الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن يزيد بن أبي زياد قال أتينا سعيدا فإذا هو طيب النفس وبنته في حجره فبكت وشيعناه إلى الجسر فقال الحرس له أعطنا كفيلا فإنا نخاف أن تغرق نفسك قال فكنت فيمن كفل به قال أبو بكر فبلغني أن الحجاج قال ائتوني بسيف عريض قال سليمان التيمي كان الشعبي يرى التقية وكان ابن جبير لا يرى التقية وكان الحجاج إذا أتى بالرجل يعني ممن قام عليه قال له أكفرت بخروجك علي فإن قال نعم خلى سبيله فقال لسعيد أكفرت قال لا قال اختر أي قتلة أقتلك قال اختر أنت فإن القصاص أمامك.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن عتبة مولى الحجاج قال حضرت سعيدا حين أتى به الحجاج بواسط فجعل الحجاج يقول ألم أفعل بك ألم أفعل بك فيقول بلى قال فما حملك على ما صنعت من خروجك علينا قال بيعة كانت علي يعني لابن الأشعث فغضب الحجاج وصفق بيديه وقال فبيعة أمير المؤمنين كانت أسبق وأولى وأمر به فضربت عنقه، وقيل لو لم يواجهه سعيد بن جبير بهذا لاستحياه كما عفا عن الشعبي لما لا طفه في الاعتذار.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن عن داود بن أبي هند قال لما أخذ الحجاج سعيد بن جبير قال ما أراني إلا مقتولا وسأخبركم إني كنت أنا وصاحبان لي دعونا حين وجدنا حلاوة الدعاء ثم سألنا الله الشهادة فكلا صاحبي رزقها وأنا أنتظرها قال فكأنه رأى أن الإجابة عند حلاوة الدعاء.
[*] قال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء: قلت ولما علم من فضل الشهادة ثبت للقتل ولم يكترث ولا عامل عدوه بالتقية المباحة له رحمه الله تعالى.
قصة قتل سعيد بن جبير رحمه الله تعالى:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن سالم بن أبي حفصة، قال: لما أتى سعيد بن جبير الحجاج؟ قال: أنت شقي بن كسير؟ قال: أنا سعيد بن جبير، قال: لأقتلنك، قال: أنا إذاً كما سمتني أمي، ثم قال: دعوني أصلي ركعتين، قال: وجهوه إلى قبلة النصارى، قال: فأينما تولوا فثم وجه الله، ثم قال: إني أستعيذ منك بما عاذت به مريم، قال: وما عاذت به مريم، قال: قالت: (قَالَتْ إِنّيَ أَعُوذُ بِالرّحْمََنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً)[مريم: 18]، قال سفيان: لم يقتل بعد سعيد بن جبير إلا رجلاً واحداً.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عتيبة مولى الحجاج، قال: حضرت سعيد بن جبير حين أتى الحجاج بواسط، فجعل الحجاج يقول له: ألم أفعل بك؟ ألم أفعل بك؟ فيقول: بلى، فيقول: فما حملك على ما صنعت من خروجك علينا، قال: بيعة كانت علي، فغضب الحجاج وصفق بيده، وقال: فبيعة أمير المؤمنين كانت أسبق وأولى أن تفي بها، وأمر به فضربت عنقه.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عن خلف بن خليفة، عن أبيه، قال: شهدت مقتل سعيد بن جبير، لما بان رأسه قال: لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، ثم قالها الثالثة فلم يتمها.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن يحيى بن سعيد، عن كاتب للحجاج يقال له يعلى، قال مالك: وهو أخ لأم سلمة الذي كان على بيت المال، قال: كنت أكتب للحجاج وأنا يومئذ غلام حديث السن يستخفني ويستحسن كتابتي، فأدخل عليه بغير إذن فدخلت عليه يوماً بعد مقتل سعيد بن جبير وهو في قلبة لها أربعة أبواب، دخلت عليه مما يلي ظهره فسمعته يقول: مالي وسعيد بن جبير؟ فخرجت رويداً وعلمت أنه لو علم بي لقتلني، لم ينشب الحجاج بعد ذلك إلا يسيراً.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عون بن أبي شداد العبدى قال: بلغني أن الحجاج بن يوسف لما ذكر له سعيد بن جبير، أرسل إليه قائداً من أهل الشام من خاصة أصحابه يسمى الملتمس بن الأحوص، ومعه عشرون رجلاً من أهل الشام من خاصة أصحابه، فبينما هم يطلبونه إذا هم براهب في صومعة له سألوه عنه، فقال الراهب: صفوه لي فوصفوه له فدلهم عليه، فانطلقوا فوجدوه ساجداً يناجي بأعلى صوته، فدنوا منه فسلموا عليه فرفع رأسه فأتم بقية صلاته ثم رد عليهم السلام، فقالوا: إنا رسل الحجاج إليك فأجبه، قال: ولابد من الإجابة؟ قالوا: لابد من الإجابة، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه، ثم قام فمشى معهم حتى انتهوا إلى دير الراهب، فقال الراهب: يا معشر الفرسان أصبتم صاحبكم؟ قالوا: نعم، فقال لهم: اصعدوا الدير فإن اللبوة والأسد يأويان حول الدير، فعجلوا قبل المساء، ففعلوا ذلك وأبى سعيد أن يدخل الدير، فقالوا: ما نراك إلا وأنت تريد الهرب منا، قال: لا، ولكن لا أنزل منزل مشرك أبداً، قالوا: فإنا لا ندعك فإن السباع تقتلك، قال سعيد: لا ضير أن معي ربي فيصرفها عني ويجعلها حرساً حولي يحرسونني من كل سوء إن شاء الله، قالوا: فأنت من الأنبياء؟ قال: ما أنا من الأنبياء ولكن عبد من عبيد الله خاطئ مذنب، قال الراهب: فليعطني ما أثق به على طمأنينته، فعرضوا على سعيد أن يعطي الراهب ما يريد، قال سعيد: إني أعطي العظيم الذي لا شريك له لا أبرح مكاني حتى أصبح إن شاء الله، فرضي الراهب ذلك، فقال لهم: أصعدوا واوتروا القسي لتنفروا السباع عن هذا العبد الصالح، فإنه كره الدخول علي في الصومعة لمكانكم، لما صعدوا واوتروا القسي إذا هم بلبوة قد أقبلت، فلما دنت من سعيد تحاكت به وتمسحت به ثم ربضت قريباً منه، وأقبل الأسد وصنع مثل ذلك، فما رأى الراهب ذلك وأصبحوا نزل إليه، فسأله عن شرائع دينه وسنن رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ففسر له سعيد ذلك كله، فأسلم الراهب وحسن إسلامه، وأقبل القوم على سعيد يعتذرون إليه ويقبلون يديه ورجليه ويأخذون التراب الذي وطئه بالليل فصلوا عليه، فيقولون: يا سعيد قد حلفنا الحجاج بالطلاق والعتاق إن نحن رأيناك لا ندعك حتى نشخصك إليه، فمرنا بما شئت، قال: امضوا لأمركم فإني لائذ بخالقي ولا راد لقضائه، فساروا حتى بلغوا واسطاً، فلما انتهوا إليها، قال لهم سعيد: يا معشر القوم قد تحرمت بكم وصحبتكم ولست أشك أن أجلي قد حضر، وإن
المدة قد انقضت، دعوني إليه أخذ أهبة الموت، وأستعد لمنكر ونكير وأذكر عذاب القبر وما يحثى علي من التراب، فإذا أصبحتم فالميعاد بيني وبينكم الموضوع الذي تريدون، قال بعضهم: لا نريد أثراً بعد عين، وقال بعضهم: قد بلغتم أملكم واستوجبتم جوائزكم من الأمير فلا تعجزوا عنه، فقال بعضهم، يعطيكم ما أعطى الراهب ويلكم، أما لكم عبرة بالأسد كيف تحاكت به وتمسحت به وحرسته إلى الصباح، فقال بعضهم: هوعلي أدفعه إليكم إن شاء الله، فنظروا إلى سعيد قد دمعت عيناه وشعث رأسه واغبر لونه، ولم يأكل ولم يشرب ولم يضحك منذ يوم لقوه وصحبوه، فقالوا بجماعتهم: يا خير أهل الأرض ليتنا لم نعرفك ولم نسرح إليك? الويل لنا ويلاً طويلاً كيف ابتلينا بك، اعذرنا عند خالقنا يوم الحشر الأكبر، فإنه القاضي الأكبر والعدل الذي لا يجور، فقال سعيد: ما أعذرني لكم وأرضاني لما سبق من علم الله تعالى في، فلما فرغوا من البكاء والمجاوبة والكلام بما بينهم، قال كفيله: أسألك بالله يا سعيد لما زودتنا من دعائك وكلامك، فإنا لن نلقى مثلك أبداً ولا نرى أنا نلتقي إلى يوم القيامة، قال: ففعل ذلك سعيد فخلوا سبيله، فغسل رأسه ومدرعته وكساءه وهم مختفون الليل كله ينادون بالويل واللهف، فلما انشق عمود الصباح جاءهم سعيد بن جبير فقرع الباب، فقالوا: صاحبكم ورب الكعبة، فنزلوا إليه وبكوا معه طويلاً، ثم ذهبوا به إلى الحجاج وآخر معه، فدخلا إلى الحجاج، فقال الحجاج: أتيتموني بسعيد بن جبير، قالوا: نعم، وعاينا منه العجب فصرف بوجه عنهم، قال: أدخلوه علي، فخرج المتلمس، فقال لسعيد: أستودعتك الله وأقرأ عليك السلام، قال: فأدخل عليه، قال له: ما اسمك؟ قال: سعيد بن جبير، قال:
أنت الشقي بن كسير، قال: بل كانت أمي أعلم باسمي منك، قال: شقيت أنت وشقيت أمك، قال: الغيب يعلمه غيرك، قال: لأبدلنك بالدنيا ناراً تلظى، قال: لو علمت أن ذلك بيدك لاتخذتك ألهاً: قال: ما قولك في محمد؟ قال: نبي الرحمة إمام الهدى عليه الصلاة والسلام، قال: فما قولك في علي في الجنة هو أو في النار؟ قال: لو دخلتها رأيت أهلها عرفت من بها، قال: فما قولك في الخلفاء؟ قال: لست عليهم بوكيل، قال: فأيهم أعجب إليك؟ قال: أرضاهم لخالقي، قال: فأيهم أرضى للخالق؟ قال: علم ذلك عند الذي يعلم سرهم ونجواهم، قال: أبيت أن تصدقني، قال: إني لم أحب أن أكذبك، قال: ما بالك لم تضحك؟ قال: وكيف يضحك مخلوق خلق من الطين والطين تأكله النار، قال: ما بالنا نضحك؟ قال: لم تستو القلوب، قال: ثم أمر باللؤلؤ والزبرجد والياقوت فجمعه بين يدي سعيد بن جبير، فقال له سعيد: إن كنت جمعت هذه لتفتدي به من فزع يوم القيامة فصالح، وإلا ففزعة واحدة تذهل كل مرضعة عما أرضعت، ولا خير في شيء جمع للدنيا إلا ما طاب وزكا، ثم دعا الحجاج بالعود والناي، فلما ضرب بالعود ونفخ بالناي، بكى سعيد بن جبير، قال له: ما يبكيك؟ هو اللهو؟ قال سعيد: بل هو الحزن، أما النفخ فقد ذكرني يوماً عظيماً يوم نفخ في الصور، وأما العود فشجرة قطعت في غير حق، وأما الأوتار فإنها معاء الشاء يبعث بها معك يوم القيامة، قال الحجاج: ويلك يا سعيد، فقال سعيد: الويل لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار، قال الحجاج: اختر يا سعيد، أي قتلة تريد أن أقتلك؟ قال: اختر لنفسك يا حجاج فو الله ما تقتلني قتلة إلا قتلك الله مثلها في الآخرة، قال: أفتريد أن أعفو عنك؟ قال: إن كان العفو فمن الله، وأما أنت فلا براءة لك ولا عذر، قال: اذهبوا به فاقتلوه، فلما خرج من الباب ضحك، فأخبر الحجاج بذلك فأمر برده، فقال: ما أضحكك؟ قال: عجبت من جراءتك على الله وحلم الله عنك، فأمر بالنطع فبسط، فقال: اقتلوه، قال سعيد: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً، وما أنا من المشركين، قال: شدوا به لغير القبلة، قال سعيد: أينما تولوا فثم وجه الله، قال: كبوه لوجهه، قال سعيد: منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى قال الحجاج، اذبحوه، قال سعيد: أما إني أشهد وأحاج أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، خذها مني حتى تلقاني يوم القيامة، ثم دعا سعيد الله، فقال: اللهم لا تسلطه على أحد يقتله
بعدي، فذبح على النطع رحمه الله، قال: وبلغنا أن الحجاج عاش بعده خمسة عشر ليلة، ووقع الأكلة في بطنه، فدعا بالطبيب لينظر إليه، ثم دعا بلحم منتن، فعلقه في خيط ثم أرسله في حلقه فتركها ساعة ثم استخرجها وقد لزق به من الدم، فعلم أنه ليس بناج، وبلغنا أنه كان ينادي بقية حياته: مالي ولسعيد بن جبير، كلما أردت النوم أخذ برجلي.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الحسن، قال: لما أتى الحجاج بسعيد بن جبير، قال: أنت الشقي ابن كسير؟ قال: بل أنا سعيد بن جبير، قال: بل أنت الشقي ابن كسير، قال: كانت أمي أعرف باسمي منك، قال: ما تقول في محمد؟ قال: تعني النبي صلى الله عليه وسلم، قال: نعم، قال: سيد ولد آدم النبي المصطفى خير من بقي وخير من مضى، قال: فما تقول في أبي بكر؟ قال: الصديق خليفة الله مضى حميداً وعاش سعيداً، مضى على منهاج نبيه صلى الله عليه وسلم لم يغير ولم يبدل، قال: فما تقول في عمر؟ قال: عمر الفاروق خيرة الله وخيرة رسوله، مضى حميداً على منهاج صاحبيه لم يغير ولم يبدل، قال: ما تقول في عثمان؟ قال: المقتول ظلماً المجهز جيش العسرة، الحافر بئر رومة، المشتري بيته في الجنة، صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنتيه، زوجه النبي بوحي من السماء، قال: فما تقول في علي؟ قال: ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأول من أسلم وزوج فاطمة وأبو الحسن والحسين، قال: فما تقول في معاوية؟ قال: أنت أعلم ونفسك، قال: بت بعلمك، قال: إذا يسؤك ولا يسرك، قال: بت بعلمك، قال: اعفني، قال: لا عفا الله عني أن أعفيتك، قال: إني لأعلم أنك مخالف لكتاب الله تعالى، ترى من نفسك أموراً تريد بها الهيبة وهي تقحمك الهلكة، وسترد غداً فتعلم، قال: أما والله لأقتلنك قتلة لم أقتلها أحداً قبلك، ولا أقتلها أحداً بعدك، قال: إذا تفسد على دنياي وأفسد عليك آخرتك، قال: يا غلام، السيف والنطع، قال: فلما ولى ضحك، قال: أليس قد بلغني إنك لم تضحك؟ قال: وقد كان ذلك، قال: فما أضحكك عند القتل؟ قال: من جراءتك على الله ومن حلم الله عنك، قال يا غلام اقتله، فاستقبل القبلة وقال: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، فصرف وجهه عن القبلة، قال: فأينما تولوا فثم وجه الله، قال: اضرب به الأرض، قال: منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى، قال: اذبح عدو الله فما أنزعه لآيات القرآن منذ اليوم.