الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والناظر في دعوة الشيخ يجد أنها امتداداً لفهم السلف الصالح للكتاب والسنة، ولم تكن وليدة دعوة الإمام بل كانت أيضاً امتداداً للعلماء عبر القرون مثل الأئمة الأربعة وابن تيمية وابن القيم والشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف، الذي تتلمذ الإمام على يده، وأيضا فقيه صنعاء محمد بن إسماعيل الصنعاني، والعالم المجتهد محمد الشوكاني، فالعقيدة السلفية التي دعا لها الشيخ رحمه الله إنما هي عقيدة حضارية كاملة وليست مجرد دعوة منحصرة في واقعها المحلي، أو مرتبطة بظروف البداوة فقط كما يعتقد البعض كما ذكرت، فدعا إلى محو كل ما هو مخالف للإسلام الصحيح، والعودة إلى الإسلام في صورته الأولى، في بساطته وطهارته ونقائه، وصدق التوحيد واتصال العبد بربه من غير واسطة ولا شريك.
وكان الإمام " محمد بن عبد الوهاب " يرى أن ما لحق بالمسلمين من ضعف وسقوط إنما هو بسبب ضعف العقيدة، والبعد عن التوحيد، فقد كانت العقيدة الإسلامية في أول عهدها صافية نقية من أي شرك، وبهذه العقيدة وحدها انتصر المسلمون وفتحوا العالم.
[*] وكانت ترتكز دعوة محمد بن عبد الوهاب المباركة على عدّة ركائز أهمها ما يلي:
(1)
الدعوة إلى التوحيد الخالص من شوائب الشرك صغيره وكبيره.
(2)
الإتباع التام لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الخالص من شرور الابتداع والخرافات حتى لو كان يسيرا.
(3)
الدعوة إلى الرجوع إلى الكتاب والسنة، بفهم علماء السلف، وجعلهما المصدر الأساس للدين والبعد عن الجمود على التقليد إذا استبان الدليل، مع البعد عن علم الكلام.
(4)
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما يلزم من ذلك من نشر العلم الشرعي والجهاد في سبيل الله وإقامة الحدود والرد على أهل الباطل.
(5)
إحياء مبدأ الولاء للمؤمنين ولو كانوا أبعد الناس والبراء من المشركين والملحدين ولو كانوا أقرب الناس.
[*]
دعوة بن عبد الوهاب رحمه الله إلى التوحيد:
كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى حنبلي المذهب، يميل إلى الشدة في التعاليم الدينية، ولا يأخذ بالرخص، فاستنكر كثيرًا من البدع الفاشية بين المسلمين، ورأى فيها شركًا بالله، ودعا إلى التوحيد، وتنقية الدين من البدع والخرافات، وتخليصه مما داخَلَه من انحراف، فدعا قومه إلى نبذ البدع، وطرح كل ما لم يرد في القرآن والسنة من الأحكام والتعاليم، والرجوع بالدين إلى فطرته النقية وبساطته الأولى، وسعى إلى تنقية العقيدة من تلك الشوائب والشبهات، والعودة إلى التوحيد الخالص والعقيدة الصافية؛ ولذلك فقد أُطلِقَ على تلاميذه وأتباعه اسم " الموحدين أو السلفيين "، وأما اسم "الوهابيين" الذي عُرفوا به في الوقت المعاصر، فقد أطلَقَهُ عليهم خصومهم، واستعمله الأوروبيين والغربيين حتى صار عَلمًا عليهم.
وقد قامت دعوته رحمه الله على فكرة التوحيد، فالتوحيد أساسه الاعتقاد بأن الله وحده هو خالق هذا الكون، وأنه هو المسيطر عليه، وواضع قوانينه التي يسير عليها، وليس في الخلق من يشاركه في خلقه ولا في حكمه، ولا من يعينه على تصريف أموره؛ فهو وحده الذي بيده الحكم، وهو وحده الذي يملك النفع والضر، وليس في الوجود من يستحق العبادة والتعظيم سواه.
مسألة: لماذا يهاجمون دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب؟ (1)
واجهت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى منذ بداية ظهورها حملةً ضارية وعداءً سافراً، سواءً من قبل أمراء وحكام، أو من قبل بعض المنتسبين إلى العلم، وقد تنوعّت أساليب هذه المعارضة وتعددت جوانبها من تأليف وترويج الكتب ضد هذه الدعوة السلفية التجديدية، وتحريض الحكام عليها، ورميها بالتشدد والتكفير وإراقة الدماء.
وقد تحدّث الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى عن هذه الهجمة قائلاً: "فلما أظهرت تصديق الرسول فيم جاء به سبّوني غاية المسبة، وزعموا أنّي أكفر أهل الإسلام وأستحل أموالهم"(مجموعة مؤلفات الشيخ 5/ 26).
ويصف الشيخ عداوة الخصوم وفتنتهم في رسالته للسويدي ـ أحد علماء العراق ـ فيقول رحمه الله: "ولبّسوا على العوام أن هذا خلاف ما عليه أكثر الناس، وكبرت الفتنة وأجلبوا علينا بخيل الشيطان ورجله"(مجموعة مؤلفات الشيخ 5/ 36).
(1) الدكتور الشيخ عبد العزيز آل عبد اللطيف -