الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولد الحسن رحمه الله لسنتين بقيتا من خلافه عمر رضي الله عنه وذهب به إلى عمر فحنكه، ولما علمت أم المؤمنين أم سلمة بالخبر أرسلت رسولاً ليحمل إليها الحسن، وأمه لتقضي نفاسها في بيت أم سلمة رضي الله عنها، فلما وقعت عينها على الحسن وقع حبه في قلبها، فقد كان الوليد الصغير قسيمًا وسيمًا، بهي الطلعة، تام الخلقة، يملأ عين مجتليه، ويأسر فؤاد رائيه، ويسر عين ناظريه، وسمته أم المؤمنين رضي الله عنها بالحسن، ولم تكن البشرى لتقتصر على بيت أم سلمة رضي الله عنها فحسب؛ بل عمت الفرحة دار الصحابي الجليل زيد بن ثابت رضي الله عنه، فهو مولى أبي، وكان كرم الله على الحسن أن نشأ في بيت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، وكانت أمه تتركه عند أم المؤمنين، وتذهب لقضاء حوائجها، فكان الحسن إذا بكى ألقمته أم المؤمنين ثديها، فيدر عليه لبنًا بأمر الله، على الرغم من كبر سنها فضلا عن أنه لم يكن لها ولد وقتها، فكانت أم سلمة رضي الله عنها أمًا للحسن من جهتين: الأولى كونها زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فهي أم له وللمؤمنين، والثانية كونها أمًا له من الرضاعة، فلما أرضعته أم المؤمنين أم سلمة رضي الله تعالى عنها إذا هو يرتوي حكمة وفصاحة وتقى، فما إن شب صاحبنا إلا وينابيع الحكمة تنبع من لسانه وجمال الأسلوب ورصانة العبارة وفصاحة اللسان تتحدر من كلامه.
ولم يكن الحسن رضي الله عنه قاصرًا في نشأته على بيت أم سلمة رضي الله عنها فحسب؛ بل كان يدور على بيوت أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، وكان هذا داعيًا لأن يتخلق الغلام الصغير بأخلاق أصحاب البيوت، وكان هو يحدث عن نفسه، ويخبر بأنه كان يصول ويجول في داخل بيوتهنَّ رضي الله عنهن حتى أنه كان ينال سقوف بيوتهنَّ بيديه وهو يقفز فيها قفزًا.
[*]
مناقب الحسن البصري:
كان الحسن البصري رحمه الله من أئمة التابعين، من أئمة الهدى وأعلام التقى ومصابيح الدجى، من حلية الأولياء وأعلام النبلاء، من الأضواء اللامعة والنجوم الساطعة.
وهاك غَيْضٍ من فيض ونقطةٍ من بحر مما ورد في مناقبه جملةً وتفصيلا:
أولاً مناقب الحسن البصري جملةً:
(1) ثناء العلماء على الحسن البصري رحمه الله:
(2)
خشية الحسن البصري لله تعالى:
(3)
طول حزن الحسن البصري رحمه الله:
(4)
من درر مواعظ الحسن البصري رحمه الله:
(5)
زهد الحسن البصري رحمه الله تعالى:
(6)
دعاء الحسن البصري على الظالم:
(7)
الحسن البصري يصدع بكلمة الحق في وجه الحجاج:
(8)
نصح الحسن للولاة:
(9)
سعة علم الحسن البصري وأسبابها:
ثانيا مناقب الحسن البصري تفصيلا:
(1)
ثناء العلماء على الحسن البصري رحمه الله:
[*] قال عنه الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء:
ومنهم حليف الخوف والحزن، أليف الهم والشجن، عديم النوم والوسن أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن. الفقيه الزاهد، المتشمر العابد، كان لفضول الدنيا وزينتها نابذاً، ولشهوة النفس ونخوتها واقذاً.
[*] وقال عنه أحد العلماء: كان جائعاً عالماً عالياً رفيعاً فقيها ثقة مأموناً عابداً ناسكاً كبير العلم فصيحاً جميلاً وسيماً، كانت أمه "خيرة" مولاة لأم سلمة زوج النبي وكان مولده قبل نهاية خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بسنتين. وكانت أمه تخرج إلى السوق أحياناً فتدعه عند أم سلمة فيصيح جوعاً فتلقمه أم سلمة ثديها لتعلله به، إلى أن تجيء أمه - وإذا برحمة الله تنزل على الثدي فيدر لبناً فيرضع الطفل حتى يرتوي. فإذا هو يرتوي حكمة وفصاحة وتقى، فما إن شب صاحبنا إلا وينابيع الحكمة تنبع من لسانه وجمال الأسلوب ورصانة العبارة وفصاحة اللسان تتحدر من كلامه. إنه الحسن بن أبي الحسن يسار، الإمام شيخ الإسلام أبو سعيد البصري المشهور بالحسن البصري، يقال: مولى زيد بن ثابت، ويقال: مولى جميل بن قطبة، وأمه خيرة مولاة أم سلمة، نشأ إمامنا في المدينة النبوية وحفظ القرآن في خلافة عثمان. وكانت أمه وهو صغير تخرجه إلى الصحابة فيدعون له، وكان في جملة من دعا له عمر بن الخطاب. قال: اللهم فقهه في الدين، وحببه إلى الناس. فكان الحسن بعدها فقيهاً وأعطاه الله فهماً ثابتاً لكتابه وجعله محبوباً إلى الناس. ولازم أبا هريرة وأنس بن مالك وحفظ عنهم أحاديث النبي، فكان كلما سمع حديثاً عن المصطفى ازداد إيماناً وخوفاً من الله، إلى أن أصبح من نساك التابعين ومن أئمتهم ومن وعاظهم ودعاتهم، وصار يرجع إليه في مشكلات المسائل وفيما اختلف فيه العلماء، فهذا أنس بن مالك سُئل عن مسألة فقال: سلوا مولانا الحسن، قالوا: يا أبا حمزة نسألك، تقول: سلوا الحسن؟ قال: سلوا مولانا الحسن. فإنه سمع وسمعنا فحفظ ونسينا
[*] وقال أنس بن مالك أيضاً:
إني لأغبط أهل البصرة بهذين: الشيخين الحسن البصري ومحمد بن سيرين
[*] وقال قتادة:
وما جالست رجلاً فقيهاً إلا رأيت فضل الحسن عليه، وكان الحسن مهيباً يهابه العلماء قبل العامة.
[*] قال أيوب السختياني:
كان الرجل يجالس الحسن ثلاث حجج (سنين) ما يسأله عن مسألة هيبةً. وكان الحسن البصري إلى الطول أقرب، قوي الجسم، حسن المنظر، جميل الطلعة مهايباً يهابه
العلماء قبل العامة، قال أيوب السختياني: كان الرجل يجالس الحسن ثلاث حجج (سنين)
ما يسأله عن مسألة هيبة.
وكان الحسن البصري إلى الطول أقرب، قوي الجسم، حسن المنظر، جميل الطلعة مهايباً.
[*] قال عاصم الأحول:
قلت للشعبي: لك حاجة؟ قال: نعم، إذا أتيت البصرة فأقرئ الحسن مني السلام، قلت: ما أعرفه، قال: إذا دخلت البصرة فانظر إلى أجمل رجل تراه في عينيك وأهيبه في صدرك فأقرئه مني السلام، قال: فما عدا أن دخل المسجد فرأى الحسن والناس حوله جلوس فأتاه وسلّم عليه. وكان الحسن صاحب خشوع وإخبات ووجل من الله،
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن علقمة بن مرثد، قال: انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين؛ فمنهم الحسن بن أبي الحسن فما رأينا أحداً من الناس كان أطول حزناً منه، ما كنا نراه إلا أنه حديث عهد بمصيبة، ثم قال: نضحك ولا ندري لعل الله قد اطلع على بعض أعمالنا، فقال: لا أقبل منكم شيئاً، ويحك يا ابن آدم لك بمحاربة الله طاقة؟ إنه من عصي الله فقد حاربه. والله لقد أدركت بدرياً أكثر لباسهم الصوف، ولو رأيتموهم قلتم مجانين، ولو رأوا خياركم لقالوا: ما لهؤلاء من خلاق، ولو رأوا شراركم لقالوا ما يؤمن هؤلاء بيوم الحساب، ولقد رأيت أقواماً كانت الدنيا أهون على أحدهم من التراب تحت قدميه، ولقد رأيت أقواماً يمشي أحدهم وما يجد عنده إلا قوتاً فيقول لا أجعل هذا كله في بطني، لأجعلن بعضه لله عز وجل فيتصدق ببعضه، وإن كان هو أحوج ممن تصدق به عليه.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أيوب، قال: لو رأيت الحسن لقلت أنك لم تجالس فقيهاً قط.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عوف بن أبي جميلة الأعرابي، قال: كان الحسن ابناً لجارية أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فبعثت أم سلمة جاريتها في حاجتها فبكى الحسن بكاءً شديداً فرقت عليه أم سلمة رضي الله تعالى عنها، فأخذته فوضعته في حجرها فألقمته ثديها فدر عليه فشرب منه، فكان يقال: إن المبلغ الذي بلغه الحسن من الحكمة من ذلك اللبن الذي شربه من أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.