الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(هذه) يعني لحيته فمرض علي كرم اللّه وجهه بعد موت المصطفى صلى الله عليه وسلم فخرج فضالة بن عبيد الأنصاري له عائداً فقال: ما يقيمك بهذا المنزل لو هلكت به لم يسلك إلا أعراب جهينة فقال: لست ميتاً من مرضي هذا ثم ذكر الحديث رواه أحمد وعن أبي سنان الدولي أنه عاد علياً فقال: قد تخوفنا عليك قال: لكني بما ما تخوفت على نفسي سمعت الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم يقول: فذكر نحوه خرجه الطبراني وحسنه الهيثمي، واعلم أن هذا الحديث من معجزات المصطفى صلى الله عليه وسلم لأنه إخبار عن غيب وقع، وذلك أنه لما كانت ليلة الجمعة سابع عشر رمضان سنة أربعين استيقظ عليٌّ كرم اللّه وجهه سحراً فقال لابنه الحسن: رأيت الليلة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وشكوت له ما لقيت من أمته من اللدد فقال لي: ادع اللّه عليهم فقلت: اللّهم أبدلني بهم خيراً وأبدلهم بي شراً لهم مني فدخل المؤذن على أثر ذلك فقال: الصلاة فخرج عليٌّ كرم اللّه وجهه من الباب ينادي الصلاة الصلاة فاعترضه ابن ملجم فضربه بالسيف فأصاب جبهته إلى قرنه ووصل لدماغه فشد عليه الناس من كل جانب فأمسك وأوثق وأقام عليٌّ الجمعة والسبت وانتقل إلى رحمة اللّه ليلة الأحد فقطعت أطراف ابن ملجم ثم جعل في قوصرة وأحرق بالنار.
(14) ومن مناقبه رضي الله عنه أنه أقضى الصحابة بنص السنة الصحيحة:
كما يلي:
(حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في دين الله عمر وأصدقهم حياء عثمان وأقضاهم علي بن أبي طالب وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل وأفرضهم زيد بن ثابت ألا وإن لكل أمة أمينا وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح.
(حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر فسوف تدري كيف تقضي.
(15) ومن مناقبه رضي الله عنه شدة شجاعته:
(حديث أبي ذر رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) قال: نزلت: {هذان خصمان اختصموا في ربهم} . في ستة من قريش: علي وحمزة وعبيدة بن الحارث، وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة.
وفي اُحد قام طلحة بن عثمان صاحب لواء المشركين فقال: يا معشر أصحاب محمد إنكم تزعمون أن الله يعجلنا بسيوفكم إلى النار، ويعجلكم بسيوفنا إلى الجنة، فهل منكم أحد يعجله الله بسيفي إلى الجنة أو يعجلني بسيفه إلى النار؟! فقام إليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: والذي نفسي بيده لا أفارقك حتى يعجلك الله بسيفي إلى النار، أو يعجلني بسيفك إلى الجنة، فضربه عليّ فقطع رجله فسقط فانكشفت عورته فقال: أنشدك الله والرحم يا ابن عمّ. فكبر رسول الله
وقال أصحاب عليّ لعلي: ما منعك أن تُجهز عليه؟ قال: إن ابن عمي ناشدني حين انكشفت عورته، فاستحييت منه.
وبارز مَرْحَب اليهودي يوم خيبر
فخرج مرحب يخطر بسيفه فقال:
قد علمت خيبر أني مرحب = شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
أنا الذي سمتني أمي حيدرة = كليث غابات كريه المنظرة
أوفيهم بالصاع كيل السندرة
ففلق رأس مرحب بالسيف، وكان الفتح على يديه.
وعند الإمام أحمد من حديث بُريدة رضي الله عنه: فاختلف هو وعليٌّ ضربتين، فضربه على هامته حتى عض السيف منه بيضة رأسه، وسمع أهل العسكر صوت ضربته. قال: وما تتامّ آخر الناس مع عليّ حتى فتح له ولهم.
وعند الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: دخل علي بن أبي طالب رضي الله عنه على فاطمة رضي الله عنها يوم أُحد فقال: خذي هذا السيف غير ذميم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم "لئن كنت أحسنت القتال لقد أحسنه سهل بن حُنَيْف وأبو دُجانة سِماك بن حَرَشَة" قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. انتهى.
قتله عمرو بن عبد ود:
أخرج ابن جرير من طريق ابن إسحاق عن يزيدَ بن رومان عن عروة وعبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنهما قالا: لما كان يوم الخندق خرج عمرو بن عبد وعدّ مُعْلَماً ليُرى مشهدُه، فلما وقف هو وخيله قال له علي: يا عمرو، إنَّك قد كنت تعاهد الله لقريش ألا يدعوك رجل إلى خَلَّتين إلا اخترت إحداهما. قال: أجَل. قال فإني أدعوك إلى الله وإلى رسوله وإلى الإِسلام. قال لا حاجة لي في ذلك، قال: فإني أدعوك إلى المبارزة. قال: لم يا ابن أخي؟ فوالله ما أحب أن أقتلك. قال علي رضي الله عنه: ولكني ـ والله ـ أحب أن أقتلك. فحمي عمرو عند ذلك، وأقبل إلى علي رضي الله عنه فتنازلا، فتجاولا، فقتله علي رضي الله عنه. كذا في الكنز.
أشعار علي عند قتل عمرو بن عبد ود:
ثبت في البداية من طريق البيهقي عن ابن إسحاق قال: خرج عمرو بن عبد وعدّ وهو مقنَّع بالحديد، فنادى من يبارز؟ فقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال: أنا لها يا نبي الله، فقال:"إنه عمرو، إجلس". ثم نادى عمرو: ألا رجل يبرز؟ فجعل يؤنّبهم، ويقول: أين جنتكم التي تزعمون أنه من قتل منكم دخلها؟ أفلا تُبرزون إِليّ رجلاً؟ فقام علي رضي الله عنه فقال: أنا يا رسول الله، فقال:"إجلس". ثم نادى الثالثة. فقال: فذكر شعره. قال: فقام علي رضي الله عنه فقال: يا رسول الله أنا. فقال: "إنه عمرو". فقال: "وإن كان عَمْراً. فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشى إليه حتى أتى وهو يقول:
لا تعجلنَّ فقد أتاكْ
مجيبُ صوتك غير عاجزْ
في نية وبصيرة
والصدق مَنْجَى كلِّ فائزْ
إني لأرجو أن أقيم
عليك نائحة الجنائزْ
من ضربة نَجْلاء
يبقى ذكرها عند الهزاهزْ
فقال له عمرو: من أنت؟ قال: أنا علي، قال: ابن عبد مناف؟ قال: أنا علي بن أبي طالب، فقال: يا ابن أخي مِنْ أعمامك من هو أسنّ منك؛ فإني أكره أن أُهَريق دمك، فقال له علي رضي الله عنه: لكني ـ والله ـ لا أكره أن أهَريق دمك. فغضب فنزل وسلَّ سيفه كأنه شعلة نار، ثم أقبل نحو علي رضي الله عنه مُغضَباً، واستقبله علي بدَرَقَته؛ فضربه عمرو في دَرَقَته، وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجّه. وضربه علي رضي الله عنه على حبل عاتقه فسقط، وثار العَجاج؛ وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم التكبير، فعرفنا أن علياً رضي الله عنه قد قتله؛ فثَمَّ يقول علي رضي الله عنه:
أعليَّ تقتحم الفوارسُ هكذا
عني وعنهم أخِّروا أصحابي
اليوم يمنعني الفرارَ حفيظتي
ومُصَمِّمٌ في الرأس ليس بنابي
إلى أن قال:
عبد الحجارة من سفاهة رأيه
وعبدتُ ربَّ محمدٍ بصوابي
فصدرت حين تركته متجدلاً
كالجِذْع بين دكادكٍ وروابي
وعففت عن أثوابه ولو أنني
كنت المَقَطَّر بزّني أثوابي
لا تحسبُنَّ الله خاذلَ دينه
ونبيِّه يا معشرَ الأحزابِ
قال: ثم أقبل علي رضي الله عنه نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجهه يتهلّل، فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه: هلا إستلبته درعه؟ فإنه ليس للعرب درع خير منها، فقال: ضربته فأقتاني بسوأته، فاستحييت ابن عمي أن أسلبه. انتهى.
قتله مرحب اليهودي وبطولته يوم خيبر: