الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، فكان بالحق قوالاً، ولماله بذالاً، ولهواه قامعاً وقتالاً، ولم يكن ممن يخاف في الله لومة لائم. وكان مجاب الدعوة، سبق الإسلام قبل عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. شهد بدراً بسهمه وأجره. رغب عن الولاية، وتشمر في الرعاية، قمع نفسه، وأخفى عن المنافسة في الدنيا شخصه، اعتزل الفتنة والشرور المؤدية إلى الضيعة والغرور، عازماً علي السبقة والعبور، المفضي إلى الرفعة والحبور. كان للولايات قالياً، وفي مراتب الدنيا وانياً، وفي العبودية غانياً، وعن مساعدة نفسه فانياً.
[*] قال عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء:
سعيد بن زيد ابن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب أبو الأعور القرشي العدوي أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ومن السابقين الأولين البدريين ومن الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه شهد المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد حصار دمشق وفتحها فولاه عليها أبو عبيدة بن الجراح فهو أول من عمل نيابة دمشق من هذه الامة وله أحاديث يسيرة.
[*] أورد الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الواقدي كان سعيد رجلا آدم طويلا أشعر.
-
اسم سعيدِ بن زيد رضي الله عنه ونسبه:
سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيْل العدوي القرشي، أبو الأعور، من خيار الصحابة
ابن عم عمر بن الخطاب وزوج أخته، ولد بمكة عام (22 قبل الهجرة) وهاجر الى
المدينة، شهد المشاهد كلها إلا بدرا لقيامه مع طلحة بتجسس خبر العير، وهو أحد
العشرة المبشرين بالجنة، كان من السابقين الى الإسلام هو وزوجته أم جميل (فاطمة بنت الخطاب.
والد سعيدِ بن زيد رضي الله عنه
-:
وأبوه رضي الله عنه (زيد بن عمرو) اعتزل الجاهلية وحالاتها ووحّد الله تعالى بغير واسطة حنيفياً، وقد سأل سعيد بن زيد الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله، إن أبي زيد بن عمرو بن نفيل كان كما رأيت وكما بَلَغَك، ولو أدركك آمن بك، فاستغفر له؟ قال: نعم واستغفر له وقال: إنه يجيءَ يوم القيامة أمّةً وحدَهُ.
(حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه الثابت في صحيح السيرة النبوية) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ورقة بن نوفل؟ فقال: قد رأيته؛ فرايت عليه ثياب بياض، أبصرته في بطنان الجنة وعليه السندس، وسئل عن زيد بن عمرو بن نفيل؟ فقال: يبعث يوم القيامة أمة وحده.
[*] قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: كان والده زيد بن عمرو ممن فر إلى الله من عبادة الأصنام وساح في أرض الشام يتطلب الدين القيم فرأى النصارى واليهود فكره دينهم وقال اللهم إني على دين ابراهيم ولكن لم يظفر بشريعة إبراهيم عليه السلام كما ينبغي ولا رأى من يوقفه عليها وهو من أهل النجاة فقد شهد له النبي صلىالله عليه وسلم بأنه يبعث أمة وحده.
وهو إبن عم الإمام عمر بن الخطاب رأى النبي صلىالله عليه وسلم ولم يعش حتى بعث، فنقل يونس بن بكير وهو من أوعية العلم بالسير عن محمد بن إسحاق قال قد كان نفر من قريش زيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل وعثمان إبن الحارث بن أسد وعبيد [الله] بن جحش وأميمة إبنة عبد المطلب حضروا قريشا عند وثن لهم كانوا يذبحون عنده لعيد من أعيادهم فلما اجتمعوا خلا أولئك النفر بعضهم إلى بعض وقالوا تصادقوا وتكاتموا فقال قائلهم تعلمن والله ما قومكم على شيء لقد أخطؤا دين إبراهيم وخالفوه فما وثن يعبد لا يضر ولا ينفع فابتغوا لأنفسكم قال فخرجوا يطلبون ويسيرون في الأرض يلتمسون أهل كتاب من اليهود والنصارى والملل كلها يتطلبون الحنيفية فأما ورقة فتنصر واستحكم في النصرانية وحصل الكتب وعلم علما كثيرا ولم يكن فيهم أعدل شأنا من زيد اعتزل الأوثان والملل إلا دين إبراهيم يوحد الله تعالى ولا يأكل من ذبائح قومه وكان الخطاب عمه قد آذاه فنزح عنه إلى أعلى مكة فنزل حراء فوكل به الخطاب شبابا سفهاء لا يدعونه يدخل مكة فكان لا يدخلها إلا سراً وكان الخطاب أخاه ايضا من أمه فكان يلومه على فراق دينه فسار زيد إلى الشام والجزيرة والموصل يسأل عن الدين.
(حديث أسماء بنت أبي بكر الثابت في صحيح البخاري): قالت: رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما، مسندا ظهره إلى الكعبة، يقول: يا معاشر قريش، والله ما منكم على دين إبراهيم غيري. وكان يحيي الموءودة، يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته: لا تقتلها، أنا أكفيكها مؤونتها، فيأخذها، فإذا ترعرعت، قال لأبيها: إن شئت دفعتها إليك، وإن شئت كفيتك مؤونتها.
{تنبيه} : هذا الحديث ذكره البخاري رحمه الله تعالى تعليقاً وصححه الألباني في فقه السيرة.
(حديث بن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم: لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح، قبل أن ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي، فقدمت إلى النبي صلى الله عليه وسلم سفرة، فأبى أن يأكل منها، ثم قال زيد: إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم، ولا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه. وأن زيد بن عمرو كان يعيب على قريش ذبائحهم، ويقول: الشاة خلقها الله، وأنزل لها من السماء الماء، وأنبت لها من الأرض، ثم تذبحونها على غير اسم الله. إنكارا لذلك وإعظاما له.
(حديث بن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح البخاري) أن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشام، يسأل عن الدين ويتبعه، فلقي عالما من اليهود فسأله عن دينهم، فقال: إني لعلي أن أدين دينكم فأخبرني، فقال: لا تكون على ديننا، حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله، قال زيد: ما أفر إلا من غضب الله، ولا أحمل من غضب الله شيئا أبدا، وأنى أستطيعه؟ فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفا، قال زيد: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم، لم يكن يهوديا ولا نصرانيا ولا يعبد إلا الله. فخرج زيد فلقي عالما من النصارى فذكر مثله، فقال: لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله، قال: ما أفر إلا من لعنة الله، ولا أحمل من لعنة الله، ولا من غضبه شيئا أبدا، وأنى أستطيع؟ فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفا، قال: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا، ولا يعبد إلا الله. فلما رأى زيد قولهم في إبراهيم عليه السلام خرج، فلما برز رفع يديه، فقال: اللهم إني أشهد أني على دين إبراهيم.
(حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه الثابت في صحيح السيرة النبوية) أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ورقة بن نوفل؟ فقال: قد رأيته؛ فرأيت عليه ثياب بياض، أبصرته في بطنان الجنة وعليه السندس.
وسئل عن زيد بن عمرو بن نفيل؟ فقال: يبعث يوم القيامة أمة وحده.
وسئل عن أبي طالب؟ فقال: أخرجته من غمرة من جهنم إلى ضحضاح منها.
وسئل عن خديجة؛ لأنها ماتت قبل الفرائض وأحكام القرآن؟ فقال: أبصرتها على نهر في الجنة في بيت من قصب؛ لا صخب فيه ولا نصب.
[*] أورد الذهبي في سير أعلام النبلاء عن اسماء قالت رأيت زيد بن عمرو شيخا كبيرا مسندا ظهره إلى الكعبة وهو يقول ويحكم يا معشر قريش إياكم والزنى فإنه يورث الفقر.
[*] قال الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء:
توفي قبل المبعث فقد نقل ابن إسحاق أن ورقة بن نوفل رثاه بأبيات وهي * رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما * تجنبت تنورا من النار حاميا * * بدينك ربا ليس رب كمثله * وتركك أوثان الطواغي كما هيا * * وإدراكك الدين الذي قد طلبته * ولم تك عن توحيد ربك ساهيا * * فأصبحت في دار كريم مقامها * تعلل فيها بالكرامة لاهيا * * وقد تدرك الانسان رحمة ربه * ولو كان تحت الارض سبعين واديا *
وفي طبقات ابن سعد بالإسناد عن موسى بن عقبة قال: سمعت سالمًا أبا النضر يحدث، أن زيدًا والد سعيد كان يعيب على قريش ذبائحهم ثم يقول: الشاة خلقها الله وأنزل من السماء ماءً وأنبت لها الأرض، ثم يذبحونها على غير اسم الله، إنكارًا لذلك وإعظامًا له لا ءاكل مما لم يذكر اسم الله عليه.
وروى الذهبي في "سير أعلام النبلاء" أن زيدًا التقى بالشام راهبًا فقال له الراهب: أراك تريد دين إبراهيم عليه السلام، يا أخا أهل مكة، الحق ببلدك، فإن الله يبعث من قومك من يأتي بدين إبراهيم، وهو أكرم الخلق على الله.
وعن علي بن عيسى الحكمي عن أبيه عن عامر بن ربيعة أنه قال: قال لي زيد: يا عامر إني خالفت قومي واتّبعت ملة إبراهيم وما كان يعبد وإسماعيل من بعده، وكانوا يصلون إلى هذه القبلة، فأنا أنتظر نبيًا من ولد إسماعيل يُبعث ولا أراني أدركه، وأنا أؤمن به وأُصدقه وأشهد أنه نبي، فإن طالت بك مدة فرأيته فأقرئه مني السلام. قال عامر: فلما تنبّأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمتُ وأخبرته بقول زيد بن عمرو وأقرأته منه السلام فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورحَّمَ عليه وقال: "قد رأيته في الجنة يسحب ذيولاً".
ذلكم هو والد سعيد .. ذلك الذي ترك لقريش أصنامها وخمرها ولهوها وراح يعبد الله على دين إبراهيم .. ويكفي أن نذكر لك أنه كان يحول دون وأد البنات فإذا رأى من يريد أن يقتل ابنته قال له: {لا تقتلها وأنا أكفيك مئونتها} فيأخذها ويرعاها حتى تكبر وعندئذ يقول لأبيها {إن شئت دفعتها إليك وإن شئت كفيتك مئونتها} كما في الحديث الآتي: