الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخرج الطبراني في الكبير عن مالك الدار رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخذ أربعمائة دينار فجعلها في صرة، فقال للغلام: إذهب بها إلى أبي عبيدة بن الجراح ثم تَلَهَّ في البيت ساعة حتى تنظر ما يصنع؟ فذهب بها الغلام إليه فقال: يقول لك أمير المؤمنين: إجعل هذه في بعض حاجتك، فقال وصله الله ورحمه، ثم قال: تعالَي يا جارية، إذهبي بهذه السبعة إِلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان، حتى أنفدها. ورجع الغلام إلى عمر فأخبره فوجده قد أعدّ مثلها لمعاذ بن جبل رضي الله عنه، فقال: إذهب بها إلى معاذ بن جبل وتَلَهَّ في البيت حتى تنظر ما يصنع؟ فذهب بها إليه فقال: يقول لك أمير المؤمنين: إجعل هذه في بعض حاجتك، فقال: رحمه الله ووصله، تعالَي يا جارية، إذهبي إلى بيت فلان بكذا، إذهبي إلى بيت فلان بكذا، فاطَّلعت إمرأة معاذ وقالت: ونحن ـ والله ـ مساكين فأَعطِنا، فلم يبقَ في الخرقة إلا ديناران، فدحى بهما إليها؛ ورجع الغلام إلى عمر فأخبره فسر بذلك فقال إنهم إخوة بعضهم من بعض. ورواته إلى مالك الدار ثقات مشهورون، ومالك الدار لا أعرفه؛ كذا في الترغيب. وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير، ومالك الدار لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. انتهى.
[*] أورد الذهبي في سير أعلام النبلاء عن مالك أن عمر أرسل إلى أبي عبيدة بأربعة آلاف أو بأربع مئة دينار وقال للرسول انظر ما يصنع بها قال فقسمها أبو عبيدة ثم أرسل إلى معاذ بمثلها قال فقسمها الا شيئا قالت له امرأته نحتاج إليه فلما أخبر الرسول عمر قال الحمد لله الذي جعل في الإسلام من يصنع هذا.
(8) خوف أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه وبكاؤه على بسط الدنيا:
أخرج أحمد عن أبي حَسَنة مسلمِ بن أكْيَس مولى عبد الله بن عامر عن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه قال: ذَكَر من دخل عليه فوجده يبكي، فقال: ما يبكيك يا أبا عبيدة؟ قال: نبكي أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوماً ما يفتح الله على المسلمين ويفيء عليهم حتى ذكر الشام، فقال:"إن يُنسأ في أجلك يا أبا عبيدة فحسبك من الخدم ثلاثة: خادم يخدمك، وخادم يسافر معك، وخادم يخدم أهلك ويرد عليه. وحسبك من الدواب ثلاثة: دابة لرَحْلك، ودابة لنقلك، ودابة لغلامك"؛ ثم هذا أنا أنظر إلى بيتي قد امتلأ رقيقاً، وانظر إلى مربطي قد امتلأ رقيقاً، وانظر إلى مربطي قد امتلأ دوابَّ وخيلاً، فكيف ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذا؟ وقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنَّ أحبكم إليَّ وأقربكم مني من لقيني على مثل الحال الذي فارقني عليها". قال الهيثمي رواه أحمد وفيه راوٍ لم يُسمَّ وبقية رجاله ثقات. انتهى. وأخرجه ابن عساكر نحوه، كما في المنتخب.
وصية أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه للمسلمين عند وفاته بالأردن:
عن سعيد بن المسيِّب قال: لما طُعِن أبو عبيدة رضي الله عنه بالأردن دعا من حضره من المسلمين وقال: "إنِّي موصيكم بوصية إن قبلتموها لن تزالوا بخير: أقيموا الصلاة، وصوموا شهر رمضان، وتصدَّقوا، وحجُّوا، واعتمروا، وتواصَوا، وانصحوا لأمرائكم ولا تَغَشوهم؛ ولا تلهكمم الدنيا، فإنَّ أمرأ لو عُمِّر ألف حول ما كان له بدٌّ من أن يصير إلى مصرعي هذا الذي ترون، إن الله تعالى كتب الموت على بني آدم فهم ميتون، فأكْيَسهم أطوعهم لربه، وأعملهم ليوم معاده. والسلام عليكم ورحمة الله. يا معاذ بن جبل صلِّ بالناس".
ومات رحمه الله. فقام معاذ رضي الله عنه في الناس فقال:
"أيها الناس، توبوا إلى الله من ذنوبكم، فأيُّما عبدٍ يلقى الله تعالى تائباً من ذنبه إلا كان على الله حقاً أن يغفر له. من كان عليه دَيْن فليقضِه، فإنَّ العبد مُرْتَهنٌ بدَيْنه. ومن أصبح منكم مهاجراً أخاه فليلقه فليصالحه، ولا ينبغي لمسلم أن يهجر أخاه أكثر من ثلاثة أيام. أيها المسلمون، قد فُجعتم برجل ما أزعم أني رأيت بعداً أبرَّ صدراً لا أبعد من الغائلة ولا أشد حباً للعامة ولا أنصح منه. فترحَّموا عليه. واحضروا الصلاة عليه".
كذا في الرياض النضرة في مناقب العشرة للمحب الطبري.
وفاة أبي عبيدة رضي الله عنه: