الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أبو بكر رضي الله عنه: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر (1) يوم اليمامة بقراء القرآن الكريم، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن (2)، كلها فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن قلت لعمر: كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!! فقال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر عمر، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر، قال زيد: قال
أبو بكر: وإنك رجل شاب عاقل، لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه (3). قال زيد: فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان بأثقل عليَّ مما كلفني به من جمع القرآن (4).
(17) تفقد عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأحوال أمراءه:
أخرج البيهقي عن الأسود (بن يزيد) قال: كان عمر رضي الله عنه إذا قدم عليه الوفد سألهم عن أميرهم: أيعود المريض؟ أيجيب العبد؟ كيف صنيعه؟ من يقوم على بابه؟، (فإن قالوا لخصلةٍ منها لا؛ عزله). كذا في الكنز. وأخرجه الطبري عن الأسود بمعناه.
وعند هَنَّاد عن إبراهيم قال: كان عمر رضي الله عنه إذا استعمل عاملاً فقدم إِليه الوفد من تلك البلاد قال: كيف أميركم؟ أيعود المملوك؟ أيتبع الجنازة؟ كيف بابه؟ ألَينٌ هو؟ فإن قالوا: بابه لين، ويعود المملوك، تركه، وإلا بعث إليه بنزعه. كذا في كنز العمال.
شرائط عمر على العمال:
وأخرج البيهقي عن عاصم بن أبي النُّجُود أنِّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا بعث عماله شرط عليهم أن لا تركبوا بِرْذوناً، ولا تأكلوا نقيّاً، ولا تلبسوا رقيقاً، ولا تغلقوا أبوابكم دون حوائج الناس، فإن فعلتم شيئاً من ذلك فقد حلّت بكم العقوبة؛ ثم يُشيِّعهم. فإذا أراد أن يرجع قال: إني لم أسلطكم على دماء المسلمين، ولا على أبشارهم، ولا على أعراضهم، ولا على أموالهم، ولكني بعثتكم لتقيموا بهم الصلاة، وتقسموا فيهم فَيْئهم، وتحكموا بينهم بالعدل، فإذا أشكل عليكم شيء فارفعوه إليّ. ألا فلا تضربوا العرب فتذلّوها، ولا تحمِّروها فتفتنوا، ولا تَعْتَلوا عليها فتُحرَموها، جرِّدوا القرآن. كذا في الكنز.
(1) استحر: كثر واشتد.
(2)
أي في الأماكن التي يقع فيها القتال مع الكفار.
(3)
أي من الأشياء التي عندي وعند غيرك.
(4)
البخاري رقم 4986.
وأخرجه الطبري عن أبي حُصَين بمعناه مختصراً، وزاد: جرِّدوا القرآن، وأقلِّوا الرواية عن محمد صلى الله عليه وسلم وأنا شريككم، وكان يُقِصُّ من عماله، وإذا شُكِي إِليه عامل له جمع بينه وبين من شكاه، فإن صحَّ عليه أمرٌ يجب أخذُه به أخذه به.
قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في فرائض الأمير:
وأخرج ابن سعد، وابن عساكر عن عبد الرحمن بن سابط قال: أرسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى سعيد بن عامر الجمحي فقال: إِنا مستعملوك على هؤلاء تسير بهم إلى أرض العدو فتجاهد بهم، فقال: يا عمر لا تفتيِّ. فقال عمر: والله لا أدعكم، جعلتموها في عنقي ثم تخلَّيتم عني، إِنا أبعثك على قوم لست أفضلهم، ولست أبعثك لتضرب أبشارهم، ولتنتهك أعراضهم؛ ولكن تجاهد بهم عدوهم، وتقسم بينهم فيْئَهم. كذا في الكنز.
كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إِلى عمرو بن العاص في كسر المنبر:
وأخرج ابن عبد الحكم عن أبي تميم الجيشاني رضي الله عنه قال: كتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص رضي الله عنه:
"أما بعد: فإنه بلغني أنك اتخذت منبراً ترقى به على رقاب الناس، أو ما بحسبك أن تقوم قائماً والمسلمون تحت عقبيك. فعزمت عليك لما كسرته".
كذا في الكنز.
كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إِلى عتبة بن فرقد في أن لا يترفع عن الرعية:
وأخرج مسلم عن أبي عثمان رضي الله عنه قال؛ كتب إِلينا عمر رضي الله عنه ونحن بأذربيجان:
"يا عتبة بن فرقد، إنَّه ليس من كدِّك ولا من كدِّ أبيك ولا من كدِّ أمك، فأشبع المسلمين في رحالهم مما تشبع منه في رَحْلك؛ وإياكم والتنعّم وزيّ أهل الشرك ولبوس الحرير".
مؤاخذة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمير حمص على بنائه العِلَيَّة:
وأخرج ابن عساكر عن عروة بن رُوَيم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه تصفَّح الناس، فمر به أهل حمص، فقال: كيف أميركم؟ قالوا: خير أمير إلا أنّه بني عِلِيَّة يكون فيها. فكتب كتاباً وأرسل بريداً، وأمره أن يحرقها. فلما جاءها جمع حطباً وحرق بابها. فأخبر بذلك فقال: دعوه فإنه رسول؛ ثم ناوله الكتاب، فلم يضعه من يده حتى ركب إِليه. فلما رآه عمر رضي الله عنه قال: إلحقني إلى الحرَّة ـ وفيها إبل الصدقة ـ. قال: إنزع ثيابك، فألقى إِليه نمرة من أوبار الإِبل، ثم قال: إفتح واسق هذه الإِبل، فلم يزل ينزل حتى تعب، ثم قال: متى عهدك بهذا؟ قال: قريب يا أمير المؤمنين، قال: فلذلك بنيت العِلِّيَّة وارتفعت بها على المسكين، والأرملة، واليتيم. إرجع إلى عملك لا تَعُدْ. كذا في كنز العمال.
مؤاخذة عمر سعداً إذا اتخذ قصرا:
وأخرج ابن المبارك، وابن راهَوَيْه، ومسدَّد عن عَتّاب بن رِفاعة قال: بلغ عمر بن الخطاب أنَّ سعداً رضي الله عنه إتخذ قصراً وجعل عليه باباً، وقال: إنقطع الصوت. فأرسل عمر محمد بن مسلمة رضي الله عن ـ وكان عمر إذا أحب أن يُؤتى بالأمر كما يريد بعثه ـ فقال: إئتِ سَعْداً وأحرق عليه بابه. فقدم الكوفة، فلما أتى الباب أخرج زَنْده فاستوَى ناراً ثم أحرق الباب، فأُتي سعدٌ فأُخبر، ثم وُصِف له صفته، فعرفه. فخرج إليه سعد، فقال محمد: إنه بلغ أمير المؤمنين عنك أنك قلت: إنقطع الصوت. فحلف سعد بالله ما قال ذلك، فقال محمد: نفعل الذي أمرنا ونؤدِّي عنك ما تقول.
وأقبل يعرض عليه أن يزوّده فأبى، ثم ركب راحلته حتى قدم المدينة. فلما أبصره عمر رضي الله عنه قال: لولا حسن الظن بك ما رأينا أنك أدَّيت، وذكر أنه أسرع السير، وقال: قد فعلتُ، وهو يعتذر ويحلف بالله ما قال فقال عمر: هل أمر لك بشيء؟ قال: ما كرهت من ذلك إنَّ أرض العراق أرض رقيقة، وإنَّ أهل المدينة يموتون حولي من الجوع، فخشيت أن آمر لك فيكون لك البارد ولي الحار) أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يشبع المؤمن دون جاره". كذا في الكنز
ما وقع بين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجماعة من الصحابة في الشام:
وأخرج ابن عساكر، واليشكري عن جُوَيرية رضي الله عنها قال بعضه عن نافع، وبعضه عن رجل من ولد أبي الدرداء ـ قال: إستأذن أبو الدرداء عمرَ في أن يأتي الشام. فقال: لا آذن لك إلا أن تعمل. قال: فإني لا أعمل. قال: فإني لا آذن لك. قال: فأنطلقُ، فأُعلّمُ الناس سنّة نبيهم صلى الله عليه وسلم وأصلِّي بهم، فأذن له. فخرج عمر رضي الله عنه إلى الشام، فلما كان قريباً منهم أقام حتى أمسى. فلما جنّه الليل قال: يا يرفأ إنطلق إلى يزيد ابن (أبي) سفيان، أبصره عنده سُمَّار، ومصباح، مفترشاً ديباجاً، وحريراً من فيء المسلمين، فتسلِّم عليه فيرد عليك السلام، وتستأذن فلا يأذن لك حتى يعلم من أنت. فانطلقنا حتى انتهينا إلى بابه فقال: السلام عليكم. فقال: وعليكم السلام. قال: أدخل؟ قال: ومن أنت؟ قال يرفأ: هذا من يسوءك، هذا أمير المؤمنين. ففتح الباب. فإذا سمّار، ومصباح، وإذا هو مفترش ديباجاً وحريراً. فقال: يا يرفأ، الباب، الباب. ثم وضع الدِّرَّة بين أذنيه ضرباً، وكوَّر المتاع فوضعه وسط البيت، ثم قال للقوم: لا يبرح منكم أحد حتى أرجع إليكم.
ثم خرجا من عنده ثم قال: يا يرفأ إنطلق بنا إلى عمرو بن العاص أبصر عنده سمّار، ومصباح، مفترش ديباجاً من فيء المسلمين، فتسلِّم عليه فيرد عليك، وتستأذن عليه فلا يأذن لك حتى يعلم من أنت. فانتهينا إلى بابه، فقال عمر: السلام عليكم. قال: وعليكم السلام. قال: أدخل؟ قال: ومن أنت؟ قال يرفأ: هذا من يسوءك، هذا أمير المؤمنين. ففتح الباب. فإذا سُمّار ومصباح، وإذا هو مفترش ديباجاً وحريراً. قال: يا يرفأ، الباب، الباب. ثم وضع الدِّرَّة بين أذنيه ضرباً، ثم كوَّر المتاع فوضعه في وسط البيت. ثم قال للقوم: لا تبرحُنَّ حتى أعود إِليكم.
فخرجا من عنده فقال: يا يرفأ إنطلق بنا إلى أبي موسى أبصره عنده سُمّار، ومصباح، مفترشاً صوفاً من مال فيء المسلمين، فتستأذن عليه، فلا يأذن لك حتى يعلم من أنت. فانطلقنا إليه وعنده سُمَّار ومصباح مفترشاً صوفاً، فوضع الدِّرَّة بين أذنيه ضرباً وقال: أنت أيضاً يا أبا موسى؟ فقال: يا أمير المؤمنين هذا وقد رأيت ما صنع أصحابي، أما والله لقد أصبت مثل ما أصابوا. قال: فما هذا؟ قال: زعم أهل البلد أنه لا يصلح إلا هذا. فكوَّر المتاع فوضعه في وسط البيت وقال للقوم: لا يخرجنَّ منكم أحد حتى أعود إليكم.
فلما خرجنا من عنده قال: يا يرفأ إنطلق بنا إلى أخي لنبصرنه، ليس عنده سمّار، ولا مصباح، وليس لبابه غَلَق، فتسلِّم عليه فيرد عليك السلام، وتستأذن فيأذن لك من قبل أن يعلم من أنت. فانطلقنا حتى إذا قمنا على بابه قال: السلام عليكم. قال: وعليك السلام. قال: أأدخل؟ قال: أدخل. فدفع الباب فإذا ليس له غَلَق. فدخلنا إلى بيت مظلم، فجعل عمر رضي الله عنه يلمسه حتى وقع عليه، فجسّ وساده فإذا برذعة، وجسّ فراشه فإذا بطحاء، وجسّ دثاره فإذا كساء رقيق. فقال أبو الدرداء رضي الله عنه: من هذا أمير المؤمنين؟ قال: نعم. قال: أما ـ والله ـ لقد إستبطأتك منذ العام. قال عمر رضي الله عنه: رحمك الله، ألم أوسع عليك؟ ألم أفعل بك؟ فقال له أبو الدرداء رضي الله عنه: أتذكر حديثاً حدَّثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عمر؟ قال: أيّ حديث؟ قال: "لِيَكُنْ بَلاغُ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب". قال: نعم. قال: فماذا فعلنا بعده يا عمر؟ قال: فما زالا يتجاوبان بالبكاء حتى أصبحا. كذا في كنز العمال.
رعاية الأمير المسلمين فيما نزل بهم قصة عمر وأبي عبيدة في ذلك في طاعون عَمَواس
أخرج ابن عساكر عن طارق بن شهاب عن أبي موسى أن أمير المؤمنين كتب إلى أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه حيث سمع بالطاعون الذي أخذ الناس بالشام: إنِّي بدت لي حاجة إليك فلا غنى لي عنك فيها، فإن أتاك كتابي ليلاً فإني أعزم عليك أن تصبح حتى تركب إليّ، وإِن أتاك نهاراً فإِني أعزم عليك أن تمسي حتى تركب إليّ. فقال أبو عبيدة رضي الله عنه: قد علمت حاجة أمير المؤمنين التي عرضت، وإنه يريد أن يستبقي من ليس بباقٍ. فكتب إِليه: إِني في جند من المسلمين لن أرغب بنفسي عنهم، وإِني قد علمت حاجتك التي عرضت لك، وإنك تستبقي من ليس بباقٍ، فإذا أتاك كتابي هذا فحلِّلني من عزمك، وائذن لي في الجلوس.
فلما قرأ عمر رضي الله عنه كتابه فاضت عيناه وبكى. فقال له من عنده: يا أمير المؤمنين، مات أبو عبيدة؟ قال: لا، وكأنْ قد. فكتب إِليه عمر رضي الله عنه أن الأردن أرض وبئة وكان قد كتب عمقه، وأن الجابية أرض نَزِهة، فاظهرْ بالمهاجرين إليها. قال أبو عبيدة حين قرأ الكتاب: أمّا هذا فنسمع فيه أمر أمير المؤمنين ونطيعه، فأمرني أن أركب وأبوّىء الناس منازلهم. فطُعنت إمرأتي، فجئت أبا عبيدة فانطلق أبو عبيدة يبوىء الناس منازلهم، فطُعن فتوفي، وانكشف الطاعون. قال أبو الموجِّه: زعموا أن أبا عبيدة كان في ستة وثلاثين ألفاً من الجند، فماتوا فلم يبقَ إلا ستة آلاف رجل. وروى سفيان بن عيينة أخصر منه. كذا في الكنز.
تفقده لأحوال سعيد ابن عامر حين استعمله على حمص:
أخرج أبو نعيم في الحلية عن خالد بن معدان قال: إستعمل علينا عمر بن الخطاب بحمص سعيد بن عامر بن حذيم الجمحي رضي الله عنه. فلما قدم عمر بن الخطاب حمص قال: يا أهل حمص، كيف وجدتم عاملكم؟ فشكوه إليه ـ وكان يقال لأهل حمص الكُوَيفة الصغرى لشكايتهم العمال ـ قالوا: نشكوا أربعاً: لا يخرج إِلينا حتى يتعالَى النهار. قال: أعْظِم بها. قال: وماذا قالوا: لا يجيب أحداً بليل. قال: وعظيمة. قال: وماذا؟ قالوا: وله يوم في الشهر لا يخرج فيه إلينا. قال: عظيمة. قال: وماذا؟ قالوا: يغنظ الغنظة بين الأيام ـ يعني تأخذه مُوتَة ـ.