الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأخرج ابن سعد عن الشَّعبي قال: جاءت امرأة إلى عمر بن الخطاب فقالت: أشكو إليك خير أهل الدنيا إلا رجلاً سبقه بعمل أو عمل مثل عمله. يقوم الليل حتى يصبح، ويصوم النهار حتى يمسي، ثم تجلاّها الحياء، فقالت: أقِلْني يا أمير المؤمنين، فقال: جزاك الله خيراً؛ فقد أحسنت الثناء. قد أقتلك، فلما ولّت قال كعب بن سخور: يا أمير المؤمنين لقد أبلغت إليك في الشكوى، فقال: ما اشتكت؟ قال: زوجَها، قال: عليَّ المرأة (فأرسل إلى زوجها فجاء)، فقال لكعب: اقضِ بينهما، قال: أقضي وأنت شاهد قال: إنك قد فطنت إلى ما لم أفطن له، قال: فإن الله تعال يقول: (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ النّسَآءِ مَثْنَىَ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ)[النساء: 3] صم ثلاثة أيام وأفطر عندها يوماً، وقم ثلاث ليالٍ وبتْ عندها ليلة. فقال عمر: لهَذا أعجب إليَّ من الأول؛ فبعثه قاضياً لأهل البصرة.
أخرج أبو عبيد وابن عساكر عن عبد الله بن قيس أو ابن أبي قيس قال: كنت فيمن تلقَّى عمر رضي الله عنه مع أي عبيدة رضي الله عنه مَقْدَمه الشام، فبينا عمر يسير إذ لقيه المقلَّسون من أهل أذرعات بالسيوف فقال: مَهْ، ردُّوهم وانعوهم، فقال: أبو عبيد رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين هذه سنة العجم، فإنَّك إن تمنعهم منها يروا أن في نفسك نقضاً لعهدهم، فقال عمر: دعوهم (عمر وآل عمر) في طاعة أبي عبيدة، كذا في الكنز. وأخرج المحاملي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر سابق الزبير رضي الله عنه فسبقه الزبير، فقال: سبقتك ورب الكعبة، ثم إن عمر سابقه مرة أخرى فسبقه عمر فقال عمر: سبقتك ورب الكعبة كذا في الكنز.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشعبي، قال: غزا رجل من المسلمين من الأنصار وأوصى جاراً له بأهله، قال: فكان يهودي يأتي أهله، فذكر ذلك للرجل فرصده ليلة فإذا هو مستلق على فراش الرجل واضعاً إحدى رجليه على الأخرى وهو يقول:
وأشعث غره الإسلام مني
…
خلوت بعرسه يوم التمام
أبيت على ترائبها ويضحي
…
على قباء لا حقة الحزام
كأن مجامع الربلات منها
…
ثمام قد جمعن إلى ثمام
قال: فنزل الرجل فقمصه بسيفه حتى قتله، فلما أصبح ذكر ذلك لعمر رضي الله تعالى عنه، فقال: اعزم على من كان يعلم من هذا شيئاً إلا قام، فقام الرجل فقال: كان من أمره كيت وكيت، فخبره بالقصة، فقال عمر رضي الله تعالى عنه: إن عادوا فعد.
مقتل عمر وجعله الأمر للستة أصحاب الشورى:
أخرج الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما طعن أبو لؤلؤة عمر رضي الله عنه طعنه طعنتين، فظن عمر أنَّ له ذنباً في الناس لا يعلمه، فدعا ابن عباس رضي الله عنهما وكان يحبه ويدنيه ويسمع منه ـ فقال: أحب أن نعلم: عن ملأ من الناس كان هذا؟ فخرج ابن عباس فكان لا يمر بملأ من الناس إلا وهم يبكون، فرجع إلى عمر فقال: يا أمير المؤمنين، ما مررتُ على ملأ إلا رأيتهم يبكون، كأنهم فقدوا اليوم أبكار أولادهم. فقال من قتلني؟ فقال: أبو لؤلؤة المجوسي عبد المغيرة بن شعبة. قال ابن عباس: فرأيت البشْر في وجهه، فقال: الحمد لله الذي لم يبتلني أحد يحاجّني بقول لا إله إلا الله. أما إِني قد نهيتكم أن تجلبوا إلينا من العلوج أحداً فعصيتموني.
ثم قال: أدعوا لي إِخواني. قالوا: ومن؟ قال: عثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم فأرسل إليهم، ثم وضع رأسه في حِجْري. فلما جاؤوا قلت: هؤلاء قد حضروا، قال: نعم، نظرت في أمر المسلمين فوجدتكم ـ أيها الستة ـ رؤوس الناس وقادتهم، ولا يكون هذا الأمر إِلا فيكم، ما استقمتم يستقم أمر الناس، وإن يكن إختلاف يكن فيكم ـ فما سمعته ذكر الإختلاف والشقاق وإِن يكن؛ ظننت أنَّه كائن، لأنه قلَّما قال شيئاً إلا رأيتُه ثم نزفه الدم، فهمسوا بينهم حتى خشيت أن يبايعوا رجلاً منهم، فقلت: إِن أمير المؤمنين حيّ بعد ولا يكون خليفتان ينظر أحدهما إلى الآخر. فقال: إحملوني فحملناه، فقال: تشاوروا ثلاثاً، ويصلِّي بالناس صُهَيب. قالوا: من نشاور يا أمير المؤمنين؟ قال: شاوروا المهاجرين والأنصار وسَرَاة من هنا من الأجناد.