الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأخرج مسلم، والبيهقي ـ واللفظ له ـ عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه فذكر حديثاً طويلاً، وذكر فيه رجوعهم من غزوة بني فَزارة. قال: فلم نمكث إلا ثلاثاً حتى خرجنا إلى خيبر. قال: وخرج عامر رضي الله عنه فجعل يقول:
والله لولا أنت ما اهتدينا
ولا تصدَّقنا ولا صلَّينا
ونحن من فضلك ما استغنينا
فأنزلنْ سكينةً علينا
وثبِّتِ الأقدامِ إِن لاقينا
قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من هذا القائل؟ " فقالوا: عامر فقال: "غفر لك ربك". قال: ما خصّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قطُّ أحداً به إِلا استشهد ـ. فقال عمر رضي الله عنه وهو على جمل ـ: لولا متَّعْتَنا بعامر. قال: فقدمنا خيبر، فخرج مرحب وهو يخطِر بسيفه ويقول:
قد علمت خيبر أني مَرْحَبْ
شاكي السلاحِ بطل مُجَرّبْ
إذا الحروب أقبلت تَلَهَّبْ
قال: فبرز له عامر رضي الله عنه وهو يقول:
قد علمت خيبر أني عامر
شاكي السلاحِ بطل مغامر
قال: فاختلفنا ضربتين، فوقع سيف مرحب في ترس عامر رضي الله عنه، فذهب يسعل له، فرجع على نفسه فقطع أكْحَله فكانت فيها نَفْسهُ. قال سلمة رضي الله عنه: فخرجت فإذا نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: بَطَل عَملُ عامر، قَتَلَ نفسَه. قال: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي. فقال: "ما لك؟ " فقلت: قالوا: إن عامراً بطل عمله فقال: "من قال ذلك؟ " فقلت: نفر من أصحابك. فقال: "كذب أولئك، بل له الأجر مرّتين". قال: وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي يدعو وهو أرمد؛ وقال: "لأُعْطِيَنَّ الراية اليوم رجلاً يحبُّ الله ورسولَه". قال: فجئت به أقوده. قال: فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينه فبرأ؛ فأعطاه الراية. فبرز مرحب وهو يقول:
قد علمت خيبر أني مرحبْ
شاكي السلاحِ بطل مجرّبْ
إذا الحروب أقبلت تَلَهَّبْ
قال فبرز له رضي الله عنه وهو يقول:
أنا الذي سمتني أمي حَيْدَرَة
كَلَيْثِ غاباتٍ كريهِ المنظرهْ
أُوفيهم بالصاع كيل السَّنْدَره
قال فضرب مرحباً ففلق رأسه فقلته، وكان الفتح. هكذا وقع في هذا السياق: أنّ علياً هو الذي قتل مرحباً اليهودي ـ لعنه الله ـ.
ومما يدلّ على شجاعته رضي الله عنه أنه نام مكان النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الهجرة.
(16) ومن مناقبه رضي الله عنه كريم خُلقه:
ولأدل على ذلك الموقف الآتي: