الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الحسن في قوله عز وجل: (فَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ اقْرَؤُاْ كِتَابيَهْ * إِنّي ظَنَنتُ أَنّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ)[الحاقة - 19: 20]. قال: إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل، وإن المنافق أساء الظن فأساء العمل.
[*] روى الطبراني عن الحسن البصري أنه قال: إن قوماً ألهتهم أماني المغفرة، رجاء الرحمة حتى خرجوا من الدنيا وليست لهم أعمال صالحة. يقول أحدهم: إني لحسن الظن بالله وأرجو رحمة الله، وكذب، ولو أحسن الظن بالله لأحسن العمل لله، ولو رجا رحمة الله لطلبها بالأعمال الصالحة، يوشك من دخل المفازة (الصحراء) من غير زاد ولا ماء أن يهلك.
[*] وجاءه رجل إلى الحسن البصري فقال له: إني أعصي الله وأذنب، وأرى الله يعطيني ويفتح علي من الدنيا، ولا أجد أني محروم من شيء فقال له الحسن: هل تقوم الليل فقال: لا، فقال: كفاك أن حرمك الله مناجاته.
وكان يقول: من علامات المسلم قوة دين، وجزم في العمل وإيمان في يقين، وحكم في علم،
وحسن في رفق، وإعطاء في حق، وقصد في غنى، وتحمل في فاقة (جوع) وإحسان في قدرة، وطاعة معها نصيحة، وتورع في رغبة، وتعفف وصبر في شدة.
لا ترديه رغبته ولا يبدره لسانه، ولا يسبقه بصره، ولا يقلبه فرجه، ولا يميل به هواه،
ولا يفضحه لسانه، ولا يستخفه حرصه، ولا تقصر به نغيته.
[*] وقال له رجل: إن قوماً يجالسونك ليجدوا بذلك إلى الوقيعة فيك سبيلاً (أي يتصيدون الأخطاء).
فقال: هون عليك يا هذا، فإني أطمعت نفسي في الجنان فطمعت، وأطعمتها في النجاة من النار، فطمعت، وأطمعتها في السلامة من الناس فلم أجد إلى ذلك سبيلاً، فإن الناس لم يرضوا عن خالقهم ورازقهم فكيف يرضون عن مخلوق مثلهم؟
وسُئل الحسن عن النفاق فقال: هو اختلاف السر والعلانية، والمدخل والمخرج،
ما خافه إلا مؤمن (أي النفاق) ولا أمنة إلا منافق، صدق من قال: إن كلامه يشبه كلام الأنبياء.
(5) زهد الحسن البصري رحمه الله تعالى:
عاش الحسن رضي الله عنه دنياه غير آبه بها، غير مكترث لها، لا يشغله زخرفها ولا يغويه مالها، فكان نعم العبد الصالح، حليف الخوف والحزن، أليف الهم والشجن، عديم النوم والوسن، فقيهًا زاهدًا، مشمرًا عابدًا، وفي هذا يقول: إن المؤمن يصبح حزينًا ويمسي حزينًا وينقلب باليقين في الحزن، ويكفيه ما يكفي العنيزة، الكف من التمر والشربة من الماء، وقال عنه إبراهيم بن عيسى اليشكري: ما رأيت أحدًا أطول حزنًا من الحسن، وما رأيته قط إلا حسبته حديث عهد بمصيبة، وقال عنه علقمة بن مرثد: انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين، فمنهم الحسن، ولقد شهد له أهل البصرة بذلك، حدث خالد بن صفوان، وكان من فصحاء العرب، فقال لقيت مسلمة بن عبد الملك فقال لي: أخبرني عن حسن البصرة، فقال خالد: أنا خيرٌ من يخبرك عنه بعلم، فأنا جاره في بيته وجليسه في مجلسه وأعلم أهل البصرة به، إنه امرؤٌ سريرته كعلانيته، وقوله كفعله، إذا أمر بمعروف كان أعمل الناس به، وإذا نهى عن منكر كان أترك الناس له، ولقد رأيته مستغنيًا عن الناس زاهدًا بما في أيديهم، ورأيت الناس محتاجين إليه طالبين ما عنده، فقال مسلمة: حسبك يا خالد حسبك كيف يضل قوم فيهم مثل هذا؟!!
وهاك بعض المواقف الدالة على عظيم زهد الحسن البصري رحمه الله تعالى، وتدل على أن الدنيا لا تخطر له ببال ولا تور له في خيال:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن حميد الطويل، قال: خطب رجل إلى الحسن وكنت أنا السفير بينهما، قال: فكأن قد رضيه، فذهبت يوماً أثني عليه بين يديه، فقلت: يا أبا سعيد وأزيدك أن له خمسين ألف درهم، قال: له خمسون ألفاً ما اجتمعت من حلال، قلت: يا أبا سعيد إنه كما علمت ورع مسلم، قال: إن كان جمعها من حلال فقد ضم بها عن حق، لا والله لا جرى بيننا وبينه صهر أبداً.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الحسن: أنه كان يتمثل بهذين البيتين أحدهما في أول النهار والآخر في آخر النهار:
يسر الفتى ما كان قدم من تقى
…
إذا عرف الداء الذي هو قاتله
وما الدنيا بباقية لحي
…
ولا حي على الدنيا بباق