الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأخرج أبو عُبَيد العدني عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: بعث إليَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأتيته، فلما بلغت الباب سمعت نحيبه، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون أعتُري ـ والله ـ أمير المؤمنين، فدخلت فأخذت بمنكبه وقلت: لا بأس لا بأس يا أمير المؤمنين. قال: بل أشد البأس، فأخذ بيدي فأدخلني الباب، فإذا حقائق بعضها فوق بعض فقال: الآن هان آل الخطاب على الله، إنَّ الله لو شاء لجعل هذا إلى صاحبيَّ ـ يعني النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ـ فسنَّا لي فيه سُنّة أقتدي بها، قلت: إجلس بنا نفكر، فجعلنا لأمهات المؤمنين أربعة آلاف أربعة آلاف، وجعلنا للمهاجرين أربعة آلاف أربعة آلاف، ولسائر الناس ألفين ألفين، حتى وزعنا ذلك المال. كذا في الكنز.
(21) لين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وشدته:
أخرج الحاكم عن سعيد بن المسيِّب رضي الله عنه قال: لما وَلي عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب الناس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فد الله وأثنى عليه ثم قال:
يا أيها الناس، إِني قد علمت أنكم تؤنسون مني شدة وغلظة، وذلك أني كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت عبده وخادمه، وكان كما قال الله تعالى:{بِالْمُؤْمِنِينَ رَءوفٌ رَّحِيمٌ} (التوبة: 128). فكنت بين يديه كالسيف المسلول إلا أن يغمدني أو ينهاني عن أمر فأكفَّ، وإلا قدمت على الناس لمكان لينه، فلم أزل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك حتى توفاه الله وهو عني راضٍ، والحمد لله على ذلك كثيراً، وأنا به أسعد. ثم قمت ذلك المقام مع أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده. وكان قد علمتم في كرمه، ودَعته ولينه، فكنت خادمه كالسيف بين يديه أخلط شدتي بلينه؛ إِلا أن يتقدم إليّ فأكف وإِلا قدمت. فلم أزل على ذلك حتى توفاه الله وهو عني راضٍ، والحمد لله على ذلك كثيراً، وأنا به أسعد. ثم صر أمركم إِليَّ اليوم، وأنا أعلم فسيقول قائل: كان يشتد علينا والأمر إِلى غيره فكيف به إِذا صار إليه؟ واعلموا أنكم لا تسألون عني أحداً، قد عرفتموني، وجربتموني، وعرفتم من سنّة نبيكم ما عرفت، وما أصبحت نادماً على شيء أكون أحب أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه إلا وقد سألته." فاعلموا أن شدَّتي التي كنتم ترون قد ازدادت أضعافاً إِذا صار الأمر إليّ على الظالم، والمعتدي، والأخذ للمسلمين لضعيفهم من قويهم، وإني بعد شدتي تلك واضع خدِّي بالأرض لأهل العفاف والكفّ منكم والتسليم، وإني لا آبى إن كان بيني وبين أحد منكم شيء من أحكامكم أن أمشي معه إلى من أحببتم منكم، فلينظر فيما بيني وبينه أحد منكم. فاتَّقوا الله عباد الله، وأعينوني على أنفسكم بكفّها عني، وأعينوني على نفسي (بالأمر) بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإحضاري النصيحة فيما ولاني الله من أمركم ثم نزل كذا في كنز العمال.