الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(7)
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير قال: فأتاهم عمر رضي الله عنه فقال: يامعشر الأنصار، ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر أبابكر يؤم الناس فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبابكر رضي الله عنه فقالت الأنصار: نعوذ بالله أن نتقدم أبابكر (1).
(8)
روى ابن سعد بإسناده الى الحسن قال: قال علي: لما قبض النبي صلى الله عليه وسلم نظرنا في أمرنا فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم قد قدم أبابكر في الصلاة فرضينا لدنيانا من رضي رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا فقدمنا أبابكر (2).
[*] وقد علق أبو الحسن الأشعري على تقديم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في الصلاة فقال: وتقديمه له أمر معلوم بالضرورة من دين الاسلام قال: وتقديمه له دليل على أنه أعلم الصحابة وأقرؤهم لما ثبت في الخبر المتفق على صحته بين العلماء: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنّة، فإن كانوا في السنّة سواء فأكبرهم سناً، فإن كانوا في السن سواء فأقدمهم إسلاماً) - قال ابن كثير- وهذا من كلام الأشعري رحمه الله مما ينبغي أن يكتب بماء الذهب ثم قد اجتمعت هذه الصفات كلها في الصديق رضي الله عنه وأرضاه (3).
انعقاد الإجماع على خلافة الصديق رضي الله عنه
-:
(1) المستدرك (3/ 67).
(2)
الطبقات لابن سعد (3/ 183).
(3)
البداية والنهاية (5/ 265).
أجمع أهل السنّة والجماعة سلفاً وخلفاً على أن أحق الناس بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه لفضله وسابقته ولتقديم النبي صلى الله عليه وسلم إياه في الصلوات على جميع الصحابة وقد فهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مراد المصطفى عليه الصلاة والسلام من تقديمه في الصلاة فأجمعوا على تقديمه في الخلافة ومتابعته ولم يتخلف منهم أحد ولم يكن الرب جل وعلا ليجمعهم على ضلالة فبايعوه طائعين وكان لأوامره ممتثلين ولم يعارض أحد في تقديمه (1)، فعندما سئل سعيد بن زيد متى بويع أبو بكر؟ قال: يوم مات رسول الله صلى الله عليه وسلم: كرهوا أن يبقوا بعض يوم وليسوا في جماعة (2)، وقد نقل جماعة من أهل العلم المعتبرين إجماع الصحابة ومن جاء بعدهم من أهل السنّة والجماعة على أن أبابكر رضي الله عنه أولى بالخلافة من كل أحد (3) وهذه بعض أقوال أهل العلم:
[*] قال الخطيب البغدادي رحمه الله أجمع المهاجرون والأنصار على خلافة أبي بكر قالوا له: ياخليفة رسول الله ولم يسم أحد بعده خليفة، وقيل: إنه قبض النبي صلى الله عليه وسلم عن ثلاثين ألف مسلم كل قال لأبي بكر: ياخليفة رسول الله ورضوا به من بعده رضي الله عنهم (4).
[*] وقال ابو الحسن الأشعري: أثنى الله عز وجل على المهاجرين والأنصار والسابقين الى الاسلام، ونطق القرآن بمدح المهاجرين والأنصار في مواضع كثيرة وأثنى على أهل بيعة الرضوان فقال عز وجل:{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} (سورة الفتح، الآية 18). قد أجمع هؤلاء الذين أثنى الله عليهم ومدحهم على إمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وسموه خليفة رسول الله وبايعوه وانقادوا له وأقروا له بالفضل وكان أفضل الجماعة في جميع الخصال التي يستحق بها الإمامة من العلم والزهد وقوة الرأي وسياسة الأمة وغير ذلك (5).
(1) عقيدة أهل السنة في الصحابة (2/ 550).
(2)
أباطيل يجب أن تمح من التاريخ، ابراهيم شعوط، ص101.
(3)
عقيدة أهل السنّة والجماعة في الصحابة (2/ 550).
(4)
تاريخ بغداد (10/ 130 - 131).
(5)
الإبانة عن أصول الديانة، ص66.
[*] قال ابن تيمية رحمه الله: والتحقيق أن النبي صلى الله عليه وسلم دل المسلمين على استخلاف أبي بكر وأرشدهم إليه بأمور متعددة من أقوله وأفعاله وأخبر بخلافته إخبار رضي بذلك حامد له وعزم على أن يكتب بذلك عهداً ثم علم أن المسلمين يجتمعون عليه فترك الكتاب اكتفاء بذلك
…
فلو كان التعيين مما يشتبه على الأمة لبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم بياناً قاطعاً للعذر ولكن لما دلهم دلالات متعددة على أن أبابكر هو المتعين وفهموا ذلك حصل المقصود ولهذا قال عمر بن الخطاب في خطبته التي خطبها بمحضر من المهاجرين والأنصار: وليس فيكم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر
…
) الى أن قال: (فخلافة أبي بكر الصديق دلت النصوص الصحيحة على صحتها وثبوتها ورضا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم له بها وانعقدت بمبايعة المسلمين له واختيارهم إياه اختياراً استندوا فيه الى ما عملوه من تفضيل الله ورسوله فصارت ثابتة بالنص والإجماع جميعاً لكن النص دل على رضا الله ورسوله بها وأنها حق وأن الله أمر بها وقدرها وأن المؤمنين يختارونها وكان هذا أبلغ من مجرد العهد بها لأنه حينئذ كان يكون طريق ثبوتها مجرد العهد، وأما إذا كان المسلمون قد اختاروه من غير عهد ودلت النصوص على صوابهم فيما فعلوه ورضا الله ورسوله بذلك كان ذلك دليلاً على أن الصديق كان فيه من الفضائل التي بان بها عن غيره ما علم المسلمون به أنه أحقهم بالخلافة فإن ذلك لايحتاج فيه الى عهد خاص (1).
{تنبيه} : على الرغم من أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان أحق الناس بالخلافة بالكتاب والسنة والإجماع إلا أنه لم يكن حريصاً على الخلافة ولا يوماً واحداً فقد ضرب أروع المثل في الزهد في الدنيا والعزوف عنها والرغبة في الآخرة والإقبال عليها إقبال الظامئ على المورد العذب:
(1) منهاج السنّة (1/ 139 - 141)؛ مجموع الفتاوى (35/ 47 - 49).