الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولاً: أن القاعدة الشرعية في النصوص أن الأخص مقدم على الأعم، وآية هود عامة، لأن كل من أراد الحياة الدنيا وزينتها وفِّي إليه العمل وأعطي ما أراد أن يعطي، أما آية الإسراء، فهي خاصة:) عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ([الإسراء: 18]، ولا يمكن أن يُحكَم بالأعم على الأخص.
الثاني: أن الواقع يشهد على ما تدل عليه آية الإسراء: لأن في فقراء الكفار من هو أفقر من فقراء المسلمين، فيكون عموم آية هود مخصوصاً بآية الإسراء فالأمر موكول إلى مشيئة الله وفيمن يريده.
واختلف فيمن نزلت فيه آية هود:
(1)
قيل: نزلت في الكفار، لأن الكافر لا يريد إلا الحياة الدنيا، ويدل لهذا سياقها والجزاء المرتب على هذا، وعليه يكون وجه مناسبتها للترجمة أنه إذا كان عمل الكافرين يراد به الدنيا، فكل من شاركهم في شيء من ذلك، ففيه شيء من شركهم وكفرهم.
(2)
وقيل: نزلت في المرائين، لأنهم لا يعملون إلا للدنيا، فلا ينفعهم يوم القيامة.
(3)
وقيل: نزلت فيمن يريد مالاً بعمله الصالح.
والسياق يدل للقول الأول، لقوله تعالى:) أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون ([هود: 16].
(7) البذل والإنفاق وكثرة الصدقات:
فضل البذل والإنفاق وكثرة الصدقات:
جاءت النصوص الكثيرة التي تبين فضائل الصدقة والإنفاق في سبيل الله، وتحث المسلم على البذل والعطاء ابتغاء الأجر الجزيل من الله سبحانه، وإليك بعض ما ورد في ذلك فارعها سمعك وفكرك واجعل لها في سمعك مسمعاً وفي قلبك موقعاً عسى الله أن ينفعك بها ويوفقك إلى تطبيقها.
قد جعل الله الإنفاق على السائل والمحروم من أخص صفات عباد الله المحسنين، فقال عنهم:(إِنّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُواْ قَلِيلاً مّن اللّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِيَ أَمْوَالِهِمْ حَقّ لّلسّآئِلِ وَالْمَحْرُومِ)[الذاريات 19:16]
وضاعف العطية للمنفقين بأعظم مما أنفقوا أضعافاً كثيرة في الدنيا والآخرة فقال تعالى: (مّن ذَا الّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً)[البقرة: 245]
(حديث أبي هريرة في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من تصدق بعدل تمرةٍ من كسب طيب و لا يقبل الله إلا الطيب فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يُرَبِيها له كما يربي أحدكم فَلَوَّه حتى تكون مثل الجبل.
معنى الفَلُّو: المهر وهو صغير الحصان، واختير في التشبيه لأنه يزيد زيادةً بينة بسرعة.
والصدقة من أبواب الخير العظيمة، ومن أنواع الجهاد المتعددة، بل إن الجهاد بالمال مقدم على الجهاد بالنفس في جميع الآيات التي ورد فيها ذكر الجهاد إلا في موضع واحد،
(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم.
والبذل والإنفاق من أفضل العمل بنص السنة الصحيحة كما في الحديث الآتي:
(حديث محمد بن المنكدر في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أفضل العمل إدخال السرور على المؤمن تقضي عنه دينا تقضي له حاجة تنفس له كربة.
(حديث عبد الله ابن عمرو في الصحيحين) أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الإسلامُ خير؟ قال: تُطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف.
والصدقة ترفع صاحبها حتى توصله أعلى المنازل كما في الحديث الآتي:
(حديث أبي كبشة الأنماري في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِنَّمَا الدُّنْيَا لأَرْبَعَةِ نَفَرٍ عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالاً وَعِلْماً فَهُوَ يَتَّقِى فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَحسنِ الْمَنَازِلِ عند الله وَرجلٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْماً وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالاً فَهُوَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لي مَالاً لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ وهما في الأجرِسَوَاءٌ، وَرجلٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالاً وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْماً فَهُوَ يَخْبِطُ في مَالِهِ لَا يَتَّقِى فِيهِ رَبَّهُ وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَلَا يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فهو بِأَسوءِ الْمَنَازِلِ عند الله وَرجلٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالاً وَلَا عِلْماً فَهُوَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لي مَالاً لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ وهما في الوزر سَوَاءٌ.
كما أنها تدفع عن صاحبها المصائب والبلايا، وتنجيه من الكروب والشدائد كما في الحديث الآتي:
(حديث أنس في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صنائع المعروف تقي مصارع السوء و الآفات و الهلكات و أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
أضف إلى ذلك إطفاؤها للخطايا وتكفيرها للسيئات وأنها مما يُتقى به من النار كما في الحديث الآتي:
(حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدَّم من عمله، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشِقِّ تمرة).
ومن فضائل الصدقة أن نفقة الصدقة مخلوفة:
قال تعالى: (وَمَآ أَنفَقْتُمْ مّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرّازِقِينَ)[سبأ: 39]
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من يوم يصبح العباد فيه، إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا)
[*] قال الإمام ابن حجر في الفتح:
أن الخلف هو التيسير لليسرى، مستفاداًَ من قوله تعالى:(فَأَمّا مَنْ أَعْطَىَ وَاتّقَىَ * وَصَدّقَ بِالْحُسْنَىَ * فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَىَ)[الليل / 7:5]
والتيسير لليسرى هو التوفيق لأعمال البر الذي يترتب عليه الثواب في الآخرة،
وأن معنى التلف هو التيسير للعسرى مستفاداًَ من قوله تعالى: (وَأَمّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىَ * وَكَذّبَ بِالْحُسْنَىَ * فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَىَ)[الليل / 10:8]
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما نقصت صدقةٌ من مال، وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزا، وتواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله)
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنفق يا بلال ولا تخشى من ذي العرش إقلالاً)
(حديث أبي هريرة في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى [أنفق يا ابن آدم أُنفق عليك]
الصدقة هي الباقية:
(حديث عبد الله بن الشخير الثابت في صحيح مسلم) أنه إنتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ (ألهاكم التكاثر) قال: يقول بن آدم مالي مالي، وهل لك من مالك إلا ما تصدقت فأمضيت أو أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت.
حث النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة فأخبر أن على كل مسلمٍ صدقة على سبيل الإستحباب: