الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عني بجمع أحاديث الصحيحين جمع من العلماء، فحذفوا الأسانيد والمكررات، ورتبوا أحاديث الكتابين
…
من تلك الكتب ما يلي:
الجمع بين الصحيحين لعبد الحق الإشبيلي، والجمع بين الصحيحين للحميدي ـ ورتبه على المسانيد ـ، وحديثاً: مسند الصحيحين لعبد الحق الهاشمي ـ ترتبه كالذي قبله ـ، والجمع بين الصحيحين لصالح الشامي، والجمع بين الصحيحين ليحيى اليحيى. وهذه كلها مطبوعة، وإن كان الأخير تداوله محدد فلم يطبع طبعة تجارية.
و للشيخ صالح الشقيق كتاب مختصر اسمه " الموثق " جمع فيه أحاديث الأحكام من الصحيحين، معظمه من أحاديث بلوغ المرام.
وجمع أحاديث الصحيحين مع أحاديث سنن أبي داود والترمذي والنسائي والموطأ: رزين العبدري في تجريد الأصول، وابن الأثير في جامع الأصول .. وغيرها انظر الرسالة المستطرفة ص173.
وهناك كتب جمعت المتفق عليه فقط: ككتاب "عمدة الأحكام" للحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي، وهو مختصر في أحاديث الأحكام من الصحيحين، وهو من أشهر الكتب.
وكتاب "زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري ومسلم" جمع وشرح: محمد حبيب الله الجكني الشنقيطي، ورتبه على حروف المعجم، واقتصر على الأحاديث القولية، والأحاديث المصدرة بـ (كان) من شمائله صلى الله عليه وسلم، والمصدرة بـ (نهى)، وعدة أحاديثه 1368 حديثا، وطبع في خمسة مجلدات.
وكتاب "اللؤلؤ والمرجان" للأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي جمع فيه الأحاديث المتفق عليها، ورتبها على الأبواب حسب ترتيب صحيح مسلم، وعدة أحاديثه حسب ما ذكر في المقدمة (2006) أحاديث، ولكن آخر حديث في الكتاب رقمه (1906) أحاديث!، وطبع في ثلاثة أجزاء.
ميزات كتاب الجامع الصحيح لمسلم:
أنه مرتب على طريقة الكتب، والأبواب الفقهية، وأنه خاص بالأحاديث الصحيحة، ووجود المقدمة المفيدة في علوم الحديث، وحسن الترتيب، وجمع الطرق، وسردها في مكان واحد، وجودة السياق، والمحافظة على أداء الألفاظ كما هي من غير تقطيع، ولا رواية بمعنى، ومحافظته على صيغ الأداء، وغيرها مما سأنقله عن بعض العلماء في الثناء عليه.
ثناء العلماء على الكتاب:
[*] قال ابن الصلاح في صيانة مسلم ص1217ـ بتصرف ـ: هذا الكتاب ثاني كتاب صنف في صحيح الحديث، ووسم به، ووضع له خاصة سبق البخاري إلى ذلك، وصلى مسلم، ثم لم يلحقهما لاحق، وكتاباهما أصح ما صنفه المصنفون
…
روينا عن مسلم رضي الله عنه قال صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة، وبلغنا عن مكي بن عبدان، وهو أحد حفاظ نيسابور قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: لو أن أهل الحديث يكتبون مائتي سنة الحديث فمدارهم على هذا المسند ـ يعني مسنده الصحيح ـ
…
وقال ابن الصلاح أيضا ص1222: جميع ما حكم مسلم بصحته من هذا الكتاب؛ فهو مقطوع بصحته، والعلم النظري حاصل بصحته في نفس الأمر،
…
وذلك لأن الأمة تلقت ذلك بالقبول سوى من لا يعتد بخلافه، ووفاقه في الإجماع.
[*] وقال أبو علي الحسين بن علي النيسابوري: ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم بن الحجاج في علم الحديث.
ووافقه على ذلك بعض شيوخ المغرب، ومنهم: ابن حزم.
انظر: تاريخ بغداد 13/ 101، وتاريخ دمشق 58/ 92، وشرح النووي لمسلم 1/ 128، والنكت ص62، وبرنامج التجيبي ص93.
[*] وقال النووي شرحه على مسلم 1/ 122: ومن حقق نظره في صحيح مسلم رحمه الله واطلع على ما أورده في أسانيده، وترتيبه وحسن سياقته، وبديع طريقته من نفائس التحقيق، وجواهر التدقيق، وأنواع الورع، والاحتياط والتحري في الرواية، وتلخيص الطرق، واختصارها وضبط متفرقها، وانتشارها، وكثرة إطلاعه، واتساع روايته، وغير ذلك مما فيه من المحاسن والأعجوبات، واللطائف الظاهرات، والخفيات علم أنه إمام لا يلحقه من بعد عصره، وقل من يساويه بل يدانيه من أهل وقته ودهره، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
وقال أيضا 1/ 128 - 129: اتفق العلماء رحمهم الله على أن أصح الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان البخاري، ومسلم وتلقتهما الأمة بالقبول .. ـ إلى أن قال ـ وقد انفرد مسلم بفائدة حسنه، وهي كونه أسهل متناولا، من حيث أنه جعل لكل حديث موضعا واحدا يليق به جمع فيه طرقه التي ارتضاها، وأورد فيه أسانيده المتعددة، وألفاظه المختلفة، فيسهل على الطالب النظر في وجهه، واستثمارها ويحصل له الثقة بجميع ما أورده مسلم من طرقه.
[*] وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوي20/ 321: .. فإن الذي اتفق عليه أهل العلم أنه ليس بعد القرآن كتاب أصح من كتاب البخاري، ومسلم، وإنما كان هذان الكتابان كذلك؛ لأنه جرد فيهما الحديث الصحيح.
وقال في الفتاوي 18/ 74: وأما كتب الحديث المعروفة مثل البخاري ومسلم، فليس تحت أديم السماء كتاب أصح من البخاري ومسلم بعد القرآن.
[*] وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء 12/ 568: وهو كتاب نفيس كامل في معناه.
[*] وقال ابن القيم في الصواعق المرسلة 2/ 655: وأهل الحديث متفقون على أحاديث الصحيحين وإن تنازعوا في أحاديث يسيرة منها جدا، وهم متفقون على لفظها، ومعناها كما اتفق المسلمون على لفظ القرآن ومعناه.
[*] وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب 10/ 114: حصل لمسلم في كتابه حظ عظيم مفرط لم يحصل لأحد مثله، بحيث أن بعض الناس كان يفضله على صحيح محمد بن إسماعيل، وذلك لما اختص به من جمع الطرق، وجودة السياق، والمحافظة على أداء الألفاظ كما هي من غير تقطيع، ولا رواية بمعنى، وقد نسج على منواله خلق عن النيسابوريين فلم يبلغوا شأوه وحفظت منهم أكثر من عشرين إماما ممن صنف المستخرج على مسلم فسبحان المعطي الوهاب.
[*] وقال ولي الله الدهلوي في كتابه الإنصاف في بيان سبب الاختلاف ص292ـ المطبوع ضمن مجموعة الرسائل الكمالية رقم (4) ـ: توخى تجريد الصحاح المجمع عليها بين المحدثين المتصلة المرفوعة مما يستنبط منه السنة، وأراد تقريبها إلى الأذهان، وتسهيل الاستنباط منها، فرتب ترتيبا جيدا، وجمع طرق كل حديث في موضع واحد ليتضح اختلاف المتون، وتشعب الأسانيد أصرح ما يكون، وجمع بين المختلفات، فلم يدع لمن له معرفة بلسان العرب عذرا في الإعراض عن السنة إلى غيرها.
مسألة: هل خرج مسلم كل الأحاديث الصحيحة؟
لما عاتبَ أبو زرعة وابنُ واره مسلماً على تسمية كتابه بالصحيح، وأنه قد يحتجُ أهلُ البدع على أن ما ليس في كتابه ليس بصحيح كان جوابه:
إنما أخرجت هذا الكتاب، وقلتُ: هو صحاح، ولم أقل إن ما لم أخرجه من الحديث في هذا الكتاب ضعيف، ولكني إنما أخرجت هذا من الحديث الصحيح ليكون مجموعا عندي، وعند من يكتبه عني، فلا يرتاب في صحتها، ولم أقل إن ما سواه ضعيف.
سؤالات البرذعي لأبي زرعة الرازي 2/ 674، وصيانة مسلم ص1225، وشرح مسلم للنووي 1/ 144.
وقال مسلم في صحيحه 2/ 15: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ها هنا، إنما وضعت ها هنا ما أجمعوا عليه.
قلتُ: وحصل بتأليف الإمام مسلم لصحيحه نفع عظيم لهذه الأمة، فجزاه الله خيرا.
الموازنة بين الصحيحين:
اختلف العلماء في المقدم من الكتابين فالجمهور على ترجيح البخاري؛ لعدة أمور، وخالفهم أبو علي النيسابوري، وابن حزم، وغيرهم من علماء المغرب فقدموا مسلما ـ على خلاف أيضا في توجيه كلامهم ـ
قال الحافظ العراقي:
أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ في الصحيحِ
…
مُحَمَّدٌ وَخُصَّ بِالتّرْجِيْحِ
وَمُسْلِمٌ بَعْدُ، وَبَعْضُ الغَرْبِ مَعْ
…
أَبِي عَلِيٍّ فَضَّلُوا ذَا لَوْ نَفَعْ
وقال الحافظ ابن الديبع ـ كما في الحطة ص169 ـ:
تنازع قومٌ في البخاري ومسلم
…
لدي وقالوا أي ذين يُقَدَمُ
فقلت لقد فاق البخاري صحة
…
كما فاق في حسن الصناعة مسلم
والغرض هنا الإشارة، ومن أراد التفصيل فلينظر:
هدي الساري لابن حجر 1/ 10، والنكت على ابن الصلاح له أيضا ص62: فهناك كلام نفيس جدا في التفضيل، والموازنة بين الصحيحين. وينظر: فتاوى ابن تيمية 20/ 321.
شروح صحيح مسلم:
لَقِيَ كتاب مسلم عناية من العلماء ـ وإن لم تكن كالعناية بأخيه صحيح البخاري ـ فشرح صحيح مسلم بشروح كثيرة لعل أجلها شرح الإمام النووي لصحيح مسلم.
مختصرات صحيح مسلم:
اختصر صحيح مسلم جمع من العلماء، ومن أشهر هذه المختصرات:
تلخيص صحيح مسلم للحافظ أبي العباس القرطبي، وعمل على تلخيصه شرحا حافلا بالفوائد، وقد طبع التلخيص مفردا بتحقيق رفعت فوزي، وأحمد الخولي، وطبع مع الشرح بتحقيق محيي الدين مستو، وأصحابه، وهو محقق في رسائل دكتوراه في جامعة الإمام لكنها حبيسة الأدراج!.
ومختصر صحيح مسلم للحافظ زكي الدين المنذري. وهو مطبوع بتحقيق المحدث الألباني، وطبع طبعة أخرى.
واختصر مختصر المنذري عبد اللطيف أحمد يوسف وسماه "تحفة المسلم من صحيح مسلم".
وللإمام مسلم رحمه الله تعالى مؤلفات أخرى منها ما يلي:
التمييز، الكنى والأسماء، الطبقات، المنفردات والوحدان، رجال عروة بن الزبير، وهذه كلها قد طبعت.
وله: كتاب العلل، كتاب الأفراد، كتاب الأقران، سؤالاته أحمد ابن حنبل، كتاب عمرو بن شعيب، كتاب الانتفاع بأهب السباع، كتاب مشايخ مالك، كتاب مشايخ الثوري، كتاب مشايخ شعبة، كتاب من ليس له إلا راو واحد، كتاب المخضرمين، كتاب أولاد الصحابة، كتاب أوهام المحدثين، أفراد الشاميين، الرد على محمد بن نصر. وغيرها.
سير أعلام النبلاء 12/ 579، وطبقات علماء الحديث 2/ 288، وغنية المحتاج ص40، تدريب الراوي 2/ 363.
(4)
ثناء العلماء على الإمام مسلم:
أثنى على مسلم كبار العلماء من شيوخه، وأقرانه، وتلاميذه، ومن جاء بعدهم من علماء الأمة، والثناء عليه كثير جدا منها ما يلي:
[*] قال أبو قريش محمد بن جمعة بن خلف ـ تأريخ دمشق 58/ 89 ـ: سمعت بندارا محمد بن بشار يقول: حفاظ الدنيا أربعة: أبو زرعة بالري، ومسلم بن الحجاج بنيسابور، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي بسمرقند ومحمد بن إسماعيل ببخارى.
[*] وقال الحسين بن منصور: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ـ وذكر مسلم بن الحجاج ـ، فقال: مردا كابن بوذ، قال المنكدري [شيخ الخطيب]: وتفسيره: أي رجل كان هذا؟!
[*] وقال أحمد بن سلمة: رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلما في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما.
تأريخ بغداد 13/ 101 - 102.
[*] وقال إسحاق الكوسج: لمسلم لن نعدم الخير ما أبقاك الله للمسلمين.
تأريخ دمشق 58/ 89 وتذكرة الحفاظ 2/ 588.
[*] وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم في الجرح والتعديل 8/ 182: كتبت عنه بالري، وكان ثقة من الحفاظ له معرفة بالحديث.
[*] وقال أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن الأخرم الحافظ: إنما أخرجت نيسابور ثلاثة رجال محمد بن يحيى، ومسلم بن الحجاج، وإبراهيم بن أبي طالب. سير أعلام النبلاء 12/ 565.
وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ 2/ 588: مسلم بن الحجاج الإمام الحافظ حجة الإسلام.
(5)
مهنة الإمام مسلم:
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء 12/ 570: قال الحاكم: كان متجرُ مسلم خان محمش ـ اسم موضع ـ، ومعاشه من ضياعه بأستوا.
قلتُ: أستوا ناحية من نواحي نيسابور، كما في معجم البلدان 1/ 175.
وفي تهذيب التهذيب لابن حجر 10/ 114: قال محمد بن عبد الوهاب الفراء: كان مسلم من علماء الناس .. ، وكان بزازا.
وفي العبر 2/ 29: وكان صاحب تجارة، وكان محسن نيسابور، وله أملاك وثروة. اهـ.
فتجارته في البز، وكانت المزارع في أستوا المصدر الثاني له.
(6)
صفة الإمام مسلم الخَلْقية:
[*] قال الذهبي في سير أعلام النبلاء 12/ 566: قال الحاكم: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول: رأيت شيخا حسن الوجه، والثياب عليه رداء حسن، وعمامة قد أرخاها بين كتفيه، فقيل: هذا مسلم، فتقدم أصحاب السلطان، فقالوا: قد أمر أمير المؤمنين أن يكون مسلم بن الحجاج إمام المسلمين فقدموه في الجامع، فكبر وصلى بالناس. وهذا الخبر عند ابن عساكر في تاريخ دمشق 58/ 89: ولفظه: يقول رأيت في منامي شيخا ..
[*] وقال الذهبي 12/ 570: قال الحاكم: وسمعت أبي يقول: رأيت مسلم بن الحجاج يحدث في خان محمش فكان تام القامة أبيض الرأس، واللحية يرخي طرف عمامته بين كتفيه.
(7)
عقيدة الإمام مسلم:
هي عقيدة السلف الصالح من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين ومما يدل على ذلك:
أـ قوله في مقدمة صحيحه 1/ 6: أعلم وفقك الله تعالى أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها، وثقات الناقلين لها من المتهمين أن لا يروي منها إلا ما عرف صحة مخارجه والستارة في ناقليه، وأن يتقي منها ما كان منها عن أهل التهم، والمعاندين من أهل البدع. اهـ.
[*] قال الذهبي في سير أعلام النبلاء 12/ 558: وأكثر عن علي بن الجعد لكنه ما روى عنه في الصحيح شيئا. اهـ
قلتُ: هذا السبب: قال مكي بن عبدان: سألت مسلما عن علي بن الجعد؟ فقال: ثقة، ولكنه كان جهميا.
سير أعلام النبلاء 12/ 568.
ب ـ وافتتح صحيحه بكتاب الإيمان، وضمنه أحاديث في تقرير مذهب أهل السنة في عدد من المسائل، والرد على أهل البدع من القدرية، والمرجئة، والخوارج، والجهمية، وغيرهم، وفيه الاحتجاج بخبر الواحد .. ، وأفرد كتابا للقدر ..
ج ـ وموضوع كتابه كله على منهاج أهل السنة، وهو نقمة على أهل البدع.
د ـ وذكر أبو عثمان الصابوني في اعتقاد أهل السنة وأصحاب الحديث ص121 - 123: في آخر الكتاب .. ـ بعد أن ذكر عقيدة أهل السنة ـ أسماء جمع من أئمة أهل السنة منهم " مسلم بن الحجاج " وقال: من أحبهم فهو صاحب سنة، ثم قال: وهذه الْجُمَلُ التي أثبتها في هذا الجزء كانت معتقد جميعهم لم يخالف فيها بعضهم بعضا، بل أجمعوا عليها كلها، ولم يثبت عن أحد منهم ما يضادها. اهـ.
ه
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل 7/ 36
وأما في معرفة ما جاء به الرسول وما كان عليه الصحابة والتابعون فمعرفتهم [جماعة ممن وقعوا في بدع المتكلمين] بذلك قاصرة، و إلا فمن كان عالما بالآثار، وما جاء عن الرسول، وعن الصحابة، والتابعين من غير حسن ظن بما يناقض ذلك لم يدخل مع هؤلاء ـ إما لأنه علم من حيث الجملة أن أهل البدع المخالفين لذلك مخالفون للرسول قطعا، وقد علم أنه من خالف الرسول فهو ضال ـ كأكثر أهل الحديث، أو علم مع ذلك فساد أقوال أولئك، وتناقضها كما علم أئمة السنة من ذلك ما لا يعلمه غيرهم كمالك [ثم سرد أسماء جموع من الأئمة منهم:] ومسلم بن الحجاج النيسابوري
…
ومن لا يحصي عدده إلا الله من أئمة الإسلام، وورثة الأنبياء وخلفاء الرسل؛ فهؤلاء كلهم متفقون على نقيض قول النفاة كما تواترت الآثار عنهم، وعن غيرهم من أئمة السلف بذلك من غير خلاف بينهم في ذلك.
و- قال العلامة الذهبي في العلو 2/ 1184:
وممن لا يتأول ويؤمن بالصفات وبالعلو في ذلك الوقت .. الإمام الحجة مسلم بن الحجاج القشيري صاحب الصحيح.
زـ قال العلامة ابن القيم في كتابه "اجتماع الجيوش الإسلامية " ص241:
قول مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى:
يعرف قوله في السنة من سياق الأحاديث التي ذكرها ولم يتأولها، ولم يذكر لها تراجم كما فعل البخاري، ولكن سردها بلا أبواب، ولكن تعرف التراجم من ذكره للشيء مع نظيره فذكر في كتاب الإيمان كثيرا من أحاديث الصفات كحديث: الإتيان يوم القيامة، وما فيه من التجلي، وكلام الرب لعباده، ورؤيتهم إياه، وذكر حديث: الجارية، وأحاديث: النزول، وذكر حديث: إن الله يمسك السماوات على أصبع والأرضين على إصبع، وحديث: يأخذ الجبار سمواته وأرضه بيده، وأحاديث: الرؤية، وحديث: يضع الجبار فيها قدمه، وحديث: المقسطون عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين، وحديث: ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء، وغيرها من أحاديث الصفات محتجا بها، وغير مؤل لها، ولو لم يكن معتقدا لمضمونها لفعل بها ما فعل المتأولون حين ذكروها. اهـ
ح ـ قال العلامة محمد السفاريني في كتابه "لوامع الأنوار البهية، وسواطع الأسرار الأثرية شرح الدرة المضية في عقيدة الفرقة المرضية " 1/ 22: [في سرده لعلماء أهل السنة .. ] ومسلم، وأبو داود
…
ثم قال: وغير هؤلاء كلهم على عقيدة واحدة سلفية أثرية.
وهذا يزيل إشكال عدم ذكر اللالكائي له في معرض سياقه من رسم بالإمامة في السنة، والدعوة، والهداية إلى طريق الاستقامة .. في كتابه شرح أصول اعتقاد أهل السنة 1/ 51 - 53 مع أنه ذكره في 1/ 302:
فيمن نقلوا كلاما في رد بدعة.
قلتُ: فلعله لم يذكره لأنه لم يؤلف في الرد على أهل البدع .. ، أو يكون قد غفل عنه، أو سقط سهوا.
ط ـ سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مجموع الفتاوي 20/ 39 ـ هل البخاري ومسلم ـ وذكر جمعاً من العلماء ـ هل كان هؤلاء مجتهدين لم يقلدوا أحدا من الأئمة أم كانوا مقلدين؟ وهل كان من هؤلاء أحد ينتسب إلى مذهب أبي حنيفة .. ؟
فأجاب جوابا طويلا جاء في آخره: وهؤلاء كلهم يعظمون السنة، والحديث. اهـ.
ي ـ ومما يؤكد ذلك أيضا كونه تلميذا، وصاحباً لأئمة أهل السنة كأحمد، وإسحاق، والبخاري، وأبي زرعة وغيرهم، ومعلوم مكانة وشدة هؤلاء في السنة، وشدتهم على أهل البدع، حيث لم يكن لأهل البدع نصيب من مجالستهم.
ك ـ كل من ذكره، وترجم له من العلماء ابتداء من شيوخه، وحتى اليوم قد أثنوا عليه، وذكروه بأحسن الذكر، ولم يَنقل أحد منهم أنه كان مخالفا لطريقة السلف، أو متلبسا ببدعة، وحاشاه من ذلك، بل كان متابعا متأسيا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فرحمه الله رحمة واسعة.
(8)
مذهب الإمام مسلم الفقهي:
إذا نظرت في أسماء كتب الإمام مسلم تجدها كلها تقريبا في علم الحديث وفنونه، كما هو حال أكثر أهل الحديث في ذاك الزمان، ولذا لم يتضح منهجه الفقهي تماما، إلا أنه بلا شك من أهل العلم الكبار في زمانه في الحديث والفقه، وإن لم يكن من الأئمة المجتهدين كأحمد، والبخاري، و إلا لظهر رأيه، واختياره كما ظهر رأي غيره، والناظر في كتابه الصحيح، وانتقائه الأحاديث، وحسن ترتيبه يدرك أنه من فقهاء أهل الحديث، وأنه مطلع على اختلاف الفقهاء، ولذا قال الحافظ ابن حجر في التقريب ص529: عالم بالفقه.
وذكر حاجي خليفة مسلما في كتابه كشف الظنون 1/ 555 فقال: مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري الشافعي. وأخذه بنصه صديق خان في الحطة ص 198.
وقال الدهلوي في الإنصاف في بيان سبب الاختلاف ص314ـ المطبوع ضمن مجموعة الرسائل الكمالية رقم (4) ـ: وأما مسلم والعباس الأصم .. فهم متفردون لمذهب الشافعي يناضلون دونه.
قلتُ: وهذا القول: فيه نظر.
ومما يدل على عنايته بالفقه، أن له سؤالات للإمام أحمد رحمه الله قال القاضي أبو الحسين ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة 3/ 309 - 315 ـ في ترجمة الحسن بن حامد ـ قال ابن أبي يعلى: قرأت في بعض تصانيفه [ابن حامد] قال: اعلم أن الذي يشتمل عليه كتابنا هذا من الكتب والروايات المأخوذة من حيث نقل الحديث والسماع منها كتاب الأثرم، وصالح، وعبد الله، وابن منصور
…
ومسلم بن الحجاج
…
ـ إلى أن قال ـ: وأما رواية مسلم بن الحجاج فأخبرناه أبو إسحاق المزكي قال حدثنا أبو حاتم مكي بن عبدان بن محمد بن بكر، عن مسلم بن الحجاج عنه.
وبناء على هذا، وعلى رواية مسلم عن أحمد = ترجم له في طبقات الحنابلة 2/ 413 وقال عنه: أحد الأئمة من حفاظ الأثر.
قلتُ: ولا يعني ذلك أنه حنبلي، بل وصفه بالإمامة، وحفظ الأثر، وقد ترجم أيضا: لشيخي أحمد: وكيع بن الجراح، وعبد الرحمن بن مهدي؛ لكونهم حكوا شيئا عن أحمد.
ولهذا السبب ترجم له غير واحد ممن ألف في طبقات الحنابلة بعد ابن أبي يعلى.
[*] وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مجموع الفتاوي 20/ 39 ـ هل البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأبو داود الطيالسي والدرامي والبزار والدارقطني والبيهقي وابن خزيمة وأبو يعلى الموصلي هل كان هؤلاء مجتهدين لم يقلدوا أحدا من الأئمة أم كانوا مقلدين؟ وهل كان من هؤلاء أحد ينتسب إلى مذهب أبي حنيفة؟
…
فأجاب: الحمد لله رب العالمين أما البخاري، وأبو داود؛ فإمامان في الفقه من أهل الاجتهاد، وأما مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وأبو يعلى والبزار ونحوهم فهم على مذهب أهل الحديث ليسوا مقلدين لواحد بعينه من العلماء، ولا هم من الأئمة المجتهدين على الإطلاق بل هم يميلون إلى قول أئمة الحديث كالشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأمثالهم، ومنهم من له اختصاص ببعض الأئمة كاختصاص أبي داود، ونحوه بأحمد بن حنبل وهم إلى مذاهب أهل الحجاز كمالك، وأمثاله، أميل منهم إلى مذاهب أهل العراق كأبي حنيفة والثوري
…
وهؤلاء كلمهم يعظمون السنة والحديث .. اهـ باختصار.
[*] وقال السخاوي في غنية المحتاج في ختم صحيح مسلم بن الحجاج ص40 - 41: