الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعليٌ في الجنة وطلحة في الجنة والزبير في الجنة وعبد الرحمن بن عوف في الجنة وسعدُ ابن أبي وقاص في الجنة وسعيدُ ابن زيد في الجنة وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة.
وهاك سيرة بعض أعلام الهدى ومصابيح الدُجى وصورٌ من زهدهم:
[*]
سيرة أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه وصورٌ من زهده:
وسوف نتناول شيئين أساسيين في هذه السيرة العطرة وهما:
أولاً: لمحات من سيرة أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه:
ثانياً: صورٌ مشرقة من زهد أبي بكر الصدَّيق رضي الله عنه:
وهاك تفصيل ذلك:
أولاً: لمحات من سيرة أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه:
[*] قال عنه الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء:
أبو بكر الصديق، السابق إلى التصديق، الملقب بالعتيق، المؤيد من الله بالتوفيق، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم في الحضر والأسفار، ورفيقه الشفيق في جميع الأطوار، وضجيعه بعد الموت في الروضة المحفوفة بالأنوار، المخصوص في الذكر الحكيم بمفخر فاق به كافة الأخيار، وعامة الأبرار، وبقى له شرفه على كرور الأعصار، و لم يسم إلى ذروته همم أولى الأيد والأبصار، حيث يقول عالم الأسرار:(ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ)[التوبة: 40] إلي غير ذلك من الآيات والآثار، ومشهور النصوص الواردة فيه والأخبار، التي غدت كالشمس في الانتشار، وفضل كل من فاضل، وفاق كل من جادل وناضل، ونزل فيه: قال تعالى: (لَا يَسْتَوِي مِنكُم مّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ)[الحديد: 10]. توحد الصديق، في الأحوال بالتحقيق، واختار الاختيار من الله حين دعاه إلى الطريق، فتجرد من الأموال والأعراض، وانتصب في قيام التوحيد للتهدف والأغراض، صار للمحن هدفاً، وللبلاء غرضاً، وزهد فيما عز له جوهراً كان أو عرضاً، تفرد بالحق، عن الالتفات إلى الخلق، وقد قيل إن التصوف الاعتصام بالحقائق، عند اختلاف الطرائق.
اسم أبي بكر الصديق ونسبه وكنيته وألقابه:
هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ابن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التيمي (1)، ويلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في النسب في الجد السادس مرة بن كعب (2) ويكنى بأبي بكر، وهي من البكر وهو الفتى من الإبل، والجمع بكارة وأبكر وقد سمَّت العرب بكراً، وهو أبو قبيلة عظيمة (3) ولُقب أبوبكر رضي الله عنه، بألقاب عديدة كلها تدل على سمو المكانة، وعلو المنزلة وشرف الحسب منها:
(1)
العتيق:
لقبّه به النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد قال له صلى الله عليه وسلم: (أنت عتيقُ الله من النار) فسُمِّيَ عتيقاً (4)
(حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح الترمذي) أن أبا بكر دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أنت عتيق الله من النار فيومئذٍ سُمِّيَ عتيقا.
(2)
الصديق:
لقبه به النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الآتي:
(حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحدا، وأبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم، فقال: اثبت أحد، فإنما عليك نبي وِصِدِّيْق، وشهيدان).
وقد لقب بالصديق لكثرة تصديقه للنبي صلى الله عليه وسلم.
(حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في السلسلة الصحيحة) قالت: لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم الى المسجد الاقصى، أصبح يتحدث الناس بذلك، فارتد ناسُ، كانوا آمنوا به وصدقوه وسعى رجال الى أبي بكر، فقالوا: هل لك الى صاحبك؟ يزعم أن أسري به الليله الى بيت المقدس! قال: وقد قال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: لئن قال ذلك فقد صدق. قالوا: أو تصدقه أنه ذهب الليلة الى بيت المقدس، وجاء قبل أن يصبح؟!! قال نعم، إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة، فلذلك سمي أبوبكر الصديق.
وقد أجمعت الأمة على تسميته بالصديق لأنه بادر الى تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم ولازمه الصدق فلم تقع منه هناة أبداً (5)، فقد اتصف بهذا اللقب ومدحه الشعراء:
قال أبو محجن الثقفي:
وسُمِّيت صديقاً وكل مهاجر
…
سواك يُسَمَّى باسمه غير منكر
(1) الإصابة لابن حجر (4/ 144،145).
(2)
سيرة وحياة الصديق، مجدي فتحي السيد، ص27.
(3)
ابو بكر الصديق، علي الطنطاوي، ص46.
(4)
الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (15/ 280) إسناده صحيح.
(5)
الطبقات الكبرى (2/ 172).
سبقت الى الاسلام والله شاهد
…
وكنت جليساً في العريش المشهر (1)
وأنشد الأصمعي (2)، فقال:
ولكني أحبّ بكل قلبي
…
وأعلم أن ذاك من الصواب
رسول الله والصدِّيق حبَّاً
…
به أرجو غداً حسن الثواب (3)
(3)
الصاحب:
لقبه به الله عز وجل في القرآن الكريم: {إِلَاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (التوبة، الآية:40)
وقد أجمع العلماء على أن الصاحب المقصود هنا هو أبوبكر رضي الله عنه (4)،
(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن أبا بكر حدثه فقال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وهو في الغار: لو أن أحدهم نظر الى قدميه لأبصرنا تحت قدميه!! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ياأبابكر ماظنك باثنين الله ثالثهما).
[*] قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ومن أعظم مناقبه قول الله تعالى: {إِلَاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ......... إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} فإن المراد بصاحبه هنا أبوبكر بلا منازع (5)، والاحاديث في كونه كان معه في الغار كثيرة شهيرة ولم يشركه في المنقبة غيره (6).
(4)
الأتقى:
لقبه به الله عز وجل في القرآن العظيم في قوله تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى} (سورة الليل، الآية: 17).
الْأَتْقَى: أي المتقي الخائف.
[*] قال ابن عباس: هو أبو بكر رضي الله عنه يزحزح عن دخول النار.
(5)
الأواه:
لقب أبو بكر بالأواه وهو لقب يدل على الخوف والوجل والخشية من الله تعالى، فعن ابراهيم النخعي قال: كان أبوبكر يسمى بالأواه لرأفته ورحمته (7).
كنيته: أبو بكر
- مولد أبي بكر الصديق رضي الله عنه:
(1) أسد الغابة (3/ 310).
(2)
هو عبد الملك بن قريب الباهلي رواية العرب ونابغة الدنيا في الحفظ.
(3)
أبوبكر الصديق للطنطاوي، ص49.
(4)
تاريخ الدعوة في عهد الخلفاء، يسري محمد هاني، ص39.
(5)
الإصابة في تمييز الصحابة (4/ 148).
(6)
نفس المصدر (4/ 148).
(7)
الطبقات الكبرى (3/ 171).