الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأرادك المنافقون أن تخلع قميصك الذي قمصك الله فلا تخلعه: أَيْ: حَمَلُوكَ عَلَى نَزْعِهِ " فَلَا تَخْلَعْهُ لَهُمْ " يَعْنِي إِنْ قَصَدُوا عَزْلَكَ عَنِ الْخِلَافَةِ فَلَا تَعْزِلْ نَفْسَكَ عَنْهَا لِأَجْلِهِمْ لِكَوْنِكَ عَلَى الْحَقِّ وَكَوْنِهِمْ عَلَى الْبَاطِلِ، فَلِهَذَا الْحَدِيثِ كَانَ عُثْمَانُ رضي الله عنه مَا عَزَلَ نَفْسَهُ حِينَ حَاصَرُوهُ يَوْمَ الدَّارِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: اسْتَعَارَ الْقَمِيصَ لِلْخِلَافَةِ وَرَشَّحَهَا بِقَوْلِهِ عَلَى خَلْعِهِ.
(12) ابن عمر يشهد ببراءة عثمان مما اتهم به:
(حديث عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مِصْرَ حَجَّ الْبَيْتَ فَرَأَى قَوْمًا جُلُوسًا فَقَالَ مَنْ هَؤُلَاءِ قَالُوا قُرَيْشٌ قَالَ فَمَنْ هَذَا الشَّيْخُ قَالُوا ابْنُ عُمَرَ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ شَيْءٍ فَحَدِّثْنِي أَنْشُدُكَ اللَّهَ بِحُرْمَةِ هَذَا الْبَيْتِ أَتَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ فَرَّ يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَتَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَلَمْ يَشْهَدْهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ أَتَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَيَّبَ يَوْمَ بَدْرٍ فَلَمْ يَشْهَدْ قَالَ نَعَمْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ تَعَالَ أُبَيِّنْ لَكَ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ أَمَّا فِرَارُهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ عَفَا عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ يَوْمَ بَدْرٍ فَإِنَّهُ كَانَتْ عِنْدَهُ أَوْ تَحْتَهُ ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَكَ أَجْرُ رَجُلٍ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمُهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَخْلُفَ عَلَيْهَا وَكَانَتْ عَلِيلَةً وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَلَوْ كَانَ أَحَدٌ أَعَزَّ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ عُثْمَانَ لَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَانَ عُثْمَانَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُثْمَانَ إِلَى مَكَّةَ وَكَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ عُثْمَانُ إِلَى مَكَّةَ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ الْيُمْنَى هَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ وَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَدِهِ فَقَالَ هَذِهِ لِعُثْمَانَ قَالَ لَهُ اذْهَبْ بِهَذَا الْآنَ مَعَكَ.
[*] قال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي:
(عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوهِبٍ)، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْهَاءِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ مَوْلَى بَنِي تَيْمٍ بَصْرِيٌّ تَابِعِيٌّ وَسَطٌ وَهُوَ ثِقَةٌ بِاتِّفَاقِهِمْ كَذَا فِي الْفَتْحِ. قَوْلُهُ:(فَرَأَى قَوْمًا جُلُوسًا) أَيْ: جَالِسِينَ (فَمَنْ هَذَا الشَّيْخُ) أَيْ: فَمَنْ هَذَا الْعَالَمُ الْكَبِيرُ (أَنْشُدُكَ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَسْأَلُكَ (أَتَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ فَرَّ يَوْمَ أُحُدٍ الفتنة بين الصحابة إِلَخْ) الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ سِيَاقِهِ أَنَّ السَّائِلَ كَانَ مِمَّنْ يَتَعَصَّبُ عَلَى عُثْمَانَ فَأَرَادَ بِالْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ أَنْ يُقَرِّرَ مُعْتَقَدَهُ وَلِذَلِكَ كَبَّرَ مُسْتَحْسِنًا لِمَا أَجَابَهُ بِهِ ابْنُ عُمَرَ (فَلَمْ يَشْهَدْهَا) أَيْ: فَلَمْ يَحْضُرْهَا (فَقَالَ) أَيِ: الرَّجُلُ الْحَاجُّ (اللَّهُ أَكْبَرُ) كَلِمَةٌ يَقُولُهَا الْمُتَعَجِّبُ عِنْدَ إِلْزَامِ الْخَصْمِ وَتَبْكِيتِهِ قَالَهُ الطِّيبِيُّ (فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ تَعَالَ حَتَّى أُبَيِّنَ لَكَ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ) كَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ فَهِمَ مِنْهُ مُرَادَهُ لَمَّا كَبَّرَ وَإِلَّا لَوْ فَهِمَ ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ سُؤَالِهِ لَقَرَنَ الْعُذْرَ بِالْجَوَابِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ عَابَهُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ فَأَظْهَرَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ الْعُذْرَ عَنْ جَمِيعِهَا، أَمَّا الْفِرَارُ فَبِالْعَفْوِ، وَأَمَّا التَّخَلُّفُ فَبِالْأَمْرِ وَقَدْ حَصَلَ لَهُ مَقْصُودُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ تَرَتُّبِ الْأَمْرَيْنِ الدُّنْيَوِيِّ وَهُوَ السَّهْمُ، وَالْأُخْرَوِيِّ وَهُوَ الْأَجْرُ، وَأَمَّا الْبَيْعَةُ فَكَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا وَيَدُ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم خَيْرٌ لِعُثْمَانَ مِنْ يَدِهِ (فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ عَفَا عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ) يُرِيدُ قَوْله تَعَالَى
(عِنْدَهُ، أَوْ تَحْتَهُ) أَيْ: تَحْتَ عَقْدِهِ وَ أَوْ لِلشَّكِّ (ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) هِيَ رُقَيَّةُ فَرَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ {خَلَّفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عُثْمَانَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَلَى رُقَيَّةَ فِي مَرَضِهَا لَمَّا خَرَجَ إِلَى بَدْرٍ فَمَاتَتْ رُقَيَّةُ حِينَ وَصَلَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بِالْبِشَارَةِ وَكَانَ عُمْرُ رُقَيَّةَ لَمَّا مَاتَتْ عِشْرِينَ سَنَةً} (فَلَوْ كَانَ أَحَدٌ أَعَزَّ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ عُثْمَانَ) أَيْ: عَلَى مَنْ بِهَا مَكَانَ عُثْمَانَ أَيْ: بَدَلَهُ (بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُثْمَانَ وَكَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ) أَيْ: بَعْدَ أَنْ بَعَثَهُ، وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ عُثْمَانَ لِيُعْلِمَ قُرَيْشًا أَنَّهُ إِنَّمَا جَاءَ مُعْتَمِرًا لَا مُحَارِبًا فَفِي غَيْبَةِ عُثْمَانَ شَاعَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ تَعَرَّضُوا لِحَرْبِ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَعَدَّ الْمُسْلِمُونَ لِلْقِتَالِ وَبَايَعَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَئِذٍ تَحْتَ الشَّجَرَةِ عَلَى أَنْ لَا يَفِرُّوا، وَذَلِكَ فِي غَيْبَةِ عُثْمَانَ، وَقِيلَ: بَلْ جَاءَ الْخَبَرُ بِأَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ الْبَيْعَةِ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ الْيُمْنَى) أَيْ: أَشَارَ بِهَا (هَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ) أَيْ: بَدَلَهَا (وَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَدِهِ) أَيِ: الْيُسْرَى (وَقَالَ هَذِهِ لِعُثْمَانَ) أَيْ: هَذِهِ الْبَيْعَةُ عَنْ عُثْمَانَ من مناقب عثمان (قَالَ) أَيِ: ابْنُ عُمَرَ (لَهُ) أَيْ: لِلرَّجُلِ الْحَاجِّ السَّائِلِ
(اذْهَبْ بِهَذَا الْآنَ مَعَكَ) اقْرِنْ هَذَا الْعُذْرَ بِالْجَوَابِ حَتَّى لَا يَبْقَى لَكَ فِيمَا أَجَبْتُكَ بِهِ حُجَّةٌ عَلَى مَا كُنْتَ تَعْتَقِدُهُ مِنْ غَيْبَةِ عُثْمَانَ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ ذَلِكَ تَحَكُّمًا بِهِ أَيْ: تَوَجَّهْ بِمَا تَمَسَّكْتَ بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُكَ بَعْدَمَا بَيَّنْتُ لَكَ قَوْلُهُ.