الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولما نزل قول الله تعالى: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)} (القمر، آية:45). قال عمر: أي جمع يهزم؟ أي جمع يغلب؟ قال عمر: فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يثبت في الدرع وهو يقول: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} فعرفت تأويلها يومئذ (1).
(حديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو في قبة يوم بدر: "" اللهم أنشدك عهدك ووعدك اللهم إن تشأ لا تعبد بعد اليوم "" فأخذ أبو بكر بيده فقال حسبك يا رسول الله! ألححت على ربك فخرج وهو يثب في الدرع وهو يقول: ""[سيهزم الجمع ويولون الدبر].
(10) تفسير عمر بن الخطاب رضي الله عنه لبعض الآيات وبعض تعليقاته:
كان عمر يتحرّج في تفسير القرآن برأيه ولذلك لما سئل عن قوله تعالى
{وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا} قال: هي الرياح، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته، قيل:{فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا} . قال: السحاب، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته، قيل:{فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا} ؟ قال: السفن، ولولا أني سمعت رسول الله يقوله ما قلته، قيل:{فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا} ؟ قال: هي الملائكة، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته (2)، وكان رضي الله عنه له منهج في تفسيره للآيات، فإنه رضي الله عنه إذا وجد لرسول الله تفسيراً أخذ به، وكان هو الأفضل مثل ما مرّ معنا من تفسيره وإذا لم يجد طلبه في مظانه عند بعض الصحابة مثل: ابن عباس، وأبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود ومعاذ وغيرهم رضي الله عنهم _ وهذا مثال على ذلك
(1) تفسير ابن كثير (4/ 266).
(2)
أخبار عمر بن الخطاب الطنطاويان ص308 نقلاً عن الرياض النظرة.
فقد قال عمر رضي الله عنه يوماً لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: فيم ترون هذه الآية نزلت {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الأيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266)} (البقرة، آية:266)، قالوا: الله أعلم. فغضب عمر فقال: قولوا نعلم أولا نعلم. فقال ابن عباس: في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين. قال عمر: يا ابن أخي قل ولا تحقر نفسك. قال ابن عباس: ضربت مثلاً لعمل، قال عمر: أي عمل؟ قال ابن عباس: لعمل. قال عمر: لرجل غني يعمل بطاعة الله عز وجل، ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله (1)، وفي رواية قال ابن عباس: عني بها العمل، ابن آدم أفقر ما يكون إلى جنته إذا كبر سنه وكثر عياله، وابن آدم أفقر ما يكون إلى عمله يوم يبعث، فقال عمر: صدقت يا ابن أخي (2).
وكانت له بعض التعليقات على بعض الآيات مثل قوله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ (157)} (البقرة، آية:156،157). فقال: نعم العدلان ونعم العلاوة (3)، ويقصد بالعدلين الصلاة والرحمة والعلاوة الاهتداء (4).
وسمع القارئ يتلو قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الأنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6)} (الانفطار، آية:6). فقال عمر: الجهل (5). وفسر قول الله تعالى: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7)} (التكوير، آية:7). بقوله: الفاجر مع الفاجر والطالح مع الطالح (6)، وفسر قول الله تعالى:{تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} (التحريم، آية:8). بقوله: أن يتوب ثم لا يعود، فهذه التوبة الواجبة التامة (7)
(1) فتح الباري (8/ 49).
(2)
الخلافة الراشدة والدولة الأموية، د. يحيى اليحيى ص305.
(3)
المستدرك (2/ 270).
(4)
الخلافة الراشدة والدولة الأموية ص305.
(5)
تفسير ابن كثير (4/ 513).
(6)
الفتاوى (7/ 44).
(7)
الفتاوى (11/ 382).