الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شيخنا رحمه الله كان أباً حانياً على تلاميذه، حريصاً عليهم غاية الحرص، كان رحمه الله يخصهم بعنايةٍ فائقةٍ من حيث تزويدهم بالعلم والجوانب العلمية، بل حتى في قضاء حوائجهم الخاصة فكان رحمه الله حريصاً على تهيئة المكان المناسب لهم وما يتعلق بذلك مما يحتاجون إليه، كان رحمه الله يرتب لهم مكافآت شهرية سوى ما يعطيهم لستر حوائجهم من شراء الكتب أو إنهاء المعاملات أو غير ذلك.
كان رحمه الله يحصي طلابَه ولاسيما الذين في السكن التابع له رحمه الله بلقاء شهري يفتتحه رحمه الله بكلمة توجيهية، ثم يطلب من الطلاب أن يكتبوا الملاحظات المتعلقة بمعاشهم، فإذا لم يكن عندهم شيء من ذلك أجاب على أسئلتهم التي يقدمونها إليه إما مباشرة أو غير ذلك، وبعد هذا يتناول معهم رحمه الله طعام العشاء على مائدة واحدة يتزاحمون على القرب منه، ولا يخلو المجلس من مداعباته يدخل بها السرور على تلاميذه ويشعرهم بقربه منهم وأنه لهم كالأب.
مواقف محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى مع تلامذته:
وقد كان الشيخ رحمه الله على علمٍ بأحوال تلامذته، يتفقد غائبهم، ويحرص على تفهيم حاضرهم، ويزود محتاجهم لما يريد من المال أو الكتب، وكان يكلف بعضهم بمراجعة الأحاديث أو تحرير بعض المسائل، وينظر في ذلك كله ويتابعه، بل كان يجعل بعضهم يدرِّس بعض المبتدئين.
ومن صور عِظَم خُلُقه ودينه أنه كان يعرض على بعضهم التزوج من بناته، فكان ذلك وتزوج بعضهم من بناته، فرحم الله ذلك الإمام.
وله مع تلامذته مواقف كثيرة يمكن تتبعها وجمعها في كتاب، سواء تمَّ جمعها من أشرطته أو من خلال تجميعها من أفواه تلامذته، وقد اخترت - لهذا الكتاب - موقفين:
(1)
المعروف عن الشيخ رحمه الله الذكاء، وكان يتابع تلامذته أثناء الدرس حتى لا يشرد ذهن أحدهم فتضيع عليه الفائدة، وفي مرة رأى بعض تلامذته غير حاضرِ الذهن في الدرس، ويبدو أنه غير فاهم لما قاله الشيخ فشرد ذهنه، فأوقفه الشيخ!
الشيخ: هل أنت فاهم لما قلتُه؟
الطالب: إن شاء الله! يا شيخ.
الشيخ - ولم تمش عليه هذه العبارة! -: هل على رأسك " شماغ "؟!
الطالب: نعم! يا شيخ.
الشيخ: لمَ لمْ تقل: إن شاء الله؟!! لكن لما كنتُ غير فاهمٍ للدرس قلتَ: " إن شاء الله "، ولما كنتَ متأكداً من وجود " الشماغ " على رأسك جزمتَ ولم تقل إن شاء الله.
فعرفَ الطالب أنه لم ينطل قولُه على شيخه ولم يمش عليه، فأعاد الشيخ المسألة حتى تأكد من فهم الطالب لها.
ورأى الشيخ رحمه الله بعض الحضور في درسه ممن لا يشارك معهم، فعرف الشيخ أن هذا الطالب غير فاهم، فأوقفه الشيخ!
الشيخ: هل أنت فاهم لما أقوله؟
الطالب: لا يا شيخ!!
وهنا غضب الشيخ!: فقال: إذا كنتَ غير فاهم لمَ تأتي وتحضر معنا؟!
الطالب: لأحصِّل الثواب وهو قول المنادي من السماء في نهاية المجلس " قوموا مغفوراً لكم، قد بُدِّلت سيئاتُكم حسنات "!!!
فتوقف الشيخ عن لوم الطالب تعظيماً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، ولقوة حجة الطالب!
قلت: والطالب يشير لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: " ما جلس قوم يذكرون الله عز وجل إلا ناداهم مناد من السماء: قوموا مغفورا لكم، قد بدلت سيئاتكم حسنات ".
رواه أحمد (12045)، وصححه الشيخ الألباني رحمه في " السلسلة الصحيحة "(2210).
هذا، وللشيخ مئات التلاميذ في المملكة - منهم القاضي والدكتور والإمام وطالب العلم والداعية - وآلاف التلاميذ خارج المملكة تتلمذوا على أشرطته وكتبه.
والشيخ رحمه الله كان حريصاً على تبليغ العلم لتلامذته وللناس جميعاً، وخاصة في رمضان الذي يحرص فيه الشباب وعامة الناس على لقيا الشيخ والاستماع له.
ولم يفوِّت الشيخ عليهم رغبتهم تلك حتى مع اشتداد مرضه، فلقد حرص رحمه الله على بقاء الدرس اليومي بعد " التراويح " ولكنه لم يستطع أن يبذل فيه جهده المعروف في كل عام، فألقى ستة دروس في هذا العام، وكانت مدة كل درس لا تتجاوز النصف ساعة، ولنستمع إلى حادثة من حوادث تلك الأيام والتي يبين فيها عظيم همة الشيخ ومزيد حرصه على التعليم وإفادة الناس، وهي حادثة تستحق أن يراجع بعدها كلُّ واحدٍ منَّا نفسه، فما أن يصيبه مرض يسير إلا ويسارع إلى إلغاء كل نشاط له علمي أو دعوي!!