الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(25) حكم عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الناس بظاهر الأعمال مما يدل على رسوخ العلم والإيمان في قلبه رضي الله عنه
-:
(حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) قال: إن أناسا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيرا أمناه وقربناه، وليس إلينا من سريرته شيء، الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءا لم نأمنه ولم نصدقه، وإن قال: إن سريرته حسنة.
وأخرج ابن سعد والبيهقي عن الحسن قال: إن أول خطبة خطبها عمر رضي الله عنه حمد الله وأثنى عليه ثم قال: "أما بعد: فقد ابتليت بكم، وابتليتم بي، وخلفت فيكم بعد صاحبيَّ؛ فمن كان بحضرتنا باشرناه بأنفسنا؛ ومهما غاب عنا ولّيناه أهل القوة والأمانة. فمن يحسن نزده حسناً، ومن يسيء نعاقبه؛ ويغفر الله لنا ولكم". كذا في الكنز.
(26) ورع عمر بن الخطاب رضي الله عنه
-:
أخرج مالك والبيهقي عن زيد بن أسلم قال: شرب عمر رضي الله عنه لبناً فأعجبه فسأل الذي سقاه: من أين لك هذا اللبن؟ فأخبره أنه ورد على ماء فإذا نَعَم من نعم الصدقة وهم يسقون، فحلبوا لنا من ألبانها فجعلته في سقائي هذا، فأدخل عمر أصبعه فاستقاءه. كذا في المنتخب وأخرج ابن سعد عن المِسْوعر بن مَخْرمة رضي الله عنه قال: كنا نلزم عمر بن الخطاب نتعلم منه الورع.
ما وقع بين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وابنته حفصة في شأن مال المسلمين:
وأخرج أحمد في الزهد عن الحسن قال: جيء إلى عمر رضي الله عنه بمال، فبلغ ذلك حفصة إبنة عمر رضي الله عنهما، فجاءت فقالت: يا حقُّ أقربائك من هذا المال، قد أوصى الله عز وجل بالأقربين، فقال لها: يا بنيَّة حقُّ أقربائي في مالي، فأما هذا ففيء المسلمين، غَشَشْتِ أباك، قومي، فقامت تجرُّ ذَيلَها. كذا في منتخب الكنز.
وأخرج ابن أبي شيبة، وأحمد، وابن أبي الدنيا، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن أسلم قال: رأيت عبد الله بن الأرقم جاء إلى عمر رضي الله عنهما فقال: يا أمير المؤمنين، عندنا حِلية من حِلية جَلُولاء آنية فضة، فانظر أن تفرغ يوماً فيها فتأمرنا بأمرك، فقال: إِذا رأيتني فارغاً فذنِّي، فجاء يوماً فقال: إني أراك اليوم فارغاً، قال: أجل، أبسُط لي نِطْعاً فأر بذلك المال فأُفيض عليه، ثم جاء حتى وقف عليه فقال: اللهمَّ إنك ذكرت هذا المال فقلت: {زُيّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ} (آل عمران: 14) ـ حتى فرغ من الآية ـ وقلت: {لّكَيْلَا تَأْسَوْاْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُواْ بِمَآ ءاتَاكُمْ} (الحديد: 23)، وإنَّ لا نستطيع إلا أن نفرح بما زيَّنت لنا. اللهمَّ فجعلنا ننفقه في حقَ، وأعوذ بك من شره. قال: فأُتي بابن له يُحمل يقال له عبد الرحمن بن بهية، فقال: يا أبت هَبْ لي خاتَماً، قال: إذهب إِلى أمك تسقيك سَوِيقاً، قال: فوالله ما أعطاه شيئاً. كذا في منتخب الكنز.
قصة قَسْم المسك والعنبر الذي جاء من البحرين:
أخرج أحمد في الزند عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقّاص قال: قدم على عمر رضي الله عنه مسك وعنبر من البحرين، فقال عمر: والله لوددتُ أنِّي وجدت إمرأة حسنة الوزن تزن لي هذا الطيب حتى أقسمه بين المسلمين، فقالت له إمرأته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنهما: أنا جيّدة الوزن فهلمَّ أزن لك؟ قال: لا، قلت: لِمَ؟ قال: إني أخشى أن تأخذيه فتجعليه هكذا ـ أدخل أصابعه في صدغيه وتمسحين به عنقك، فأصبت فَضْلاً على المسلمين. كذا في منتخب الكنز.
قصة ابن عمر مع أبيه رضي الله عنها في بنت ابن عمر:
وأخرج ابن سعد، وابن أبي شيبة، وابن عساكر عن الحسن أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى جارية تطيش هزالاً، فقال: من هذه الجارية؟ فقال عبد الله رضي الله عنه: هذه إحدى بناتك، قال: وأيّ بناتي هذه قال: إبنتي، قال: ما بلغ بها ما أرى؟ قال: عملك، لا تنفق عليها، قال: إني ـ والله ـ ما أغرك من ولدك، فأَوسع على ولدك أيها الرجل. كذا في المنتخب.
قصة عاصم بن عمر في هذا الأمر:
وأخرج ابن سعد، وأبو عبيد في الأموال عن عاصم بن عمر رضي الله عنهما قال: لما زوجني عمر أنفق عليَّ من مال الله شهراً، ثم أرسل إليّ عمر يرفأ فأتيته فقال: والله ما كنت أرى هذا المال يحلُّ لي من قبل أن ألِيَه إِلا بحقِّه، وما كان قط أحرم عليّ منه إِذ وليته فعاد أمانتي، وقد أنفقت عليك شهراً من مال الله ولست بزائدك ولكني معينك بثمر مالي بالغابة، فأجْدُدْه فبِعْه، ثم إئتِ رجلاً من قومك من تجّارهم فقم إلى جنبه، فإِذا اشترى فاستشركه فاستنفق وأنفق على أهلك. كذا في المنتخب.
قصة إمرأة عمر بن الخطاب رضي الله عنه معه في هذا الأمر:
وأخرج الدِّينوَري في المجالسة عن مالك بن أوس بن الحَدَثان قال: قدم بريد ملك الروم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فاستقرضت إمرأة عمر بن الخطاب ديناراً، فاشترت به عطراً، وجعلته في قوارير، وبعثت به مع البريد إلى إمرأة ملك الروم. فلما أتاها فرَّغتهن وملأتهن جواهر، وقالت: إذهب إلى إمرأة عمر بن الخطاب. فلما أتاها فرغتهن على البساط، فدخل عمر بن الخطاب فقال: ما هذا؟ فأخبرته بالخبر، فأخذ عمر الجواهر فباعه، ودفع إلى إمرأته ديناراً، وجعل ما بقي من ذلك في بيت المال للمسلمين. كذا في منتخب الكنز.
قصة إبل بن عمر مع والده عمر في ذلك:
وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إشتريت إِبلاً وارتجعتها إلى الحِمَى، فلمّا سمنت قدمت بها، فدخل عمر السوق فرأى إبلاً سماناً، فقال: لمن هذه الإِبل؟ فقيل: لعبد الله بن عمر، فجعل يقول: يا عبد الله بن عمر، بَخٍ بخٍ، ابن أمير المؤمنين، فجئت أسعى فقلت: ما لك يا أمير المؤمنين؟ قال: ما هذه الإِبل؟ قلت: بل اشتريتها وبعثت بها إلى الحِمَى أبتغي ما يبتغي المسلمون، فقال: أرعوا إبل ابن أمير المؤمنين أسقوا إبل ابن أمير المؤمنين يا عبد الله بن عمر أُغْدُ على رأس مالك واجعل الفَضْل في بيت مال المسلمين. كذا في المنتخب.
زجر عمر بن الخطاب رضي الله عنه لصهره حين طلب من بيت المال شيئا:
وأخرج ابن سعد وابن جرير، وابن عساكر عن محمد بن سيرين أنَّ صِهْراً لعمر بن الخطاب رضي الله عنه قدم على عمر، فعرَّض له أن يعطيه من بيت المال، فانتهره عمر وقال: أردتَ أن ألقى الله مَلِكاً خائناً؟ فلما كان بعد ذلك أعطاه من صُلْب ماله عشرة آلاف درهم. كذا في كنز العمال.
قصة إِعطاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا أصابته ضربة في سبيل الله:
وأخرج أبو نُعيم في الحلية عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: بينما الناس يأخذون أَعطِيتهم بين يدي عمر إذ رفع رأسه فنظر إلى رجل في وجهه ضربة، قال: فسأله فأخبره أنه أصابته في غزاة كان فيها، فقال: عُدُّوا له ألفاً، فأعطى الرجل ألف درهم، ثم حول المال ساعة، ثم قال: عدُّوا له ألفاً، فأعطى الرجل ألفاً أخرى؛ قال له أربع مرات كل ذلك يعطيه ألف درهم. فاستحيَى الرجل من كثرة ما يعطيه فخرج، قال: فسأل عنه فقيل له: إنا رأينا أنه استحيَى من كثرة ما أُعطي فخرج؛ فقال عمر: أما ـ والله ـ لو أنه مكث ما زلت أعطيه ما بقي من المال درهم، رجل ضُرب ضربة في سبيل الله خضَّرت وجهه.
قَسْم عمر بن الخطاب رضي الله عنه جميع ما في بيت المال:
أخرج البيهقي عن يحيى بن سعيد عن أبيه قال: قال عمر بن الخطاب لعبد الله بن الأرقم رضي الله عنهما: إقسم بيت مال المسلمين في كل شهر مرة، إقسم مال المسلمين في كل جمعة مِرة، ثم قال: إقسم بيت المال في كل يوم مرة، قال: فقال رجل من القوم: يا أمير المؤمنين، لو أبقيت في بيت مال المسلمين بقية تعدّها لنائبة أو صوت ـ يعني خارجة ـ قال: فقال عمر للرجل الذي كلَّمه: جرى الشيطان على لسانك، لقَّنني لله حجتها ووقاني شرها، أعدّ لها ما أعدّ لها رسول الله صلى الله عليه وسلم طاعة الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وعند أبي نعيم في الحلية عن ابن عمر رضي الله عنها قال: قدم على عمر مال من العراق فأقبل يقسمه، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين لو أبقيت من هذا المال لعدو إن حصر أو نائبة إن نزلت. فقال عمر: ما لك قاتلك الله؟ نطق بها على لسانك شيطان، لقَّاني الله حجَّتها، والله لا أعصينَّ الله اليوم لغدٍ، لا، ولكن أعدُّ لهم ما أعدَّ لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعند ابن عساكر عن سَلَمة بن سعيد قال: أُتي عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمال، فقام إِليه عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين لو حبست من هذا المال في بيت المال لنائبة تكون أو أمر يحدث، فقال: كلمة ما عرض بها إلا شيطان، لقَّاني الله حجَّتها ووقاني فتنتها، أعصي الله العام مخافة قابل؟ أعدّ لهم تقوى الله، قال الله تعالى:{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُواْ ذَوَى عَدْلٍ مّنكُمْ وَأَقِيمُواْ الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاْخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلّ شَىْء قَدْراً} (الطلاق: 2، 3)؛ ولتكون فتنة على من يكون بعدي. كذا في منتخب الكنز.
كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري في ذلك:
وأخرج ابن سعد وابن عساكر كما في الكنز عن الحسن قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى رضي الله عنهما:
"أما بعد: فأعلم يوماً من السنة لا يبقى في بيت المال درهم، حتى يكتسح إكتساحاً، حتى يعلم الله أني قد أدَّيت إِلى كل ذي حقَ حقَّه".
كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إِلى حذيفة في ذلك:
وأخرج ابن سعد عن الحسن قال: كتب عمر إلى حذيفة رضي الله عنهما أن أعطِ الناس أعطيتهم وأرزاقهم فكتب إليه: إنَّا قد فعلنا وبقي شيء كثير. فكتب إليه عم: إنَّه فيئهم الذي أفاء الله عليهم، ليس هو لعمر ولا لآل عمر؛ إقسمه بينهم.
رأي عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حق المسلمين في المال:
أخرج البيهقي عن أسلم قال: سمعت عمر رضي الله عنه يقول: إجتمعوا لهذا المال فانظروا لمن ترونه. ثم قال لهم: إني أمرتكم أن تجتمعوا لهذا المال فتنظرا لمن ترونه، وإِني قد قرأت آيات من كتاب الله سمعت الله يقول:{مَّآ أَفَآء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَى لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الاْغْنِيَآء مِنكُمْ وَمَآ ءاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ لِلْفُقَرَآء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْواناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (الحشر: 7، 8) والله ما هو لهؤلاء وحدهم {وَالَّذِينَ تَبَوَّءوا الدَّارَ وَالإيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِى صُدُورِهِمْ حَاجَةً مّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ} (الحشر: 9) ـ الآية ـ. والله ما هو لهؤلاء وحدهم {وَالَّذِينَ جَآءوا مِن بَعْدِهِمْ} (الحشر: 10) ـ الآية ـ، والله ما من أحد من المسلمين إلا وله حق في هذا المال أُعطي منه أو مُنع حتى راعٍ بعَدَن.