاء نعمة والرخاء مصيبة وحتى لا يبالي من أكل الدنيا، وحتى لا يحب أن يحمد على عبادة الله عز وجل.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: الغبطة من الإيمان، والحسد من النفاق، والمؤمن يغبط ولا يحسد، والمنافق يحسد ولا يغبط، والمؤمن يستر ويعظ وينصح، والفاجر يهتك ويعير ويفشي.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم مكبل كبلتك خطيئتك.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن فضيل بن عياض قال: لأن يدنو الرجل من جيفة منتنة خير له من أن يدنو إلى هؤلاء ـ يعني السلطان ـ وسمعته يقول: رجل لا يخالط هؤلاء ولا يزيد على المكتوبة أفضل عندنا من رجل يقوم الليل ويصوم النهار ويحج ويعتمر ويجاهد في سبيل الله ويخالطهم.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن فضيل بن عياض قال: إن الله تعالى يقسم المحبة كما يقسم الرزق وكل ذا من الله تعالى، وإياكم والحسد، فإنه ليس له دواء، من عامل الله عز وجل بالصدق أورثه الله عز وجل الحكمة.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن فضيل بن عياض قال: حزن الدنيا يذهب بِهَمِ الآخرة، وفرح الدنيا للدنيا يذهب بحلاوة العبادة.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الفضيل بن عياض قال: كفى بالله محباً وبالقرآن مؤنساً وبالموت واعظاً وبخشية الله علما وبالاغترار جهلا.
(17)
دعوة الفضيل بن عياض لتحري الحلال:
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن عبد الصمد بن يزيد مردويه قال: سمعت الفضيل يقول لم يتزين الناس بشيء أفضل من الصدق وطلب الحلال فقال ابنه علي يا أبة إن الحلال عزيز قال يا بني وإن قليله عند الله كثير.
(18)
دعوة الفضيل بن عياض للخوف من الله وحده:
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن سري بن المغلس قال: سمعت الفضيل يقول من خاف الله لم يضره أحد ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد.
(19)
تحذير الفضيل بن عياض من إيذاء المسلمين.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الفضيل قال: والله ما يحل لك أن تؤذي كلباً ولا خنزيرا بغير حق فكيف تؤذي مسلما.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن فضيل قال: لا يكون العبد من المتقين حتى يأمنه عدوه.
(20)
دعوة الفضيل بن عياض للتحري في السماع من العالم الرباني:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: إنما هما عالمان عالم دنيا وعالم آخرة، فعالم الدنيا علمه منشور، وعالم الآخرة علمه مستور، فاتبعوا عالم الآخرة واحذروا عالم الدنيا، لا يصدكم بسكره، ثم تلا هذه الآية: (يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ إِنّ كَثِيراً مّنَ الأحْبَارِ وَالرّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ [التوبة: 34]. الآية. تفسير الأحبار العلماء، والرهبان العباد، ثم قال الفضيل: إن كثيراً من علمائكم زيه أشبه بزي كسرى وقيصر منه لمحمد صلى الله عليه وسلم، إن محمداً لم يضع لبنة على لبنة، ولا قصبة على قصبة، لكن رفع له علم فسموا إليه، قال: وسمعت الفضيل يقول: العلماء كثيرون والحكماء قليلون، وإنما يراد من العلم الحكمة، فمن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا، وقال: لو كان مع علمائنا صبر ما غدوا لأبواب هؤلاء، يعني الملوك. وسمعت رجلاً يقول للفضيل: العلماء ورثة الأنبياء، فقال الفضيل: الحكماء ورثة الأنبياء. وقال رجل للفضيل: العلماء كثير، فقال الفضيل: الحكماء قليل، وسمعت الفضيل يقول: حامل القرآن حامل راية الإسلام، لا ينبغي له أن يلغو مع من يلغو، ولا أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، وينبغي لحامل القرآن أن لا يكون له إلى الخلق حاجة، لا إلى الخلفاء فمن دونهم، وينبغي أن يكون حوايج الخلق إليه.
(21)
تحذير الفضيل بن عياض من الرياء:
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الفضيل قال: ترك العمل من أجل الناس رياء والعمل من أجل الناس شرك والإخلاص أن يعافيك الله عنهما.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الفضيل قال: لو حلفت أني مراء كان أحب الي من أن أحلف أن ليست بمراء ولو رأيت رجلا اجتمع لناس حوله لقلت هذا مجنون من الذي اجتمع الناس حوله لا يحب أن يجود كلامه لهم.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الفيض قال: قال لي الفضيل لو قيل لك امرائي غضبت وشق عليك وعسى ما قيل لك حق تزينت للدنيا وتصنعت وقصرت ثيابك وحسنت سمتك وكففت أذاك حتى يقال أبو فلان عابد ما أحسن سمته فيكرمونك وينظرونك ويقصدونك ويهدون إليك مثل الدرهم الستوق لا يعرفه كل أحد فإذا قشر قشر عن نحاس.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن فضيل بن عياض قال: لا يترك الشيطان الإنسان حتى يحتال له بكل وجه، فيستخرج منه ما يخبر به من عمله، لعله يكون كثير الطواف فيقول: ما كان أجلي الطواف الليلة، أو يكون صائما فيقول ما أثقل السحور أو ما أشد العطش، فإن استطعت أن لا تكون محدثاً ولا متكلماً ولا قارئاً، وإن كنت بليغاً، قالوا: ما أبلغه وأحسن حديثه وأحسن صوته، فيعجبك ذلك فتنتفخ، وإن لم تكن بليغا ولا حسن الصوت قالوا ليس يحسن يحدث وليس صوته بحسن أحزنك وشق عليك، فتكون مرائيا، وإذا جلست فتكلمت ولم تبال من ذمك ومن مدحك من الله فتكلم.
(22)
تحذير الفضيل من المعاصي وأنها تحرم العبد من الطاعة:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم مكبل كبلتك خطيئتك.
(23)
دعوة الفضيل بن عياض لحفظ اللسان:
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الفضيل: كثيرا يقول احفظ لسانك وأقبل على شانك واعرف زمانك وأخف مكانك.
(24)
دعوة الفضيل بن عياض للخمول وإنكار الذات:
وقال أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثنا الفيض بن إسحاق سمعت الفضيل يقول وددت أنه طار في الناس أني مت حتى لا أُذَْكَر، إني لأسمع صوت أصحاب الحديث فيأخذني البول فرقا منهم.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الفضيل قال: بلغني أن العلماء فيما مضى كانوا إذا تعلموا عملوا وإذا عملوا شغلوا وإذا شغلوا فقدوا وإذا فقدوا طلبوا فإذا طلبوا هربوا.
(25)
دعوة الفضيل للغبطة وتحذيره من الحسد:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: الغبطة من الإيمان، والحسد من النفاق، والمؤمن يغبط ولا يحسد، والمنافق يحسد ولا يغبط، والمؤمن يستر ويعظ وينصح، والفاجر يهتك ويعير ويفشي.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الفضيل قال المؤمن يغبط ولا يحسد الغبطة من الإيمان والحسد من النفاق.
قال الذهبي رحمه الله: قلت هذا يفسر لك قوله عليه الصلاة والتسليم لا حسد إلا في اثنتين رجل أتاه الله مالا ينفقه في الحق ورجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وأطراف النهار فالحسد هنا معناه الغبطة أن تحسدوا أخاك على ما آتاه الله لا أنك تحسده بمعنى أنك تود زوال ذلك عنه فهذا بغي وخبث.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن فضيل بن عياض قال: إن الله تعالى يقسم المحبة كما يقسم الرزق وكل ذا من الله تعالى، وإياكم والحسد، فإنه ليس له دواء، من عامل الله عز وجل بالصدق أورثه الله عز وجل الحكمة.
(26)
كيف كان الفضيل يمقت نفسه في جنب الله تعالى:
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الفضيل بن عياض قال: كيف ترى حال من كثرت ذنوبه وضعف علمه وفني عمره ولم يتزود لمعاده.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الفضيل بن عياض قال: يا مسكين أنت مسيء وترى أنك محسن وأنت جاهل وترى أنك عالم وتبخل وترى أنك كريم وأحمق وترى أنك عاقل أجلك قصير وأملك طويل.
قال الذهبي رحمه الله: قلت إي والله صدق وأنت ظالم وترى أنك مظلوم وآكل للحرام وترى أنك متورع وفاسق وتعتقد أنك عدل وطالب العلم للدنيا وترى أنك تطلبه لله.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن شعيب بن حرب، قال: بينا أنا أطوف بالبيت إذا رجل يمد ثوبي من خلفي فالتفت فإذا بفضيل بن عياض، فقال: لو شفع في وفيك أهل السماء كنا أهلاً أن لا يشفع فينا، قال شعيب: ولم أكن رأيته قبل ذلك بسنة، قال: فكسرني وتمنيت أني لم أكن رأيته.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن فضيل بن عياض قال: أخذت بيد سفيان بن عيينة في هذا الوادي فقلت له: إن كنت تظن أنه بقى على وجه الأرض شر مني ومنك فبئس ما تظن.
(27)
دعوة الفضيل بن عياض للبعد عن السلطان: