الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بن بشر وأسيد بن الحضير خرجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة فأضاء لهما نور مثل طرف السوط، فلما افترقا افترق الضوء معهما"
(1)
.
4 - بقاء الكرامات في أولياء الله إلى يوم القيامة:
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "الدليل على أنها موجودة إلى يوم القيامة: سمعي، وعقلي.
أما السمعي فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر في قصة الدجال أنه يدعو رجلا من الناس من الشباب يأتي، ويقول له: كذبت! إنما أنت المسيح الدجال الذي أخبرنا عنك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأتي الدجال، فيقتله قطعتين، فيجعل واحدة هنا وواحدة هنا رمية الغرض - يعني: بعيدا ما بينهما -، ويمشي بينهما، ثم يدعوه، فيقوم يتهلل، ثم يدعوه ليقر له بالعبودية، فيقول الرجل: ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم! فيريد الدجال أن يقتله؛ فلا يسلط عليه"
(2)
.
فهذه أي عدم تمكن الدجال من قتل ذلك الشاب من الكرامات بلا شك.
وأما العقلي فيقال: ما دام سبب الكرامة هي الولاية؛ فالولاية لا تزال موجودة إلى قيام الساعة"
(3)
.
5 - حال العبد عند حصول الكرامة أو الخارق للعادة:
ينبغي للعبد أن لا يغتر بالكرامة ولا يشتد فرحه بها؛ لأنها قد تكون سببًا لهلاكه فيصيبه العُجْب والأمْن بل المطلوب أن يستعين بذلك على التقرب إلى الله والتواضع له وازدراء النفس لتصفو نفسه أما أن يعجب بها ويعظم نفسه بسببها فإن في هذا عطبه وهلاكه.
(1)
الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص 155، 165، ومجموع الفتاوى 11/ 276، وانظر للاستزادة من الأمثلة شرح الواسطية من مجموع فتاوى ابن عثيمين 8/ 627، 628.
(2)
أخرجه البخاري (1882)، ومسلم (2938).
(3)
شرح الواسطية من مجموع فتاوى ابن عثيمين 8/ 632، 633.
وفي مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام: "قال أبو علي الجوزجاني: "كن طالبًا للاستقامة لا طالبًا للكرامة، فإن نفسك منجبلة على طلب الكرامة وربك يطلب منك الاستقامة". قال الشيخ السهروردي في عوارفه: وهذا الذي ذكره أصل عظيم كبير في الباب وسر غفل عن حقيقته كثير من أهل السلوك والطلاب وذلك أن المجتهدين والمتعبدين سمعوا عن سلف الصالحين المتقدمين وما مُنحوا به من الكرامات وخوارق العادات فأبدًا نفوسهم لا تزال تتطلع إلى شيء من ذلك ويحبون أن يرزقوا شيئًا من ذلك، ولعل أحدهم يبقى منكسر القلب متهمًا لنفسه في صحة عمله حيث لم يُكاشف بشيء من ذلك، ولو علموا سر ذلك لهان عليهم الأمر، فيعلم أن الله يفتح على بعض المجاهدين الصادقين من ذلك بابًا، والحكمة فيه أن يزداد بما يرى من خوارق العادات وآثار القدرة تفننًا فيقوى عزمه على هذا الزهد في الدنيا والخروج عن دواعي الهوى، وقد يكون بعض عباده يكاشف بصدق اليقين ويرفع عن قلبه الحجاب، ومن كوشف بصدق اليقين أغنى بذلك عن رؤية خرق العادات؛ لأن المراد منها كان حصول اليقين وقد حصل اليقين، فلو كوشف هذا المرزوق صدق اليقين بشيء من ذلك لازداد يقينًا، فلا تقتضي الحكمة كشف القدرة بخوارق العادات لهذا الموضع استغناء به وتقتضي الحكمة كشف ذلك لآخر لموضع حاجته، وكان هذا الثاني يكون أتم استعدادًا وأهلية من الأول، فسبيل الصادق مطالبة النفس بالاستقامة فهي كل الكرامة، ثم إذا وقع في طريقه شيء خارق كان كأن لم يقع فما يبالي ولا ينقص بذلك وإنما ينقص بالإخلال بواجب حق الاستقامة، فتعلّم هذا لأنه أصل كبير للطالبين والعلماء الزاهدين ومشايخ الصوفية"
(1)
.
(1)
مجموع الفتاوى 11/ 320.