الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) قال: قدم عبد الرحمن بن عوف المدينة، فآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري، فعرض عليه أن يناصفه أهله وماله، فقال عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك، دلني على السوق، فربح شيئا من أقط وسمن، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم بعد أيام وعليه وضر من صفرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(مهيم يا عبد الرحمن). قال: يا رسول الله، تزوجت امرأة من الأنصار، قال:(فما سقت فيها). فقال: وزن نواة من ذهب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(أولم ولو بشاة).
كان عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه آية في الزهد والعزوف عن الدنيا والرغبة في الآخرة مع ما توفر لديه من ثراء عظيم، ومال وفير، فقد وَعَى حقيقة الزهد بحذافيره وأن الزهد أن يكون المال في يدك وليس في قلبك فكان آيةً في الجود والسخاء والبذل والإنفاق في سبيل الله تعالى، فكان المال في يده ولم يقترب من قلبه الشريف رضي الله عنه، ولقد كان رضي الله عنه حريصاً على أن يتصدق بثلثي ماله عندما مرض لولا أن أن أمره النبي بالثلث فقط، وهذا يدل على أنه آيةٌ في الزهد فكان المال في يده ولم يقترب من قلبه الشريف رضي الله عنه.
فكان رضي الله عنه يقرض الله قرضا حسنا، فيضاعفه الله له أضعافا، فقد باع يوما أرضا بأربعين ألف دينار فرّقها جميعا على أهله من بني زُهرة وأمهات المسلمين وفقراء المسلمين، وقدّم خمسمائة فرس لجيوش الإسلام، ويوما آخر ألفا وخمسمائة راحلة، وعند موته أوصى بخمسين ألف دينار في سبيل الله، وأربعمائة دينار لكل من بقي ممن شهدوا بدرا حتى وصل للخليفة عثمان نصيبا من الوصية فأخذها وقال:{أن مال عبد الرحمن حلال صَفْو، وإن الطُعْمَة منه عافية وبركة} .
وبلغ من جود عبد الرحمن بن عوف أنه قيل: {أهل المدينة جميعا شركاء لابن عوف في ماله، ثُلث يقرضهم، وثُلث يقضي عنهم ديونهم، وثلث يصِلَهم ويُعطيهم} .
[*]
سيرة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
-:
وسوف نتناول شيئين أساسيين في هذه السيرة العطرة وهما:
أولاً: لمحات من سيرة سعدِ ابن أبي وقاص رضي الله عنه:
ثانياً: صورٌ مشرقة من زهد سعدِ ابن أبي وقاص رضي الله عنه:
وهاك تفصيل ذلك:
أولاً: لمحات من سيرة سعدِ ابن أبي وقاص رضي الله عنه:
[*] قال عنه الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء:
وأما سعد بن أبي وقاص فقديم السبق، بدء أمره مقاساة الشدة، واحتمال الضيقة. وهو مع الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة هون عليه تحمل الأثقال، ومفارقة العشيرة والمال، لما باشر قلبه من حلاوة الاقبال، ونصر على الأعداء بالمقاتلة والنضال، وخص بالاجابة في المسألة والابتهال، ثم ابتلى في حاله الإمارة والسياسة، وامتحن بالحجابة والحراسة، ففتح الله على يديه السواد والبلدان، ومنح عدة من الإناث والذكران، ثم رغب عن العمالة والولاية، وأثر العزلة والرعاية، وتلافى ما بقي من عمره بالعناية، فهو قدوة من ابتلي في حاله بالتلوين، وحجة من تحصن بالوحدة والعزلة من التفتين، إلى أن تتضح له الشبهة بالحجج والبراهين.
[*] وقال عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء:
سعد بن أبي وقاص وإسم أبي وقاص مالك بن أهيب عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة ابن كعب بن لؤي الأمير أبو إسحاق القرشي الزهري المكي أحد العشرة وأحد السابقين الأولين وأحد من شهد بدرا والحديبية وأحد الستة أهل الشورى، روى جملة صالحة من الحديث حدث عنه ابن عمر وعائشة وابن عباس والسائب بن يزيد وبنوه عامر وعمر ومحمد ومصعب وإبراهيم وعائشة وقيس بن أبي حازم وسعيد بن المسيب وأبو عثمان النهدي وعمر بن ميمون والأحنف بن قيس وعلقمة بن قيس وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ومجاهد وشريح بن عبيد الحمصي وأيمن المكي وبشر بن سعيد وأبو عبد الرحمن السلمي وابو صالح ذكوان وعروة بن الزبير وخلق سواهم.
[*] أورد الذهبي في سير أعلام النبلاء عن ابن سعد قال: وأمه حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، قال إبن مندة أسلم سعد ابن سبع عشرة سنة وكان قصيرا دحداحا شثن الأصابع غليظا ذا هامة توفي بالعقيق في قصره على سبعة أميال من المدينة وحمل إليها سنة خمس وخمسين.
[*] أورد الذهبي في سير أعلام النبلاء عن إسماعيل بن محمد بن سعد قال كان سعد جعد الشعر اشعر الجسد آدم أفطس طويلا.
- اسم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ونسبه:
هو سعد بن مالك بن أهيب الزهري القرشي فهو " من بني زهرة " أهل آمنة بنت وهب أم الرسول صلى الله عليه وسلم من الرضاعة ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يُسميه خاله أي أنه من أخواله.
(حديث جابر رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) قال: كنا مع رسول الله إذ أقبل سعد، فقال: "هذا خالي، فليرني امرؤ خاله.