الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن سعيد بن المسيب الذي ولد سنة 31هـ قد فتح عينيه علي كل تلك المصائب من قتل عمر وعثمان وعلي والفتنة الكبرى، ثم كان رجلا مكتمل الرجولة وهو يشهد قتل أهل المدينة واستباحة نسائها على يد الجيش الأموي في موقعة الحرة سنة اثنين وستين هجرية، ثم عاش في ظل القمع الأموي إلى أن مات سنة أربعٍ وتسعين هجرية، وناله من هذه الفتن الكثير من المحن، حيث كان مطلوبا منه أن يبايع للحاكم المستبد فيرفض، فيتعرض للضرب والإهانة، مع مكانته الاجتماعية والدينية.
محنة سعيد بن المسيب:
إن من المعلوم شرعاً أن العلماء ورثة الأنبياء، قائمون في الأمة مقامهم، مضطلعون بدورهم، والجماهير دائمًا تتطلع إليهم، وعيونهم معلقة بهم، خاصة وقت الأزمات والنوازل، وكلما كان العالم الرباني منظورًا إليه، مقتدى به، كانت التبعة أعظم والمحنة أشد؛ فالعالم الرباني هو رجل الأمة، ودليل العامة، ودرع الحق والشرع الذي يحمي بيضة الدين، ويذب عن حياضه، وبثباته على الحق يثبت الكثيرون، وبتهاونه يضيع أيضًا الكثيرون، لذلك ما من عالم رباني قام في الأمة إلا تعرض لكثير من المحن والابتلاءات، ولقد كان الإمام سعيد بن المسيب رحمه الله من سادات التابعين وعلمًا من أعلام المسلمين، ممن كمل حاله وجمع الله عز وجل فيه من خصال الخير كله من العلم والعمل، فلقد كان بحق عالمًا عاملاً، لا يخاف في الله لومة لائم، صادعًا بالحق أمارًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر، لا يهاب خليفة ولا أميرًا، مجافيًا لأبوابهم معتزًا بعلمه، صائنًا لعرضه، شديد الانتقاد لأي مظهر من مظاهر الخروج على الشرع والحق، ومن كانت هذه خصاله فحري به أن يمتحن ويتعرض للمحنة تلو الأخرى، ومع ذلك لا ينال البلاء من عزيمته ولا تلين المحنة شيئًا من صلابته في الحق، لقد كان سعيد بن المسيب من بني مخزوم أشراف قريش وكانوا من المتحالفين مع الأمويين ضد الإسلام، ولكن كان جده من أصحاب النبي محمد. وقد أصبح سعيد في شبابه أفقه أهل المدينة وصار في شيخوخته رمزا للمدينة، وكبيرا للتابعين في عصره والتابعون هم الجيل التالي للصحابة والذي عايش الصحابة. وبسبب مكانته العائلية والفقهية والمعنوية، فقد كان هدفا مناسبا للمتصارعين علي الحكم، إذ لابد من إرغامه علي البيعة حتى يبايع الآخرون، فإذا رفض عوقب حتى يكون عبرة للآخرين. وكالعادة يقوم والي المدينة بعقابه، ثم يكتفي الخليفة بعتاب رقيق للوالي علي ما فعله بسعيد مع استمرار وقوع الظلم علي سعيد.
بدأت هذه اللعبة، حين أعلن عبد الله بن الزبير نفسه خليفة في مكة، وعين جابر بن الأسود الزهري واليا علي المدينة، ودعا الوالي أهل المدينة لبيعة ابن الزبير، فرفض سعيد بن المسيب قائلا: حتى يجتمع الناس أي حتى يكون هناك إجماع واتفاق بين أهل الشام والعراق ومصر والحجاز، أو بمعنى أصح رفض سعيد أن ينحاز إلى الحزب الزبيري في صراعه مع الحزب الأموي. ولخطورة هذا الموقف على أهل المدينة وأهل الحجاز فقد ضرب الوالي سعيد ستين سوطا .. وبلغ ذلك عبد الله بن الزبير، فكتب إلى جابر يلومه ويقول (مالنا ولسعيد دعه) وبذلك استمال ابن الزبير أهل المدينة، وحقق ما أراد، ودفع سعيد الثمن.
وتغلب الأمويون على ابن الزبير وقتلوه، وتمهد الأمر لعبد الملك بن مروان، وقد كان عبد الملك من قبل رفيقا لسعيد بن المسيب في طلب العلم، وبعد توليه السلطة وسفكه الدماء جاء عبد الملك وخطب في أهل المدينة عام 75 قائلا: ( .. والله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد هذا إلا ضربت عنقه، وكانت هذه اللغة موجهة لسعيد وأصحابه الذين كان مفترضا منهم أن يأمروا الحاكم بتقوى الله، حسبما كان متبعا في المدينة في عصر الراشدين.
وبعدها ـ وبناء على طلب الخليفة عبد الملك ـ طلب الوالي هشام بن إسماعيل المخرومي ابن عم سعيد مبايعة أهل المدينة لابني عبد الملك، الوليد ثم سليمان، فبايع الناس، وأبى سعيد بن المسيب كالعادة، فضرب الوالي هشام بن إسماعيل المخزومي ابن عمه سعيد بن المسيب ستين سوطا، وأمر فطيف به في المدينة في هيئة مزرية، وسجنه، وكتب بما فعل للخليفة، فقال عبد الملك له: سعيد كان والله أحوج إلى أن تصل رحمه من أن تضربه، وإنا لنعلم ما عند سعيد من شقاق ولا خلاف، ومع ذلك ظل في السجن، ثم أفرجوا عنه و منعوا أن يجالسه احد في المسجد، وحين قيل لهم أن سعيد بن المسيب ينوي أن يدعوا عليهم في الحج منعوه من الذهاب للحج.
[*] مناقب سعيد بن المسيب رحمه الله:
هاك غَيْضٍ من فيض ونقطةٍ من بحر مما ورد في مناقب سعيد بن المسيب جملةً وتفصيلا رحمه الله تعالى:
أولاً مناقب سعيد بن المسيب جملةً:
(1)
ثناء العلماء على سعيد بن المسيب:
(2)
حسن فهم سعيد بن المسيب للعبادة والورع:
(3)
حرص سعيد بن المسيب على صلاة الجماعة:
(4)
اجتهاد سعيد بن المسيب في الصوم والحج:
(5)
حرص سعيد بن المسيب على قراءة القرآن:
(6)
تعظيم سعيد بن المسيب لحديث رسول الله:
(7)
حرص سعيد بن المسيب على طلب العلم: