الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[*] أورد الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الواقدي توفي سعيد بن زيد سنة إحدى وخمسين وهو ابن بضع وسبعين سنة وقبر بالمدينة نزل في قبره سعد وابن عمر وكذا قال أبو عبيد ويحيى بن بكير وشهاب.
[*] أورد الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الزهري مات سنة اثنتين وخمسين رضي الله عنه.
قال الذهبي: مات سعيد بن زيد وكان يَذْرَب، فقالت أم سعيد لعبد الله بن عمر: أتُحَنطه بالمسك فقال: وأيُّ طيب أطيب من المسك، فناولته مسكًا. والذَرَب هو داء يصيب المعدة فلا تهضم الطعام ولا تمسكه.
وقال ابن الجوزي في "صفة الصفوة": ونزل في حفرته سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر. وصلى عليه المغيرة بن شُعبة وهو يومئذٍ والي الكوفة لمعاوية بن أبي سفيان.
رضي الله عنهم أجمعين-
…
ثانياً:
صورٌ مشرقة من زهد سعيدِ ابن زيد رضي الله عنه
-:
لقد فهم سعيد ابن زيد رضي الله عنه من خلال معايشته للقرآن الكريم، ومصاحبته للنبي الأمين صلى الله عليه وسلم ومن تفكره في هذه الحياة بأن الدنيا دار اختبار وابتلاء، وعليه فإنها مزرعة للآخرة، ولذلك تحرر من سيطرة الدنيا بزخارفها، و زينتها، وبريقها، وطلقها ثلاثة ونفض يديه منها، وخضع وانقاد وأسلم نفسه لربه ظاهرا وباطنا، فكانت الدنيا في يده ولم تقترب من قلبه الشريف، وقد وصل إلى حقائق استقرت في قلبه ساعدته على الزهد في هذه الدنيا ومن هذه الحقائق ما يلي:
(1)
اليقين التام بأننا في هذه الدنيا أشبه بالغرباء، أو عابري سبيل كما قال النبى صلى الله عليه وسلم: كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ.
(حديث بن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح البخاري) قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل). وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك.
(2)
أن هذه الدنيا لا وزن لها ولا قيمة عند رب العزة إلا ما كان منها طاعة لله تبارك وتعالى:
(حديث سهل بن سعد رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء.
(حديث أبي هريرة في صحيح ابن ماجة) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالماً أو متعلما.
(3)
أن عمرها قد قارب على الانتهاء:
(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بعثت أنا والساعة كهاتين قال وضم السبابة والوسطى.
(4)
أن الآخرة هى الباقية، وهى دار القرار:
كما قال مؤمن آل فرعون:
(يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ)[غافر: 39، 40]
كانت هذه الحقائق قد استقرت في قلب أبي بكر، فترِفَّع رضي الله عنه عن الدنيا وحطامها وزهد فيها،
وهاك بعض صور زهده رضي الله عنه:
كان سعيد بن زيد رضي الله عنه محبوباً من النبي صلى الله عليه وسلم. وظل يجاهد معه عليه الصلاة والسلام حتى لحق النبي بالرفيق الأعلى فواصل جهاده مع الخلفاء الراشدين حتى وافته المنية في عهد معاوية بن أبي سفيان. وفي عهد عمر بن الخطاب شهد موقعة اليرموك وفتح دمشق وأبلى في المعارك بلاءً حسناً. وحين سأل عمر بن الخطاب أبا عبيدة بن الجراح عن أحواله بعث إليه بكتاب جاء فيه: أما عن أخويك سعيد بن زيد ومعاذ بن جبل فكما عهدت. إلا أن السواد زادهما في الدنيا زهداً وفي الآخرة رغبة.
ويصف سعيد بن زيد معركة اليرموك قائلاً: لما كان يوم اليرموك كنا أربعة وعشرين ألفاً ونحواً من ذلك. فخرجت لنا الروم بعشرين ومائة ألف. وأقبلوا علينا بخطى ثقيلة كأنهم الجبال تحركها أيد خفية. وسار أمامهم الأساقفة والبطاركة والقسيسون يحملون الصلبان وهم يجهرون بالصلوات فيرددها الجيش من ورائهم وله هزيم كهزيم الرعد. فلما رآهم المسلمون على حالهم هذه هالتهم كثرتهم وخالط قلوبهم شيء من خوفهم. عند ذلك قام أبو عبيدة فخطب في الناس وحثهم على القتال. عند ذلك خرج رجل من صفوف المسلمين وقال لأبي عبيدة: إني أزمعت على أن أقضي أمري الساعة. فهل لك من رسالة تبعث بها إلى رسول الله؟ فقال أبو عبيدة: نعم. تقرئه مني ومن المسلمين السلام وتقول له: يا رسول الله إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً.