الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن حماد بن زيد عن أيوب قال قيل لعمر بن عبد العزيز يا أمير المؤمنين لو أتيت المدينة فإن قضى الله موتا دفنت في موضع القبر الرابع مع رسول الله، قال والله لأن يعذبني الله بغير النار أحب إلي من أن يعلم من قلبي أني أراني لذلك أهلا.
(21) كان عمر بن عبد العزيز لا يخشى في الله لومة لائم رحمه الله:
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الأوزاعي أن عمر بن عبد العزيز جلس في بيته وعنده أشراف بني أمية فقال أتحبون أن أولي كل رجل منكم جندا من هذه الأجناد فقال له رجل منهم لم تعرض علينا ما لا تفعله قال ترون بساطي هذا إني لأعلم أنه يصير إلى بلى وإني أكره أن تدنسوه علي بأرجلكم فكيف أوليكم ديني وأوليكم أعراض المسلمين وأبشارهم تحكمون فيهم هيهات هيهات قالوا: لِمَ؟ أما لنا قرابة أما لنا حق قال ما أنتم وأقصى رجل من المسلمين عندي في هذا الأمر إلا سواء إلا رجل حبسه عني طول شقة.
(22) كانت صلاة عمر بن عبد العزيز أشبه بصلاة النبي
صلى الله عليه وسلم:
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ما صليت وراء إمام أشبه بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى. يعني عمر بن عبد العزيز رحمه الله وكان والياً على المدينة.
(23) صبر عمر بن عبد العزيز وحلمه:
كان عمر بن عبد العزيز حليمًا عادلاً، خرج ذات ليلة إلى المسجد ومعه رجل من الحراس، فلما دخل عمر المسجد مرَّ في الظلام برجل نائم، فأخطأ عمر وداس
عليه، فرفع الرجل رأسه إليه وقال أمجنون أنت؟ فقال: لا، فتضايق الحارس وهَمَّ أن يضرب الرجل النائم فمنعه عمر، وقال له: إن الرجل لم يصنع شيئًا غير أنه
سألني: أمجنون أنت؟ فقلت: لا.
وفاة عمر بن عبد العزيز:
سبب وفاة عمر بن عبد العزيز:
كان سبب وفاة عمر بن عبد العزيز أن مولى له سمَّه في طعام أو شراب وأعطي على ذلك ألف دينار، فحصل له بسبب ذلك مرض، فأُخبر أنه مسموم، فقال: لقد علمت يوم سُقيت السُّم، ثم استُدعي مولاه الذي سقاه، فقال له: ويحك ما حملك على ما صنعت، فقال: ألف دينار أُعطيتها، فقال: هاتها، فأحضرها فوضعها في بيت المال، ثم قال له: اذهب حيث لا يراك أحد فتهلك.
أتدرون كم تولى الخلافة؟ سنتين وخمسة أشهر وأياماً، لكنها عند الله عز وجل أفضل من قرنين، إنني أعرف أناسًا في التاريخ، تولى الواحد منهم خمسين سنة، فلما مات لعنه المسلمون، وإن بعضهم تولى أربعين سنة، فلما مات بشّر بعض المسلمين بعضهم بموته، فليس العمر بالكثرة، العمر بالبركة، تولى سنتين، فأزال الظلم، فتح بابه، فتح صدره، فتح عينه، فتح قلبه ففتح الله عليه.
ولما اشتد به المرض تحولت الملايين من أبناء أمته إلى أطفال، يوشك اليتم أن يحيق بهم حين يفقدون أباهم .. الجياع الذين شبعوا .. والعراة الذين اكتسوا .. والخائفون الذين أمنوا .. والمستضعفون الذين سادوا .. واليتامى الذين وجدوا فيه أباهم .. والأيامى اللاتي وجدن فيه عائلهن .. والضائعون الذين وجدوا فيه ملاذهم بعد الله .. كل هؤلاء وأولئك في شعبه وأمته سحقتهم أنباء مرضه الدَّاهم.
ولما حضرته سكرات الموت أمر بدعوة أبنائه فجاءوا مسرعين اثني عشر ولداً وبنتاً، شعثاً غبراً، قد زايلت جسومهم الشاحبة نضرة النعيم!! .. وجلسوا يحيطون به، وراح يُعانقهم بنظراته الحانية الآسية .. وراح يودعهم بقوله: يا بني إن أباكم خُيِّر بين أمرين، أن تستغنوا ويدخل النار أو تفتقروا ويدخل الجنة، فاختار الجنة وآثر أن يترككم لله الذي نزَّل الكتاب وهو يتولّى الصالحين وقال لهم: والله ما خلّفت لكم من الدنيا شيئًا - عنده غرفة واحدة - إن كنتم صالحين فالله يتولى الصالحين، وإن كنتم فجَرة فلن أُعينكم بمالي على الفجور. تعالوا، فاقتربوا فقبّلَهم واحدًا واحدًا، ودعا لهم، وكأن قلبه يُسَلُّ من بين جوارحه، وخرج أبناؤه.
قال أهل التاريخ: أغفى التاريخ إغفاءة عن أبناء عمر بن عبد العزيز السبعة أو الثمانية، وقد خلّف لكل واحد منهم اثني عشر درهمًا فقط، وأما هشام بن عبد الملك الخليفة، فخلّف لكل ابن من أبنائه مائة ألف دينار، وبعد عشرين سنة، أصبح أبناء عمر بن عبد العزيز، يُسرجون الخيول في سبيل الله، منفقين متصدقين من كثرة أموالهم، وأبناء هشام بن عبد الملك في عهد أبي جعفر المنصور، يقفون في مسجد دار السلام، يقولون: من مال الله يا عباد الله!
إنَّ من حفظ الله حفظه الله، ومن ضيّع الله ضيّعه الله، هذه سنة من سنن الله عز وجل مصداقاً للحديث الآتي:
(حديث ابن عباس في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا غلام! إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله و إذا استعنت فاستعن بالله و اعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك و لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك بشيء إلا قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام و جفت الصحف.
هذه وصية رسول صلى الله عليه وسلم، لأتباعه وأنصاره، أن يتقوا الله تعالى، وأن يحفظوه في السر والعلانية.
قال بعض الصالحين: إذا أردت أن توصي صاحبك، أو أخاك، أو ابنك، فقل له:"احفظ الله يحفظك". فالله عز وجل يحفظ أوليائه، في أنفسهم، وفي أهليهم، وفي أموالهم، وفي جوارحهم، وفي أعراضهم، يحفظهم من مكر الأعداء، وكيد الحاقدين، وتدبير المارقين.
ثم أمر عمر أبناءه بالخروج فخرج أطفاله أمام عينيه، ينظر إليهم، ومع كل طفل يخرج، قطَرَات من الدموع تسقط، وقال: أَدخِلوا أمّكم عليَّ، فدخلت امرأته، فودعها، وسألها أن تتقي الله، وأن تبقى على الزهد وعلى الفقر، لتكون زوجته في الجنة، ثم قال: يا فاطمة، إني أرى نفَرًا، ليسوا بإنس ولا جن، أظنهم ملائكة، فاخرجي عنّي، فخرجت زوجته، وأغلقت الباب، ودخل الملائكة على عمر بن عبد العزيز مبشرة (إِنّ الّذِينَ قَالُواْ رَبّنَا اللّهُ ثُمّ اسْتَقَامُواْ تَتَنَزّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلاّ تَخَافُواْ وَلَا تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِالْجَنّةِ الّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَفِي الَاخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِيَ أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدّعُونَ * نُزُلاً مّنْ غَفُورٍ رّحِيمٍ) [سورة: فصلت 30: 32]