الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ يَقُولُ: " هَذِهِ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ وَهَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ} (1) ".
(9) عثمان ابن عفان رضي الله عنه جامع القرآن العظيم:
عثمان ذو النورين، جامع القرآن العظيم، والإمام الخاشع البكاء الشجاع، كان مكثراً من تلاوة وتدبر كلام الله رب العالمين، كان المنهج التربوي الذي تربى عليه عثمان بن عفان وكل الصحابة الكرام هو القرآن الكريم، المنزل من عند رب العالمين، فهو المصدر الوحيد للتلقي، فقد حرص الحبيب المصطفى على توحيد مصدر التلقي وتفرده، وأن يكون القرآن الكريم وحده هو المنهج الذي يتربى عليه الفرد المسلم والأسرة المسلمة والجماعة المسلمة، فكانت الآيات الكريمة التي سمعها عثمان رضي الله عنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة لها أثرها في صياغة شخصية ذي النورين الإسلامية؛ فقد طهرت قلبه، وزكت نفسه، وتفاعلت معها روحه؛ فتحول إلى إنسان جديد بقيمه ومشاعره وأهدافه وسلوكه وتطلعاته. (2)
وقد تعلق عثمان رضي الله عنه بالقرآن الكريم، وحدثنا أبو عبد الرحمن السلمي كيف تعلمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وله أقوال تدل على حبه الشديد للعيش مع كتاب الله تعالى؛ فعن أبي عبد الرحمن السلمي قال: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن -كعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود وغيرهما- أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا، ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة (3)، وذلك أن الله تعالى قال:(كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ)[ص: 29] وقد روى عثمان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه". (4)
(1) - النسائي الأحباس (3609).
(2)
السيرة النبوية للصلابي (1/ 145).
…
(2) الفتاوى (13/ 177).
(4)
البخاري، فضائل القرآن، رقم:(5027)
وقد عرض القرآن الكريم كاملا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته. ومن أشهر تلاميذ عثمان في تعلم القرآن الكريم أبو عبد الرحمن السلمي، والمغيرة بن أبي شهاب وأبو الأسود، وزر بن حبيش. (1) وقد حفظ لنا التاريخ بعض أقوال عثمان رضي الله عنه في القرآن الكريم منها ما يلي:
[*] قال عثمان ابن عفان رضي الله عنه: لو طهرت قلوبنا لما شبعت من كلام الله عز وجل. (2)
وقال أيضاً: إني لأكره أن يأتي عليَّ يوم لا أنظر فيه إلى عهد الله (3)(يعني المصحف).
وقال أيضاً: حُبب إليَّ من الدنيا ثلاث: إشباع الجيعان، وكسوة العريان، وتلاوة القرآن. (4)
وقال أيضاً: أربعة ظاهرهن فضيلة وباطنهن فريضة: مخالطة الصالحين فضيلة والاقتداء بهم فريضة، وتلاوة القرآن فضيلة والعمل به فريضة، وزيارة القبور فضيلة والاستعداد للموت فريضة، وعيادة المريض فضيلة واتخاذ الوصية منه فريضة. (5) وقال رضي الله عنه: أضيع الأشياء عشرة: عالم لا يُسْأل عنه، وعلم لا يعمل به، ورأي صواب لا يقبل، وسلاح لا يستعمل، ومسجد لا يصلى فيه، ومصحف لا يقرأ فيه، ومال لا ينفق منه، وخيل لا تُرْكب، وعلم الزهد في بطن من يريد الدنيا، وعمر طويل لا يتزود صاحبه فيه لسفره. (6)
وكان رضي الله عنه حافظا لكتاب الله، وكان حجره لا يكاد يفارق المصحف، فقيل له في ذلك فقال: إنه مبارك جاء به مبارك. (7) وما مات عثمان حتى خرق مصحفه من كثرة ما يديم (8) النظر فيه.
[*] وقالت امرأة عثمان يوم الدار: اقتلوه أو دعوه، فوالله لقد كان يحيي الليل بالقرآن في ركعة (9) ، وقد ذكر عنه أنه قرأ القرآن ليلة في ركعة لم يصل غيرها (10)، وقد تحقق فيه قول الله تعالى: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا
(1) تاريخ الإسلام، عهد الخلفاء الراشدين للذهبي، ص 467.
(2)
الفتاوى (11/ 122)، البداية والنهاية (7/ 225).
(3)
البداية والنهاية (7/ 225)، فرائد الكلام، ص 275.
(4)
إرشاد العباد للاستعداد ليوم المعاد، ص 88.
(2)
المصدر نفسه، ص90، فرائد الكلام، ص278.
(6)
إرشاد العباد، ص91، فرائد الكلام، ص278.
(7)
البيان والتبيان في مقتل الشهيد عثمان، (3/ 177)، فرائد الكلام، ص273.
(8)
يديم: يطيل، البداية والنهاية (7/ 225).
(9)
البداية والنهاية (7/ 225).
(10)
الخلافة الراشدة والدولة الأموية، ص397.