الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدِّر له]: فلا تتعب نفسك وتحملها فوق طاقتها فتقصر في عبادة الله سبحانه، وتقول: المال المال، ولكن ابحث عن المال من حلال، واحذر الحرام، واحذر أن تضيع الدين وتضيع الطاعة فيضيع منك الجميع الدنيا والآخرة.
(حديث ابن مسعود رضي الله عنه الثابت في صحيح ابن ماجه) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من جعل الهموم هماً واحدا هم المعاد كفاه الله هم دنياه، ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديته هلك.
من جعل الهموم هماً واحدا هم المعاد: ولو أن كلاً منا في قلبه الآخرة، فسيدرك أن الله سبحانه على كل عمل يقوم به، فإنه إذا قام للصلاة تذكر: الله سيحاسبني على هذه الصلاة فيحسنها، وإذا صام أحسن الصيام، وإذا عمل أي عمل من الأعمال أتقن ذلك العمل، ولا من أجل أن يأخذ الجزاء من الناس، ليس من أجل أن يترقى، ولكن ابتغاء مرضات الله سبحانه وتعالى؛ لأن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه، فإذا كانت الآخرة على بال الإنسان دائماً فإن الله سوف يكفيه أمر دنياه، قال:(كفاه الله هم دنياه).
ومن تشعبت به الهموم: يعني: نسي الآخرة وبدأ يفكر يريد أن يأكل ويشرب ويلبس ويريد كذا وكذا، ويعمل طول النهار وهو يفكر في أمور الدنيا، ناسياً ربه سبحانه فهذا يكون حاله كما في الحديث:
(لم يبال الله في أي أوديته هلك): يعني: في أي مكان هلك لا يبالي الله عز وجل به. فالمؤمن قريب من الله، والله يحبه ويفرح بتوبته وبإقباله عليه، أما الإنسان البعيد عن الله سبحانه وتعالى فإن يهلك في أي واد لا يبالي الله به.
(6) إن من خير الناس من يشنأ الدنيا ويحب الآخرة بنص السنة الصحيحة:
(حديث عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خير الناس ذو القلب المخموم و اللسان الصادق قيل: ما القلب المخموم؟ قال: هو التقي النقي الذي لا إثم فيه و لا بغي و لا حسد قيل: فمن على أثره؟ قال: الذي يشنأ الدنيا و يحب الآخرة قيل: فمن على أثره؟ قال: مؤمن في خلق حسن. فمن على أثره؟ قال: الذي يشنأ الدنيا و يحب الآخرة: ومفهوم هذا أن شر الناس الذي يحب الدنيا.
كلمات ينبغي أن تكتب بماء الذهب، ونور لا يخرج إلا من مشكاة النبوة، إنها دعوة لإرشاد النفس إلى طريق الخير دعوة امتزجت بالإخلاص المحض.
(مخموم القلب): يقال: خممت الشيء إذا كنسته، وخممت البيت إذا كنسته، مخموم القلب أي أنه يزيل ما علق بقلبه أول بأول، مثلما تكنس البيت وتزيل ما به من النجاسات والقاذورات.
(هو التقي النقي الذي لا إثم فيه و لا بغي و لا حسد): فعلى المسلم أن يربي نفسه على خلق العفو والصفح، وسلامة الصدر من شوائب الغل والحسد، ذلك الحسد الآفة العظيمة والمرض العضال، من سَلِمَ منه فقد سلم، وهو مثل الغيرة يثير الحقد والكراهية، ويدفع إلى تمني وقوع الأذى للشخص المحسود.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن سفيان الثوري. قال قال عيسى بن مريم عليه السلام: حب الدنيا رأس كل خطيئة، والمال فيه داء كثير، قيل: يا روح الله: ما داؤه؟ قال: لا يؤدي حقه، قالوا: فإن أدى حقه. قال: لا يسلم من الفخر والخيلاء، قالوا: فإن سلم من الفخر والخيلاء؟ قال: يشغله استصلاحه عن ذكر الله.