الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن خصال الزهد: الخوف والرجاء والرغبة والرهبة والسخاء وسلامة الصدر واليقين التام:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن إبراهيم بن أدهم: أقرب الزهاد من الله عز وجل أشدهم خوفا، وأحب الزهاد إلى الله أحسنهم له عملا، وأفضل الزهاد عند الله أعظمهم فيما عنده رغبة، وأكرم الزهاد عليه أتقاهم له، وأتم الزهاد زهدا أسخاهم نفسا وأسلمهم صدرا، وأكمل الزهاد زهدا أكثرهم يقينا.
ومن خصال الزهد: أن الزاهد يعزف عن القيل والقال ويضع نصب عينيه ومحط نظره وقِبلة قلبه الوحيين الشريفيين الكتاب والسنة الصحيحة يتمسك بهما ويعض عليهما بالنواجذ، وينشغل بهما عن غيرهما، ويستمد من نورهما نوراً ومن ضيائهما لمعاناً ليُضئ له الطريق، وينشغل عن مخالطة أهل الدنيا بقوله تعالى:(لأيّ يَوْمٍ أُجّلَتْ * لِيَوْمِ الْفَصْلِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ)[المرسلات 12: 15]. يوم يقال: (اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَىَ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً)[الإسراء: 14].
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء عن إبراهيم بن أدهم قال: الزاهد يكتفي من الأحاديث والقال والقيل وما كان وما يكون بقول الله تعالى: (لأيّ يَوْمٍ أُجّلَتْ * لِيَوْمِ الْفَصْلِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ)[المرسلات 12: 15]. يوم يقال: (اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَىَ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً)[الإسراء: 14]. قال إبراهيم: فبلغني أن الحسن قال في قوله: كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا. لكل آدمي قلادة فيها نسخة عمله، فإذا مات طويت وقلدها، فإذا بعث نشرت. وقيل: اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً.
ومن خصال الزاهد وهو يصلي:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن رباح بن الهروي، قال: مر عصام بن يوسف بحاتم الأصم وهو يتكلم في مجلسه، فقال: يا حاتم تحسن تصلي؟ قال: نعم قال: كيف تصلي؟ قال حاتم: أقوم بالأمر وأمشي بالخشية وأدخل بالنية وأكبر بالعظمة وأقرأ بالترتيل والتفكر وأركع بالخشوع وأسجد بالتواضع وأجلس للتشهد بالتمام وأسلم بالسبل والسنة وأسلمها بالإخلاص إلى الله عز وجل وأرجح على نفسي بالخوف أخاف أن لا يقبل مني وأحفظه بالجهد إلى الموت، قال: تكلم فأنت تحسن لصلي.
ومن أخص صفات الزهد هو العلم بالتوحيد لأن التوحيد مُقَدَّمٌ على العمل والأصل الذي يترتب عليه غيره إذ لا ينفعُ مع الشركِ عمل، وإذا لم يكن الزاهد على علم بالتوحيد ربما يقع في الشرك وهو لايدري فلا ينفعه الزهد حينئذ.
قال تعالى: (فَاعْلَمْ أَنّهُ لَا إِلََهَ إِلا اللّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ)(محمد / 19)
(حديث ا بن عباس في الصحيحين) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذٍ ابن جبل حين بعثه إلى اليمن: إنك ستأتي قوماً أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمسَ صلواتٍ في كل يومٍ وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك
فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم فتُردُ على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتقِ دعوةَ المظلومِ فإنه ليس بينه وبين الله حجاب.
الشاهد: قوله صلى الله عليه وسلم فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لاإله إلا الله وأن محمداً رسول الله فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات، فجعل إخبارهم بالصلاةِ معلقٌ على قبولِ التوحيد فإن لم يقبلوه فلا تخبرهم، وذلك لأن التوحيد مُقَدَّمٌ على العمل والأصلُ الذي يترتب عليه غيره إذ لا ينفع مع الشركِ عمل.
(حديثُ جندب ابن عبد الله صحيح ابن ماجة) قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيانٌ حزَاوِرَة، فتعلمنا الإيمانَ قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآنَ فازددنا به إيمانا.
معنى حزاوره: جمع حَزْوَر وهو الغلام إذا اشتد وقوى.
[*] قال الشيخ حافظ ابن أحمد الحكمي في سلم الوصول:
أولُ واجبٍِ على العبيدِ
…
معرفةُ الرحمنِ بالتوحيدِ
إذ هو من كل الأوامرِ أعظمُ
…
وهو نوعان أيا من يفهمُ
ومن أخص صفات الزهد الفقه، فإنه لا يصلح زهد إلا بفقه، لأن الفقه ميزانٌ صحيح ومقياسٌ دقيقٌ معتبر يطَّلع الإنسان من خلاله على حقيقة الزهد وحقيقة الدنيا فيرغب عنها وحقيقة الآخرة فيرغب فيها فيرزقه الله تعالى التوفيق والسداد، ويعصمه من الشطط، ولأنه إذا لم يتفقه في دين الله تعالى لربما فعل أشياء ظناً منه أنها من الزهد وليس الأمر كذلك، لجهله ثم إنه وبفقه الأحكام سيُصححُ عمله الذي سيلقي به ربه ولا سبيل له إلى تصحيح عمله الذي سيلقي به ربه إلا عن طريق الفقه.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن سفيان ابن عيينة: لا تصلح عبادة إلا بزهد، ولا يصلح زهد إلا بفقه، ولا يصلح فقه إلا بصبر.
[*] وأخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عمران القصير، قال: سألت الحسن، عن شيء فقلت: إن الفقهاء يقولون كذا وكذا فقال: وهل رأيت فقيهاً بعينك؟ إنما الفقيه الزاهد في الدنيا، البصير بدينه، المداوم على عبادة ربه عز وجل.
ومن أخص صفات الزهد التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل إذ لا معنى للزهد الذي هو من أفضل أبواب تزكية النفس إلا بالتحلي بالفضائل من قراءة القرآن والذكر والدعاء والاستغفار وقيام الليل وبر الوالدين وصلة الرحم والإحسان إلى الجار وعدم إيذائه و إكرام الضيف والتعاون على البر والتقوى والتحلي بآداب الصحبة والأخوة ومعاشرة الخلق و بذل النصيحة وقضاء حوائج المسلمين وخدمتهم وصنع المعروف و شكر المعروف و الحب في الله تعالى والحرص على مجالسة الصالحين ورحمة الصغير وتوقير الكبير وضبط اللسان وحسن الخلق والحِلمِ والأناة و الرفق واحتمال الأذى والعفو والإعراض عن الجاهلين و التواضع وخفض الجناح وإيثار الخمول وعدم الشهرة والصمت وقلةِ الكلام والصدق والحياء والجود والسخاء والإنفاق في وجوه الخير والإيثار والمواساة في السَنَةِ والمجاعة ومجاهدة النفس والهوى، وكذلك لايتم تحقيق الزهد إلا بالتخلي عن الرذائل من اجتناب الغش والخداع للمسلمين و اجتناب الغدر للمسلمين و اجتناب ظلم العباد فإنه بئس الزاد ليوم المعاد و اجتناب مجالس الظالمين و اجتناب إيذاء المسلمين و اجتناب التباغض والتقاطع والتدابر واجتناب الحسد واجتناب احتقار المسلمين واجتناب التجسس على المسلمين وعدم تتبع عورات المسلمين وزلاتهم والتخلي عن رذيلة كثرة الكلام والتخلي عن رذيلة التحدث بكل ما سمع والتخلي عن الكذب والتخلي عن الغناء والاحتراز منه والتخلي والاحتراز من الشعر المحرم والتخلي عن رذيلة الغيبة والتخلي عن رذيلة النميمة والتخلي عن رذيلة ذي الوجهين والاحتراز من فحش القول وبذاءة اللسان و التخلي عن رزيلة الغضب والتخلي عن رذيلة السباب والتخلي عن آفة التكلم فيما لا يعنيه والتخلي عن آفة كثرة المزاح والتخلي عن رذيلة شهادة الزور وحفظ اللسان من قذف المحصنات والعياذ بالله والتخلي عن الجدال العقيم والتخلي عن شهوة الخصومة وحفظ اللسان من الحلف بغير الله وحفظ اللسان عن الحلف بالأمانة وحفظ اللسان عن الحلف باللات والعزى وحفظ اللسان عن الحلف بالله كذباً وحفظ اللسان عن اليمين الغموس وحفظ اللسان من المدح المذموم وحفظ اللسان من اللعن وحفظ اللسان من إخلاف الوعد والتخلي عن رزيلة الكبر والعياذ بالله والاحتراز من رذيلة العجب والعياذ بالله والتخلي من رذيلة البخل والعياذ بالله والاحتراز من رذيلة الحرص والطمع، وسيأتي بسط ذلك في كتاب الآداب إن شاء الله تعالى.