الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(3)
ولما بشَّره بعض الشباب برؤيا رآها بعض المجاهدين في الشيخ الألباني فرح بها الشيخ رحمه الله وطلب من ناقلها له أن يتصل بالشيخ الألباني من بيته ليبشره بها، لكن قدَّر الله أن لا يكون الشيخ حينذاك في بيته.
وملخص الرؤيا: أن الرائي قد رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فسأله إذا أشكل عليَّ شيءٌ في الحديث فمَن أسأل؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: سل الشيخ محمد ناصر الدين الألباني!!
(4)
والشيخ رحمه الله يذكر شيوخه بمزيد من الاحترام والتبجيل أمثال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي والشيخ ابن باز، وأكثر منهما من كان له عظيم الأثر في حياته وهو الشيخ عبد الرحمن السعدي.
عبادة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وعُرف عن الشيخ قيامه بالفرائض والنوافل والطاعات، ومن صور ذلك:
(1)
أنه يحج في كل عام منذ سنوات طويلة.
(2)
أنه يعتمر في رمضان وفي غيره من مواسم " العطلات ".
(3)
أنه يقيم الليل حتى مع شدة تعبه، وقد حدَّث عن ذلك بعض تلامذته - وهو الشيخ حمد العثمان - ومما قال - بالمعنى - أنه سافر مع الشيخ إلى الرياض فمكثوا فيه وقتاً ثم غادروا إلى جدة فأدوا العمرة في مكة، فلما انتهوا من عمرتهم وإذ بالتعب قد سرى لجسدهم فاستسلموا للنوم.
قال الشيخ حمد: فقمت في الليل إلى الحمام لقضاء الحاجة، وإذ بي أرى الشيخ رحمه الله قائماً يصلي!!
فقلت: سبحان الله، أنا شاب واستسلمت للنوم، وهذا شيخ كبير تعب معي مثلي ثم يقوم في الليل ليصلي؟ فتشجع أخونا " حمد " ليصلي فقام وتوضأ ولما أراد أن يصلي وإذ بالنعاس يغالبه! فقال:" يا عمي! إحنا وين والشيخ وين!!؟ " فرجع للنوم! - ولا أدري أصلَّى شيئاً أو لا -.
نجدة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى وفزعته:
للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى نجدات وفزعات للمسلمين ببذل الشفاعات وتيسير الحاجات وإعطاء المستحقين الكتب والأموال، وقد حدَّث بعضُ تلامذته - مثل الأخ وليد الحسين - عن ذلك كثيراً، لكن عندي شيء لعله لا يعرفه إلا نفر قليل عن حادثة عظيمة في حياة الشيخ رحمه الله، وهي:
(أ) أنه قد سافر شباب من " الأردن " إلى العمرة، وفي " خيبر " قدَّر الله عليهم حادثاً صدموا به عمود الإنارة! فهرعت الشرطة لمكان الحادث، وأصروا على السائق أن يدفع تكاليف العمود وكانوا قد قدَّروا ذلك بـ (21000) واحد وعشرون ألف ريال!
وهذا السائق - ومعه المعتمرون - لا يقدرون على دفع مثل هذا المبلغ!
فحجز الشرطة جواز سفر السائق لحين تدبير المبلغ ودفعه عند رجعتهم من أداء العمرة.
فغلب الشباب على أمرهم وفكروا في طريقة تحصيل المبلغ، فلم يكن أمامهم إلا عرض الموضوع على بعض المشايخ، فكان أن ذهب واحدٌ منهم - وهو الذي حدثني بالقصة - إلى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في غرفته في الحرم المكي بعد صلاة العصر.
فعرف الشيخ منه القصة، وقال له:" تعال غداً وإن شاء الله يصير خير "!
قال الشاب: فلم أرجع للشيخ لأنني عرفت أن المبلغ كبير، والشيخ لا يعرفنا، ولم يُعرف عن الشيخ أنه يساعد في مثل هذه الأمور، لكنني ذهبت - والكلام لمحدثي - تحقيقاً لرغبة الشباب في أن أكلِّم الشيخ فقط.
ثم رجع القوم إلى " الأردن "، وكان لا بدَّ من المرور على " خيبر "! لأخذ الجواز، ولعلَّ الله أن يكون قد رقق قلوبهم فيسقطوا عنا المبلغ.
ولما دخل الشباب إلى المركز أصرَّ الضابط على إحضار المبلغ كاملاً وإلا لا سفر، فإن أرادوا السفر فمن غير السائق!!
تحيَّر الشباب وسائقهم! ماذا يفعلون؟
توجهوا للشاب الذي ذهب للشيخ ابن عثيمين فقالوا له: ألم تذهب أنت للشيخ ماذا قال لك؟ قال: قال: تعال غداً!!
قالوا: فهل ذهبتَ له؟ قال: لا!!
قالوا: اتَّصل به لعل الله أن يكون الفرج على يديه ونحن محبوسون عن أهلنا هنا ونحن في آخر أيام رمضان!!
قال: فاتَّصلتُ بالشيخ في غرفته فردَّ عليَّ وأخبرته بحالنا!
قال: أنت الشاب الأردني؟؟!!
قلت: نعم يا شيخ!
قال: ألم أقل لك تعال في الغد، لمَ لمْ تأتِ؟
قال: استحييتُ!
قال: فلمَ كلمتني إذن؟؟! على كل حال: المبلغ كان جاهزاً في اليوم نفسه!!!!!
فلم يصدِّق صاحبي الخبر، وكاد الشباب أن يطيروا فرحاً - ومعهم السائق بالطبع! -.
قال الشاب: والحل يا شيخ؟
قال الشيخ: أنا أحوِّل المبلغ للمركز، وأطلب منهم أن ييسروا أمركم وترجعوا إلى أهليكم قبل العيد!!
قال الشيخ: أعطني الضابط المسؤول!
كلَّم الضابطُ الشيخ بنوع من اللامبالاة!
قال الشيخ: المبلغ عندي وأعطني رقم حسابكم وأنا أحوله لكم وأطلقوا الشباب وسائقهم ليذهبوا إلى أهليهم!
ردَّ الضابط بقلة أدب: آسفين يا شيخ! لا بدَّ من إحضار المبلغ نقداً وإلا فلن يسافروا ولن يرجعوا!!
غضب الشيخ جدّاً من الضابط، وقال: أقول لك المبلغ عندي دعهم يذهبوا إلى أهليهم!!
رفض الضابط مرة أخرى!
أغلق الشيخ السماعة.
قال الشاب: فما هي إلا لحظات إلا والمركز ينقلب رأساً على عقب!!
ما الخطب؟؟
إنه أمير المدينة!! - الأمير عبد المجيد - اتصل يسأل عن الضابط الذي رفض طلب الشيخ وبدأ يهدد ويتوعد بالعقوبة!!
حاول الضباط وأفراد الشرطة التستر على زميلهم!!
ورأى الشباب تغير العنجهية بصورة سريعة ومذهلة! إلى رقة وأدب!
فأمرهم أمير المدينة بإطلاق الشباب وسائقهم فوراً وتصليح العمود على حساب الدولة!!
لا يتصور أحد مدى فرحة الشباب بهذا الخبر! فشكروا للشيخ جهوده ووقفته معهم وارتفعت أصواتهم بالدعاء للشيخ، وأكبروا في الأمير احترامه للعلماء وتقديره لمكانتهم في موقف لن ينساه أحد منهم ما عاش أبداً!
(ب) أما ما قاله الأخ وليد الحسين فهو:
ولقد لمستُ حرص الشيخ على طلابه منذ بداية ملازمتي له، وذلك عندما قصدت هذه البلاد المباركة - المملكة العربية السعودية - قبل ثلاث عشرة سنة، وقد صحبتُ معي القليل من المال حتى نفد، ولم يبق عندي منه شيء فصبَّرتُ نفسي، وأيقنتُ أن الله سيفرج هذا الضيق:
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
…
فرجت وكنت أظن أنها لا تفرج
حتى إذا ما مضى أسابيع، وأنا أعيش هذا الضيق، فإذا بالشيخ يناديني بعد صلاة الفجر، وبيده مبلغ من المال ليس بالقليل، ويعلم الله أنني لم أشكُ له حالي، ولكنه الفرج من الله.
وبعد مدة من الزمن نفد ما عندي من المال، فخشيتُ أن أكون قد أحرجتُ الشيخ في مساعدته لي، أو يظن أنني لازمته من أجل المال، فقررتُ أن أرحل، وأجمع مالاً أتقوى به على طلب العلم، فرحلتُ إلى " الدمام " - حيث معارفي - وتركتُ رسالة للشيخ بيَّنتُ فيها سبب ارتحالي، فساءه ذلك جدّاً، وحاول أن يتعرف على عنواني، فتيسر له الحصول عليه وعلى رقم هاتفي، واتصل بي هاتفيّاً! وألزمني بالرجوع، وألحَّ عليَّ، فأجبتُه إلى طلبه وأنا في حرج، واستأنفتُ ملازمتي له.
وكان حفظه الله - والآن نقول: رحمه الله لا يبخل عليَّ وعلى زملائي من المغتربين بالإنفاق علينا، ومتابعة أحوالنا، وتذليل الصعاب التي تواجهنا. أ. هـ