الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
186 - طاعة العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله
*
طاعة العلماء والأمراء والسلاطين والملوك واجبة فيما أباحه الشارع وفيما شرعه وأحله، وممنوعة فيما لم يبحه الشارع وزجر عنه؛ وهذا يبين صلة الباب بالكتاب حيث جاءت النصوص بتحريم طاعة العلماء والأمراء فيما خالف هدي الرسول صلى الله عليه وسلم وأنها موجبة للعقوبة وإن كان المخالف مجتهدا فاضلا لأن ذلك شرك في الطاعة يخل بالتوحيد.
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: "ولا يطاع أحد من الخلق إلا حيث كانت طاعته مندرجة تحت طاعة الله وإلا فلا تجب طاعة أحد الخلق استقلالًا. والمقصود هنا الطاعة الخاصة في تحريم الحلال أو تحليل لحرام، فمن أطاع مخلوقا في ذلك غير الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه لا ينطق عن الهوى، فهو مشرك كما بينه الله تعالى في قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ} [التوبة: 31]. أي: علماءهم أربابًا من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهًا واحدًا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون، وفسرها النبي صلى الله عليه وسلم بطاعتهم تحريم الحلال، وتحليل الحرام"
(1)
.
* الدليل من الكتاب: قال تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ
* تيسير العزيز الحميد ص 549. فتح المجيد ص 451. حاشية كتاب التوحيد لابن قاسم ص 276. شرح مسائل الجاهلية للسعيد 1/ 397، 410. الحكم بغير ما أنزل الله د. المحمود ص 205. القول المفيد لابن عثيمين ط 1 - 2/ 255، ط 2 - 2/ 310 ومن المجموع 10/ 731.
(1)
تيسير العزيز الحميد ص 549.
أَوْلِيَاءَ} [الأعراف: 3]، وقال تعالى:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)} [التوبة: 31].
* الدليل من السنة: عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ: "يَا عَدِيُّ اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الْوَثَنَ" وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: 31] قَالَ: "أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ"
(1)
.
وعن حذيفة أنه سئل عن قوله: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} : أكانوا يعبدونهم؟ قال: لا، كانوا إذا أحلوا لهم شيئًا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئًا حرموه. وفي رواية أنه قال: أما إنهم لم يكونوا يصومون لهم ولا يصلون لهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئًا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئًا أحله الله لهم حرموه، فتلك كانت ربوبيتهم
(2)
.
وهذا الحديث يدل على أن طاعة الرهبان والأحبار في تحريم الحلال، وتحليل الحرام عبادة لهم من دون الله
(3)
، ومن الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله، لقوله تعالى:{مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)} [التوبة: 31]. ونظير ذلك قوله تعالى: {وَلَا
(1)
أخرجه الترمذي (3095)، والبيهقي 10/ 116.
(2)
أخرجه الطبري في تفسيره 14/ 211 - 213، وعبد الرزاق في تفسيره 2/ 272، والبيهقي في سننه 10/ 116، وفي شعب الإيمان 7/ 45 ط دار الكتب العلمية.
(3)
انظر توضيح ذلك في كلام شيخ الإسلام في المبحث الآتي (حكم الطاعة في تحريم ما أحل الله).