المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ مناقب الشافعي رحمه الله: - فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب - جـ ١

[محمد نصر الدين محمد عويضة]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌عملي في هذا الكتاب:

- ‌كتاب الزهد

- ‌باب: حقيقة الدنيا وذم التنافس على الدنيا

- ‌التحذير من الافتتان بالدنيا والركون إليها:

- ‌ ذم الدنيا:

- ‌ زوال الدنيا:

- ‌ والآخرة هي الباقية، وهى دار القرار:

- ‌ومما ورد في ذم التنافس على الدنيا ما يلي:

- ‌باب: أقسام الناس في حبهم للدنيا

- ‌باب: أضرار حب الدنيا

- ‌باب: حقيقة الموت

- ‌عبرة الموت:

- ‌شدة الموت:

- ‌فوائد ذكر الموت:

- ‌حضور الموت:

- ‌سكرات الموت:

- ‌رُسُلُ ملك الموت:

- ‌حسن الخاتمة:

- ‌صور من حسن الخاتمة:

- ‌الوسائل التي يجعلها الله سبباً في حسن الخاتمة:

- ‌باب: تعريف الزهد

- ‌أجمع تعريف للزهد:

- ‌باب: حقيقة الزهد

- ‌باب: درجات الزهد وأقسامه

- ‌باب: حكم الزهد

- ‌باب: فضائل الزهد

- ‌(1) من أعظم فضائل الزهد امتثال أمر الله تعالى:

- ‌(2) التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم سيد الزاهدين وإمام العابدين:

- ‌(3) أن الله تعالى وصف أهله بالعلم وهو غاية الثناء:

- ‌(4) أن الله تعالى وصف الكفار أنهم يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة:

- ‌(5) من كانت الآخرة همّه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة بنص السنة الصحيحة:

- ‌(6) إن من خير الناس من يشنأ الدنيا ويحب الآخرة بنص السنة الصحيحة:

- ‌(7) إن الزهد في الدنيا من أسباب نيل حب الله تعالى الذي هو غاية كل مؤمن:

- ‌أقوال السلف في الزهد:

- ‌باب: حاجة الناس إلى الزهد

- ‌باب: كيف يزهد العبد في الدنيا ويرغب في الآخرة

- ‌باب: خصال الزهد

- ‌عشرةٌ من خِصال الزهد:

- ‌ومن خصال الزهد: الخوف والرجاء والرغبة والرهبة والسخاء وسلامة الصدر واليقين التام:

- ‌رأس الزهد ووسط الزهد وآخر الزهد:

- ‌باب: علامات الزهد

- ‌ العلامة الأولى: أن لا يفرح بموجود ولا يحزن على مفقود

- ‌ العلامة الثانية: أن يستوي عنده ذامه ومادحه

- ‌ العلامة الثالثة: ان يكون أنسه بالله تعالى والغالب على قلبه حلاوة الطاعة إذ لا يخلو القلب عن حلاوة المحبة إما محبة الله

- ‌باب: متعلقات الزهد

- ‌1 - المال:

- ‌2 - الملك والرئاسة:

- ‌3 - المظهر:

- ‌4 - ما في أيدي الناس:

- ‌5 - النفس:

- ‌باب: ما ليس بزهد ويتوهم أنه زهد

- ‌(1) لا يكون بترك المال:

- ‌(2) ولا يكون الزهد في الفقر:

- ‌(3) ولا يكون الزهد أيضاً بترك الدنيا وتخليها من اليد والقعود صفراً منها:

- ‌ ولا يكون الزهد باعتزال الأزواج أبداً

- ‌باب: بيان تفضيل الزهد فيما هو من ضروريات الحياة

- ‌ أولاً بيان الزهد في المطعم:

- ‌ ثالثاً بيان الزهد في المسكن:

- ‌ رابعاً بيان الزهد في أثاث البيت:

- ‌ خامساً بيان الزهد في المنكح:

- ‌ سادساً بيان الزهد في المال والجاه:

- ‌باب: الأسباب المعينة على الزهد في الدنيا

- ‌(1) النظر في الدنيا وسرعة زوالها وفنائها ونقصها وخستها وما في المزاحمة عليها من الغصص والنغص والأنكاد

- ‌(2) النظر في الآخرة وإقبالها ومجيئها ودوامها وبقائها وشرف ما فيها من الخيرات:

- ‌(3) الإكثار من ذكر الموت والدار الآخرة

- ‌في الإكثار من ذكر الموت فوائد منها: ما يلي:

- ‌(4) تشييع الجنائز والتفكر في مصارع الآباء والإخوان وأنهم لم يأخذوا في قبورهم شيئاً من الدنيا ولم يستفيدوا غير العمل الصالح

- ‌منكرات الجنائز:

- ‌(5) التفرغ للآخرة والإقبال على طاعة الله وإعمار الأوقات بالذكر وتلاوة القرآن

- ‌(6) إيثار المصالح الدينية على المصالح الدنيوية:

- ‌(7) البذل والإنفاق وكثرة الصدقات:

- ‌(8) ترك مجالس أهل الدنيا والاشتغال بمجالس الآخرة:

- ‌تعريف النميمةُ:

- ‌(9) الإقلال من الطعام والشراب والنوم والضحك والمزاح

- ‌(10) مطالعة سير الزاهدين وبخاصة سيرة النبي وأصحابه:

- ‌ أولاً: مطالعة زهد النبي

- ‌ ثانياً نماذج من سير الزاهدين من الصحابة

- ‌اختلاف مراتب الصحابة رضي الله عنهم:

- ‌فضل العشرة المبشرين بالجنة:

- ‌فضل أهل بدر:

- ‌أهل بيعة الرضوان:

- ‌ فضل سيرة الصحابة:

- ‌ زهد العشرة المبشرين بالجنة وهم:

- ‌ سيرة أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه وصورٌ من زهده:

- ‌ صفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌ مناقب أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌(1) إنه أفضل هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم بنص السنة الصحيحة:

- ‌(2) أبو بكر أول من أظهر الإسلام بعد رسول الله

- ‌(3) دعوة أبي بكر رضي الله عنه

- ‌(4) وهو ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ:

- ‌(5) وهو أول الخلفاء الراشدين الذي أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نقتدي بهم:

- ‌(6) ورع أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه

- ‌(7) تفقده لأحوال الناس ومحتاجيهم:

- ‌(8) وكان أبو بكر ممن يُفتي على عهد النبي

- ‌(9) إنفاق أبي بكر رضي الله عنه ماله كله عند الهجرة:

- ‌(10) وأنفق ماله كله لما حث النبي صلى الله عليه وسلم على النفقة:

- ‌(11) ومن مناقبه أنه أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌(12) ومن مناقبه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذه أخاً له:

- ‌(13) ومن مناقبه رضي الله عنه أن الله زكّاه:

- ‌(14) ومن مناقبه رضي الله عنه أنه يُدعى من أبواب الجنة كلها:

- ‌(15) ومن مناقبه أنه جمع خصال الخير في يوم واحد:

- ‌(16) ومن مناقبه رضي الله عنه أن وصفه رجل المشركين بمثل ما وصفت خديجة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(17) وجمع بيت أبي بكر وآل أبي بكر من الفضائل الجمة الشيء الكثير الذي لم يجمعه بيت في الإسلام

- ‌(18) غضبه إذا انتهكت حرمات الله تعالى:

- ‌(19) حفظ سر النبي

- ‌(20) الصديق وآية صلاة الجمعة:

- ‌(21) رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفي الخيلاء عن أبي بكر:

- ‌(22) أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر:

- ‌(23) إكرامه للضيوف:

- ‌(24) ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر:

- ‌(25) انتصار النبي للصديق رضي الله عنه:

- ‌(26) قل: غفر الله لك يا أبا بكر:

- ‌(27) مسابقته في الخيرات:

- ‌(28) كظمه للغيظ:

- ‌(29) بلى والله إني أحب أن يغفر الله لي:

- ‌(30) غيرة الصديق رضي الله عنه وتزكية النبي صلى الله عليه وسلم لزوجه:

- ‌(31) خوفه من الله تعالى:

- ‌(32) رسوخ إيمانه بالله تعالى:

- ‌هول الفاجعة وموقف أبي بكر منها:

- ‌(33) علمه رضي الله تعالى عنه:

- ‌(34) دعاؤه وشدة تضرعه رضي الله عنه

- ‌(35) دفاعه عن النبي

- ‌(36) أنه أول العشرة المبشرين بالجنة وأفضلهم:

- ‌(37) ومن أعظم مناقبه رضي الله عنه أن أحق الناس بالخلافة بالكتاب والسنة والإجماع:

- ‌الأحاديث الدالة على خلافة أبي بكر رضي الله عنه

- ‌انعقاد الإجماع على خلافة الصديق رضي الله عنه

- ‌(38) أعماله العظيمة:

- ‌(39) إكرامه لأهل البيت:

- ‌ وفاة الصديق رضي الله عنه

- ‌ سيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وصورٌ من زهده:

- ‌ مولد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وصفته الخَلْقية:

- ‌ إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌ قصة إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌ أثر إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الدعوة:

- ‌ دعوة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌ هجرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌أولاً مناقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه جملة ً:

- ‌(1) إيمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعلمه ودينه:

- ‌(2) هيبة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وخوف الشيطان منه:

- ‌(3) عمر بن الخطاب رضي الله عنه مُلْهَمُ هذه الأمة:

- ‌(4) لم أر عبقرياً ينزع نزع عمر:

- ‌(5) غَيْرَةُ عمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبشرى رسول الله له بقصر في الجنة:

- ‌(6) عمر بن الخطاب رضي الله عنه أحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه بعد أبي بكر:

- ‌(7) بشرى لِعُمَرَ بن الخطاب رضي الله عنه بالجنة:

- ‌(8) موافقات عمر بن الخطاب رضي الله عنه للقرآن الكريم:

- ‌(9) إلمام عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأسباب النزول:

- ‌(10) تفسير عمر بن الخطاب رضي الله عنه لبعض الآيات وبعض تعليقاته:

- ‌(11) ملازمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لرسول الله

- ‌(12) من صدقات عمر بن الخطاب رضي الله عنه ووقفه:

- ‌(13) دعاء رسول الله لعمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌(14) زواج حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنه عنهما من رسول الله:

- ‌(15) فراسة عمر الصادقة في أبي مسلم الخولاني:

- ‌(16) مشورة عمر على أبي بكر بجمع القرآن:

- ‌(17) تفقد عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأحوال أمراءه:

- ‌(18) قبول عمر بن الخطاب رضي الله عنه للحق إذا سمعه من الرعية وعدم استنكافه من ذلك:

- ‌(19) تحقيقه للعدل والمساواة رضي الله عنه:

- ‌(20) شدة خوف عمر بن الخطاب رضي الله عنه من الله تعالى بمحاسبته لنفسه:

- ‌(21) لين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وشدته:

- ‌(22) رحمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌(23) ومن أعظم مناقب عمر رضي الله عنه اعترافه بفضل أبي بكرٍ عليه إذعاناً للحق:

- ‌(24) شجاعة عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

- ‌(25) حكم عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الناس بظاهر الأعمال مما يدل على رسوخ العلم والإيمان في قلبه رضي الله عنه

- ‌(26) ورع عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌(27) كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقافاً عند حدود الله تعالى:

- ‌(28) إكرام عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأهل البيت:

- ‌(29) توقير عمر بن الخطاب رضي الله عنه للصحابه:

- ‌(30) تواضع عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌مقتل عمر وجعله الأمر للستة أصحاب الشورى:

- ‌دَيْن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ودفنه مع صاحبيه واستخلافه النفر الستة:

- ‌ بعض صور زهده رضي الله عنه:

- ‌ سيرة عثمان بن عفان رضي الله عنه و صورٌ مشرقة من زهده:

- ‌ اسم عثمان ابن عفان رضي الله عنه ونسبه:

- ‌ مناقب عثمان ابن عفان رضي الله عنه

- ‌(1) عثمان ذو النورين:

- ‌(2) حياء عثمان رضي الله عنه:

- ‌(3) عثمان ابن عفان رضي الله عنه أحد العشرة المبشرين بالجنة:

- ‌(4) عثمان ابن عفان رضي الله عنه ابن عمة النبي

- ‌(5) عثمان ابن عفان رضي الله عنه من السابقين الأولين في الإسلام:

- ‌(6) بشارات لعثمان ابن عفان رضي الله عنه

- ‌(7) منزلة عثمان ابن عفان رضي الله عنه بين الصحابة:

- ‌(8) إنفاق عثمان ابن عفان رضي الله عنه في سبيل الله تعالى:

- ‌(9) عثمان ابن عفان رضي الله عنه جامع القرآن العظيم:

- ‌(10) رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد لعثمان ابن عفان رضي الله عنه أنه يُقتل مظلوما:

- ‌(11) أشاد النبي بخلافة عثمان ابن عفان رضي الله عنه وأمره بالتمسك بها وإن أراد المنافقون أن يُعْزَلَ منها:

- ‌(12) ابن عمر يشهد ببراءة عثمان مما اتهم به:

- ‌(13) عدل عثمان ذي النورين رضي الله عنه:

- ‌مقتل عثمان رضي الله عنه

- ‌حفر بئر رومة وتجهيز جيش العسرة:

- ‌عثمان رضي الله عنه وعتق رقبة كل جمعه:

- ‌ سيرة علي ابن أبي طالب رضي الله عنه و صورٌ من زهده:

- ‌ اسم علي ابن أبي طالب رضي الله عنه ونسبه:

- ‌ مناقب علي ابن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌(1) علي ابن أبي طالب رضي الله عنه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله بنص السنة الصحيحة:

- ‌(2) علي ابن أبي طالب رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم منه بنص السنة الصحيحة:

- ‌(3) علي ابن أبي طالب رضي الله عنه مولى من كان النبي صلى الله عليه وسلم مولاه بنص السنة الصحيحة: كما في الحديث الآتي:

- ‌(4) منزلة علي ابن أبي طالب رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس نبي بعدي:

- ‌(5) لا يقضي دين النبي صلى الله عليه وسلم إلا هو أو علي:

- ‌(6) لا يحب علي إلا مؤمن ولا يُبْغِضه إلا منافق بنص السنة الصحيحة: كما جاء في الحديث الآتي:

- ‌(7) أن النبي صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِسَدِّ الْأَبْوَابِ إِلَّا بَابَ عَلِيٍّ بنص السنة الصحيحة:

- ‌(8) عليٌ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الصِّبْيَانِ:

- ‌(9) علي أحد العشرة المبشرين بالجنة بنص السنة الصحيحة:

- ‌(10) ومن مناقبه رضي الله عنه أنه زوج فاطمة البتول رضي الله عنها، سيدة نساء العالمين:

- ‌(11) ومن مناقبه رضي الله عنه أنه اجتمع له من الفضائل الجمّة ما لم يجتمع لغيره:

- ‌(12) ومن مناقبه شدة تواضعه رضي الله عنه

- ‌(13) ومن مناقبه رضي الله عنه أن قاتله أشقى الناس بنص السنة الصحيحة:

- ‌(14) ومن مناقبه رضي الله عنه أنه أقضى الصحابة بنص السنة الصحيحة:

- ‌(15) ومن مناقبه رضي الله عنه شدة شجاعته:

- ‌(16) ومن مناقبه رضي الله عنه كريم خُلقه:

- ‌(17) ومن مناقبه رضي الله عنه شدة ابتلاؤه:

- ‌(18) ومن مناقبه رضي الله عنه إنصافه لخصومه:

- ‌(19) ومن مناقبه أن النبي بشره بالشهادة:

- ‌(20) ومن مناقبه شدة ورعه في مال المسلمين:

- ‌(21) ومن مناقبه إنكاره على من فضله على أبي بكر وعمر:

- ‌(22) اعترافه بفضل عثمان وإنصافه له:

- ‌ سيرة طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

- ‌ اسم طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه وكنيته:

- ‌ مناقب طلحة ابن عبيد الله رضي الله عنه

- ‌(1) طلحة أحد العشرة المبشرين بالجنة:

- ‌(2) طلحة شهيد يمشي على الأرض:

- ‌(3) طَلْحَةُ مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ:

- ‌(4) إنفاق طلحة في سبيل الله تعالى:

- ‌(5) شجاعة طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه:

- ‌(6) موقف طلحة بن عبيد الله من الفتنة:

- ‌قتل طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

- ‌ صورٌ مشرقة من زهد طلحة ابن عبيد الله رضي الله عنه

- ‌ سيرة الزبير بن العوام رضي الله عنه

- ‌ اسم الزبير بن العوام رضي الله عنه وكنيته:

- ‌ مَنَاقِبِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رضي الله عنه

- ‌(1) الزبير ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم وحواريه:

- ‌(2) الزبير أحد العشر المبشرين بالجنة ومن الستة أصحاب الشورى:

- ‌(3) تبشيره بالشهادة:

- ‌(4) جَمَعَ النبي صلى الله عليه وسلم له أَبَوَيْهِ:

- ‌(5) شجاعة الزبير بن العوام رضي الله عنه:

- ‌(6) إنفاق الزبير في سبيل الله عز وجل:

- ‌(7) الزبير من الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح:

- ‌(8) الزبير ركن من أركان الدين:

- ‌(9) اعتزال الزبير للفتنة:

- ‌قتل الزبير بن العوام رضي الله عنه

- ‌ صورٌ مشرقة من زهد الزبير بن العوام رضي الله عنه

- ‌ سيرة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه و صورٌ من زهده:

- ‌اسم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وكنيته:

- ‌إسلام عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه

- ‌ مَنَاقِبِ عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه

- ‌(1) عبد الرحمن بن عوف أحد العشرة المبشرين بالجنة وأنه من أهل بدر ومن الذين بايعوا تحت الشجرة:

- ‌(2) بره بأمهات المؤمنين:

- ‌(3) خوف عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وبكاؤه على بسط الدنيا:

- ‌(4) تواضع عبد الرحمن بن عوف:

- ‌(5) كان عبد الرحمن بن عوف تاجراً موفقاً:

- ‌(6) إنفاق عبد الرحمن بن عوف في سبيل الله:

- ‌(7) ومن أفضل مناقب عبد الرحمن عزله نفسه من الأمر وقت الشورى واختياره للأمة من أشار به أهل الحل

- ‌(8) زهد عبد الرحمن بن عوف في الإمارة:

- ‌(9) مكانة عبد الرحمن بن عوف بين الصحابة:

- ‌ صورٌ مشرقة من زهد عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه

- ‌ سيرة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌ إسلام سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌ثورة أم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌ وفاة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌ مناقب مَنَاقِبِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه

- ‌(1) سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أحد العشرة المبشرين بالجنة:

- ‌(2) سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أحد الستة أصحاب الشورى ومن السابقين الأولين:

- ‌(3) دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له وشهادته له بالصلاح:

- ‌(4) مستجاب الدعوة:

- ‌(5) شهادة النبي له بالشهادة:

- ‌(6) أول دم هريق في الإسلام وأول العرب رمى بسهم في سبيل الله:

- ‌(7) شجاعة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه:

- ‌(8) موقف سعد المشرف من الفتنة:

- ‌(9) إيثاره للخمول وإنكار الذات:

- ‌(10) سعد بن أبي وقاص ممن يدعو ربه بالغداة والعشي:

- ‌(11) ومن مناقب سعد أن فتح العراق كان على يدي سعد:

- ‌سعد آخر المهاجرين وفاةً:

- ‌ صورٌ من زهد سعدِ ابن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌ سيرة سعيدِ بن زيد رضي الله عنه و صورٌ من زهده:

- ‌ اسم سعيدِ بن زيد رضي الله عنه ونسبه:

- ‌والد سعيدِ بن زيد رضي الله عنه

- ‌ إسلام سعيدِ بن زيد رضي الله عنه

- ‌ مناقب سعيد ابن زيد رضي الله عنه

- ‌(1) أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ومن السابقين الأولين البدريين:

- ‌(2) مستجاب الدعوة:

- ‌(3) شهادة النبي له بالشهادة:

- ‌(4) إيثاره للخمول وإنكار الذات:

- ‌(5) غضبه على من سب الصحابة:

- ‌ صورٌ مشرقة من زهد سعيدِ ابن زيد رضي الله عنه

- ‌ سيرة أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه و صورٌ من زهده:

- ‌ مناقب أبي عبيدة ابن الجراح رضي الله عنه

- ‌(1) أبو عبيدة أمين هذه الأمة:

- ‌(2) أبو عبيدة من أحب الناس للنبي

- ‌(3) مكانته بين الصحابة:

- ‌(4) تواضع أبي عبيدة:

- ‌(5) إيثاره الخمول وإنكار الذات:

- ‌(6) ومن مناقبه رضي الله عنه أنه كان رجلا حسن الخلق لين الشيمة ينئ بنفسه عن الخلاف وَيُغَلِّب المصلحة الراجحة التي تجمع كلمة المسلمين وتنئ بهم عن الخلاف والشقاق:

- ‌(7) إنفاقه في سبيل الله تعالى:

- ‌(8) خوف أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه وبكاؤه على بسط الدنيا:

- ‌ صورٌ مشرقة من زهد أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

- ‌ثالثاً: نماذج من سير الزاهدين من أئمة التابعين رحمهم الله تعالى:

- ‌سيرة أويس القرني خير التابعين:

- ‌(2) بحث عمر رضي الله عنه عن أويس القرني وسؤاله أن يستغفر له:

- ‌ مناقب أويس القرني

- ‌(1) أويس القرني خير التابعين بنص السنة الصحيحة:

- ‌(3) زهد أويس القرني:

- ‌(4) منزلة أويس القرني:

- ‌(5) شهادة أويس القرني:

- ‌وفاة أويس القرني رحمه الله:

- ‌سيرة الربيع بن خثيم رحمه الله:

- ‌ مناقب الربيع بن خثيم

- ‌(1) ثناء العلماء على الربيع بن خثيم رحمه الله:

- ‌(2) خشية الربيع بن خثيم رحمه لله تعالى:

- ‌(3) إنشغال الربيع بن خثيم بنفسه عن عيوب الناس:

- ‌(4) وصية الربيع بن خثيم عند موته:

- ‌(5) من دُررِ مواعظ الربيع بن خثيم:

- ‌(6) ترك الربيع بن خثيم لفضول المخالطة:

- ‌(7) تواضع الربيع بن خثيم رحمه الله:

- ‌(8) حفظ الربيع بن خثيم للسانه:

- ‌(9) حرص الربيع بن خثيم على صلاة الجماعة:

- ‌(10) اجتهاد الربيع بن خثيم في قيام الليل:

- ‌(11) إخفاء الربيع بن خيثم للعمل:

- ‌وفاة الربيع بن خيثم:

- ‌سيرة أبي مسلم الخولاني رحمه الله:

- ‌مناقب أبي مسلم الخولاني

- ‌(1) ثناء العلماء على أبي مسلم الخولاني:

- ‌(2) نصح أبي مسلم الخولاني للولاة:

- ‌(3) زهد أبي مسلم الخولاني في الدنيا:

- ‌(4) اجتهاد أبي مسلم الخولاني في العبادة:

- ‌(5) النار لم تضر أبو مسلم الخولاني حين طُرِح فيها:

- ‌(6) أبو مسلم الخولاني مستجاب الدعوة:

- ‌وفاة أبي مسلم الخولاني رحمه الله:

- ‌سيرة الحسن البصري رحمه الله:

- ‌اسم الحسن البصري ونسبه:

- ‌ مناقب الحسن البصري:

- ‌(1) ثناء العلماء على الحسن البصري رحمه الله:

- ‌(2) خشية الحسن البصري لله تعالى:

- ‌(3) طول حزن الحسن البصري رحمه الله:

- ‌(4) من درر مواعظ الحسن البصري رحمه الله:

- ‌(5) زهد الحسن البصري رحمه الله تعالى:

- ‌(6) دعاء الحسن البصري على الظالم:

- ‌(7) الحسن البصري يصدع بكلمة الحق في وجه الحجاج:

- ‌(8) نصح الحسن للولاة:

- ‌(9) سعة علم الحسن البصري وأسبابها:

- ‌وفاة الحسن البصري رحمه الله تعالى:

- ‌سيرة سعيد بن المسيَّب رحمه الله:

- ‌اسم سعيد بن المسيب ونسبه:

- ‌الصورة العامة لعصر سعيد بن المسيب:

- ‌محنة سعيد بن المسيب:

- ‌ مناقب سعيد بن المسيب

- ‌(1) ثناء العلماء على سعيد بن المسيب:

- ‌(2) حسن فهم سعيد بن المسيب للعبادة والورع:

- ‌(3) حرص سعيد بن المسيب على صلاة الجماعة:

- ‌(4) اجتهاد سعيد بن المسيب في الصوم والحج:

- ‌(5) حرص سعيد بن المسيب على قراءة القرآن:

- ‌(6) تعظيم سعيد بن المسيب لحديث رسول الله:

- ‌(7) حرص سعيد بن المسيب على طلب العلم:

- ‌(8) زهد سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى:

- ‌(9) ورع سعيد بن المسيب:

- ‌(10) عظيم مراقبة سعيد بن المسيب لربه تعالى:

- ‌(11) خشية سعيد بن المسيب من الله تعالى:

- ‌(12) استعفاف سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى:

- ‌(13) كان سعيد بن المسيب مستجاب الدعوة رحمه الله:

- ‌(14) دعاء سعيد بن المسيب على الظالم:

- ‌(15) تحذير سعيد بن المسيب من فتنة النساء:

- ‌(16) من عظيم مناقب سعيد بن المسيب أنه زَوَّج ابنه لطالب علمٍ فقير:

- ‌(17) ابتلاء سعيد بن المسيب في سبيل الله تعالى:

- ‌(18) دعوة سعيد بن المسيب إلى طلب المال للإحسان إلى الخلق والاستغناء عنهم:

- ‌(19) إيثار سعيد بن المسيب للخمول وإنكار الذات:

- ‌(20) نظرة سعيد بن المسيب إلى النفس:

- ‌(21) من فتوحات الله على سعيد بن المسيب بالدعاء:

- ‌(22) نظرة سعيد بن المسيب إلى الدنيا والمال:

- ‌(23) سعيد بن المسيب لا تأخذه في الحق لومه لائم:

- ‌ذكر مرض سعيد بن المسيب ووفاته:

- ‌سيرة زين العابدين علي ابن الحسين رحمه الله:

- ‌ مناقب زين العابدين علي ابن الحسين

- ‌(1) ثناء العلماء على زين العابدين علي ابن الحسين:

- ‌(2) خشية زين العابدين علي ابن الحسين رحمه الله:

- ‌(3) من درر مواعظ زين العابدين علي ابن الحسين:

- ‌(4) اجتهاد على زين العابدين في العبادة:

- ‌(5) صدق تضرع على زين العابدين رحمه الله:

- ‌(6) إنفاق على زين العابدين في سبيل الله:

- ‌(7) حرص على زين العابدين على إخفاء العمل:

- ‌(8) صِلَةُ على زين العابدين لإخوانه في الله تعالى:

- ‌(9) تفقد على زين العابدين لسريرته:

- ‌(10) حسن خُلُقِ على زين العابدين:

- ‌(11) خشوع على زين العابدين في الصلاة وعدم التفاته:

- ‌(12) منابذة على زين العابدين لأهل الأهواء:

- ‌(13) استعفاف على زين العابدين رحمه الله:

- ‌وفاة على زين العابدين رحمه الله:

- ‌سيرة سعيد بن جبير رحمه الله:

- ‌ مناقب سعيد بن جبير

- ‌(1) ثناء العلماء على سعيد بن جبير:

- ‌(2) اجتهاد سعيد بن جبير في العبادة:

- ‌(3) بكاء سعيد بن جبير وخشيته رحمه الله:

- ‌(4) سعيد بن جبير مستجاب الدعاء:

- ‌(5) حرص سعيد بن جبير على صلاح ولده:

- ‌(6) حرص سعيد بن جبير على طلب العلم:

- ‌(7) حرص سعيد بن جبير على نشر العلم:

- ‌(8) صدق توكل سعيد بن جبير على الله:

- ‌(9) ذكر سعيد بن جبير للموت:

- ‌(10) رؤية سعيد بن جبير أن عُمْرَ الإنسان غنيمة:

- ‌(11) من دُررِ مواعظ سعيد بن جبير:

- ‌(12) شدة بلاء سعيد بن جبير في جنب الله تعالى:

- ‌قصة قتل سعيد بن جبير رحمه الله تعالى:

- ‌ وقفات مع الحوار الذي دار بين سعيد بن جبير والحجاج:

- ‌وفاة سعيد بن جبير رحمه الله:

- ‌سيرة عمر بن عبد العزيز رحمه الله:

- ‌ أعمال عمر بن عبد العزيز في الخلافة:

- ‌حال عمر بن عبد العزيز مع أمور الخلافة:

- ‌ مناقب عمر بن عبد العزيز

- ‌(1) ثناء العلماء على عمر بن عبد العزيز:

- ‌(2) زهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله:

- ‌(3) خشية عمر بن عبد العزيز لله وبكاؤه:

- ‌اتخاذ عمر بن عبد العزيز مجلس الشورى:

- ‌(4) كثرة ذكر عمر بن عبد العزيز للموت:

- ‌(5) كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله وقافاً عند حدود الله تعالى:

- ‌(6) عدل عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى:

- ‌(7) سعة علم عمر بن عبد العزيز ومتابعته للكتاب والسنة:

- ‌(8) منابذة عمر بن عبد العزيز لأهل الأهواء:

- ‌(9) وصية عمر بن عبد العزيز لولي العهد بعده:

- ‌(10) وصية عمر بن عبد العزيز لولده عبد الملك:

- ‌(11) ورع عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى:

- ‌(12) من دُررِ مواعظ عمر بن عبد العزيز:

- ‌(13) وصية عمر بن عبد العزيز لعماله:

- ‌(14) كانت نفس عمر بن عبد العزيز تواقة رحمه الله تعالى:

- ‌(15) مروءة عمر بن عبد العزيز وكرمه رحمه الله تعالى:

- ‌(16) عدم محبة عمر بن عبد العزيز للمدح رحمه الله:

- ‌(17) أول خطبة خطبها عمر بن عبد العزيز وآخر خطبة رحمه الله:

- ‌(18) حسن ظن عمر بن عبد العزيز بالمسلمين:

- ‌(19) مجالسة عمر بن عبد العزيز لأهل العلم واحترامه لهم:

- ‌(20) تواضعه عمر بن عبد العزيز وإنكاره لذاته:

- ‌(21) كان عمر بن عبد العزيز لا يخشى في الله لومة لائم رحمه الله:

- ‌(22) كانت صلاة عمر بن عبد العزيز أشبه بصلاة النبي

- ‌(23) صبر عمر بن عبد العزيز وحلمه:

- ‌سبب وفاة عمر بن عبد العزيز:

- ‌سَقْي الغلام السم لعمر بن عبد العزيز رحمه الله:

- ‌اليوم الذي مات فيه عمر بن عبد العزيز رحمه الله:

- ‌شراء عمر بن عبد العزيز لقبره رحمه الله:

- ‌آخر ما تكلم به عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى:

- ‌رثاء عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى:

- ‌ رابعاً: نماذج من سير الزاهدين من أئمة تابعي التابعين رحمهم الله تعالى:

- ‌سيرة مالك بن أنس رحمه الله:

- ‌شيوخ الإمام مالك رحمه الله:

- ‌ مناقب مالك بن أنس

- ‌(1) ثناء العلماء على مالك ابن أنس:

- ‌(2) حرص مالك بن أنس على طلب العلم:

- ‌(3) تعظيم مالك بن أنس لحديث رسول الله

- ‌(4) محنة الإمام مالك بن أنس:

- ‌(5) ورع مالك ابن أنس رحمه الله:

- ‌(6) منابذة مالك ابن أنس لأهل الأهواء:

- ‌(7) زهد مالك ابن أنس رحمه الله تعالى:

- ‌(8) من دُررِ مواعظ مالك ابن أنس:

- ‌وفاة مالك بن أنس:

- ‌سيرة سفيان الثوري رحمه الله:

- ‌نشأة سفيان الثوري رحمه الله:

- ‌ مناقب سفيان الثوري

- ‌(1) ثناء العلماء على سفيان الثوري رحمه الله:

- ‌(2) حرص سفيان الثوري على طلب العلم:

- ‌(3) فقه سفيان الثوري رحمه الله:

- ‌(4) نُصْح سفيان الثوري للولاة رحمه الله:

- ‌(5) دعوة سفيان الثوري للكسب الحلال رحمه الله:

- ‌(6) زهد سفيان الثوري رحمه الله:

- ‌(7) إيثار سفيان الثوري للخمول وإنكار الذات:

- ‌(8) موالاة سفيان الثوري لأهل السنة:

- ‌(9) منابذة سفيان الثوري لأهل الأهواء:

- ‌(10) تَفَّكُر سفيان الثوري في أمر الآخرة:

- ‌(11) قيام سفيان الثوري الليل:

- ‌(12) حافظة سفيان الثوري رحمه الله:

- ‌(13) خشية سفيان الثوري لله تعالى وبكاؤه:

- ‌(14) دعوة سفيان الثوري للعمل في خفاء:

- ‌(15) دعوة سفيان الثوري لصلاح السلطان:

- ‌(16) دعوة سفيان الثوري لصلاح العلماء وبعدهم عن السلطان:

- ‌(17) محنة سفيان الثوري رحمه الله تعالى:

- ‌(18) من دُررِ مواعظ سفيان الثوري رحمه الله:

- ‌(19) أمر سفيان الثوري بالمعروف ونهيه عن المنكر:

- ‌(20) شدة عبادة سفيان الثوري رحمه الله تعالى:

- ‌(21) دعوة سفيان الثوري لإكراه الولد على العلم:

- ‌(22) تعظيم سفيان الثوري للإسناد:

- ‌(23) ثناء سفيان الثوري على الحديث وأهله:

- ‌(24) دعوة سفيان الثوري إلى التقليل من معرفة الناس:

- ‌وفاة سفيان الثوري:

- ‌سيرة سفيان بن عيينة رحمه الله:

- ‌نشأة سفيان بن عيينة رحمه الله:

- ‌ مناقب سفيان بن عيينة:

- ‌احتمال العلماء تدليس سفيان ابن عيينة:

- ‌وفاة سفيان بن عيينة ومبلغ سنه رحمه الله تعالى:

- ‌سيرة الفضيل بن عياض رحمه الله:

- ‌قصة توبة الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى:

- ‌ مناقب الفضيل بن عياض:

- ‌وفاة الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى:

- ‌سيرة ابن المبارك رحمه الله:

- ‌اسم ابن المبارك ونسبه:

- ‌مولد ابن المبارك رحمه الله:

- ‌ مناقب ابن المبارك رحمه الله تعالى:

- ‌وفاة ابن المبارك وماله من المبشرات:

- ‌سيرة إبراهيم بن أدهم رحمه الله:

- ‌اسم إبراهيم بن أدهم ونسبه:

- ‌من حدث عنهم إبراهيم بن أدهم:

- ‌من حدثوا عن إبراهيم بن أدهم:

- ‌قصة توبة إبراهيم بن أدهم رحمه الله:

- ‌ مناقب إبراهيم بن أدهم رحمه الله:

- ‌وفاة إبراهيم بن أدهم رحمه الله:

- ‌سيرة الشافعي رحمه الله:

- ‌اسم الشافعي ونسبه رحمه الله:

- ‌كنية الشافعي رحمه الله:

- ‌مولد الشافعي رحمه الله:

- ‌نشأة الشافعي رحمه الله:

- ‌رحلات الشافعي في طلب العلم:

- ‌ مناقب الشافعي رحمه الله:

- ‌وفاة الشافعي رحمه الله تعالى:

- ‌سيرة أحمد بن حنبل رحمه الله:

- ‌اسم أحمد بن حنبل ونسبه:

- ‌من صفات الإمام أحمد بن حنبل:

- ‌متى تزوج أحمد بن حنبل:

- ‌رحلات أحمد بن حنبل في طلب العلم:

- ‌شيوخ أحمد بن حنبل رحمه الله:

- ‌من حدثوا عن أحمد بن حنبل رحمه الله:

- ‌ مناقب أحمد بن حنبل رحمه الله:

- ‌قصة محنة خلق القرآن:

- ‌انتصار أهل السنة واندحار أهل البدعة:

- ‌فضل ثبات أحمد بن حنبل في المحنة على المسلمين:

- ‌صلة المتوكل لأحمد بن حنبل رحمه الله:

- ‌وصية أحمد بن حنبل رحمه الله:

- ‌وفاة أحمد بن حنبل رحمه الله:

- ‌ خامساً: نماذج من سير الزاهدين من أئمة الحديث أصحاب الكتب الستة

- ‌سيرة البخاري رحمه الله:

- ‌اسم البخاري ونسبه:

- ‌متى وأين ولد الإمام البخاري رحمه الله:

- ‌ مناقب البخاري رحمه الله:

- ‌سبب تأليف صحيح البخاري:

- ‌من فقه البخاري في صحيحه:

- ‌وفاة البخاري رحمه الله:

- ‌ سيرة مسلم رحمه الله:

- ‌مولد مسلم رحمه الله:

- ‌ مناقب مسلم رحمه الله:

- ‌سبب تأليف الإمام مسلم لكتابه الجامع المسند الصحيح:

- ‌شرط الإمام مسلم في صحيحه:

- ‌ثناء العلماء على الكتاب:

- ‌وفاة مسلم رحمه الله وسببها:

- ‌ سيرة أبي داود رحمه الله:

- ‌عصر أبي داود:

- ‌اسم أبي داود ونسبه:

- ‌ مناقب أبي داود رحمه الله:

- ‌وفاة أبي داود رحمه الله:

- ‌سيرة الترمذي رحمه الله:

- ‌اسم الترمذي ونسبه ومولده:

- ‌ مناقب الترمذي رحمه الله:

- ‌وفاة الترمذي رحمه الله:

- ‌سيرة النسائي رحمه الله:

- ‌اسم النسائي ونسبه ومولده:

- ‌نشأة النسائي رحمه الله:

- ‌شيوخ النسائي:

- ‌تلاميذ النسائي:

- ‌ مناقب النسائي رحمه الله:

- ‌منهج الإمام النسائي في المجتبى:

- ‌ومن الأدلة على عنايته بالناحية الحديثية:

- ‌ما انفرد به النسائي عن بقية الكتب الستة:

- ‌الانتقاد الموجه إلى النسائي والجواب عن هذا الانتقاد:

- ‌رواة السنن عن النسائي:

- ‌شرط النسائي في كتابه:

- ‌وفاة النسائي رحمه الله تعالى:

- ‌سيرة ابن ماجة رحمه الله:

- ‌اسم ابن ماجة ونسبه ومولده:

- ‌ مناقب ابن ماجة رحمه الله:

- ‌ثناء العلماء على ابن ماجة:

- ‌رتبة سنن ابن ماجة بين الكتب الستة:

- ‌ سادساً: نماذج من سير الزاهدين من المُجَدِدين المتأخرين:

- ‌سيرة محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى:

- ‌مولد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى:

- ‌ دعوة بن عبد الوهاب رحمه الله إلى التوحيد:

- ‌أسباب مناهضة هذه الدعوة السلفية:

- ‌تأثر الشيخ محمد بن عبد الوهاب بشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

- ‌أبرز تلاميذ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى:

- ‌أقوال المفكرين والمستشرقين في الإمام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله:

- ‌ مؤلفات محمد بن عبد الوهاب ومصنفاته العلميّة رحمه الله تعالى:

- ‌موقف العثمانيين من دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب:

- ‌وفاة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى:

- ‌سيرة محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى:

- ‌اسم محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى:

- ‌زواج محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى وأولاده:

- ‌أوصاف محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى:

- ‌أعمال محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى:

- ‌طريقة محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى في التعليم وتلاميذه:

- ‌طلاب محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى تلاميذه:

- ‌أخلاق محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى:

- ‌من فتاوى محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى وفوائده:

- ‌من أحاديث محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى:

- ‌وفاة محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى:

- ‌سيرة عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:

- ‌اسم عبد الرحمن السعدي ونسبه رحمه الله:

- ‌ميزة الرحمن السعدي في طلب العلم رحمه الله تعالى:

- ‌صفات عبد الرحمن السعدي الخَلقِيّة رحمه الله تعالى:

- ‌صفة عبد الرحمن السعدي في التدريس رحمه الله تعالى:

- ‌شيوخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:

- ‌ثناء العلماء على عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:

- ‌مصنفات عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى وكتبه

- ‌وفاة عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:

- ‌سيرة عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:

- ‌اسم عبد العزيز بن باز ومولده رحمه الله:

- ‌شيوخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:

- ‌منهج الدراسة عند عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:

- ‌أبرز تلاميذ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:

- ‌سعة علم عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:

- ‌صفات عبد العزيز بن باز وأخلاقه رحمه الله تعالى:

- ‌أوصاف عبد العزيز بن باز الخَلْقِيَة رحمه الله تعالى:

- ‌صفات عبد العزيز بن باز الخُلُقِيَة رحمه الله تعالى:

- ‌ومن أبرز صفاته الحميدة ما يلي:

- ‌من مواقف سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:

- ‌ثناء العلماء على عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:

- ‌مصنفات عبد العزيز بن باز وكتبه رحمه الله تعالى:

- ‌ ومؤلفاته على النحو التالي:

- ‌وفاة عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:

- ‌سيرة الألباني رحمه الله تعالى:

- ‌اسم الألباني وكنيته رحمه الله تعالى:

- ‌مولد الألباني رحمه الله تعالى:

- ‌طلاب الألباني رحمه الله تعالى:

- ‌صفات الألباني وأخلاقه رحمه الله تعالى:

- ‌ثناء العلماء على الألباني رحمه الله تعالى:

- ‌لمحات سريعة في حياة الألباني رحمه الله:

- ‌نصيحة الألباني إلى عموم الأمة رحمه الله تعالى:

- ‌مصنفات الألباني وكتبه رحمه الله تعالى:

- ‌وفاة الألباني رحمه الله تعالى:

- ‌سيرة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:

- ‌اسم محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:

- ‌مولد محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:

- ‌نشأة محمد بن صالح العثيمين وبداية طلبه للعلم رحمه الله تعالى:

- ‌شيوخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:

- ‌طلاب محمد بن صالح العثيمين وتلاميذه رحمه الله تعالى:

- ‌براعة محمد بن صالح العثيمين في أسلوبه النادر في التعليم رحمه الله تعالى:

- ‌رعاية محمد بن صالح العثيمين لتلامذته رحمه الله تعالى:

- ‌مواقف محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى مع تلامذته:

- ‌تنوع طرق تعليم محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:

- ‌توقير محمد بن صالح العثيمين لأهل العلم رحمه الله تعالى:

- ‌عبادة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:

- ‌نجدة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى وفزعته:

- ‌ثناء العلماء على محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:

- ‌ملامح من صفات محمد بن صالح العثيمين الشخصية وأخلاقه النبيلة رحمه الله:

- ‌ بعض صور عظيم خلقه ودينه رحمه الله:

- ‌تنظيم محمد بن صالح العثيمين رحمه الله لوقته:

- ‌زواج محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:

- ‌أولاد محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:

- ‌ مواقف من حياة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:

- ‌مؤلفات محمد بن صالح العثيمين وكتبه رحمه الله تعالى:

- ‌الدرس الأخير لمحمد بن صالح العثيمين رحمه الله في الحرم المكي:

- ‌آخر ساعات محمد بن صالح العثيمين كانت مع كتاب الله:

- ‌وفاة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:

- ‌جنازة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:

- ‌ما حصل عند تغسيل محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:

- ‌رؤى في الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:

- ‌{الخاتمة}:

- ‌ مراجع الكتاب:

الفصل: ‌ مناقب الشافعي رحمه الله:

رحل الإمام الشافعي رحلات كثيرة كان لها أكبر الأثر في علمه ومعرفته، فقد رحل من مكة إلى بني هذيل، ثم عاد إلى مكة، ومنها رحل للمدينة، ليلقى فيها إمام دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله عنه، وبعد وفاة الإمام مالك رضي الله عنه، رحل إلى بغداد، ثم عاد إلى مكة، ثم رجع إلى بغداد، ومنها خرج إلى مصر.

[*] قال ابن خلكان في وفيات الأعيان:

وحديث رحلته إلى الإمام مالك مشهور، فلا حاجة إلى التطويل فيه، وقدم بغداد سنة 195هـ، فأقام فيها سنتين، ثم خرج إلى مكة، ثم عاد إلى بغداد سنة ثمان وتسعين ومائة هـ فأقام شهرا، ثم خرج إلى مصر، وكان وصوله إليها في سنة تسع وتسعين ومائة هـ وقيل سنة إحدى ومائتين هـ، ولم يزل بها إلى أن توفي يوم الجمعة آخر يوم من رجب سنة204هـ وذكر الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في كتاب طبقات الفقهاء ما مثاله وحكى الزعفراني عن أبي عثمان ابن الشافعي قال مات أبي وهو ابن ثمان وخمسين سنة وقد اتفق العلماء قاطبة من أهل الحديث والفقه والأصول واللغة والنحو وغير ذلك على ثقته وأمانته وعدالته وزهده وورعه ونزاهة عرضه وعفة نفسه وحسن سيرته وعلو قدره وسخائه

[*]

‌ مناقب الشافعي رحمه الله:

كان الشافعي رحمه الله من أئمة تابعي التابعين، من أئمة الهدى وأعلام التقى ومصابيح الدجى، من حلية الأولياء وأعلام النبلاء، الأضواء اللامعة والنجوم الساطعة.

وهاك غَيْضٍ من فيض ونقطةٍ من بحر مما ورد في مناقبه جملةً وتفصيلا رحمه الله تعالى:

أولاً مناقب الشافعي جملةً رحمه الله:

(1)

ثناء العلماء على الشافعي رحمه الله:

(2)

قدرة الشافعي الفائقة في المناظرة لإظهار الحق:

(3)

تأصيل الشافعي للأصول:

(4)

تعظيم الشافعي لحديث رسول الله (:

(5)

حرص الشافعي على طلب العلم:

(6)

سعة علم الشافعي وجمعه لشتى العلوم:

(7)

حسن فهم الشافعي وفقهه رحمه الله تعالى:

(8)

منابذة الشافعي لأهل الأهواء:

(9)

إنصاف الشافعي للعلماء:

(10)

توقير الشافعي للإمام مالك:

(11)

قوة يقين الشافعي بالله تعالى:

(12)

قوله في آداب الصحبة ومعاشرة الخلق:

(13)

جود الشافعي وسخاؤه رحمه الله:

(14)

اجتهاد الشافعي في العبادة:

(15)

تغليب الشافعي للمصلحة الراجحة:

(16)

فقه الشافعي في النصيحة:

(17)

فراسة الشافعي رحمه الله تعالى:

(18)

ذم الشافعي لفضول المخالطة:

(19)

من دُررِ مواعظ الشافعي:

(20)

اتباع الشافعي للآثار:

(21)

خشية الشافعي رحمه الله:

ص: 963

(22)

تحذير الشافعي من المراء في الدين بغير حق:

(23)

تدبر الشافعي للقرآن رحمه الله:

(24)

تحذير الشافعي من الشبع:

(25)

زهد الشافعي رحمه الله:

(26)

حفظ الشافعي ليمينه رحمه الله:

(27)

فصاحة الشافعي رحمه الله تعالى:

(28)

دعوة الشافعي للعمل بالعلم:

(29)

علاج الشافعي للعجب إذا طرأ على تفكير الإنسان:

(30)

تواضع الشافعي رحمه الله تعالى:

(31)

حُسْنُ صلاة الشافعي رحمه الله تعالى:

(32)

تَمَهُلُ الشافعي في الفتوى ولو أخذت أياماً:

ثانياً مناقب الشافعي تفصيلا رحمه الله:

(1)

ثناء العلماء على الشافعي رحمه الله:

[*] قال عنه الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء:

ومنهم الإمام الكامل، العالم العامل، ذو الشرف المنيف، والخلق الظريف، له السخاء والكرم، وهو الضياء في الظلم، أوضح المشكلات، وأفصح عن المعضلات، المنتشر علمه شرقاً وغرباً، المستفيض مذهبه في براً وبحراً، المتبع السنن والآثار، والمقتدي بما اجتمع عليه المهاجرون والأنصار، اقتبس عن الأئمة الأخيار. فحدث عنه الأئمة الأحبار، الحجازي المطلبي، أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، رضى الله تعالى عنه وأرضاه، حاز المرتبة العالية، وفاز بالمنقبة السامية، إذ المناقب والمراتب يستحقها من له الدين والحسب. وقد ظفر الشافعي رحمه الله تعالى بهما جميعاً، شرف العلم العمل به، وشرف الحسب قربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشرفه في العلم ما خصه الله تعالى به من تصرفه في وجوه العلم، ولبسطه في فنون الحكم، فاستيقظ خفيات المعاني، وشرح بفهمه الأصول والمباني، ونال بما يخص الله تعالى به قريشاً من نبل الرأي.

وقال عنه أيضاً: كان الإمام الشافعي رضي الله عنه للآثار والسنن تابعاً، وفي استنباط الأحكام والأقضية رائعاً، وبالمقاييس المبنية على الأصول قائلا، وعن الآراء الفاسدة المخالفة للأصول عادلا.

وقال عنه أيضاً: وكان الشافعي لطيف النظر، عجيب الحذر، حصيفاً في الفكر، نجيباً في العبر.

[*] وقال عنه الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء:

محمد بن ادريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد ابن عبد يزيد بن هشام بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة ابن كعب بن لؤي بن غالب الإمام عالم العصر ناصر الحديث فقيه الملة أبو عبد الله القرشي ثم المطلبي الشافعي المكي الغزي المولد نسيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه فالمطلب هو أخو هاشم والد عبد المطلب.

وقال أيضاً:

ص: 964

وصنف التصانيف ودون العلم ورد على الأئمة متبعاً الأثر وصنف في أصول الفقه وفروعه وبعد صيته وتكاثر عليه الطلبة

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن محمد بن الحسن: إن تكلم أصحاب الحديث يوماً فبلسان الشافعي، يعني لما وضع كتابه.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أحمد بن محمد ابن بنت الشافعي قال: سمعت أبي وعمي يقولان: كان سفيان بن عيينة إذا جاءه شيء من التفسير والرؤيا يسأل عنها، التفت إلى الشافعي فيقول: سلوا هذا.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن إبراهيم بن محمد الشافعي، قال: كنا في مسجد سفيان بن عيينة يحدث عن الزهري، عن علي بن الحسين: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به رجل في بعض الليل وهو مع امرأته صفية فقال: هذه امرأتي صفية، فقال: سبحان الله يا رسول الله فقال: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم. فقال سفيان بن عيينة للشافعي: ما فقه هذا الحديث يا أبا عبد الله؟ فقال: إن كان القوم اتهموا النبي صلى الله عليه وسلم كانوا بتهمتهم إياه كفاراً، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أذن من بعده فقال: إذا كنتم هكذا فافعلوا هكذا، حتى لا يظن بكم ظن السوء لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يتهم وهو أمين الله في أرضه. فقال ابن عيينة: جزاك الله خيراً يا أبا عبد الله.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أبي معين يقول: سمعت بعض أصحابنا يقول: سأل رجل سفيان بن عيينة عن من نفخ في صلاته ما كفارته؟ قال: فسأل سفيان الشافعي ـ وكان في مجلسه ـ فقال الشافعي: نفخ ن ف خ ثلاثة أحرف. يكفره سبحان هو أربعة أحرف لكل حرف من ذلك حرف من هذا وزيادة حرف. قال الله عز وجل: (مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)[الأنعام: 160]. فقال سفيان بن عيينة: وددت أني كنت أحسن مثلها.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عبد الرحمن بن مهدي يقول ـ وذكر الشافعي ـ فقال: كان شاباً مفهماً.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن يحيى بن معين قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول أنا أدعو الله في صلاتي للشافعي منذ أربع سنين.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الزنجي مسلم بن خالد يقول للشافعي: أفت يا أبا عبد الله، فقد والله آن لك أن تفتي. وهو ابن خمس عشرة سنة.

ص: 965

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أحمد بن محمد الشافعي يقول: كانت الحلقة في الفتيا بمكة في المسجد الحرام لابن عباس، وبعد ابن عباس لعطاء بن أبي رباح، وبعد عطاء لعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وبعد ابن جريج لمسلم بن خالد الزنجي، وبعد مسلم لسعيد بن سالم القداح، وبعد سعيد لمحمد ابن إدريس الشافعي وهو شاب.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن ابن عثمان وجعفر الوراق يقولان: سمعنا أبا عبيد يقول: ما رأيت رجلا أعقل من الشافعي.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الحميدي يقول: سمعت سيد الفقهاء محمد ابن إدريس الشافعي.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن سويد بن سعيد يقول: كنا عند سفيان بن عيينة فجاء محمد بن إدريس فجلس فروى ابن عيينة حديثاً رقيقاً فغشي على الشافعي، فقيل: يا أبا محمد مات محمد بن إدريس، فقال ابن عيينة: إن كان قد مات محمد بن إدريس فقد مات أفضل أهل زمانه.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أبي زرعة يقول: سمعت قتيبة بن سعيد يقول: مات الشافعي وماتت السنة.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الزعفراني، قال: حج بشر المريسي سنة إلى مكة ثم قدم فقال: لقد رأيت بالحجاز رجلا ما رأيت مثله سائلا ولا مجيباً، يعني الشافعي.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن بشر المريسي قال: رأيت بالحجاز فتى لئن بقي ليكونن ـ أظنه قال ـ واحد الدنيا، فلما كان بعد ذلك قال لي بشر: إن الفتى الذي قلت لك قد قدم، اذهب بنا إليه، فسلمنا عليه ثم تساءلا، فجعل الشافعي يصيب وبشر يخطئ، فلما خرجنا قال: كيف رأيته؟ قال قلت: كنت تخطئ وكان يصيب. قال: ما رأيت أفقه منه.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الحسن بن علي الرازي، قال: سألت محمد بن عبد الله بن نمير فقلت: أكتب رأي أبي حنيفة؟ قال: لا، ولا كتابه، قال: فقلت: رأي من أكتب؟ قال: رأي مالك والأوزاعي والثوري، ورأي الشافعي.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أبي بكر بن إدريس ـ وراق الحميدي ـ قال: قال الحميدي: كنا نريد أن نرد على أصحاب الرأي فلم نحسن كيف نرد عليهم حتى جاءنا الشافعي ففتح لنا.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الحميدي يقول: صحبت الشافعي إلى البصرة فكان يستفيد مني الحديث وأستفيد منه المسائل.

ص: 966

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الحميدي يقول: كان أحمد بن حنبل قد أقام عندنا بمكة على سفيان بن عيينة، فقال لي ذات يوم ـ أو ذات ليلة: هاهنا رجل من قريش يكون له هذه المعرفة وهذا البيان ـ أو نحو هذا من القول - يمر بمائة مسألة يخطئ خمساً أو عشراً، اترك ما اخطأ فيه وخذ ما أصاب. قال: فكان كلامه وقع في قلبي، فجالسته فغلبتهم عليه، فلم يزل يقدم مجلس الشافعي حتى كان يقرب مجلس سفيان قال: وخرجت مع الشافعي إلى مصر فكان هو ساكناً في العلو ونحن في الأوسط فربما خرجت في بعض الليل فأرى المصباح فأصيح بالغلام فيسمع صوتي فيقول: بحقي عليك أيرق. فأريق فإذا قرطاس ودواة فأقول: مه يا أبا عبد الله فيقول: تفكرت في معنى حديث، أو مسألة، فخفت أن يذهب علي. فأمرت بالمصباح وكتبت ما أملاني.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن يحيى بن معين يقول: الشافعي صدوق ليس به بأس.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن محمد بن مسلم بن واره قال: قدمت من مصر فأتيت أبا عبد الله أحمد بن حنبل أسلم عليه قال: كتبت كتب الشافعي؟ قلت. لا. قال: فرطت، ما علمنا المجمل من المفصل، ولا ناسخ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من منسوخه حتى جالسنا الشافعي، قال: فحملني ذلك إلى أن رجعت إلى مصر وكتبتها ثم قدمت.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن محمد بن مسلم بن واره قال: سألت أحمد بن حنبل قلت: ما ترى لي من الكتب أن أنظر فيها لنفتح الآثار. رأي مالك أو الثوري، أو الأوزاعي. فقال لي قولا أجلهم أن أذكره لك. فقال: عليك بالشافعي فإنه أكبرهم صواباً وأتبعهم للآثار. قلت لأحمد: فما ترى في كتب الشافعي التي عند العراقيين أحب إليك، أو التي عندهم بمصر. قال: عليك بالكتب التي وضعها بمصر، فإنه وضع هذه الكتب بالعراق ولم يحكمها، ثم رجع إلى مصر فأحكم ذاك. فلما سمعت ذاك من أحمد ـ وكنت قبل ذلك قد عزمت على الرجوع إلى البلد وتحدث الناس بذلك ـ تركت ذلك وعزمت الرجوع إلى مصر.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن ابن راهوية يقول: كنت مع أحمد بمكة فقال: تعال حتى أريك رجلا لم تر عيناك مثله. فأراني الشافعي.

ص: 967

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن حميد بن زنجويه قال: سمعت أحمد ابن حنبل يقول: يروي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يمن على أهل دينه في رأس كل مائة سنة برجل من أهل بيتي يبين لهم أمر دينهم، وإني نظرت في سنة مائة فإذا رجلا من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن عبد العزيز ونظرت في رأس المائة الثانية فإذا هو رجل من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن إدريس الشافعي.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أحمد بن حنبل فقال: هذا الذي ترون كله أو عامته من الشافعي وما بت منذ ثلاثين سنة إلا وأنا أدعو للشافعي.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أحمد بن حنبل يقول: ما صليت صلاة منذ كذا سنة إلا وأنا أدعو للشافعي.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أحمد بن حنبل يقول: كانت أنفس أصحاب الحديث في أيدي أبي حنيفة ما تبرح حتى رأينا الشافعي وكان أفقه الناس، في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما كان يكفيه قليل الطلب في الحديث. قال: وسمعت ذئباً يقول: كنت مع أحمد بن حنبل في المسجد الجامع فمر حسين ـ يعني الكرابيسي ـ فقال: هذا ـ يعني الشافعي ـ رحمة من الله، لأنه من آل محمد صلى الله عليه وسلم. ثم جئت إلى حسين، فقلت: ما تقول في الشافعي؟ فقال: ما أقول في رجل أسدى إلى أفواه الناس الكتاب والسنة والاتفاق. ما كنا ندري ما الكتاب والسنة نحن ولا الأولون حتى سمعت منا الشافعي الكتاب والسنة والإجماع، قال: وسمعت محمد بن الفضل البزاز يقول: سمعت أبي يقول: حججت جمع أحمد بن حنبل ونزلت معه في مكان واحد ـ أو في دار بمكة ـ وخرج أبو عبد الله باكراً وخرجت أنا بعده، فلما صليت الصبح درت في المسجد فجئت إلى مجلس سفيان بن عيينة وكنت أدور مجلساً مجلساً طلباً لأبي عبد الله أحمد بن حنبل، حتى وجدته عند شاب أعرابي، وعليه ثياب مصبوغة، وعلى رأسه جمة فراحمية

حتى قعدت عند أحمد بن حنبل، فقلت: أبا عبد الله تركت ابن عيينة وعنده الزهري وعمرو بن دينار وزياد بن علاقة، ومن التابعين ما الله به عليم؟ قال: اسكت، فإن فاتك حديث بعلو تجده بنزول ولا يضرك في دينك ولا في عقلك ولا في فهمك، إن فاتك عقل هذا الفتى أخاف أن لا تجده إلى يوم القيامة، ما رأيت أفقه في كتاب الله من هذا الفتى القرشي. قلت: من هذا. قال: محمد بن إدريس الشافعي.

ص: 968

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الحسن بن محمد الزعفراني يقول: ما ذهبت إلى الشافعي مجلساً قط إلا وجدت فيه أحمد بن حنبل، وقد كان الشافعي ألزم منك إلى ما انتبهك إلا بضبة الباب.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أبي توبة البغدادي قال: رأيت أحمد بن حنبل عند الشافعي في المسجد الحرام. فقلت: يا أبا عبد الله هذا سفيان بن عيينة قي ناحية المسجد يحدث. فقال: هذا يفوت ـ يعني الشافعي ـ وذاك لا يفوت، يعني ابن عيينة.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن محمد بن ماجه القزويني، قال: جاء يحيى بن معين يوماً إلى أحمد بن حنبل، فبينما هو عنده إذ مر الشافعي على بغلته، فوثب أحمد فسلم عليه وتبعه، فأبطأ ويحيى جالس، فلما جاء قال يحيى: يا أبا عبد الله، كم هذا؟ فقال أحمد: دع هذا عنك، إن أردت الفقه فالزم ذنب البغلة.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أبي العباس الساجي، قال: سمعت أحمد بن حنبل ما لا أحصيه في المناظرة تجري بيني وبينه وهو يقول: هكذا قال أبو عبد الله الشافعي. ومن ذلك أنه كان يقول: سجدتا السهو قبل السلام في الزيادة والنقصان. وقال أحمد بن حنبل: ما رأيت أحداً أتبع للأثر من الشافعي.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عبد الملك بن حبيب بن ميمون بن مهران، قال: قال لي أحمد بن حنبل: مالك لا تنظر في كتب الشافعي. فما من أحد وضع الكتب أتبع للسنة من الشافعي.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أبي جعفر الترمذي يقول: أردت أن أكتب كتب الرأي فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أكتب رأي مالك؟ قال ما وافق منه سنتي. فقلت: يا رسول الله. فأكتب رأي الشافعي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه ليس برأي، إنه رد على من خالف سنتي.

ص: 969

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عبد الله بن محمد بن نصر الترمذي، قال: كتبت الحديث تسعاً وعشرين سنة، وسمعت مسائل مالك وقوله، ولم يكن في حسن رأي في الشافعي، فبينما أنا قاعد في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، إذ غفوت غفوة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت: يا رسول الله أكتب رأي أبي حنيفة؟ قال: لا، قلت: أكتب رأي مالك؟ قال: اكتب ما وافق سنتي. قلت له: أكتب رأي الشافعي. فطأطأ رأسه شبه الغضبان يتولى، وقال: ليس بالرأي، هذا رد على من خالف سنتي، قال: فخرجت في أثر هذه الرؤيا إلى مصر فكتبت كتب الشافعي.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أحمد بن حنبل قال: قدم علينا نعيم بن حماد وحثنا على طلب المسند، فلما قدم علينا الشافعي وضعنا على المحجة البيضاء.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أحمد بن حنبل، قال: ما رأيت أتبع للحديث من الشافعي.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أحمد بن حنبل قال: ما سبق أحد الشافعي إلى كتاب الحديث.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن إسحاق بن راهوية قال: ما تكلم أحد بالرأي ـ وذكر الثوري والأوزاعي ومالكاً وأبا حنيفة ـ إلا أن الشافعي أكثر اتباعاً وأقل خطأ منهم.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن إسحاق بن راهوية قال: كتبت إلى أحمد بن حنبل وسألته أن يوجه إلى من كتب الشافعي ما يدخل في حاجتي. فوجه إلى كتاب الرسالة. قال: وحدثنا أبو زرعة قال: بلغني أن إسحاق بن راهويه كتب له كتب الشافعي فسن في كلامه أشياء قد أخذها من الشافعي وجعلها لنفسه.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أحمد بن مسلمة النيسابوري قال: تزوج إسحاق بن راهويه بمرو بامرأة رجل كان عنده كتب الشافعي فتوفي، لم يتزوج بها إلا لحال كتب الشافعي، فوضع جامعه الكبير على كتاب الشافعي، ووضع جامعه الصغير على جامع الثوري الصغير. وقدم أبو إسماعيل الترمذي نيسابور وكان عنده كتب الشافعي، عن البويطي، فقال له إسحاق بن راهويه: لي إليك حاجة أن لا تحدث بكتب الشافعي ما دامت بنيسابور، فأجابه إلى ذلك فما حدث بها حتى خرج.

ص: 970

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أبي ثور، قال: لما ورد الشافعي العراق جاءني حسين الكرابيسي ـ وكان يختلف معي إلى أصحاب الرأي ـ فقال: قد ورد رجل من أصحاب الحديث يتفقه: فقم بنا نسخر به. فذهبنا حتى دخلنا عليه، فسأله الحسين عن مسألة فلم يزل الشافعي يقول قال الله، وقال رسول الله، حتى أظلم علينا البيت، فتركنا بدعتنا واتبعناه.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن ابن عبد الحكم، قال: سمعت الشافعي يقول: نظرت في كتاب لأبي حنيفة فيه عشرون ومائة، أو ثلاثون ومائة ورقة، فوجدت فيه ثمانين ورقة في الوضوء والصلاة، ووجدت فيه إما خلافاً لكتاب أو لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو اختلاف قول أو تناقض، أو خلاف قياس.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أبي محمد ابن أخت الشافعي يقول: قالت أمي: ربما قدمنا في ليلة واحدة ثلاثين مرة أو أقل أو كثر المصباح إلى بين يدي الشافعي وكان يستلقي ويتفكر ثم ينادي يا جارية هلمي المصباح، فتقدمه ويكتب ما يكتب، ثم يقول ارفعيه، فقلت لأبي محمد: ما أراد برد المصباح؟ قال: الظلمة أجلى للقلب.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن ابن عبد الحكم قال لما حملت والدة الشافعي به رأت كأن المشتري خرج من فرجها حتى انقض بمصر ثم وقع في كل بلدة منه شظيه فتأوله المعبرون أنها تلد عالما يخص علمه أهل مصر ثم يتفرق في البلدان.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن المزني قال: ما رأيت أحسن وجها من الشافعي رحمه الله وكان ربما قبض على لحيته فلا يفضل عن قبضته.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن المزني أنه سمع الشافعي يقول حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أبي عبيد قال: ما رأيت أعقل من الشافعي، وكذا قال يونس بن عبد الأعلى حتى انه قال لو جمعت أمة لوسعهم عقله.

قال الذهبي رحمه الله: قلت هذا على سبيل المبالغة فإن الكامل العقل لو نقص من عقله نحو الربع لبان عليه نقص ما ولبقي له نظراء فلو ذهب نصف ذلك العقل منه لظهر عليه النقص فكيف به لو ذهب ثلثا عقله فلو أنك اخذت عقول ثلاثة أنفس مثلا وصيرتها عقل واحد لجاء منه كامل العقل وزيادة.

ص: 971

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن مسلم بن خالد الزنجي قال للشافعي أفت يا أبا عبد الله فقد والله آن لك أن تفتي وهو ابن خمس عشرة سنة.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن يونس الصدفي قال: ما رأيت أعقل من الشافعي ناظرته يوماً في مسألة ثم افترقنا ولقيني فأخذ بيدي ثم قال يا أبا موسى ألا يستقيم أن نكون إخوانا وان لم نتفق في مسألة.

قال الذهبي تعليقاً على هذا: قلت هذا يدل على كمال عقل هذا الامام وفقه نفسه فما زال النظراء يختلفون.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أبي عبد الله الصاغاني قال: سألت يحيى بن أكثم عن أبي عبيد والشافعي أيهما اعلم؟ قال: أبو عبيد كان يأتينا ها هنا كثيرا وكان رجلا إذا ساعدته الكتب كان حسن التصنيف من الكتب وكان يرتبها بحسن ألفاظه لاقتداره على العربية وأما الشافعي فقد كنا عند محمد بن الحسن كثيرا في المناظرة وكان رجلا قرشي العقل والفهم والذهن صافي العقل والفهم والدماغ سريع الإصابة أو كلمة نحوها ولو كان أكثر سماعا للحديث لا ستغنى امة محمد صلى الله عليه وسلم به عن غيره من الفقهاء.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن معمر بن شبيب قال: سمعت المأمون يقول قد امتحنت محمد بن إدريس في كل شيء فوجدته كاملا.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أحمد بن محمد بن بنت الشافعي سمعت أبي وعمي يقولان كان سفيان بن عيينة إذا جاءه شيء من التفسير والفتيا التفت إلى الشافعي فيقول سلوا هذا.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن سويد بن سعيد قال: كنت عند سفيان فجاء الشافعي فسلم وجلس فروى ابن عيينة حديثا رقيقا فغشي على الشافعي فقيل يا أبا محمد مات محمد بن إدريس فقال ابن عيينة إن كان مات فقد مات أفضل أهل زمانه.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن يحيى القطان قال: أنا أدعو الله للشافعي اخصه به.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أبي بكر بن خلاد قال ك أنا أدعو الله في دبر صلاتي للشافعي.

ص: 972

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن محمد بن أحمد ابن نصر الترمذي يقول رأيت في المنام النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده بالمدينة فكأني جئت فسلمت عليه وقلت يا رسول الله اكتب رأي مالك قال لا قلت أكتب رأي أبي حنيفة قال لا قلت أكتب رأي الشافعي فقال بيده هكذا كأنه انتهرني وقال تقول رأي الشافعي إنه ليس برأي ولكنه رد على من خالف سنتي.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن محمد بن حسن البلخي قال قلت في المنام يا رسول الله ما تقول في قول أبي حنيفة والشافعي ومالك فقال لا قول إلا قولي لكن قول الشافعي ضد قول أهل البدع.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أحمد بن الحسن الترمذي الحافظ قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فسألته عن الاختلاف فقال أما الشافعي فمني وإلي.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن عبد الرحمن بن مهدي قال: ما أصلي صلاة إلا وأنا أدعو للشافعي فيها.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أحمد بن حنبل قال: ستة أدعو لهم سحرا أحدهم الشافعي.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن قال أبي داود ما رأيت أبا عبد الله يميل إلى أحد ميله إلى الشافعي.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن قتيبة بن سعيد قال: الشافعي إمام.

قال الذهبي تعليقاً على هذا: قلت كان هذا الإمام مع فرط ذكائه وسعة علمه يتناول ما يقوي حافظته قال هارون بن سعيد الأيلي قال لنا الشافعي أخذت اللبان سنة للحفظ فأعقبني رمي الدم سنة.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن قتيبة بن سعيد قال: مات الثوري ومات الورع ومات الشافعي وماتت السنن ويموت احمد ابن حنبل وتظهر البدع.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أبي ثور الكلبي قال: ما رأيت مثل الشافعي ولا رأى هو مثل نفسه.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أيوب بن سويد قال: ما ظننت أني أعيش حتى أرى مثل الشافعي.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن احمد بن حنبل من طرق عنه إن الله يقيض للناس في رأس كل مئة من يعلمهم السنن وينفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب قال فنظرنا فإذا في رأس المئة عمر بن عبد العزيز وفي رأس المئتين الشافعي.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن حرملة قال: سمعت الشافعي يقول سميت ببغداد ناصر الحديث.

ص: 973

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أحمد قال: كان الشافعي من أفصح الناس.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن إبراهيم الحربي قال: سألت أبا عبد الله عن الشافعي فقال حديث صحيح ورأي صحيح.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن إسحاق بن راهويه قال: ما تكلم أحد بالرأي وذكر جماعة من أئمة الاجتهاد إلا والشافعي أكثر اتباعا منه وأقل خطأ منه الشافعي إمام.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أبي زرعة الرازي قال ما عند الشافعي حديث فيه غلط.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أبي داود السجستاني قال: ما أعلم للشافعي حديثا خطأ.

قال الذهبي تعليقاً على هذا: قلت هذا من أدل شيء على أنه ثقة حجة حافظ وناهيك يقول مثل هذين وقد صنف الحافظ أبو بكر الخطيب كتابا في ثبوت الاحتجاج بالإمام الشافعي، وما تكلم فيه إلا حاسد أو جاهل بحاله فكان ذلك الكلام الباطل منهم موجباً لارتفاع شأنه وعلو قدره وتلك سنة الله في عباده (يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لَا تَكُونُواْ كَالّذِينَ آذَوْاْ مُوسَىَ فَبرّأَهُ اللّهُ مِمّا قَالُواْ وَكَانَ عِندَ اللّهِ وَجِيهاً * يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً)[الأحزاب 69، 70]

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أبي حاتم الرازي قال: محمد بن إدريس صدوق.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الربيع بن سليمان قال: كان الشافعي والله لسانه أكبر من كتبه لو رأيتموه لقلتم إن هذه ليست كتبه.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن يونس بن عبد الأعلى قال: ما كان الشافعي إلا ساحرا ما كنا ندري ما يقول إذا قعدنا حوله كأن الفاظه سكر وكان قد أوتي عذوبة منطق وحسن بلاغة وفرط ذكاء وسيلان ذهن وكمال فصاحة وحضور حجة.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن عبد الملك بن هشام اللغوي قال: طالت مجالستنا للشافعي فما سمعت منه لحنة قط.

قال الذهبي تعليقاً على هذا: قلت أنى يكون ذلك وبمثله في الفصاحة يضرب المثل كان أفصح قريش في زمانه وكان مما يؤخذ عنه اللغة

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أحمد بن أبي سريج الرازي ما رأيت أحدا أفوه ولا أنطق من الشافعي.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الأصمعي قال: أخذت شعر هذيل عن الشافعي.

ص: 974

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أبي ثور قال: سمعت الشافعي وكان من معادن الفقه ونقاد المعاني وجهابذة الألفاظ يقول حكم المعاني خلاف حكم الألفاظ لأن المعاني مبسوطة إلى غير غاية وأسماء المعاني معدودة محدودة وجميع أصناف الدلالات على المعاني لفظا وغير لفظ خمسة أشياء اللفظ ثم الإشارة ثم العقد ثم الخط ثم الذي يسمى النصبة والنصبة في الحال الدلالة التي لا تقوم مقام تلك الأصناف ولا تقصر عن تلك الدلالات ولكل واحد من هذه الخمسة صورة بائنة من صورة صاحبتها وحلية مخالفة لحلية أختها وهي التي تكشف لك عن أعيان المعاني في الجملة وعن خفائها عن التفسير وعن أجناسها وأفرادها وعن خاصها وعامها وعن طباعها في السار والضار وعما يكون بهوا بهرجا وساقطا مدحرجا.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال: ما رأيت أحدا أقل صباً للماء في تمام التطهر من الشافعي.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن ابن عبد الحكم قال: ما رأت عيني قط مثل الشافعي قدمت المدينة فرأيت اصحاب عبد الملك بن الماجشون يغالون بصاحبهم يقولون صاحبنا الذي قطع الشافعي قال فلقيت عبد الملك فسألته عن مسألة فأجابني فقلت الحجة قال لان مالكا قال كذا وكذا فقلت في نفسي هيهات هيهات أسألك عن الحجة وتقول قال معلمي وإنما الحجة عليك وعلى معلمك.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن ابراهيم بن أبي طالب الحافظ قال: سألت أبا قدامة السرخسي عن الشافعي وأحمد وأبي عبيد وابن راهويه فقال الشافعي أفقههم.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن يحيى بن منصور القاضي قال: سمعت إمام الأئمة ابن خزيمة يقول وقلت له هل تعرف سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام لم يودعها الشافعي كتبه قال لا.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: كنت أقرئ الناس وأنا ابن ثلاث عشرة سنة وحفظت الموطأ قبل أن أحتلم.

ص: 975

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن محمد بن مسلم بن وارة قال: سألت احمد بن حنبل ما ترى في كتب الشافعي التي عند العراقيين أهي أحب إليك أو التي بمصر قال عليك بالكتب التي عملها بمصر فإنه وضع هذه الكتب بالعراق ولم يحكمها ثم رجع إلى مصر فأحكم تلك وقلت لأحمد ما ترى لي من الكتب أن أنظر فيه رأي مالك أو الثوري أو الأوزاعي فقال لي قولا اجلهم أن أذكره وقال عليك بالشافعي فإنه أكثرهم صوابا وأتبعهم للآثار.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن عبد الله بن ناجية الحافظ قال: سمعت ابن وارة يقول قدمت من مصر فأتيت احمد بن حنبل فقال لي كتبت كتب الشافعي قلت لا قال فرطت ما عرفنا العموم من الخصوص وناسخ الحديث من منسوخه حتى جالسنا الشافعي قال فحملني ذلك على الرجوع إلى مصر فكتبتها.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن علي بن المديني يقول عليكم بكتب الشافعي.

قال الذهبي رحمه الله: قلت ومن بعض فنون هذا الإمام الطب كان يدريه نقل ذلك غير واحد فعنه قال عجبا لمن يدخل الحمام ثم لا يأكل من ساعته كيف يعيش وعجبا لمن يحتجم ثم يأكل من ساعته كيف يعيش.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن احمد بن حنبل وسئل عن الشافعي فقال لقد من الله علينا به لقد كنا تعلمنا كلام القوم وكتبنا كتبهم حتى قدم علينا فلما سمعنا كلامه علمنا انه أعلم من غيره وقد جالسناه الأيام والليالي فما رأينا منه إلا كل خير فقيل له يا أبا عبد الله كان يحيى وأبو عبيد لا يرضيانه يشير إلى التشيع وإنهما نسباه إلى ذلك فقال أحمد بن حنبل ما ندري ما يقولان والله ما رأينا منه إلا خيرا.

قال الذهبي تعليقاً على هذا: قلت من زعم أن الشافعي يتشيع فهو مفتر لا يدري ما يقول قد قال الزبير بن عبد الواحد الاستراباذي أخبرنا حمزة بن علي الجوهري حدثنا الربيع بن سليمان قال حججنا مع الشافعي فما ارتقى شرفا ولا هبط واديا إلا وهو يبكي وينشد * يا راكبا قف بالمحصب من منى * واهتف بقاعد خيفنا والناهض * * سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى * فيضا كملتطم الفرات الفائض * * إن كان رفضا حب آل محمد * فليشهد الثقلان أني رافضي *

قلت لو كان شيعيا وحاشاه من ذلك لما قال الخلفاء الراشدون خمسة بدأ بالصديق وختم بعمر بن عبد العزيز.

ص: 976

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أبي بكر محمد بن علي الشاشي الفقيه يقول دخلت على ابن خزيمة فقال يا بني على من درست الفقه فسميت له أبا الليث فقال وعلى من درس قلت على ابن سريج فقال وهل اخذ ابن سريج العلم إلا من كتب مستعارة فقال رجل أبو الليث هذا مهجور بالشاشي فإن البلد حنابلة فقال ابن خزيمة وهل كان ابن حنبل إلا غلاما من غلمان الشافعي.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن احمد بن سلمة النيسابوري تزوج إسحاق بن راهويه بامرأة رجل كان عنده كتب الشافعي مات لم يتزوج بها إلا للكتب قال فوضع جامع الكبير على كتاب الشافعي ووضع جامع الصغير على جامع سفيان فقدم أبو إسماعيل الترمذي نيسابور وكان عنده كتب الشافعي عن البويطي فقال له إسحاق لا تحدث بكتب الشافعي ما دمت هنا فأجابه قال داود بن علي سمعت ابن راهويه يقول ما كنت أعلم أن الشافعي في هذا المحل ولو علمت لم أفارقه.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أبو نعيم بن عدي الحافظ سمعت الربيع مرارا يقول لو رأيت الشافعي وحسن بيانه وفصاحته لعجبت ولو أنه ألف هذه الكتب على عربيته التي كان يتكلم بها معنا في المناظرة لم نقدر على قراءة كتبه لفصاحته وغرائب ألفاظه غير أنه كان في تأليفه يوضح للعوام.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أحمد بن حنبل قال: الشافعي فيلسوف في أربعة أشياء في اللغة واختلاف الناس والمعاني والفقه.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن يونس بن عبد الأعلى قال كان الشافعي إذا أخذ في التفسير كأنه شهد التنزيل.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أحمد بن حنبل قال: إذا سئلت عن مسألة لا أعرف فيها خبرا قلت فيها بقول الشافعي لأنه إمام قرشي وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال عالم قريش يملأ الأرض علما إلى أن قال احمد واني لأدعو للشافعي منذ أربعين سنة في صلاتي.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن يحيى بن سعيد قال: أنا أدعو الله للشافعي في صلاتي منذ أربع سنين.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن ابن ماجة القزويني قال: جاء يحيى بن معين إلى أحمد بن حنبل فبينا هو عنده إذ مر الشافعي على بغلته فوثب أحمد يسلم عليه وتبعه فأبطأ ويحيى جالس فلما جاء قال يحيى يا أبا عبد الله كم هذا فقال دع عنك هذا إن أردت الفقه فالزم ذنب البغلة.

ص: 977

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أحمد بن العباس النسائي سمعت أحمد بن حنبل مالا أحصيه وهو يقول قال أبو عبد الله الشافعي ثم قال ما رأيت أحدا أتبع للأثر من الشافعي.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن إبراهيم بن محمد الشافعي ما رأيت أحدا أحسن صلاة من الشافعي وذاك أنه أخذ من مسلم بن خالد وأخذ مسلم من ابن جريج وأخذ ابن جريج من عطاء وأخذ عطاء من ابن الزبير وأخذ ابن الزبير من أبي بكر الصديق وأخذ أبو بكر من النبي صلى الله عليه وسلم.

(2)

قدرة الشافعي الفائقة في المناظرة لإظهار الحق:

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: ناظرت محمد بن الحسن فاشتدت مناظرتي إياه، فجعلت أوداجه تنتفخ، وأزراره تنقطع زراً زراً.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن هارون بن سعيد: لو أن الشافعي ناظر على هذا العمود الذي من حجارة أنه من خشب لغلب بالمناظرة لاقتداره عليها.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن محمد. قال: ما رأيت أحداً يناظر الشافعي إلا رحمته مع الشافعي.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن ابن عبد الحكم قال: ما رأيت الشافعي يناظر أحدا إلا رحمته ولو رأيت الشافعي يناظرك لظننت أنه سبع يأكلك وهو الذي علم الناس الحجج.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن محمد قال: ما رأيت أحداً يناظر الشافعي إلا رحمته مع الشافعي. قال: وقال هارون ابن سعيد: لو أن الشافعي ناظر على هذا العمود الذي من حجارة أنه من خشب لغلب في اقتداره على المناظرة. وقال الشافعي: ناظرت رجلا بالعراق فجاءه بكل ما جاء بمعنى أدخلت عليه معنى آخر فيبقى، فتناظرنا في شيء فقلت له: من قال بهذا. قال: أمسك: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، فلم يزل يعد حتى عد العشرة، فبلغ كل مبلغ، وكان حولنا قوم لا معرفة لهم بالرواية، فاجتمعنا بعد ذلك المجلس فقلت له: الذي رويت، عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي من حدثك به. فقال: لم أرو لك شيئاً ولم يحدثني أحد، وإنما قلت لك: أمسك أبو بكر وعمر وعثمان وعلي. قال محمد: كان أعلم بكل فن لو كنت أدركته وأنا رجل كامل لاستخرجت من جنبيه علوماً جمة، ولقد رأيت عنده أشعار هذيل وما كنت أذكر له قصيدة إلا ربما أنشدنيها من أولها إلى آخرها، على أنه مات وهو ابن أربع وخمسين سنة.

ص: 978

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن حسين بن علي الكرابيسي قال: شهدت الشافعي ودخل عليه بشر المريسي فقال لبشر أخبرني عما تدعو إليه أكتاب ناطق وفرض مفترض وسنة قائمة ووجدت عن السلف البحث فيه والسؤال؟ فقال بشر: لا إلا أنه لا يسعنا خلافه، فقال الشافعي: أقررت بنفسك على الخطأ فأين أنت عن الكلام في الفقه والأخبار يواليك الناس وتترك هذا؟ قال: لنا نهمة فيه فلما خرج بشر قال الشافعي لا يفلح.

إخلاص نية الشافعة في المناظرة لإظهار الحق:

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: ما ناظرت أحد قط إلا على النصيحة.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: ما ناظرت أحداً قط إلا أحببت أن يوفق ويسدد ويعان، ويكون عليه رعاية من الله وحفظه. وما ناظرت أحداً إلا ولم أبال بين الله الحق على لساني أو لسانه.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي يقول ما ناظرت أحدا على الغلبة إلا على الحق عندي.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: ما ناظرت أحدا في الكلام إلا مرة وأنا استغفر الله من ذلك.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: ما كابرني أحد على الحق ودافع إلا سقط من عيني ولا قبله إلا هبته واعتقدت مودته.

(3)

تأصيل الشافعي للأصول:

ص: 979

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن يونس بن عبد الأعلى، قال: قال محمد بن إدريس الشافعي: الأصل قرآن وسنة، فإن لم يكن فقياس عليهما، وإذا اتصل الحديث، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصح الإسناد عنه فهو سنة. والإجماع أكثر من الخبر المنفرد، والحديث على ظاهر. وإذا احتمل المعاني فما أشبه منها ظاهره أولاها به. وإذا تكافأت الأحاديث فأصحها إسناداً أولاها. وليس المنقطع بشيء ما عدا منقطع ابن المسيب. ولا يقاس أصل على أصل. ولا يقال لأصل: لم، ولا كيف، وإنما يقال للفروع: لم، فإذا صح قياسه على الأصل صح وقامت به الحجة، قال الشافعي: وكلا قد رأيته استعمل الحديث المنفرد، استعمل أهل المدينة حديث النبي صلى الله عليه وسلم في التغليس. واستعمل أهل العراق حديث الغرر. وكل قد استعمل الحديث، هؤلاء أخذوا بهذا وتركوا الآخر، وهؤلاء أخذوا بهذا وتركوا الآخر. والذي لزم قرآن وسنة، وأنا أظلم في إلزام تقليد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا اختلفوا نظراً أتبعهم القياس إذا لم يوجد أصل يخالفهم أتبع أتبعهم للقياس. قد اختلف عمر وعلي في ثلاث مسائل القياس فيها مع علي، وبقوله أخذ منها المفقود. قال عمر: يضرب الأجل إلى أربع سنين ثم تعتد امرأته أربعة أشهر وعشراً. وقال علي: امرأته لا تنكح أبداً. وقد اختلف فيه عن علي حتى يتضح بموت أو فراق. وقال عمر في الرجل يطلق امرأته في سفر ثم يرتجعها فسيبلغها الطلاق ولا تبلغها الرجعة حتى تحل وتنكح: إن زوجها الآخر أولى بها إذا دخل بها. وقال علي: هي للأول وهو أحق بها. وقال عمر في الذي ينكح المرأة في العمق ويدخل بها أنه يفرق بينهما ثم لا ينكحها أبداً.

وقال علي: ينحكها بعد. واختلفوا في الأقراء، وأصح ذلك أن الأقراء الأطهار لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: مُرْهُ ـ يعني ابن عمر ـأن يطلقها في طهر لم يمسها فيه، فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن يطلق لها النساء. فلما سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة، كان أصح القول فيها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى الأطهار العدة.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن يونس بن عبد الأعلى، قال: سمعت الشافعي يقول: الأصل القرآن والسنة أو قياس عليهما، والإجماع أكثر من الحديث.

ص: 980

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن محمد بن يزيد بن حكيم. قال: رأيت محمد بن إدريس الشافعي في المسجد الحرام، وقد جُعلت له طنافس يجلس عليها، فآتاه رجل من أهل خراسان فقال: يا أبا عبد الله ما تقول في أكل فرخ الزنبور؟ قال: حرام. فقال الخراساني: حرام. فقال نعم. من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمعقول. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم: (وَمَآ آتَاكُمُ الرّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ)[الحشر: 7] وحدثنا سفيان، عن زائدة، عن عبد الملك بن عمير، عن مولى الربعي، عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اقتدوا بالذين من بعدي، أبي بكر وعمر. هذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وحدثونا عن إسرائيل، قال أبو بكر المستلمي: حدثنا أبو أحمد، عن إسرائيل، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة أن عمر بن الخطاب أمر بقتل الزنبور. وفي المعقول أن ما أمر بقتله فحرام أكله. فسكت الرجل ومضى. وكان هذا إعجاباً من المستملي بالشافعي.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أبي ثور قال: سمعت الشافعي وكان من معادن الفقه ونقاد المعاني وجهابذة الألفاظ يقول حكم المعاني خلاف حكم الألفاظ لأن المعاني مبسوطة إلى غير غاية وأسماء المعاني معدودة محدودة وجميع أصناف الدلالات على المعاني لفظا وغير لفظ خمسة أشياء اللفظ ثم الإشارة ثم العقد ثم الخط ثم الذي يسمى النصبة والنصبة في الحال الدلالة التي لا تقوم مقام تلك الأصناف ولا تقصر عن تلك الدلالات ولكل واحد من هذه الخمسة صورة بائنة من صورة صاحبتها وحلية مخالفة لحلية أختها وهي التي تكشف لك عن أعيان المعاني في الجملة وعن خفائها عن التفسير وعن أجناسها وأفرادها وعن خاصها وعامها وعن طباعها في السار والضار وعما يكون بهوا بهرجا وساقطا مدحرجا.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن البويطي قال: سئل الشافعي كم أصول الأحكام فقال خمس مئة قيل له كم أصول السنن قال خمس مئة قيل له كم منها عند مالك قال كلها إلا خمسة وثلاثين حديثا قيل له كم عند ابن عيينة قال كلها إلا خمسة.

ص: 981

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن عبد الله بن ناجية الحافظ قال: سمعت ابن وارة يقول قدمت من مصر فأتيت احمد بن حنبل فقال لي كتبت كتب الشافعي قلت لا قال فرطت ما عرفنا العموم من الخصوص وناسخ الحديث من منسوخه حتى جالسنا الشافعي قال فحملني ذلك على الرجوع إلى مصر فكتبتها.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي المحدثات من الأمور ضربان ما أحدث يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا فهذه البدعة ضلالة وما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا فهذه محدثة غير مذمومة قد قال عمر في قيام رمضان نعمت البدعة هذه يعني أنها محدثة لم تكن وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الميموني سمعت احمد يقول سألت الشافعي عن القياس فقال عند الضرورات.

(4)

تعظيم الشافعي لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي يقول قراءة الحديث خير من صلاة التطوع وقال طلب العلم أفضل من صلاة النافلة.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الربيع بن سليمان يقول: سأل رجل الشافعي عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم فقال له الرجل: فما تقول؟ فارتعد وانتفض وقال: أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلت بغيره.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الربيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي ـ وذكر حديثاً ـ فقال له رجل: تأخذ بالحديث. فقال لنا ـ ونحن خلفه كثير ـ: اشهدوا أني إذا صح عندي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم آخذ به فإن عقلي قد ذهب.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الحميدي روى الشافعي يوما حديثا فقلت أتأخذ به فقال رأيتني خرجت من كنيسة أو علي زنار حتى إذا سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا لا أقول به.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن حرملة بن يحيى يقول: قال الشافعي: كلما قلت: وكان عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف قولي مما يصح، فحديث النبي صلى الله عليه وسلم أولى ولا تقلدوني.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن حرملة بن يحيى، قال: سمعت الشافعي يقول: سميت ببغداد ناصر الحديث.

ص: 982

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أبي الوليد بن أبي الجارود يقول: قال الشافعي: إذا صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت قولا فأنا راجع عن قولي وقائل بذلك.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عن الشافعي قال: إذا وجدتم لرسول الله صلى الله عليه وسلم سنة فاتبعوها ولا تلتفتوا إلى قول أحد.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: إذا صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أولى أن يؤخذ به من غيره.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: إذا صح الحديث فهو مذهبي وإذا صح الحديث فاضربوا بقولي الحائط.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول: سمعت أبي يقول وذكر الشافعي ـ فقال: سمعته يقول: إذا صح عندكم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا لي حتى أذهب به في أي بلد كان.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: من تعلم القرآن عظمت قيمته ومن تكلم في الفقه نما قدره ومن كتب الحديث قويت حجته ومن نظر في اللغة رق طبعه ومن نظر في الحساب جزل رأيه ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أحمد بن العباس النسائي سمعت أحمد بن حنبل مالا أحصيه وهو يقول قال أبو عبد الله الشافعي ثم قال ما رأيت أحدا أتبع للأثر من الشافعي.

توقير الشافعي لأصحاب الحديث:

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال إذا رأيت رجلا من أصحاب الحديث فكأني رأيت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جزاهم الله خيرا هم حفظوا لنا الأصل فلهم علنيا الفضل.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: عليكم بأصحاب الحديث فإنهم أكثر الناس صوابا.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن عبد الله بن احمد بن حنبل قال: سمعت أبي يقول قال الشافعي أنتم اعلم بالأخبار الصحاح منا فإذا كان خبر صحيح فأعلمني حتى اذهب إليه كوفيا كان أو بصريا أو شاميا.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال لبعض أصحاب الحديث أنتم الصيادلة ونحن الأطباء.

(5)

حرص الشافعي على طلب العلم:

ص: 983

في مكة المكرمة حفظ القرآن وهو حدث، ثم أخذ يطلب اللغة والأدب والشعر حتى برع في ذلك كله. قال إسماعيل بن يحيى: سمعت الشافعي يقول: حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين وحفظت الموطأ وأنا إبن عشر سنين.

ثم رحل من مكة إلى بني هذيل وبق يفيهم سبعة عشر سنة، وكانوا أفصح العرب، فأخذ عنهم فصاحة اللغة وقوتها، ثم انصرفت همته لطلب الحديث والفقه من شيوخهما، فحفظ الموطأ وقابل الإمام مالك فأعجب به وبقراءته وقال له: يا بن أخي تفقه تعل.

وقال له أيضا: يا محمد اتق الله فسيكون لك شأن.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: حفظت الموطأ قبل أن آتي مالكاً، فلما أتيته قال لي: اطلب من يقرأ لك، فقلت: لا عليك أن تستمع لقراءتي، فإن أعجبتك وإلا طلبت من يقرأ، فقال لي: اقرأ فقرأت عليه.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: أتيت مالكاً وقد حفظت الموطأ. فقال لي: اطلب من يقرأ، قلت: لا عليك أن تستمع قراءتي، فإن خفت عليك وإلا طلبت من يقرأ لي، فقال لي، اقرأ، فقرأت لنفسي فكان الشافعي يقول: أخبرنا مالك.

ص: 984

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن سمعت حسيناً الكرابيسي يقول: سمعت الشافعي يقول: كنت امرءاً أكتب الشعر فآتي البوادي فأسمع منهم، قال: فقدمت مكة فخرجت منها وأنا أتمثل بشعر للبيد، وأضرب وحشي قدمي بالسوط، فضربني رجل من ورائي من الحجبة، فقال رجل من قريش ثم ابن المطلب رضي من دينه ودنياه أن يكون معلماً، ما الشعر؟ هل الشعر إذا استحكمت فيه إلا قصدت معلماً، تفقه يعلمك الله. قال: فنفعني الله بكلام ذلك الحجي، قال: ورجعت إلى مكة وكتبت من ابن عيينة ما شاء الله أن أكتب ثم كنت أجالس مسلم بن خالد الزنجي، ثم قرأت على مالك بن أنس فكتبت موطأه فقلت له: يا أبا عبد الله أقرأ عليك، قال: يا بن أخي تأتي برجل يقرأه علي فتسمع، فقلت أقرأ عليك فتسمع إلى كلامي: فقال لي اقرأ، فلما سمع قراءتي أذن فقرأت عليه حتى بلغت كتاب السير، فقال لي اطوه يا ابن أخي، تفقه تعلم، قال: فجئت إلى مصعب بن عبد الله فكلمته أن يكلم بعض أهلنا فيعطيني شيئاً من الدنيا، فإنه كان بي من الفقر والفاقة ما الله به عليم، فقال لي مصعب: أتيت فلاناً فكلمته فقال لي: تكلمني في رجل كان منا فخالفنا، قال: فأعطاني مائة دينار وقال لي مصعب: إن هارون الرشيد كتب إلي أن أصير إلى اليمن قاضياً فتخرج معنا لعل الله أن يعوضك ما كان من هذا الرجل يقرضك؟ قال: فخرج قاضياً على اليمن وخرجت معه، فلما صرنا باليمن وجالسنا الناس كتب مطرف بن مازن إلى هارون الرشيد إن أردت اليمن لا يفسد عليك ولا يخرج من يديك فأخرج عنه محمد بن إدريس وذكر أقواماً من الطالبيين، قال: فبعث إلى حماد العزيزي فأوثقت بالحديد حتى قدمنا على هارون قال: فأدخلت على هارون. قال: فأخرجت من عنده. قال: وقدمت ومعي خمسون ديناراً. قال: ومحمد بن الحسن يومئذ بالرقة قال فأنفقت تلك الخمسين ديناراً على كتبهم، قال: فوجدت مثلهم ومثل كتبهم مثل رجل كان عندنا يقال له فروخ وكان يحمل الدهن في زق له، فكان إذا قيل له عندك فرشنان؟ قال: نعم، فإن قيل له عندك زنبق؟ قال: نعم، فإن قيل عندك حبر؟ قال: نعم، فإذا قيل له أرني ـ وللزق رءوس كثيرة ـ فيخرج له من تلك الرءوس، وإنما هي دهن واحد وكذلك وجدت كتاب أبي حنيفة إنما يقول كتاب الله وسنة نبيه عليه السلام وإنما هم مخالفون له.

ص: 985

قال: فسمعت ما لا أحصيه محمد بن الحسن يقو؟: إن تابعكم الشافعي فما عليكم من حجازي كلفه بعده، فجئت يوماً فجلست إليه وأنا من أشد الناس هماً وغماً من سخط أمير المؤمنين، وزادي قد نفد. قال: فلما أن جلست إليه أقبل محمد بن الحسن يطعن على أهل دار الهجرة، فقلت: على من تطعن، على البلد أم على أهله. والله لئن طعنت على أهله إنما تطعن على أبي بكر وعمر والمهاجرين والأنصار، وإن طعنت على البلدة فإنها بلدتهم التي دعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبارك لهم في صالحهم ومدهم، وحرمه كما حرم إبراهيم عليه الصلاة والسلام مكة، لا يقتل صيدها، على أيهم تطعن؟ فقال: معاذ الله أن أطعن على أحد منهم أو على بلدته، وإنما أطعن على حكم من أحكامه، فقلت: ما هو؟ فقال: اليمين مع الشاهد، فقلت له: ولم طعنت؟ قال: فإنه مخالف لكتاب الله، فقلت له: فكل خبر يأتيك مخالفاً لكتاب الله أتسقطه؟ قال: فقال كذا يجب، فقلت له: ما تقول في الوصية للوالدين؟ قال: فتفكر ساعة، فقلت له: أجب، فقال: لا تجب، قال: فقلت له: هذا مخالف لكتاب الله، لم قلت: إنه لا يجوز. قال: فقال: لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا وصية للوالدين. قال: فقلت له: فأخبرني عن الشاهدين حتم من الله؟ قال: فما تريد من ذا؟ قال: فقلت له: لئن زعمت أن الشاهدين حتم من الله لا غير ينبغي لك أن تقول: إذا زنى زان فشهد عليه شاهدان إن كان محصناً رجمته، وإن كان غير محصن جلدته. قال: ليس هو حتماً من الله. قال: قلت له: إذا لم يكن حتماً من الله فتنزل الأحكام منازلها، في الزنا أربعاً وفي غيره شاهدين، وفي غيره رجلاً وامرأتين. وإنما أعنى في القتل لا يجوز إلا بشاهدين، فلما رأيت قتلاً وقتلاً أعني بشهادة الزنا وأعني بشهادة القتل، فكان هذا قتلاً وهذا قتلاً، غير أن أحكامهما مختلفة فكذلك كل حكم أنزله الله، منها بأربع ومنها بشاهدين، ومنها برجل وامرأتين ومنها بشاهد واليمين، فرأيتك تحكم بدون هذا، قال: فقلت له: فما تقول في الرجل والمرأة إذا اختلفا في متاع البيت. فقال: أصحابي يقولون فيه: ما كان للرجال فهو للرجال، وما كان للنساء فهو للنساء، قال: فقلت له: أبكتاب الله هذا أم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فقلت له: فما تقول في الرجلين إذا اختلفا في الحائط.

ص: 986

قال: فقال: في قول أصحابنا إن لم يكن لهم بينة ننظر إلى العقد من أين هو إلينا، فأحكم لصاحبه، قال: فقلت: أبكتاب الله هذا أم بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. قلت: قلت: فما تقول في رجلين بينهما حص فيختلفان، لمن تحكم إذا لم تكن لهم بينة? قال: أنظر إلى معاقده من أي وجه هو فأحكم له، قلت: بكتاب الله هذا أم بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قال: فقلت له: فما تقول في ولادة المرأة إذا لم يكن يحضرها إلا امرأة واحدة، وهي القابلة، و لم يكن غيرها. فقال لي: الشهادة جائزة بشهادة القابلة وحدها نقبلها، قال: فقلت له: هذا بكتاب الله أم بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. قال: ثم قلت له: أتعجب من حكم حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكم به أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وحكم به علي بن أبي طالب بالعراق، وقضى وحكم به شريح؟ قال: ورجل من ورائي يكتب ألفاظي وأنا لا أعلم، قال: فأدخل على هارون وقرأه عليه، قال: فقال هرثمة بن أعين ـ وكان متكما فاستوى جالساً ـ فقال: اقرأه ثانياً، قال: فأنشأ هارون يقول: صدق الله ورسوله، صدق الله ورسوله، صدق الله ورسوله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعلموا من قريش ولا تعلموها، قدموا قريشاً ولا تقدموها ما أنكر أن يكون محمد بن إدريس أعلم من محمد بن الحسن، قال: فرضي عني وأمر لي بخمسمائة دينار. قال: فخرج به هرثمة وقال لي بالشرط: هكذا، فاتبعته، فحدثني بالقصة وقال لي: قد أمر بخمسمائة دينار وقد أضفنا إليه مثله، قال: فوالله ما ملكت قبلها ألف دينار إلا في ذاك الوقت، قال: وكنت رجلاً أستتبع فأغناني الله عز وجل على يدي مصعب. رأتين ومنها بشاهد واليمين، فرأيتك تحكم بدون هذا، قال: فقلت له: فما تقول في الرجل والمرأة إذا اختلفا في متاع البيت. فقال: أصحابي يقولون فيه: ما كان للرجال فهو للرجال، وما كان للنساء فهو للنساء، قال: فقلت له: أبكتاب الله هذا أم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فقلت له: فما تقول في الرجلين إذا اختلفا في الحائط. قال: فقال: في قول أصحابنا إن لم يكن لهم بينة ننظر إلى العقد من أين هو إلينا، فأحكم لصاحبه، قال: فقلت: أبكتاب الله هذا أم بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

ص: 987

قلت: قلت: فما تقول في رجلين بينهما حص فيختلفان، لمن تحكم إذا لم تكن لهم بينة؟ قال: أنظر إلى معاقده من أي وجه هو فأحكم له، قلت: بكتاب الله هذا أم بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قال: فقلت له: فما تقول في ولادة المرأة إذا لم يكن يحضرها إلا امرأة واحدة، وهي القابلة، و لم يكن غيرها. فقال لي: الشهادة جائزة بشهادة القابلة وحدها نقبلها، قال: فقلت له: هذا بكتاب الله أم بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. قال: ثم قلت له: أتعجب من حكم حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكم به أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وحكم به علي بن أبي طالب بالعراق، وقضى وحكم به شريح؟ قال: ورجل من ورائي يكتب ألفاظي وأنا لا أعلم، قال: فأدخل على هارون وقرأه عليه، قال: فقال هرثمة بن أعين ـ وكان متكما فاستوى جالساً ـ فقال: اقرأه ثانياً، قال: فأنشأ هارون يقول: صدق الله ورسوله، صدق الله ورسوله، صدق الله ورسوله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعلموا من قريش ولا تعلموها، قدموا قريشاً ولا تقدموها ما أنكر أن يكون محمد بن إدريس أعلم من محمد بن الحسن، قال: فرضي عني وأمر لي بخمسمائة دينار. قال: فخرج به هرثمة وقال لي بالشرط: هكذا، فاتبعته، فحدثني بالقصة وقال لي: قد أمر بخمسمائة دينار وقد أضفنا إليه مثله، قال: فوالله ما ملكت قبلها ألف دينار إلا في ذاك الوقت، قال: وكنت رجلاً أستتبع فأغناني الله عز وجل على يدي مصعب.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي، قال: كنت يتيماً في حجر أمي، ولم يكن معها ما تعطي المعلم، وكان المعلم قد رضي مني أخلفه إذا قام، فلما ختمت القرآن دخلت المسجد فكنت أجالس العلماء فأحفظ الحديث أو المسألة، وكان منزلنا بمكة في شعب الخيف، فكنت أنظر إلى العظم يلوح، فأكتب فيه الحديث والمسألة، وكانت لنا جرة قديمة فإذا امتلأ العظم طرحته في الجرة.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الحميدي قال: سمعت الشافعي يقول كنت يتيما في حجر أمي ولم يكن لها ما تعطيني للمعلم وكان المعلم قد رضي مني أن أقوم على الصبيان إذا غاب وأخفف عنه.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي، قال: طلبت هذا الأمر، عن خفة ذات يد، كنت أجالس الناس وأتحفظ، ثم اشتهيت أن أدون، وكان منزلنا بمكة بقرب شعب الخيف، فكنت أجمع العظام والأكتاف فأكتب فيها حتى امتلأ من دارنا من ذلك جباب.

ص: 988

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: ما اشتد علي موت أحد من العلماء مثل موت ابن أبي ذيب والليث بن سعد. فذكرت ذلك لأبي، فقال: ما ظننت أنه أدركهما حتى تأسف عليهما.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: كنت أطلب الشعر وأنا صغير وأكتب، فبينا أنا أمضي بمكة أو في ناحية من مكة إذ سمعت صائحاً يقول: يا محمد ابن إدريس، عليك بطلب العلم، قال: فالتفت فلم أر أحداً، فرجعت فكنت أطلب العلم وأكتبه على الخرق وأطرحه في الزير حتى امتلأ، وكنت يتيماً و لم يكن لأمي شيء، فولي عم لي ناحية اليمين على القضاء فخرجت معه، فلما قدمت من اليمن أتيت مسلم بن خالد الزنجي فسلمت عليه فلم يرد علي السلام وقال أحدهم يجيئنا حتى إذا ظننا أنه يصلح أفسد نفسه، قال: فسرت إلى سفيان ابن عيينة فسلمت عليه فرد علي السلام وقال: قد بلغني يا أبا عبد الله ما كنت فيه، وما بلغني إلا خير فلا تعد، قال: ثم خرجت إلى المدينة فقرأت الموطأ على مالك. ثم خرجت إلى العراق فصرت إلى محمد بن الحسن فكنت أناظر أصحابه، قال: فشكوني إلى محمد ابن الحسن، فقالوا: إن هذا الحجازي يعيب علينا قولنا ويخطئنا. فذكر محمد بن الحسن ذلك، فقلت له: إنا كنا لا نعرف إلا التقليد، فلما قدمنا عليكم سمعناكم تقولون: لا تقلدوا واطلبوا الحق والحجاج، فقال لي: فناظرني، فقلت: أناظر بعض أصحابك وأنت تسمع، فقال: لا، إلا أنا. قال: فقلت: ذلك. قال: فتسأل أو أسأل? قلت: ما شئت، قال: فما تقول في رجل غصب من رجل عموداً فبنى عليه قصراً فجاءه مستحق فاستحقه. قلت: يخير بن العمود وبين قيمته، فإن اختار العمود هدم القصر وأخرج العمود فرده على صاحبه، قال: فما تقول في رجل غصب من رجل خشبة فبنى عليها سفينة ثم لجج بها في البحر، ثم جاء صاحبها فاستحقها. قلت: تقدم إلى أقرب المرسيين فيخير بين القيمة وبين الخشبة فإن أخذ قيمتها وإلا نقض السفينة ورد الخشبة إلى صاحبها، قال: فماذا تقول في رجل غصب من رجل خيط إبريسم فخاط به خرجه، ثم جاء صاحبه فاستحقه.

ص: 989

قلت: له قيمته فكبر وكبر أصحابه وقالوا: تركت قولك يا حجازي، فقلت له: على رسلك أرأيت لو أن صاحب القصر أراد أن يهدم قصره ويرد العمود إلى صاحبه ولا يعطه قيمته كان للسلطان أن يمنعه من ذلك؟ فقال: لا، فقلت: أرأيت أن صاحب السفينة لو أراد إن ينقض السفينة ويرد الخشبة إلى صاحبها أكان للسلطان أن يمنعه؟ قال: لا، قلت: أرأيت أن صاحب الخرج لو أراد أن ينقض خرجه ويخرج الخيط الذي خاط به الخرج ويرده على صاحبه، أكان للسلطان أن يمنعه. قال: نعم، قلت: فكيف تقيس ما هو محظور بما هو ليس بممنوع.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: طلب العلم أفضل من صلاة النافلة.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: قال محمد بن الحسن: ليس يبلغ هذا الشأن إلا من أحرق قلبه البن؟ يريد في طلب العلم.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: لا يبلغ هذا الشأن رجل حتى يضربه الفقر أن يؤثره على كل شيء.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: ما طلب أحد العلم بالتعمق وعز النفس فأفلح، ولكن من طلبه بضيق اليد، وذلة النفس وخدمة العالم أفلح.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: طالب العلم يحتاج إلى ثلاث خصال، إحداها حسن ذات اليد، والثانية طول العمر، والثالثة يكون له ذكاء.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: خرجت إلى اليمن في طلب كتب الفراسة حتى كتبتها وجمعتها.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي، قال: كفى بالعلم فضيلة أن يدعيه من ليس فيه، ويفرح إذا نسب إليه، وكفى بالجهل شيئاً أن يتبرأ منه من هو فيه ويغضب إذا نسب إليه.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: كنت أكتب في الأكتاف والعظام وكنت أذهب إلى الديوان فأستوهب الظهور فأكتب فيها.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن عمرو بن سواد قال: قال لي الشافعي كانت نهمتي في الرمي وطلب العلم فنلت من الرمي حتى كنت أصيب من عشرة عشرة وسكت عن العلم فقلت أنت والله في العلم أكبر منك في الرمي.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن المزني أنه سمع الشافعي يقول حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر.

ص: 990

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قالت أتيت مالكا وأنا ابن ثلاث عشرة سنة كذا قال والظاهر انه كان ابن ثلاث وعشرين سنة قال فأتيت ابن عم لي والي المدينة فكلم مالكا فقال اطلب من يقرأ لك قلت أنا أقرأ فقرأت عليه فكن ربما قال لي لشيء قد مر أعده فأعيده حفظا فكأنه أعجبه ثم سألته عن مسألة فأجابني ثم أخرى فقال أنت تحب أن تكون قاضيا.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن ابن عبد الحكم قال: سمعت الشافعي يقول قرأت القرآن على إسماعيل بن قسطنطين وقال قرأت على شبل واخبر شبل انه قرأ على عبد الله بن كثير وقرا على مجاهد وأخبر مجاهد انه قرأ على ابن عباس قال الشافعي وكان إسماعيل يقول القران اسم ليس بمهموز ولم يؤخذ من قرأت ولو أخذ من قرأت كان كل ما قرئ قرآنا ولكنه اسم للقرآن مثل التوراة والإنجيل.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن مسلم بن خالد الزنجي قال للشافعي أفت يا أبا عبد الله فقد والله آن لك أن تفتي وهو ابن خمس عشرة سنة.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: وددت أن الناس تعلموا هذا العلم يعني كتبه على أن لا ينسب إلي منه شيء.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي أصل العلم التثبيت وثمرته السلامة وأصل الورع القناعة وثمرته الراحة وأصل الصبر الحزم وثمرته الظفر وأصل العمل التوفيق وثمرته النجح وغاية كل أمر الصدق.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: العالم يسأل عما يعلم وعما لا يعلم فيثبت ما يعلم ويتعلم ما لا يعلم والجاهل يغضب من التعلم ويأنف من التعليم.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: العلم علمان علم الدين وهو الفقه وعلم الدنيا وهو الطب وما سواه من الشعر وغيره فعناء وعبث.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: كنت أقرئ الناس وأنا ابن ثلاث عشرة سنة وحفظت الموطأ قبل أن أحتلم.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن البويطي قال: سئل الشافعي كم أصول الأحكام فقال خمس مئة قيل له كم أصول السنن قال خمس مئة قيل له كم منها عند مالك قال كلها إلا خمسة وثلاثين حديثا قيل له كم عند ابن عيينة قال كلها إلا خمسة.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: وددت أن كل علم أعلمه تعلمه الناس أوجر عليه ولا يحمدوني.

ص: 991

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: العلم ما نفع ليس العلم ما حفظ.

(6)

سعة علم الشافعي وجمعه لشتى العلوم:

كان الشافعي رحمه الله تعالى واسع العلم، وكان علمه كالغيث من السماء أينما حل نفع، حدث الربيع بن سليمان قال: كان الشافعي رحمه الله يجلس في حلقته إذا صلى الصبح، فيجيئه أهل القرآن فإذا طلعت الشمس قاموا وجاء أهل الحديث فيسألونه تفسيه ومعانيه، فإذا ارتفعت الشمس قاموا فاستوت الحلقة للمذاكرة والنظر، فإذا ارتفع الضحى تفرقوا، وجاء أهل العربية والعروض والنحو والشعر فلا يزالون إلى قرب انتصاف النهار، ثم ينصرف، رضي الله عنه.

وحدث محمد بن عبد الحكم قال: ما رأيت مثل الشافعي، كان أصحاب الحديث يجيئون إليه ويعرضون عليه غوامض علم الحديث، وكان يوقفهم على أسرار لم يقفوا عليها فيقومون وهم متعجبون منه، وأصحاب الفقه الموافقون والمخالفون لا يقومون إلا وهم مذعنون له، وأصحاب الأدب يعرضون عليه الشعر فيبين لهم معانيه. وكان يحفظ عشرة آلاف بيت لهذيل إعرابها ومعانيها، وكان من أعرف الناس بالتواريخ، وكان ملاك أمره إخلاص العمل لله تعالى.

ص: 992

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن محمد بن إسماعيل بن الحبال الحميري، عن أبيه قال: كان محمد ابن إدريس الشافعي رجلا شريفاً، وكان يطلب اللغة والعربية والفصاحة والشعر في صغره، وكان كثيراً ما يخرج إلى البدو ويحمل ما فيه من الأدب، فبينما هو ذات يوم في حي من أحياء العرب، إذ جاء إليه رجل بدوي فقال له: ما تقول في امرأة تحيض يوماً وتطهر يوماً؟ فقال: لا أدري. فقال له: يا بن أخي: الفضيلة أولى بك من النافلة، فقال له: إنما أريد هذا لذاك، وعليه قد عزمت وبالله التوفيق وبه أستعين، ثم خرج إلى مالك بن أنس، وكان مالك صدوقاً في حديثه، صادقاً في مجلسه، وحيداً في جلوسه، فدخل عليه وارتفع على أصحابه فنهره مالك فوجده موقراً في الأدب، فرفعه على أصحابه وقدمه عليهم وقربه من نفسه، فلم يزل مع مالك إلى أن توفى مالك رحمه الله، ثم خرج إلى اليمن، وقد خرج بها الخارجي على هارون الرشيد، وطعن الشافعي عليه، وأعرض عمن ساعده، ورفع من قعد عنه، فبلغ ذلك الخارجي ما يقول فيه، فبعث إليه فأحضره عندهم وهم بقتله، فلما سمع كلامه وتبين له شرفه وفضله وعفته، عفا عنه وعرض عليه قضاء اليمن فامتنع من ذلك، ثم أشخص هارون جيشه إلى ذلك الخارجي، فقبض عليه وحمل إلى بساط السلطان، وحمل معه الشافعي، وأحضرا جميعاً بين يدي الرشيد، فأمر بقتلهما، فقال له الشافعي: يا أمير المؤمنين: إن رأيت تسمع كلامي وتجعل عقوبتك من رواء لساني، ثم تضمني بعد ذلك إلى ما يليق لي من الشدة والرخاء، فقال له: هات. فبين له القصة وعرفه شرفه، وذكر له كلاماً استحسنه هارون وأمره أن يعيده عليه، فأعاد تلك المعاني بألفاظ أعذب منها.

ص: 993

فقال له هارون: كثر الله في أهل بيتي مثلك وكان محمد بن الحسن حاضراً فلم يقصر، وخلى له السبيل، وسأله محمد بن الحسن فنزل عليه أياماً، ثم سأله الشافعي أن يمكنه من كتبه وكتب أبي حنيفة، فأجابه إلى ذلك ثلاث ليال، وكان الشافعي قد استبعد الوراقين، فكتبوا له منها ما أراد ثم خرج إلى الشام فأقام بها مدة ينقض أقاويل أبي حنيفة ويرد عليه، حتى دون كلامه، ثم استخار في الرد على مالك فأري ذلك في المنام، فرد عليه خمسة أجزاء من الكلام ـ أو نحو ذلك ـ ثم خرج إلى مصر والدار لمالك وأصحابه يحكمون فيه، ويستسقون بموطنه، فلما عاينوه فرحوا به، فلما خالفهم وثبوا عليه ونالوا منه، فبلغ ذلك سلطانهم، فجمعهم بين يديه، فلما سمع كلامه وتبين له فضله عليهم، قدمه عليهم وأمره أن يقعد في الجامع، وأمر الحاجب أن لا يحجبه أي وقت جاء. فلم يزل أمره يعلو، وأصحابه يتزايدون، إلى أن وردت مسألة هارون الرشيد يدعو الناس إليها وقد استكتمها الفقهاء فأجابوه إلى ذلك وقبلوها منه طوعاً ومنهم كرهاً، فجيء بالمسألة إلى الشافعي فلما نظر فيها قال: غفل والله أمير المؤمنين، عن الحق وأخطأ المسير عليه بهذا، وحق الله علينا أوجب وأعظم من حق أمير المؤمنين وهذا خلاف ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلاف ما اعتقدته الأئمة والخلف. فكتب بذلك إلى هارون، فكتب في حمله مقيداً فحمل حتى أحضر في دار أمير المؤمنين فأجلس في بعض الحجر، ثم دخل محمد بن الحسن وبشر المريسي جميعاً، فقال لهما هارون الرشيد: القرشي الذي خالفنا في مسألتنا قد أحضر في دارنا مقيداً، فما الذي تقولان في أمره؟ فقال محمد بن الحسن: يا أمير المؤمنين وقد بلغني أيضاً أنه قد خالف صاحبه، وقد رد عليه وعلى صاحبي أيضاً، وجعل لنفسه مقالة يدعو الناس إليها، ويتشبه بالأئمة، فإن رأيت أن تحضره حتى نبلو خبره ونقطع حجته. ثم تضاعف عليه عقوبة أمير المؤمنين. فدعا به بقيده، فأحضر بين يدي أمير المؤمنين فسلم عليه فلم يرد عليه، وبقى قائماً طويلا لا يؤذن له بالجلوس، وأمير المؤمنين مقبل عليهما دونه، ثم أومأ إليه فجلس بين الناس، فقال محمد بن الحسن: هات مسألة يا شافعي نتكلم عليها، فقال له الشافعي: سلوني عما أحببتم، فتجرد بشر وقال له: لولا أنك في مجلس أمير المؤمنين وطاعته فرض لننزلن بك ما تستحقه، فليس أنت في كنف العمر، ولا أنت في ذمة العلم فيليق بك هذا. فقال له الشافعي: عض ما أنت.

ص: 994

وذا بلغة أهل اليمن فانشأ يقول:

أهابك يا عمرو ما هبتني

وخاف بشراك إذ هبتني

وتزعم أمي عن أبيه

من أولاد حام بها عبتني

فأجابه الشافعي وهو يقول:

ومن هاب الرجال تهيبوه

ومن حقر الرجال فلن يهابا

من قضت الرجال له حقوقا

ولم يعص الرجال فما أصابا

فأجابه بشر وهو يقول:

هذا أوان الحرب فاشتدي زيم فأجابه الشافعي وهو يقول:

سيعلم ما يريد إذا التقينا

بشط الراب أي فتى أكون

فقال بشر: يا أمير المؤمنين دعني وإياه. فقال له هارون: شأنك وإياه. فقال له بشر: أخبرني ما الدليل على أن الله تعالى واحد.

فقال الشافعي:

يا بشر ما تدرك من لسان الخواص فأكلمك على لسانهم، إلا أنه لا بد لي أن أجيبك على مقدارك من حيث أنت، الدليل عليه به ومنه وإليه، واختلاف الأصوات في المصوت إذا كان المحرك واحداً دليل على أنه واحد، وعدم الضد في الكمال على الدوام دليل على أنه واحد، وأربع نيرات مختلفات في جسد واحد متفقات على ترتيبه في استفاضة الهيكل، دليل على أن الله تعالى واحد وأربع طبائع مختلفات في الخافقين أضداد غير أشكال مؤلفات على إصلاح الأحوال، دليل على أن الله تعالى واحد، وفي خلق السموات والأرض بعد موتها، وبث فيها من كل دابة، وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون، كل ذلك دليل على أن الله تعالى واحد لا شريك به.

فقال بشر: وما الدليل على أن محمداً رسول الله. قال: القرآن المنزل، وإجماع الناس عليه، والآيات التي لا تليق بأحد، وتقدير المعلوم في كون الإيمان بدليل واضح دليل على أنه رسول الله، لا بعده مرسل يعزله، وامتحانك إياي بهذين السؤالين، وقصدك إياي بهما دون فنون العلوم دليل على أنك حائر في الدين، تائه في الله عز وجل، ولو وسعني السكوت، عن جوابك لاخترته. وإن قلت أمراً لي لا تشمر من سؤاليك هذين، لقلت: بعيد من بركان اليقين، وكيف قصرت يدي عنك، لقد وصل لساني إليك.

ص: 995

فقال له بشر: ادعيت الإجماع، فهل تعرف شيئاً أجمع الناس عليه؟ قال: نعم أجمعوا على أن هذا الحاضر أمير المؤمنين، فمن خالفه قتل. فضحك هارون وأمر بأخذ القيد، عن رجليه. قال: ثم انبسط الشافعي في الكلام فتكلم بكلام حسن، فأعجب به الرشيد وقربه من مجلسه ورفعه عليهما. قال: ثم غاصا في اللغة ـ وكان بشر مدلا بها ـ حتى خرجا إلى لغة أهل اليمن، فانقطع بشر في مواضع كثيرة فقال محمد بن الحسن لبشر: يا هذا إن هذا رجل قرشي واللغة من نسكه، وأنت تتكلفها من غير طبع، فدعوني ومالكاً، ودعو مالكاً معي،

قال الشافعي:

إن كنت أبا ثور يعقر الحرف. فجرى بينهما عشر مسائل انقطع محمد بن الحسن في خمس منها، حتى أمر هارون الرشيد بجز رجل محمد ابن الحسن، فأراد الشافعي أن يكافئه، لما كان له عليه من اليد، فقال: يا أمير المؤمنين والله ما رأيت يمنياً هو أفقه منه، وجعل يمدحه بين يدي أمير المؤمنين ويفضله، فعلم هارون الرشيد ما يريد الشافعي بذلك، فخلع عليهما وحمل كل واحد منهما على مهري قرطاس، يريد بذلك مرضاة الشافعي وخلع على الشافعي خاصة، وأمر له بخمسين ألف درهم. فانصرف إلى البيت وليس معه شيء، قد تصدق بجميع ذلك ووصل به الناس،

فقال له هارون الرشيد:

أنا أمير المؤمنين وأنت القدوة، فلا يدخل علي أحد من الفقهاء قبلك، فأنشأ محمد بن الحسن يقول:

أخذت ناراً بيدي

أشعلتها في كبدي

فقلت: ويحي سيدي

قتلت نفسي بيدي

ص: 996

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عبد الله بن محمد البلوي. قال: لما جيء بأبي عبد الله الشافعي إلى العراق ادخل إليها ليلا على بغل قتب، وعليه طيلسان مطبق، وفي رجليه حديد وذاك أنه كان من أصحاب عبد الله بن الحسن، وأصبح الناس في يوم الاثنين لعشر خلون من شعبان سنة أربع وثمانين ومائة، وكان قد اعتور على هارون الرشيد أبو يوسف القاضي، وكان قاضي القضاة محمد بن الحسن على المظالم، فكان الرشيد يصدر عن رأيهما، ويتفقه بقولهما، فسبقا في ذلك اليوم إلى الرشيد فأخبراه بمكان الشافعي، وانبسطا جميعاً في الكلام، فقال محمد بن الحسن الحمد لله الذي مكن لك في البلاد، وملكك رقاب العباد، من باغ ومعاند إلى يوم المعاد، لا زلت مسموعاً لك ومطاعاً، فقد علت الدعوة وظهر أمر الله وهم كارهون، وإن جماعة من أصحاب عبد الله بن الحسن اجتمعت وهم متفرقون قد أتاك من ينوب، عن الجميع وهو على الباب، يقال له محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع ابن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف، يزعم أنه أحق بهذا الأمر منك، وحاش لله، ثم إنه يدعي من العلم ما لم يبلغه سنه، ولا يشهد له بذلك قدره وله لسان ومنطق ورواء، وسيحليك بلسانه وأنا خائف، كفاك الله مهماتك، وأقالك عثراتك. ثم أمسك. فأقبل الرشيد على أبي يوسف فقال: يا يعقوب قال: لبيك يا أمير المؤمنين. قال: أنكرت من مقالة محمد شيئاً? فقال له أبو يوسف: محمد صادق فيما قاله، والرجل كما خلق. فقال الرشيد: لا خبر بعد شاهدين ولا إقرار أبلغ من المحنة، وكفى بالمرء إنما أن يشهد بشهادة يخفيها، عن خصمه. على رسلكما لا تبرحا. ثم أمر بالشافعي فأدخل فوضع بين يديه الحديد الذي كان في رجليه، فلما استقر به المجلس ورمى القوم إليه بأبصارهم، رمى الشافعي بطرفه نحو أمير المؤمنين وأشار بكفه كتابه مسلماً، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فقال له الرشيد: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، بدأت بسنة لم تؤمر بإقامتها، وزدنا فريضة قامت بذاتها، ومن أعجب العجب أنك تكلمت في مجلسي بغير أمري. فقال له الشافعي: يا أمير المؤمنين إن الله عز وجل وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً النور 55.

ص: 997

وهو الذي إذا وعد وفى، فقد مكنني في أرضه وأمنني بعد خوفي يا أمير المؤمنين، فقال له الرشيد: أجل قد أمنك الله إن أمنتك. فقال الشافعي: فقد حدثت أنك لا تقتل قومك صبراً، ولا تزدريهم بهجرتك غدراً، ولا تكذبهم إذا أقاموا لديك عذراً. فقال الرشيد: هو كذلك، فما عذرك مع ما أرى من حالك، وتسييرك من حجازك إلى عراقنا التي فتحها الله علينا بعد أن بغى صاحبك ثم اتبعه الأرذلون وأنت رئيسهم? فما ينفع لك القول مع إقامة الحجة ولن تضر الشهادة مع إظهار التوبة. فقال له الشافعي: يا أمير المؤمنين أما إذا استطلقني الكلام، فلسنا نكلم إلا على العدل والنصفة. فقال له الرشيد: ذلك لك. فقال الشافعي: والله يا أمير المؤمنين لو اتسع لي الكلام على ما بي لما شكوت لكن الكلام مع ثقل الحديد يعور، فإن جدت علي بفكة تركت كسره إياي وفصحت، عن نفسي، وإن كانت الأخرى فيدك العليا ويدي السفلى، والله غني حميد. فقال الرشيد لغلامه: يا سراح حل عنه. فأخذ ما في قدميه من الحديد فجثى على ركبته اليسرى ونصب اليمنى وابتدر الكلام فقال: والله يا أمير المؤمنين لأن يحشرني الله تحت راية عبد الله بن الحسن وهو ممن قد علمت لا ينكر عنه اختلاف الأهواء، وتفرق الآراء، أحب إلي وإلى كل مؤمن من أن يحشرني تحت راية قطري بن الفجاءة المازني. وكان الرشيد متكئاً فاستوى جالساً، وقال: صدقت وبررت، لأن تكون تحت راية رجل من أهل بيت رسول الله وأقاربه إذا اختلفت الأهواء، خير من أن يحضرك الله تحت راية خارجي يأخذه الله بغتة، فأخبرني يا شافعي ما حجتك على أن قريشاً كلها أئمة وأنت منهم. قال الشافعي: قد افتريت على الله كذباً يا أمير المؤمنين إن تطب نفسي لها. وهذه كلمة ما سبقت بها، والذين حكوها لأمير المؤمنين أبطلوا معانيه، فإن الشهادة لا تجوز إلا كذلك. فنظر أمير المؤمنين إليهما، فلما رآهما لا يتكلمان علم ما في ذلك وأمسك عنهما، ثم قال له الرشيد: قد صدقت يا ابن إدريس، فكيف بصرك بكتاب الله تعالى؟ فقال له الشافعي: عن أي كتاب الله تسألني؟ فإن الله سبحانه وتعالى أنزل ثلاثة وسبعين كتاباً على خمسة أنبياء، وأنزل كتاباً موعظة لنبي وحده، وكان سادساً، أولهم آدم عليه السلام وعليه أنزل ثلاثين صحيفة كلها أمثال، وأنزل على أخنوخ وهو إدريس عليه السلام ست عشرة صحيفة كلها حكم، وعلم الملكوت الأعلى. وأنزل على إبراهيم عليه السلام ثمانية صحف كلها حكم مفصلة، فيها فرائض ونذر.

ص: 998

وأنزل على موسى عليه السلام التوراة كلها تخويف وموعظة. وأنزل على عيسى عليه السلام الإنجيل ليبين لبني إسرائيل ما اختلفوا فيه من التوراة وأنزل على داود عليه السلام كتاباً كله دعاء وموعظة لنفسه حتى يخلصه به من خطيئته، وحكم فيه لنا واتعاظ لداود وأقاربه من بعده. وأنزل على محمد صلى الله عليه وسلم الفرقان وجمع فيه سائر الكتب فقال:(تِبْيَاناً لّكُلّ شَيْءٍ)[النحل: 89]. (وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لّلْمُتّقِينَ)[المائدة: 46].: (الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمّ فُصّلَتْ)[هود: 1].

فقال له الرشيد: قد أحسنت في تفصيلك أفكل هذا علمته؟ فقال له: أي والله يا أمير المؤمنين. فقال له الرشيد: قصدي كتاب الله الذي أنزله الله على ابن عمي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي دعانا إلى قبوله، وأمرنا بالعمل بمحكمة، والإيمان بمتشابهه فقال: عن أي آية تسألني؟ عن محكمه أم عن متشابهه؟ أم عن تقديمه أم عن تأخيره؟ أم عن ناسخه أم عن منسوخه؟ أم عن ما ضربه الله مثلا، أم عن ما ضربه الله اعتباراً أم عن ما أحصى فيه فعال الأمم السالفة، أم عن ما قصدنا الله به من فعله تحذيراً؟ قال: بم ذاك؟ حتى عد له الشافعي ثلاثة وسبعين حكماً في القرآن.

فقال له الرشيد: ويحك يا شافعي، أفكل هذا يحيط به علمك. فقال له يا أمير المؤمنين المحنة على القائل كالنار على الفضة، تخرج جودتها من رداءتها فها أنا ذا فامتحن.

فقال له الرشيد: ما أحسن، أعد ما قلت فسأسألك عنه بعد هذا المجلس إن شاء الله. قال له: وكيف بصرك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 999

فقال الشافعي: إني لأعرف منها ما يخرج على وجه الإيجاب ولا يجوز تركه كما لا يجوز ترك ما أوجبه الله تعالى في القرآن. وما خرج على وجه التأديب، وما خرج على وجه الخاص لا يشرك فيه العام وما خرد على وجه العموم يدخل فيه الخصوص، وما خرج جواباً عن سؤال سائل ليس لغيره استعماله، وما خرج منه ابتداء لازدحام العلوم في صدره. وما فعله في خاصة نفسه واقتدى به الخاصة والعامة، وما خص به نفسه دون الناس كلهم مع مالا ينبغي ذكره، لأنه أسقطه عليه السلام، عن الناس وسنه ذكراً. فقال له الرشيد: أخذت الترتيب يا شافعي لسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنت موضعها لوصفها، فما حاجتنا إلى التكرار عليك، ونحن نعلم ومن حضرنا أنك حامل نصابها مقلابها. فقال له الشافعي: ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس، وإنما شرفنا برسول الله صلى الله عليه وسلم فيك. فقال: كيف بصرك بالعربية؟ قال: هي مبدأنا وطباعنا بها قومت، وألسنتنا بها جرت، فصارت كالحياة لا تتم إلا بالسلامة. وكذلك العربية لا تسلم إلا لأهلها، ولقد ولدت وما أعرف اللحن، فكنت كمن سلم من الداء ما سلم له الدواء، وعاش بكامل الهناء. وبفلك شهد لي القرآن:(وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رّسُولٍ إِلاّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ)[إبراهيم: 4]- يعني قريشاً ـ وأنت منهم وأنا منهم يا أمير المؤمنين، والعنصر نظيف والجرثومة منيعة شامخة، أنت أصل ونحن فرع، وهو صلى الله عليه وسلم مفسر ومبين، به اجتمعت أحسابنا فنحن بنو الإسلام، وبذلك ندعي وننسب، فقال له الرشيد: صدقت، بارك الله فيك. ثم قال له: كيف معرفتك بالشعر؟ فقال: إني لأعرف طويله وكامله، وسريعه ومجتثه، ومنسرحه وخفيفة، وهزجه ورجزه، وحكمه وغزله وما قيل فيه على الأمثال تبياناً للأخبار، وما قصد به العشاق رجاء للتلاق وما رثى به الأوائل ليتأدب به الأواخر، وما امتدح به المكثرون بابتلاء أمرائهم وعامتها كذباً وزوراً وما نطق به الشاعر ليعرف تنبيهاً وحال لشيخه فوجل شاعره، وما خرج على طرب من قائله لا أرب له، وما تكلم به الشاعر فصار حكمة لمستمعه، فقال له الرشيد: اكفف يا شافعي فقد أنفقت في الشعر، ما ظننت أن أحداً يعرف هذا ويزيد على الخليل حرفاً، ولقد زدت وأفضلت.

ص: 1000

فكيف معرفتك بالعرب؟ قال: أما أنا فمن أضبط الناس لآبائها وجوامع أحسابها، وشوابك أنسابها، ومعرفة وقائعها، وحمل مغازيها في أزمنتها وكمية ملوكها وكيفية ملكها وماهية مراتبها، وتكميل منازلها وأندية عراضها ومنازلها، منهم تبع وحمير، وجفنة، والأسطح، وعيص وعويص، والإسكندر وأسفاد، وأسططاويس وسوط وبقراط وأرسططاليس، ومن أمثالهم من الروم إلى كسرى وقيصر ونوبة وأحمر وعمرو بن هند وسيف بن ذي يزن والنعمان بن المنذر وقطر بن أسعد وسعد بن سعفان وهو جد سطح الغساني لأبيه، في أمثالهم من ملوك قضاعة وهمدان، والحيان ربيعة ومضر،

فقال له الرشيد: يا شافعي لولا أنك من قريش لقلت: إنك ممن لين له الحديد، فهل من موعظة؟

فقال الشافعي: إنك تخلع رداء الكبر عن عاتقك، وتضع تاج الهيبة عن رأسك، وتنزع قميص التجبر عن جسدك، وتفتش نفسك، وتنشر سرك، وتلقي جلباب الحياء عن وجهك، مستكيناً بين يدي ربك. وأكون واعظاً لك عن الحق، وتكون مستمعاً بحسن القبول، فينفعني الله بما أقول، وينفعك بما تسمع.

فقال له الرشيد: أما إني قد فعلت وسمعت لله والرسول وللواعظين بعدهما، فعظ وأوجز. فحل الشافعي عنه إزاره، وحسر عن ذراعيه، وقال: أيا أمير المؤمنين، اعلم أن الله جل ثناؤه امتحنك بالنعم، وابتلاك بالشكر، ففضل النعمة أحسن لتستغرق بقليلها كثيراً من شكرك، فكن لله تعالى شاكراً ولآلائه ذاكراً، تستحق منه المزيد. واتق الله في السر والعلانية تستكمل الطاعة، واسمع لقائلليس، ومن أمثالهم من الروم إلى كسرى وقيصر ونوبة وأحمر وعمرو بن هند وسيف بن ذي يزن والنعمان بن المنذر وقطر بن أسعد وسعد بن سعفان وهو جد سطح الغساني لأبيه، في أمثالهم من ملوك قضاعة وهمدان، والحيان ربيعة ومضر،

ص: 1001

فقال له الرشيد: يا شافعي لولا أنك من قريش لقلت: إنك ممن لين له الحديد، فهل من موعظة؟ فقال الشافعي: إنك تخلع رداء الكبر عن عاتقك، وتضع تاج الهيبة عن رأسك، وتنزع قميص التجبر عن جسدك، وتفتش نفسك، وتنشر سرك، وتلقي جلباب الحياء عن وجهك، مستكيناً بين يدي ربك. وأكون واعظاً لك عن الحق، وتكون مستمعاً بحسن القبول، فينفعني الله بما أقول، وينفعك بما تسمع. فقال له الرشيد: أما إني قد فعلت وسمعت لله والرسول وللواعظين بعدهما، فعظ وأوجز. فحل الشافعي عنه إزاره، وحسر عن ذراعيه، وقال: أيا أمير المؤمنين، اعلم أن الله جل ثناؤه امتحنك بالنعم، وابتلاك بالشكر، ففضل النعمة أحسن لتستغرق بقليلها كثيراً من شكرك، فكن لله تعالى شاكراً ولآلائه ذاكراً، تستحق منه المزيد. واتق الله في السر والعلانية تستكمل الطاعة، واسمع لقائل الحق وإن كان دونك تشرف عند الله، وتزد في عين رعيتك، واعلم أن الله سبحانه وتعالى يفتش سرك فإن وجده بخلاف علانيتك شغلك بهم الدنيا وفتق لك ما يزنق عليك، واستغنى الله والله غني حميد وإن وجده موافقاً لعلانيتك أحبك وصرف هم الدنيا عن قلبك، وكفاك مئونة نظرك لغيرك، وترك لك نظرك لنفسك، وكان المقوي لسياستك. ولن تطاع إلا بطاعتك لله تعالى، فكن طائعاً تكتسب بذلك السلامة في العاجل، وحسن المنقلب في الآجل:(إِنّ اللّهَ مَعَ الّذِينَ اتّقَواْ وّالّذِينَ هُم مّحْسِنُونَ)[النحل: 128]. واحذر الله حذر عبد علم مكان عدوه، وغاب عنه وليه، فتيقظ خوف السرى، لا تأمن من مكر الله لتواتر نعمه عليك، فإن ذلك مفسدة لك، وذهاب لدينك، وأسقط المهابة في الأولين والآخرين، وعليك بكتاب الله الذي لا يضل المسترشد به، ولن تهلك ما تمسكت به فاعتصم بالله تجده تجاهك، وعليك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تكن على طريقة الذين هداهم الله فبهداهم اقتد، وما نصب الخلفاء المهديون في الخراج والأرضين، والسواد والمساكن والديارات، فكن لهم تبعاً وبه عاملا راضياً مسلماً، واحذر التلبيس فيه فإنك مسئول عن رعيتك، وعليك بالمهاجرين والأنصار: (وَالّذِينَ تَبَوّءُوا الدّارَ [الحشر: 9].

ص: 1002

فاقبل من محسنهم وتجاوز عن مسيئهم وآتهم من مال الله الذي أتاك، ولا تكرههم على إمساك عن حق، ولا على خوض في باطل، فإنهم الذين مكنوا لك البلاد، واستخلصوا لك العباد ونوروا لك الظلمة، وكشفوا عنك الغمة، ومكنوا لك في الأرض، وعرفوك السياسة وقلدوك الرياسة، فنهضت بثقلها بعد ضعف، وقويت عليها بعد فشل، كل ذلك يرجوك من كان أمثالهم لعفتهم طمع الزيادة لهم، فلا تطع الخاصة تقرباً إليهم بظلم العامة، ولا تطع العامة تقرباً إليهم بظلم الخاصة لتستديم السلامة وكن لله كما تحب أن يكون لك أولياوك من العامة من السمع والطاعة، فإنه ما ولى أحد على عشرة من المسلمين فلم يحطهم بنصيحة إلا جاء يوم القيامة ويده مغلولة إلى عنقه، لا يفكها إلا عدله، وأنت أعرف بنفسك، قال: فبكى الرشيد ـ وقد كان في خلال هذه الموعظة يبكي لا يسمع له صوت ـ فلما بلغ إلى هذا الفصل بكى الرشيد وعلا نحيبه وبكى جلساؤه وبكى محمد وأبو يوسف. فقال الوالي: يا هذا الرجل احبس لسانك، عن أمير المؤمنين فقد قطعت قلبه حزناً وقال محمد بن الحسن وهو قائم على قدمه: اغمد لسانك يا شافعي عن أمير المؤمنين فإنه أمضى من سيفك ـ والرشيد يبكي لا يفيق ـ فأقبل الشافعي على محمد والجماعة فقال: اسكتوا أخرسكم الله لا تذهبوا بنور الحكمة يا معشر عبيد الرعاع وعبيد السوط والعصا، أخذ الله لأمير المؤمنين منكم لتلبيسكم الحق عليه، وهو يرثكم الملك لديه، أما والله ما زالت الخلافة بخير ما صرف عنها أمثالكم، ولن تزال بضر ما اعتصمت بكم، فرفع الرشيد رأسه وأشار إليهم أن كفوا، وأقبل علي بسيف فقال: خذ هذا الكهل إليك ولا تحلني منه. ثم اقبل على الشافعي فقال: قد أمرت لك بصلة، فرأيك في قبولها موقف. فقال له الشافعي: كلا، والله لا يراني الله تعالى قد سودت وجه موعظتي بقبول الجزاء عليها، ولقد عاهدت الله عهداً أني لا أخلط بملك من الملوك تكبر في نفسه وتصغر عند ربه، إلا ذكرت الله تعالى لعله أن يحدث له ذكراً. ثم نهض فلما خرج أقبل الرشيد على محمد ويعقوب فقال لهما: ما رأيت كاليوم قط، أفرأيتما كيومكما ? فلم نجد بداً من أن نقول: لا. فقال الرشيد لهما: أبهذا تغرياني؟ لقد بؤتما اليوم بإثم عظيم، لولا أن من الله علي بالتأييد في أمره، كيفما أوقعتماني فيما لا خلاص لي منه عند ربي. ثم وثب الرشيد وانصرف الناس.

ص: 1003

فلقد رأيت محمداً وهو بعد ذلك يكثر التردد إلى الشافعي، وربما حجب، ثم إن الشافعي بعد ذلك دخل على الرشيد فأمر له بألف دينار فقبلها، فضحك الرشيد، وقال: لله درك ما أفطنك? قاتل الله عدوك فقد أصبح لك ولياً. وأمر الرشيد خادمه سراجاً باتباعه، فما زال يفرقها قبضة قبضة حتى انتهى إلى خارج الدار وما معه إلا قبضة واحدة، فدفعها إلى غلامه وقال له: انتفع بها. فاخبر سراج الرشيد بذلك، فقال: لهذا ذرع همه وقوي متنه. فاستمر الرشيد عليهما.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أبي ثور قال: سمعت الشافعي وكان من معادن الفقه ونقاد المعاني وجهابذة الألفاظ يقول حكم المعاني خلاف حكم الألفاظ لأن المعاني مبسوطة إلى غير غاية وأسماء المعاني معدودة محدودة وجميع أصناف الدلالات على المعاني لفظا وغير لفظ خمسة أشياء اللفظ ثم الإشارة ثم العقد ثم الخط ثم الذي يسمى النصبة والنصبة في الحال الدلالة التي لا تقوم مقام تلك الأصناف ولا تقصر عن تلك الدلالات ولكل واحد من هذه الخمسة صورة بائنة من صورة صاحبتها وحلية مخالفة لحلية أختها وهي التي تكشف لك عن أعيان المعاني في الجملة وعن خفائها عن التفسير وعن أجناسها وأفرادها وعن خاصها وعامها وعن طباعها في السار والضار وعما يكون بهوا بهرجا وساقطا مدحرجا.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أحمد بن حنبل قال: إذا سئلت عن مسألة لا أعرف فيها خبرا قلت فيها بقول الشافعي لأنه إمام قرشي وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال عالم قريش يملأ الأرض علما إلى أن قال احمد واني لأدعو للشافعي منذ أربعين سنة في صلاتي.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أحمد بن حنبل قال: الشافعي فيلسوف في أربعة أشياء في اللغة واختلاف الناس والمعاني والفقه.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن يونس بن عبد الأعلى قال كان الشافعي إذا أخذ في التفسير كأنه شهد التنزيل.

ص: 1004

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن يونس بن عبد الأعلى سمعت أبا عبد الله الشافعي يقول وقد سئل عن صفات الله تعالى وما يؤمن به فقال لله أسماء وصفات جاء بها كتابه واخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم أمته لا يسع أحدا قامت عليه الحجة ردها لأن القرآن نزل بها وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم القول بها فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر فأما قبل ثبوت الحجة فمعذور بالجهل لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالروية والفكر ولا نكفر بالجهل بها أحدا إلا بعد انتهاء الخبر إليه بها ونثبت هذه الصفات وننفي عنها التشبيه كما نفاه عن نفسه فقال (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السّمِيعُ الْبَصِيرُ)[الشورى: 11]

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن احمد بن سلمة النيسابوري تزوج إسحاق بن راهويه بامرأة رجل كان عنده كتب الشافعي مات لم يتزوج بها إلا للكتب قال فوضع جامع الكبير على كتاب الشافعي ووضع جامع الصغير على جامع سفيان فقدم أبو إسماعيل الترمذي نيسابور وكان عنده كتب الشافعي عن البويطي فقال له إسحاق لا تحدث بكتب الشافعي ما دمت هنا فأجابه قال داود بن علي سمعت ابن راهويه يقول ما كنت أعلم أن الشافعي في هذا المحل ولو علمت لم أفارقه.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أبي بكر محمد بن علي الشاشي الفقيه يقول دخلت على ابن خزيمة فقال يا بني على من درست الفقه فسميت له أبا الليث فقال وعلى من درس قلت على ابن سريج فقال وهل اخذ ابن سريج العلم إلا من كتب مستعارة فقال رجل أبو الليث هذا مهجور بالشاشي فإن البلد حنابلة فقال ابن خزيمة وهل كان ابن حنبل إلا غلاما من غلمان الشافعي.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن علي بن المديني يقول عليكم بكتب الشافعي.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن عبد الله بن ناجية الحافظ قال: سمعت ابن وارة يقول قدمت من مصر فأتيت احمد بن حنبل فقال لي كتبت كتب الشافعي قلت لا قال فرطت ما عرفنا العموم من الخصوص وناسخ الحديث من منسوخه حتى جالسنا الشافعي قال فحملني ذلك على الرجوع إلى مصر فكتبتها.

قال الذهبي رحمه الله: قلت ومن بعض فنون هذا الإمام الطب كان يدريه نقل ذلك غير واحد فعنه قال عجبا لمن يدخل الحمام ثم لا يأكل من ساعته كيف يعيش وعجبا لمن يحتجم ثم يأكل من ساعته كيف يعيش.

ص: 1005

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن محمد بن مسلم بن وارة قال: سألت أحمد بن حنبل ما ترى في كتب الشافعي التي عند العراقيين أهي أحب إليك أو التي بمصر قال عليك بالكتب التي عملها بمصر فإنه وضع هذه الكتب بالعراق ولم يحكمها ثم رجع إلى مصر فأحكم تلك وقلت لأحمد ما ترى لي من الكتب أن أنظر فيه رأي مالك أو الثوري أو الأوزاعي فقال لي قولا اجلهم أن أذكره وقال عليك بالشافعي فإنه أكثرهم صوابا وأتبعهم للآثار.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن ابن ماجة القزويني قال: جاء يحيى بن معين إلى أحمد بن حنبل فبينا هو عنده إذ مر الشافعي على بغلته فوثب أحمد يسلم عليه وتبعه فأبطأ ويحيى جالس فلما جاء قال يحيى يا أبا عبد الله كم هذا فقال دع عنك هذا إن أردت الفقه فالزم ذنب البغلة.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الربيع قال: قال أصحاب مالك كانوا يفخرون فيقولون انه يحضر مجلس مالك نحو من ستين معمما والله لقد عددت في مجلس الشافعي ثلاث مئة معمم سوى من شذ عني.

علم الشافعي بالطب:

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن ملة كان الشافعي يتلهف على ما ضيع المسلمون من الطب ويقول ضيعوا ثلث العلم ووكلوه إلى اليهود والنصارى.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي يقول ثلاثة أشياء دواء من لا دواء له وأعيت الأطباء مداواته العنب ولبن اللقاح وقصب السكر لولا قصب السكر ما أقمت ببلدكم وسمعته يقول كان غلامي أعشى لم يكن يبصر باب الدار فأخذت له زيادة الكبد فكحلته بها فأبصر وعنه عجبا لمن تعشى البيض المسلوق فنام كيف لا يموت وعنه الفول يزيد في الدماغ والدماغ يزيد في العقل، وعنه لم أر أنفع للوباء من البنفسج يدهن به ويشرب.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: لا أعلم علما بعد الحلال والحرام أنبل من الطب إلا أن أهل الكتاب قد غلبونا عليه.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال من أكل الأترج ثم نام لم آمن أن تصيبه ذبحة.

علم الشافعي بأيام الناس:

ص: 1006

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن مصعب بن عبد الله قال: ما رأيت أحدا أعلم بأيام الناس من الشافعي ونقل الإمام ابن سريج عن بعض النسابين قال كان الشافعي من أعلم الناس بالأنساب لقد اجتمعوا معه ليلة فذاكرهم بأنساب النساء إلى الصباح وقال أنساب الرجال يعرفها كل أحد.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن المزني قال: قدم علينا الشافعي فأتاه ابن هشام صاحب المغازي فذاكره أنساب الرجال فقال له الشافعي دع عنك أنساب الرجال فإنها لا تذهب عنا وعنك وحدثنا في أنساب النساء فلما أخذوا فيها بقي ابن هشام.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن يونس الصدفي كان الشافعي إذا أخذ في أيام الناس قلت هذه صناعته.

(7)

حسن فهم الشافعي وفقهه رحمه الله تعالى:

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الربيع بن سليمان، قال: سمعت الشافعي يقول: قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن: من أفطر يوماً من رمضان قضى اثنا عشر يوماً، لأن الله عز وجل اختار شهراً من اثني عشر شهراً.

قال الشافعي له: قال الله تعالى: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)[القدر: 3]. فمن ترك الصلاة ليلة القدر وجب عليه أن يصلي ألف شهر على قياسه.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الربيع بن سليمان قال: سأل رجل من أهل بلخ الشافعي عن الإيمان، فقال للرجل: فما تقول أنت فيه. قال: أقول: إن الإيمان قول، قال: ومن أين قلت. قال: من قول الله تعالى: (إِنّ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ)[البقرة: 277]. فصارت الواو فصلا بين الإيمان والعمل فالإيمان قول والأعمال شرائعه.

فقال الشافعي: وعندك الواو فصل. قال: نعم. قال: فإذا كنت تعبد إلهين إلهاً في المشرق وإلها في المغرب، لأن الله تعالى يقول:(رَبّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبّ الْمَغْرِبَيْنِ)[الرحمن: 17]. فغضب الرجل وقال: سبحان الله، أجعلتني وثنيا؟

فقال الشافعي: بل أنت جعلت نفسك كذلك، قال: كيف؟ قال: بزعمك أن الواو فصل. فقال الرجل: فإني أستغفر الله مما قلت، بل لا أعبد إلا رباً واحداً، ولا أقول بعد اليوم إن الواو فصل، بل أقول: إن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص. قال الربيع: فأنفق على باب الشافعي مالاً عظيماً، وجمع كتب الشافعي وخرج من مصر سنياً.

ص: 1007

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: إنما خلق الله الخلق بكن فإذا كانت كن مخلوقة فكأن مخلوقاً خلق بمخلوق.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن يونس بن عبد الأعلى يقول: كان الشافعي يكلمنا بقدر ما نفهم عنه، ولو كلمنا بحسب فهمه ما عقلنا عنه.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: من زعم أنه يرى الجن أبطلنا شهادته: يقول الله عز وجل في كتابه: (إِنّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ)[الأعراف: 27]

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن حرملة بن يحيى يقول: سمعت الشافعي يقول في رجل يضع في فمه تمرة فيقول لامرأته أنت طالق إن أكلتها أو طرحتها، قال: يأكل نصفها ويطرح نصفها.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: يقال لمن ترك الصلاة لا يعلمها فإن صليت وإلا استتبناك فإن تبت وإلا قتلناك كما تكفر فنقول إن آمنت وإلا قتلناك.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الربيع قال: سأل رجل الشافعي عن قاتل الوزغ هل عليه غسل فقال هذا فتيا العجائز.

{تنبيه} : ومن أقوى الدلائل على حسن فهم الشافعي رحمه الله تعالى مخالفته للإمام مالك أحياناً وهذا دليلٌ أوفى على رجاحة عقله وحسن فهمه وعلى عظيم اتباعه للآثار وأنه رحمه الله كان الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء أن الشافعي لما دخل مصر أتاه جلة أصحاب مالك وأقبلوا عليه فلما أن رأوه يخالف مالكا وينقض عليه جفوه وتنكروا له فأنشأ يقول * أأنثر دار بين سارحة النعم * وأنظم منثورا لراعية الغنم * * لعمري لئن ضيعت في شر بلدة * فلست مضيعا بينهم غرر الحكم * * فإن فرج الله اللطيف بلطفه * وصادفت أهلا للعلوم وللحكم * * بثثت مفيدا واستفدت ودادهم * وإلا فمخزون لدي ومكتتم * * ومن منح الجهال علما أضاعه * ومن منع المستوجبين فقد ظلم * * وكاتم علم الدين عمن يريده * يبوء بإثم زاد وآثم إذا كتم *

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن ابن ماجة القزويني قال: جاء يحيى بن معين إلى أحمد بن حنبل فبينا هو عنده إذ مر الشافعي على بغلته فوثب أحمد يسلم عليه وتبعه فأبطأ ويحيى جالس فلما جاء قال يحيى يا أبا عبد الله كم هذا فقال دع عنك هذا إن أردت الفقه فالزم ذنب البغلة.

(8)

منابذة الشافعي لأهل الأهواء:

ص: 1008

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي يقول: لأن يبتلى المرء بكل ما نهى الله عنه ما عدا الشرك به، خير من النظر في الكلام، فإني والله اطلعت من أهل الكلام على شيء ما ظننته قط.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: لأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك بالله، خير من أن يلقاه بشيء من الأهواء.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: ما ارتدى أحد بالكلام فأفلح.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: لو علم الناس ما في الكلام والأهواء لفروا منه كما يفرون من الأسد.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: إياكم والنظر في الكلام، فإن رجلا لو سئل عن مسألة من الفقه فأخطأ فيها، أو سئل عن رجل قتل رجلا فقال: ديته بيضة كان أكبر شيء أن يضحك فيه. ولو سئل عن مسألة من الكلام فأخطأ فيها نسب إلى البدعة.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: رأي ومذهبي في أصحاب الكلام أن يضربوا بالجريد ويجلسوا على الجمال ويطاف بهم في العشائر والقبائل وينادي عليهم: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأخذ في الكلام.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي يقول حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد ويحملوا على الإبل ويطاف بهم في العشائر ينادى عليهم هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: مذهبي في أهل الكلام تقنيع رؤوسهم بالسياط وتشريدهم في البلاد.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الربيع قال: سمعت الشافعي يقول في كتاب الوصايا لو أن رجلا أوصى بكتبه من العلم لآخر وكان فيها كتب الكلام لم تدخل في الوصية لأنه ليس من العلم.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن حدثنا أبي ثور، قال: سمعت الشافعي يقول: من ارتدى بالكلام لا يفلح. وذهب الشافعي مذهب أهل الحديث. كان يأخذ بعامة قوله أحمد بن حنبل والبويطي، والحميدي، وأبو ثور، وعامة أصحاب الحديث. وقال: كان مالك بن أنس إذا جاءه بعض أهل الأهواء قال: أما أنا فعلى بينة من ديني، وأما أنت فشاك. اذهب إلى شاك مثلك فخاصمه. وكان يقول: لست أرى لأحد سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الفيء سهماً.

ص: 1009

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: لأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك، خير من أن يلقاه بشيء من هذه الأهواء. وذلك أنه رأى قوماً يتجادلون في القدر بين يديه، فقال الشافعي: في كتاب الله المشيئة دون خلقه، والمشيئة إرادة الله، يقول الله تعالى:(وَمَا تَشَآءُونَ إِلاّ أَن يَشَآءَ اللّهُ إِنّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً)[الإنسان: 30]. فأعلم خلقه أن المشيئة له. وكان يثبت القدر. وقال في كتابه: من حلف باسم من أسماء الله فحنث فعليه كفارة لأنه حلف بغير مخلوق.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أبي شعيب المصري قال: حضرت الشافعي وعن يمينه عبد الله بن عبد الحكم، وعن يساره يوسف بن عمرو بن يزيد، وحفص الفرد حاضر، فقال لابن عبد الحكم: ما تقول في القرآن. قال: أقول كلام الله. قال: ليس إلا؟ ثم سأل يوسف بن عمرو فقال له مثل ذلك. فجعل الناس يومئون أن يسأل الشافعي، فقال حفص الفرد: يا أبا عبد الله، الناس يحيلون عليك. قال: فقال: دم الكلام في هذا قالوا: فقال للشافعي: ما تقول يا أبا عبد الله في القرآن؟ قال: أقول القرآن كلام الله غير مخلوق. فناظره وتحاربا في الكلام حتى كفره الشافعي فقام حفص مغضباً، فلقيته من الغد في سوق الدجاج بمصر، فقال لي: رأيت ما فعل بي الشافعي أمس؟ كفرني، قال: ثم مضى ثم رجع، فقال: أما انه مع هذا ما أعلم إنساناً أعلم منه.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن حرملة بن يحيى، قال: كنا عند محمد بن إدريس الشافعي، فقال حفص الفرد ـ وكان صاحب كلام ـ القرآن مخلوق، فقال الشافعي: كفرت.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: من قال القرآن مخلوق فهو كافر.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: تدري من القدري؟ القدري الذي يقول إن الله لم يخلق الشر حتى عمل به.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: ما ساق الله هؤلاء الذين يتقولون في علي، وفي أبي بكر وعمر وغيرهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا ليجري الله لهم الحسنات وهم أموات.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي، قال: قيل لعمر بن عبد العزيز: ما تقول في أهل صفين. قال: تلك دماء طهر الله يدي منها، فلا أحب أن أخضب لساني فيها.

ص: 1010

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: لم أر أحداً من أصحاب الأهواء أشهد بالزور من الرافضة.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: لو علم الناس ما في الكلام من الأهواء لفروا منه كما يفرون من الأسد.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي وسئل عن القرآن فقال أف أف القرآن كلام الله من قال مخلوق فقد كفر.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن محمد ابن عبد الله بن عبد الحكم قال: كان الشافعي بعد أن ناظر حفصاً الفرد يكره الكلام وكان يقول والله لأن يفتي العالم فيقال اخطأ العالم خير له من أن يتكلم فيقال زنديق وما شيء أبغض إلي من الكلام وأهله.

قال الذهبي تعليقاً على هذا: قلت هذا دال على أن مذهب أبي عبد الله أن الخطأ في الأصول ليس كالخطأ في الاجتهاد في الفروع.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: من حلف باسم من أسماء الله فحنث فعليه الكفارة لأن اسم الله غير مخلوق ومن حلف بالكعبة وبالصفا والمروة فليس عليه كفارة لأنه مخلوق وذاك غير مخلوق.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي وسئل عن القرآن فقال أف أف القرآن كلام الله من قال مخلوق فقد كفر.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن محمد ابن عبد الله بن عبد الحكم قال: كان الشافعي بعد أن ناظر حفصاً الفرد يكره الكلام وكان يقول والله لأن يفتي العالم فيقال اخطأ العالم خير له من أن يتكلم فيقال زنديق وما شيء أبغض إلي من الكلام وأهله.

قال الذهبي تعليقاً على هذا: قلت هذا دال على أن مذهب أبي عبد الله أن الخطأ في الأصول ليس كالخطأ في الاجتهاد في الفروع.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: من حلف باسم من أسماء الله فحنث فعليه الكفارة لأن اسم الله غير مخلوق ومن حلف بالكعبة وبالصفا والمروة فليس عليه كفارة لأنه مخلوق وذاك غير مخلوق.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن يونس قال: قلت للشافعي صاحبنا الليث يقول لو رأيت صاحب هوى يمشي على الماء ما قبلته قال: قصر لو رأيته يمشي في الهواء لما قبلته.

ص: 1011

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن المزني قال: كنت أنظر في الكلام قبل أن يقدم الشافعي فلما قدم أتيته فسألته عن مسألة من الكلام فقال لي تدري أين أنت قلت نعم في مسجد الفسطاط قال لي أنت في تاران ـ قال عثمان وتاران موضع في بحر القلزم لا تكاد تسلم منه سفينة ثم ألقى علي مسألة في الفقه فأجبت فأدخل شيئا أفسد جوابي فأجبت بغير ذلك فأدخل شيئا افسد جوابي فجعلت كلما أجبت بشيء أفسده ثم قال لي هذا الفقه الذي فيه الكتاب والسنة وأقاويل الناس يدخله مثل هذا فكيف الكلام في رب العالمين الذي فيه الزلل كثير فتركت الكلام وأقبلت على الفقه.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الإمام أحمد بن حنبل قال: كان الشافعي إذا ثبت عنده الخبر قلده، وخير خصلة كانت فيه لم يكن يشتهي الكلام أما همته الفقه.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن حسين بن علي الكرابيسي قال: شهدت الشافعي ودخل عليه بشر المريسي فقال لبشر أخبرني عما تدعو إليه أكتاب ناطق وفرض مفترض وسنة قائمة ووجدت عن السلف البحث فيه والسؤال؟ فقال بشر: لا إلا أنه لا يسعنا خلافه، فقال الشافعي: أقررت بنفسك على الخطأ فأين أنت عن الكلام في الفقه والأخبار يواليك الناس وتترك هذا؟ قال: لنا نهمة فيه فلما خرج بشر قال الشافعي لا يفلح.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن المزني قال: سألت الشافعي عن مسألة من الكلام فقال سلني عن شيء إذا أخطأت فيه قلت أخطأت ولا تسألني عن شيء إذا أخطأت فيه قلت كفرت.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الربيع قال: قال الشافعي يا ربيع اقبل مني ثلاثة لا تخوضن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن خصمك النبي صلى الله عليه وسلم غدا ولا تشتغل بالكلام فإني قد اطلعت من أهل الكلام على التعطيل وزاد المزني ولا تشتغل بالنجوم.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن حسين الكرابيسي قال: سئل الشافعي عن شيء من الكلام فغضب وقال سل عن هذا حفصاً الفرد وأصحابه أخزاهم الله.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الربيع قال: لما كلم الشافعي حفص الفرد فقال حفص القرآن مخلوق فقال له الشافعي كفرت بالله العظيم.

ص: 1012

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن البويطي قال: سألت الشافعي أصلي خلف الرافضي؟ قال: لا تصل خلف الرافضي ولا القدري ولا المرجئ قلت صفهم لنا؟ قال من قال الإيمان قول فهو مرجئ ومن قال إن أبا بكر وعمر ليسا بإمامين فهو رافضي ومن جعل المشيئة إلى نفسه فهو قدري.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الربيع بن سليمان قال: قال لي الشافعي لو أردت أن أضع على كل مخالف كتابا لفعلت ولكن ليس الكلام من شأني ولا أحب أن ينسب إلي منه شيء.

قال الذهبي تعليقاً على هذا: قلت هذا النفس الزكي متواتر عن الشافعي.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن المزني قال: قلت إن كان أحد يخرج ما في ضميري وما تعلق به خاطري من أمر التوحيد فالشافعي فصرت إليه وهو في مسجد مصر فلما جثوت بين يديه قلت هجس في ضميري مسألة في التوحيد فعلمت أن أحدا لا يعلم علمك فما الذي عندك فغضب ثم قال: أتدري أين أنت؟ قلت نعم، قال هذا الموضع الذي اغرق الله فيه فرعون، أبلغك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالسؤال عن ذلك؟ قلت لا قال هل تكلم فيه الصحابة؟ قلت لا قال تدري كم نجما في السماء؟ قلت لا قال فكوكب منها تعرف جنسه طلوعه أفوله مم خلق؟ قلت لا قال فشيء تراه بعينك من الخلق لست تعرفه تتكلم في علم خالقه ثم سألني عن مسألة في الوضوء فاخطأت فيها ففرعها على أربعة أوجه فلم أصب في شيء منه فقال شيء تحتاج إليه في اليوم خمس مرات تدع علمه وتتكلف علم الخالق إذا هجس في ضميرك ذلك فارجع إلى الله وإلى قوله تعالى (وَإِلََهُكُمْ إِلََهٌ وَاحِدٌ لاّ إِلََهَ إِلاّ هُوَ الرّحْمََنُ الرّحِيمُ * إِنّ فِي خَلْقِ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلَافِ اللّيْلِ وَالنّهَارِ وَالْفُلْكِ الّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النّاسَ وَمَآ أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السّمَآءِ مِن مّآءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثّ فِيهَا مِن كُلّ دَآبّةٍ وَتَصْرِيفِ الرّيَاحِ وَالسّحَابِ الْمُسَخّرِ بَيْنَ السّمَآءِ وَالأرْضِ لَايَاتٍ لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) [البقرة 163: 164] فاستدل بالمخلوق على الخالق ولا تتكلف علم ما لم يبلغه عقلك قال فتبت.

الدفاع عن الشافعي:

ص: 1013

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن احمد بن حنبل وسئل عن الشافعي فقال لقد من الله علينا به لقد كنا تعلمنا كلام القوم وكتبنا كتبهم حتى قدم علينا فلما سمعنا كلامه علمنا انه أعلم من غيره وقد جالسناه الأيام والليالي فما رأينا منه إلا كل خير فقيل له يا أبا عبد الله كان يحيى وأبو عبيد لا يرضيانه يشير إلى التشيع وإنهما نسباه إلى ذلك فقال أحمد بن حنبل ما ندري ما يقولان والله ما رأينا منه إلا خيرا.

قال الذهبي تعليقاً على هذا: قلت من زعم أن الشافعي يتشيع فهو مفتر لا يدري ما يقول قد قال الزبير بن عبد الواحد الاستراباذي أخبرنا حمزة بن علي الجوهري حدثنا الربيع بن سليمان قال حججنا مع الشافعي فما ارتقى شرفا ولا هبط واديا إلا وهو يبكي وينشد * يا راكبا قف بالمحصب من منى * واهتف بقاعد خيفنا والناهض * * سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى * فيضا كملتطم الفرات الفائض * * إن كان رفضا حب آل محمد * فليشهد الثقلان أني رافضي *

قال الذهبي: قلت لو كان شيعيا وحاشاه من ذلك لما قال الخلفاء الراشدون خمسة بدأ بالصديق وختم بعمر بن عبد العزيز.

(9)

إنصاف الشافعي للعلماء:

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن محمد بن عبد الحكم قال: سمعت الشافعي يقول: قال لي محمد بن الحسن: صاحبنا أعلم أم صاحبكم. قلت: تريد المكابرة أو الإنصاف؟ قال: بل الإنصاف، قال: قلت: فما الحجه عندكم. قال: الكتاب والسنة والإجماع والقياس، قال: قلت: أنشدك الله أصاحبنا أعلم بكتاب الله أم صاحبكم. قال: إذ أنشدتني بالله فصاحبكم، قلت: فصاحبنا أعلم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أم صاحبكم؟ قال: صاحبكم، قلت: فصاحبنا أعلم بأقاويل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أم صاحبكم. قال: فقال: صاحبكم، قال: قلت: فبقي شيء غير القياس؟ قال: لا، قلت: فبحق ندعى القياس أكثر مما تدعونه، وإنما يقاس على الأصول فيعرف القياس، قال: ويريد بصاحبه مالك بن أنس.

(10)

توقير الشافعي للإمام مالك:

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: ما نظرت في موطأ مالك إلا ازددت فهماً.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: ما كتاب بعد كتاب الله تعالى أنفع من كتاب مالك بن أنس.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: لولا مالك وابن عيينة لذهب علم الحجاز.

ص: 1014

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: إذا جاء مالك فمالك كالنجم.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال أقمت على مالك بن أنس ثلاث سنين وكسراً، وكان يقول: إنه سمع منه لفظاً أكثر من سبعمائة حديث، قال: وكان إذا حدثهم عن مالك امتلأ منزله وكثر الناس حتى يضيق عليهم الموضع؟ وإذا حدث عن غير مالك لم يجئه إلا اليسير، فكان يقول: ما أعلم أحداً أسوأ ثناء على أصحابكم منكم، إذا حدثتكم عن مالك ملأتم علي الموضع، إذا حدثتكم عن أصحابكم إنما تألون متكارهين.

(11)

قوة يقين الشافعي بالله تعالى:

ص: 1015

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عبد الأعلى بن حماد النرسي، قال: قال الرشيد يوماً للفضل بن الربيع وهو واقف على رأسه: يا فضل، أين هذا الحجازي؟ ـ كالمغضب ـ فقلت: ها هنا، فقال: علي به، فخرجت وبي من الغم والحزن لمحبتي للشافعي لفصاحته وبراعته وعقله، فجئت إلى بابه فأمرت من دق عليه، وكان قائماً يصلي فتنحنح، فوقفت حتى فرغ من صلاته وفتح الباب، فقلت: أجب أمير المؤمنين، فقال: سمعاً وطاعة. وجدد الوضوء وارتدى وخرج يمشي حتى انتهينا إلى الدار، فمن شفقتي عليه قلت: يا أبا عبد الله قف حتى أستأذن لك، فدخلت على أمير المؤمنين فإذا هو على حالته كالمغضب، وقال: أين الحجازي فقلت: عند السير، فجئت إليه، فقام يمضي رويداً ويحرك شفتيه، فلما بصر به أمير المؤمنين قام إليه فاستقبله وقبل بين عينيه، وهش وبش وقال: لم لا تزورنا أو تكون عندنا؟ فأجلسه وتحدثا ساعة، ثم أمر له ببدرة دنانير، فقال: لا أرب لي فيه، قال الفضل: فأومات إليه فسكت، وأمرني أمير المؤمنين أن رده إلى منزله، فخرجت والبدرة تحمل معه، فجعل ينفقها يمنة ويسرة حتى رجع إلى منزله وما معه دينار، فلما دخل منزله قلت: قد عرفت محبتي لك، فبالذي سكن غضب أمير المؤمنين عنك إلا ما علمتني ما كنت تقول في دخولك معي عليه فقال: حدثني مالك، عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ يوم الأحزاب: (شَهِدَ اللّهُ أَنّهُ لَا إِلََهَ إِلاّ هُوَ) إلى قوله: (إِنّ الدّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلَامُ)[آل عمران 18، 19]. ثم قال: وأنا اشهد بما شهد الله به وأستودع الله هذه الشهادة، وديعة لي عند الله يؤديها إلى يوم القيامة، اللهم إني أعوذ بنور قدسك وعظيم بركتك وعظمة طهارتك، من كل آفة وعاهة، ومن طوارق الليل والنهار، إلا طارقاً يطرق بخير، اللهم أنت غياثي بك أستغيث، وأنت ملاذي بك ألوذ وأنت عياذي بك أعوذ، يا من ذلت له رقاب الجبابرة، وخضعت له أعناق الفراعنة، أعوذ بك من خزيك، ومن كشف سترك، ونسيان ذكرك، والانصراف عن شكرك، أنا في حرزك ليلي ونهاري، ونومي وقراري، وظعني وأسفاري، وحياتي ومماتي، ذكرك شعاري، وثناؤك دثاري، لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك تشريفاً لعظمتك، وتكريماً لسبحات وجهك، أجرني من خزيك ومن شر عبادك، واضرب علي سرادقات حفظك، وأدخلني في حفظ عنايتك، وجد علي منك بخير يا أرحم الراحمين. قال عبد الأعلى: قال الفضل: فحفظته فلم يغضب على الرشيد بعد ذلك.

ص: 1016

فهذا أول بركة الشافعي.

(12)

قوله في آداب الصحبة ومعاشرة الخلق:

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن يونس بن عبد الأعلى يقول: قال لي الشافعي ذات يوم: يا يونس إذا بلغت عن صديق لك ما تكرهه فإياك أن تبادر بالعداوة وقطع الولاية، فتكون ممن أزال يقينه بشك، ولكن ألقه وقل له: بلغني عنك كذا وكذا، وأجدر أن تسمى المبلغ، فإن أنكر ذلك فقل له: أنت أصدق وأبر، ولا تزيدن على ذلك شيئاً. وإن اعترف بذلك فرأيت له في ذلك وجهاً بعذر فاقبل منه، وإن لم يرد ذلك فقل له: ماذا أردت بما بلغني عنك؟ فإن ذكر ماله وجه من العذر فاقبله، وإن لم يذكر لذلك وجها لعذر وضاق عليك المسلك فحينئذ أثبتها عليه سيئة أتاها. ثم أنت في ذلك بالخيار، إن شئت كافئه بمثله من غير زيادة، وإن شئت عفوت عنه، والعفو أبلغ للتقوى وأبلغ في الكرم، لقول الله تعالى:(وَجَزَآءُ سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللّهِ إِنّهُ لَا يُحِبّ الظّالِمِينَ)[الشورى: 40]. فإن نازعتك نفسك بالمكافأة فاذكر فيما سبق له لديك، ولا تبخس باقي إحسانه السالف لهذه السيئة، فإن ذلك الظلم بعينه وقد كان الرجل الصالح يقول: رحم الله من كافأني على إساءتي من غير أن يزيد ولا يبخس حقاً لي. يا يونس، إذا كان لك صديق فشد يديك به، فإن اتخاذ الصديق صعب ومفارقته سهل. وقد كان الرجل الصالح يشبه سهولة مفارقة الصديق بصبي يطرح في البئر حجراً عظيماً فيسهل طرحه عليه، ويصعب إخراجه على الرجال البرك فهذه وصيتي لك. والسلام.

(13)

جود الشافعي وسخاؤه رحمه الله:

لقد ضرب الشافعي رحمه الله أروع المثل في الجود والسخاء فقد بلغ فيه غاية جعلته علماً عليه، لا يستطيع أحد أن يتشكك فيه أو ينكره، وكثرة أقوال من خالطه في الحديث عن سخائه وكرمه، وهاك بعض الآثار الدالة على ذلك.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الحميدي يقول: قدم الشافعي من صنعاء إلى مكة بعشرة آلاف دينار في منديل فضرب خباءه في موضع خارجاً من مكة فكان الناس يأتونه فيه فما برح حتى وهب كلها.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الربيع قال: أخذ رجل بركاب الشافعي فقال: يا ربيع أعطه أربعة دنانير واعذرني عنده.

ص: 1017

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الربيع: سأل رجل الشافعي فقال: إني رجل من أمري كيت وكيت، تأمر لي بشيء؟ وما كان معه يومئذ إلا ديناراً فأعطاه إياه، فقال له بعض جلسائه: هذا لو أعطته درهماً أو درهمين كان كثيراً. فقال: إني أستحي أن يطلب مني رجل بيني وبينه معذرة فلا أعطيه.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عبد الله بن محمد البلوي. قال: أمر الرشيد لمحمد بن إدريس الشافعي بألف دينار فقبلها، فأمر الرشيد خادمه سراجاً باتباعه فما زال يفرقها قبضة قبضة حتى انتهى إلى خارج الدار وما معه إلا قبضة واحدة، فدفعها إلى غلامه وقال: انتفع بها. فأخبر سراج الرشيد بذلك فقال: لهذا فرغ همه وقوي متنه.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن محمد بن إسماعيل الحميري، عن أبيه. قال: كان محمد ابن إدريس الشافعي لما أدخل على أمير المؤمنين هارون الرشيد وناظر بشراً المريسي فقطعه، خلع هارون الرشيد على الشافعي وأمر له بخمسين ألف درهم، فانصرف إلى البيت وليس معه شيء، قد تصدق بجميع ذلك ووصل به الناس.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن المزني قال: ما رأيت رجلا أكرم من الشافعي، خرجت معه ليلة عيد من المسجد وأنا أذاكره في مسألة حتى أتيت باب داره فأتاه غلام بكيس فقال: مولاي يقرئك السلام ويقول لك: خذ هذا الكيس. فأخذه منه وأدخله في كمه، فأتاه رجل من الحلقة فقال، يا أبا عبد الله ولدت امرأتي الساعة ولا شيء عندي، فدفع إليه الكيس وصعد وليس معه شيء.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال: كان الشافعي أسخى الناس بما يجده، فكان يمر بنا فإن وجدني وإلا قال: قولي لمحمد إذا جاء يأتي المنزل، فإني لست أتغدى حتى يجيء. فربما جئته فإذا قعدت معه على الغداء، قال: يا جارية اضربي لنا فالوذجا فلا تزال المائدة بين يديه حتى تفرغ منه ويتغدي.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عمرو بن سواد السرحي قال: كان الشافعي أسخى الناس على الدينار والدرهم والطعام. وقال لي الشافعي: أفلست من دهري ثلاثة إفلاسات، وكنت أبيع قليلي وكثيري، حتى حلي ابنتي وزوجتي ولم أرهن قط.

ص: 1018

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أبي ثور. قال: كان الشافعي من أجود الناس وأسمحهم كفاً، كان يشتري الجارية الصناع التي تطبخ وتعمل الحلوى، ويشترط عليها أنه لا يقربها، لأنه كان عليلا لا يمكنه أن يقرب النساء في وقته ذلك ثم يأتينا فيقول لنا: تشهوا ما أحببتم فقد اشتريت جارية تحسن أن تعمل ما تريدون. فيقول لها بعض أصحابنا: اعملي لنا كذا وكذا. فكنا نأمرها بما نريد وهو مسرور بذلك.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن المزني قال: كنت مع الشافعي يوما فخرجنا الأكوام فمر بهدف فإذا برجل يرمي بقوس عربية فوقف عليه الشافعي ينظر وكان حسن الرمي فأصاب بأسهم فقال الشافعي أحسنت وبرك عليه ثم قال أعطه ثلاثة دنانير واعذرني عنده.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الربيع قال: كان الشافعي ماراً بالحذائين فسقط سوطه فوثب غلام ومسحه بكمه وناوله فأعطاه سبعة دنانير.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الربيع بن سليمان قال: تزوجت فسألني الشافعي كم أصدقتها قلت ثلاثين دينارا عجلت منها ستة فأعطاني أربعة وعشرين دينارا.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن بن سليمان قال: كان بالشافعي هذه البواسير وكانت له لبدة محشوة بحلبة يجلس عليها فإذا ركب أخذت تلك اللبدة ومشيت خلفه فناوله إنسان رقعة يقول فيها إنني بقال رأس مالي درهم وقد تزوجت فأعني؟ فقال يا ربيع أعطه ثلاثين دينارا واعذرني عنده، فقلت أصلحك الله إن هذا يكفيه عشرة دراهم فقال ويحك وما يصنع بثلاثين أفي كذا أم في كذا يعد ما يصنع في جهازه أعطه.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال خرج هرثمة فأقرأني سلام أمير المؤمنين هارون وقال قد أمر لك بخمسة آلاف دينار قال فحمل إليه المال فدعا بحجام فأخذ شعره فأعطاه خمسين دينارا ثم أخذ رقاعاً فصر صررا وفرقها في القرشيين الذين هم بالحضرة ومن بمكة حتى ما رجع إلى بيته إلا بأقل من مئة دينار.

(14)

اجتهاد الشافعي في العبادة:

اجتهاده الشافعي في العبادة شهد له بها كل من عاشره أستاذا كان أو تلميذا، أو جار، أو صديقا.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الربيع بن سليمان يقول: كان محمد بن إدريس الشافعي يختم في شهر رمضان ستين ختمة، ما منها شيء إلا في صلاة.

ص: 1019

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الربيع يقول كان الشافعي يختم القرآن في كل رمضان ستين ختمة وفي كل شهر ثلاثين ختمة.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الربيع بن سليمان يقول: كان الشافعي قد جزأ الليل ثلاثة أجزاء، الثلث الأول يكتب، والثلث الثاني يصلي، والثلث الثالث ينام.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: ما شبعت منذ ست عشرة سنة إلا مرة فأدخلت يدي فتقيأتها لأن الشبع يثقل البدن ويقسي القلب ويزيل الفطنة ويجلب النوم ويضعف عن العبادة.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: ما أفلح سمين قط إلا أن يكون محمد بن الحسن.

قال الذهبي رحمه الله: قيل ولم قال لأن العاقل لا يعدو من إحدى خلتين إما يغتم لآخرته أو لدنياه والشحم مع الغم لا ينعقد.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الربيع بن سليمان يقول: كان محمد بن إدريس الشافعي يختم في شهر رمضان ستين ختمة، ما منها شيء إلا في صلاة.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الربيع يقول كان الشافعي يختم القرآن في كل رمضان ستين ختمة وفي كل شهر ثلاثين ختمة.

(15)

تغليب الشافعي للمصلحة الراجحة:

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: ليس العاقل الذي يدفع بين الخير والشر فيختار الخير، ولكن العاقل الذي يدفع بين الشرين فيختار أيسرهما.

(16)

فقه الشافعي في النصيحة:

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: من وعظ أخاه سراً فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وخانه.

(17)

فراسة الشافعي رحمه الله تعالى:

ص: 1020

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: خرجت إلى اليمن في طلب كتب الفراسة حتى كتبتها وجمعتها، ثم لما حان انصرافي مررت على رجل في الطريق وهو محتب بفناء داره، أزرق العين ناتئ الجبهة سناط، فقلت له: هل من منزل؟ فقال: نعم. قال الشافعي: وهذا النعت أخبث ما يكون في الفراسة، فأنزلني فرأيته أكرم ما يكون من رجل، بعث إلي بعشاء وطيب وعلف لدابتي وفراش ولحاف فجعلت أتقلب الليل أجمع، ما أصنع بهذه الكتب إذا رأيت النعت في هذا الرجل. فرأيت أكرم رجل فقلت: أرمي بهذه الكتب فلما أصبحت قلت للغلام: أسرج، فأسرج فركبت ومررت عليه وقلت له: إذا قدمت مكة ومررت بذي طوى فاسأل، عن محمد بن إدريس الشافعي. فقال لي الرجل: أمولى لأبيك أنا؟ قال: قلت: لا قال: فهل كانت لك عندي نعمة؟ فقلت: لا. فقال: أين ما تكلفته لك البارحة؟ قلت: وما هو؟ قال: اشتريت لك طعاماً بدرهمين، وأداماً بكذا وكذا، وعطراً بثلاثة دراهم، وعلفاً لدابتك بدرهمين. وكراء الفرش واللحاف درهمان. قال قلت: يا غلام أعطه. فهل بقي من شيء؟ قال: كراء البيت فإني قد وسعت عليك وضيقت على نفسي. قال الشافعي: فغبطت بتلك الكتب. فقلت له بعد ذلك: هل بقي لك من شيء قال: امض أخزاك الله: فما رأيت قط شراً منك.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الربيع بن سليمان قال: اشتريت للشافعي طيبا بدينار فقال ممن اشتريت قلت من ذاك الأشقر الأزرق قال أشقر ازرق رده رده ما جاءني خير قط من أشقر.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: احذر الأعور والأحول والأعرج والأحدب والأشقر والكوسج وكل من به عاهة في بدنه، وكل ناقص الخلق فاحذروه فإن فيه التواء ومخالطته معسرة. وقال الشافعي مرة أخرى: فإنهم أصحاب خبث.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الربيع قال: كنت أنا والمزني والبويطي عند الشافعي فنظر إلينا فقال لي أنت تموت في الحديث وقال للمزني هذا لو ناظره الشيطان قطعه وجدله وقال للبويطي أنت تموت في الحديد قال فدخلت على البويطي ايام المحنة فرأيته مقيدا مغلولا.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الربيع بن سليمان قال: مر أخي فرآه الشافعي فقال هذا أخوك ولم يكن رآه قلت نعم.

(18)

ذم الشافعي لفضول المخالطة:

ص: 1021

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن يونس بن عبد الأعلى الصدفي، يقول: سمعت الشافعي يقول: يا يونس الانقباض عن الناس مكسبة للعداوة، والانبساط إليهم مجلبة لقرناء السوء، فكن بين المنقبض والمنبسط.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن يونس ابن عبد الأعلى يقول: قال لي الشافعي رضي الله عنه: رضا الناس غاية لا تدرك، وليس لي إلى السلامة من سبيل، فعليك بما ينفعك فالزمه.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال:

ليت الكلاب لنا كانت مجاورة

وليتنا لا نرى مما نرى أحدا

إن الكلاب لتهدأ في مواطنها

والناس ليس بهاد شرهم أبدا

فاهرب بنفسك واستأنس بوحدتها

تبقى سعيداً إذا ما كنت منفردا

(19)

من دُررِ مواعظ الشافعي:

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أحمد بن يحيى الوزير. قال: خرج الشافعي يوماً من سوق القناديل متوجهاً إلى حجرته، فتبعناه فإذا رجل يسفه على رجل من أهل العلم، فالتفت إلينا الشافعي فقال: نزهوا أسماعكم عن استماع الخنا كما تنزهون ألسنتكم عن النطق به، فإن المستمع شريك القائل، وإن السفيه ينظر إلى أخبث شيء في وعائه فيحرص أن يفرغه في أوعيتكم، ولو رددت كلمة السفيه لسعد رادها كما شقي بها قائلها.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: ليس العلم ما حفظ العلم ما نفع.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الربيع بن سليمان يقول قال الشافعي: يا ربيع رضي الناس غاية لا تدرك، فعليك بما يصلحك فالزمه، فإنه لا سبيل إلى رضاهم. واعلم أن من تعلم القرآن جل في عيون الناس، ومن تعلم الحديث قويت حجته، ومن تعلم النحو هيب، ومن تعلم العربية رق طبعه، ومن تعلم الحساب جل رأيه، ومن تعلم الفقه نبل قدره ومن لم يضر نفسه لم ينفعه علمه، وملاك ذلك كله التقوى.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: اللبيب العاقل، هو الفطن المتغافل.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أبي محمد ابن بنت الشافعي يقول: سألت أبي فقلت: يا ابتي أي العلم أطلب. فقال: يا بني أما الشعر فيضع الرفيع ويرفع الخسيس، وأما النحو فإذا بلغ الغاية صار مؤدباً، وأما الفرائض فإذا بلغ صاحبها فيها غاية صار معلم حساب. وأما الحديث فتأتي بركته وخيره عند فناء العمر. وأما الفقه فللشاب والشيخ وهو سيد العلم.

ص: 1022

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الربيع، قال: سمعت الشافعي يقول وذكر من يحمل العلم جزافا، قال: هذا مثل حاطب أقبل يقطع حزمة حطب فيحملها، ولعل فيها أفعى فتلدغه وهو لا يدري. قال الربيع يعني الذين لا يسألون عن الحجة من أين؟ يكتب العلم وهو لا يدري على غير فهم فيكتب عن الكذاب وعن الصدوق وعن المبتدع وغيره، فيحمل عن الكذاب والمبتدع الأباطيل فيصير ذلك نقصاً لإيمانه وهو لا يدري.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي يقول: ما حلفت بالله لا صادقاً ولا كاذباً قط.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الحارث بن مسكين: لقد أحببت الشافعي وقرب من قلبي لما بلغني أنه كان يقول: الكفاءة في الدين لا في النسب، لو كانت الكفاءة في النسب لم يكن أحد من الخلق كفؤاً لفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا لبنات رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد زوج ابنتيه من عثمان وزوج أبا العاص بن الربيع.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الربيع قال: سأل رجل الشافعي، عن سنه فقال: ليس من المروءة أن يخبر الرجل بسنه، سأل رجل مالكاً، عن سنه فقال: أقبل على شأنك.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي يقول: سئل عمر بن عبد العزيز، عن قتلى صفين فقال دماء طهر الله يدي منها لا أحب ألطخ لساني بها.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي: قال رجل للشعبي: عندي مسائل شداد خبأتها لك. فقال: أخبئها لأخيك الشيطان.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: العلم مروءة من لا مروءة له.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: من استغضب فلم يغضب فهو حمار، ومن غضب فاسترضي فلم يرض فهو حمار.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال:

يريد المرء أن يعلى مناه

ويأبى الله إلا ما أرادا

يقول المرء فائدتي ومالي

وتقوى الله أفضل ما استفادا

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال ما رفعت من أحد فوق منزلته إلا وضع مني بمقدار ما رفعت منه.

ص: 1023

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال ضياع العالم أن يكون بلا إخوان وضياع الجاهل قلة عقله وأضيع منهما من وآخى من لا عقل له.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال آلات الرياسة خمس صدق اللهجة وكتمان السر والوفاء بالعهد وابتداء النصيحة وأداء الأمانة.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال أيما أهل بيت لم يخرج نساؤهم إلى رجال غيرهم ورجالهم إلى نساء غيرهم إلا وكان في أولادهم حمق.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أحمد بن صالح قال لي الشافعي تعبد من قبل أن ترأس فإنك إن ترأست لم تقدر أن تتعبد.

(20)

اتباع الشافعي للآثار:

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: كل متكلم على الكتاب والسنة فهو الجد وما سواه فهو هذيان.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن عبد الله بن احمد بن حنبل قال: سمعت أبي يقول قال الشافعي أنتم اعلم بالأخبار الصحاح منا فإذا كان خبر صحيح فأعلمني حتى اذهب إليه كوفيا كان أو بصريا أو شاميا.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: كل ما قلته فكان من رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف قولي مما صح فهو أولى ولا تقلدوني.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بها ودعوا ما قلته.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الحميدي روى الشافعي يوما حديثا فقلت أتأخذ به فقال رأيتني خرجت من كنيسة أو علي زنار حتى إذا سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا لا أقول به.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أحمد بن العباس النسائي سمعت أحمد بن حنبل مالا أحصيه وهو يقول قال أبو عبد الله الشافعي ثم قال ما رأيت أحدا أتبع للأثر من الشافعي.

(21)

خشية الشافعي رحمه الله:

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن سويد بن سعيد قال: كنت عند سفيان فجاء الشافعي فسلم وجلس فروى ابن عيينة حديثا رقيقا فغشي على الشافعي فقيل يا أبا محمد مات محمد بن إدريس فقال ابن عيينة إن كان مات فقد مات أفضل أهل زمانه.

(22)

تحذير الشافعي من المراء في الدين بغير حق:

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: المراء في الدين يقسي القلب ويورث الضغائن.

ص: 1024

(23)

تدبر الشافعي للقرآن رحمه الله:

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن حسين الكرابيسي بت مع الشافعي ليلة فكان يصلي نحو ثلث الليل فما رأيته يزيد على خمسين آية فإذا أكثر فمئة آية وكان لا يمر بآية رحمة إلا سأل الله ولا بآية عذاب إلا تعوذ وكأنما جمع له الرجاء والرهبة جميعا.

(24)

تحذير الشافعي من الشبع:

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: ما شبعت منذ ست عشرة سنة إلا مرة فأدخلت يدي فتقيأتها لأن الشبع يثقل البدن ويقسي القلب ويزيل الفطنة ويجلب النوم ويضعف عن العبادة.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: ما أفلح سمين قط إلا أن يكون محمد بن الحسن.

قال الذهبي رحمه الله: قيل ولم قال لأن العاقل لا يعدو من إحدى خلتين إما يغتم لآخرته أو لدنياه والشحم مع الغم لا ينعقد.

(25)

زهد الشافعي رحمه الله:

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الربيع بن سليمان قال: قال لي الشافعي عليك بالزهد فإن الزهد على الزاهد أحسن من الحلي على المرأة الناهد.

{تنبيه} : كان الشافعي رحمه الله آيةً في الزهد ويتجلى زهده رحمه الله تعالى في إنفاقه لله تعالى لعلمه الراسخ أن الزهد ليس أن تملك المال ولكن هو أن تملم المال بل تملك الدنيا بأسرها وتكون الدنيا في يدك لا في قلبك، وهاك بعض مظاهر إنفاقه رحمه الله تعالى:

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الحميدي يقول: قدم الشافعي من صنعاء إلى مكة بعشرة آلاف دينار في منديل فضرب خباءه في موضع خارجاً من مكة فكان الناس يأتونه فيه فما برح حتى وهب كلها.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الربيع قال: أخذ رجل بركاب الشافعي فقال: يا ربيع أعطه أربعة دنانير واعذرني عنده.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الربيع: سأل رجل الشافعي فقال: إني رجل من أمري كيت وكيت، تأمر لي بشيء؟ وما كان معه يومئذ إلا ديناراً فأعطاه إياه، فقال له بعض جلسائه: هذا لو أعطته درهماً أو درهمين كان كثيراً. فقال: إني أستحي أن يطلب مني رجل بيني وبينه معذرة فلا أعطيه.

ص: 1025

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عبد الله بن محمد البلوي. قال: أمر الرشيد لمحمد بن إدريس الشافعي بألف دينار فقبلها، فأمر الرشيد خادمه سراجاً باتباعه فما زال يفرقها قبضة قبضة حتى انتهى إلى خارج الدار وما معه إلا قبضة واحدة، فدفعها إلى غلامه وقال: انتفع بها. فأخبر سراج الرشيد بذلك فقال: لهذا فرغ همه وقوي متنه.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن محمد بن إسماعيل الحميري، عن أبيه. قال: كان محمد ابن إدريس الشافعي لما أدخل على أمير المؤمنين هارون الرشيد وناظر بشراً المريسي فقطعه، خلع هارون الرشيد على الشافعي وأمر له بخمسين ألف درهم، فانصرف إلى البيت وليس معه شيء، قد تصدق بجميع ذلك ووصل به الناس.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن المزني قال: ما رأيت رجلا أكرم من الشافعي، خرجت معه ليلة عيد من المسجد وأنا أذاكره في مسألة حتى أتيت باب داره فأتاه غلام بكيس فقال: مولاي يقرئك السلام ويقول لك: خذ هذا الكيس. فأخذه منه وأدخله في كمه، فأتاه رجل من الحلقة فقال، يا أبا عبد الله ولدت امرأتي الساعة ولا شيء عندي، فدفع إليه الكيس وصعد وليس معه شيء.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال: كان الشافعي أسخى الناس بما يجده، فكان يمر بنا فإن وجدني وإلا قال: قولي لمحمد إذا جاء يأتي المنزل، فإني لست أتغدى حتى يجيء. فربما جئته فإذا قعدت معه على الغداء، قال: يا جارية اضربي لنا فالوذجا فلا تزال المائدة بين يديه حتى تفرغ منه ويتغدي.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عمرو بن سواد السرحي قال: كان الشافعي أسخى الناس على الدينار والدرهم والطعام. وقال لي الشافعي: أفلست من دهري ثلاثة إفلاسات، وكنت أبيع قليلي وكثيري، حتى حلي ابنتي وزوجتي ولم أرهن قط.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أبي ثور. قال: كان الشافعي من أجود الناس وأسمحهم كفاً، كان يشتري الجارية الصناع التي تطبخ وتعمل الحلوى، ويشترط عليها أنه لا يقربها، لأنه كان عليلا لا يمكنه أن يقرب النساء في وقته ذلك ثم يأتينا فيقول لنا: تشهوا ما أحببتم فقد اشتريت جارية تحسن أن تعمل ما تريدون. فيقول لها بعض أصحابنا: اعملي لنا كذا وكذا. فكنا نأمرها بما نريد وهو مسرور بذلك.

ص: 1026

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن المزني قال: كنت مع الشافعي يوما فخرجنا الأكوام فمر بهدف فإذا برجل يرمي بقوس عربية فوقف عليه الشافعي ينظر وكان حسن الرمي فأصاب بأسهم فقال الشافعي أحسنت وبرك عليه ثم قال أعطه ثلاثة دنانير واعذرني عنده.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الربيع قال: كان الشافعي ماراً بالحذائين فسقط سوطه فوثب غلام ومسحه بكمه وناوله فأعطاه سبعة دنانير.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الربيع بن سليمان قال: تزوجت فسألني الشافعي كم أصدقتها قلت ثلاثين دينارا عجلت منها ستة فأعطاني أربعة وعشرين دينارا.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن بن سليمان قال: كان بالشافعي هذه البواسير وكانت له لبدة محشوة بحلبة يجلس عليها فإذا ركب أخذت تلك اللبدة ومشيت خلفه فناوله إنسان رقعة يقول فيها إنني بقال رأس مالي درهم وقد تزوجت فأعني؟ فقال يا ربيع أعطه ثلاثين دينارا واعذرني عنده، فقلت أصلحك الله إن هذا يكفيه عشرة دراهم فقال ويحك وما يصنع بثلاثين أفي كذا أم في كذا يعد ما يصنع في جهازه أعطه.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال خرج هرثمة فأقرأني سلام أمير المؤمنين هارون وقال قد أمر لك بخمسة آلاف دينار قال فحمل إليه المال فدعا بحجام فأخذ شعره فأعطاه خمسين دينارا ثم أخذ رقاعاً فصر صررا وفرقها في القرشيين الذين هم بالحضرة ومن بمكة حتى ما رجع إلى بيته إلا بأقل من مئة دينار.

(26)

حفظ الشافعي ليمينه رحمه الله:

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي يقول: ما حلفت بالله لا صادقاً ولا كاذباً قط.

(27)

فصاحة الشافعي رحمه الله تعالى:

لقد كان الشافعي رضي الله عنه فصيح اللسان بليغا حجة في لغة العرب ونحوهم، اشتغل بالعربية عشرين سنة مع بلاغته وفصاحته، ومع أنه عربي اللسان والدار والعصر وعاش فترة من الزمن في بني هذيل فكان لذلك أثره الواضح على فصاحته وتضلعه في اللغة والأدب والنحو، إضافة إلى دراسته المتواصلة و إطلاعه الواسع حتى أضحى يرجع إليه في اللغة والنحو.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الربيع بن سليمان قال: كان الشافعي والله لسانه أكبر من كتبه لو رأيتموه لقلتم إن هذه ليست كتبه.

ص: 1027

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن يونس بن عبد الأعلى قال: ما كان الشافعي إلا ساحرا ما كنا ندري ما يقول إذا قعدنا حوله كأن الفاظه سكر وكان قد أوتي عذوبة منطق وحسن بلاغة وفرط ذكاء وسيلان ذهن وكمال فصاحة وحضور حجة.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن عبد الملك بن هشام اللغوي قال: طالت مجالستنا للشافعي فما سمعت منه لحنة قط.

قال الذهبي تعليقاً على هذا: قلت أنى يكون ذلك وبمثله في الفصاحة يضرب المثل كان أفصح قريش في زمانه وكان مما يؤخذ عنه اللغة

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أحمد بن أبي سريج الرازي ما رأيت أحدا أفوه ولا أنطق من الشافعي.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الأصمعي قال: أخذت شعر هذيل عن الشافعي.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أحمد قال: كان الشافعي إذا تكلم كأن صوته صوت صنج وجرس من حسن صوته.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أبو نعيم بن عدي الحافظ سمعت الربيع مرارا يقول لو رأيت الشافعي وحسن بيانه وفصاحته لعجبت ولو أنه ألف هذه الكتب على عربيته التي كان يتكلم بها معنا في المناظرة لم نقدر على قراءة كتبه لفصاحته وغرائب ألفاظه غير أنه كان في تأليفه يوضح للعوام.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال ما أردت بها يعني العربية والأخبار إلا للاستعانة على الفقه.

(28)

دعوة الشافعي للعمل بالعلم:

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: ليس العلم ما حفظ العلم ما نفع.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: إن لم يكن الفقهاء العاملون أولياء الله فما لله ولي.

(29)

علاج الشافعي للعجب إذا طرأ على تفكير الإنسان:

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال إذا خفت على عملك العجب فاذكر رضا من تطلب وفي أي نعيم ترغب ومن أي عقاب ترهب فمن فكر في ذلك صغر عنده عمله.

(30)

تواضع الشافعي رحمه الله تعالى:

كان الشافعي رضي الله عنه مشهورا بتواضعه وخضوعه للحق، تشهد له بذلك مناظراته ودروسه ومعاشرته لأقرانه ولتلاميذه وللناس، ودونك ما تيسر من المواقف الدالة على ذلك:

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي قال: ينبغي للفقيه أن يضع التراب على رأسه تواضعا لله وشكرا لله.

ص: 1028

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الربيع بن سليمان دخلت على الشافعي وهو مريض فسألني عن أصحابنا فقلت إنهم يتكلمون فقال ما ناظرت أحدا قط على الغلبة وبودي أن جميع الخلق تعلموا هذا الكتاب يعني كتبه على أن لا ينسب إلي منه شيء قال هذا يوم الأحد ومات يوم الخميس وانصرفنا من جنازته ليلة الجمعة فرأينا هلال شعبان سنة أربع ومئتين وله نيف وخمسون سنة.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: ما ناظرت أحد قط إلا على النصيحة.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: ما ناظرت أحداً قط إلا أحببت أن يوفق ويسدد ويعان، ويكون عليه رعاية من الله وحفظه. وما ناظرت أحداً إلا ولم أبال بين الله الحق على لساني أو لسانه.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الشافعي يقول ما ناظرت أحدا على الغلبة إلا على الحق عندي.

(31)

حُسْنُ صلاة الشافعي رحمه الله تعالى:

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن إبراهيم بن محمد الشافعي ما رأيت أحداً أحسن صلاة من الشافعي وذاك أنه أخذ من مسلم بن خالد وأخذ مسلم من ابن جريج وأخذ ابن جريج من عطاء وأخذ عطاء من ابن الزبير وأخذ ابن الزبير من أبي بكر الصديق وأخذ أبو بكر من النبي صلى الله عليه وسلم.

(32)

تَمَهُلُ الشافعي في الفتوى ولو أخذت أياماً:

ص: 1029