الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
267 - الْمِيثَاقُ
*
اختلف العلماء حول المقصود بالميثاق فقيل: هو ما أخذ عليهم وهم في ظهور آبائهم من الإقرار بالتوحيد، كما دلت على ذلك الأحاديث.
وقيل: المقصود بالميثاق ما فطرهم الله عز وجل به من التوحيد. قال ابن كثير رحمه الله: "وذهب طائفة من السلف والخلف أن المراد بهذا الإشهاد إنما هو فطرهم على التوحيد كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة
…
""
(1)
.
وقال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله: "ليس بين التفسيرين مناة ولا مضادة ولا معارضة، فإن هذه المواثيق كلها ثابتة بالكتاب والسنة.
الأول: الميثاق الذي أخذه الله تعالى عليهم حيث أخرجهم. ظهر أبيهم آدم عليه السلام {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172]، الآيات، وهو الذي قاله جمهور المفسرين رحمهم الله في هذه الآيات وهو نص الأحاديث الثابتة في الصحيحين وغيرهما.
* التوحيد لابن منده ص 73. تفسير البغوي 25/ 307. تفسير الخازن 2/ 310، 311. تفسير الشوكاني فتح القدير 2/ 263. لوامع الأنوار ص 45. فتح البيان لصديق حسن خان 3/ 453. زاد المسير 3/ 84. القرطبي 3/ 750. البحر المحيط 4/ 420. تفسير أبو السعود 2/ 430. أضواء البيان 2/ 210. النسفي 2/ 85. الألوسي 3/ 154. شفاء العليل لابن القيم ص 26 - 27. ط. دار التراث. لوامع الأنوار للسفاريني 2/ 45. الدين الخالص لصديق حسن القنوجي 1/ 394. معارج القبول 1/ 277، 2/ 41. دعوة التوحيد لمحمد خليل هراس ص 77. منهج ابن حجر في العقيدة ص 283. عقيدة الإمام ابن عبد البر للغصن ص 433، 447.
(1)
تفسير ابن كثير لسورة الأعراف الآية رقم 172.
الميثاق الثاني: ميثاق الفطرة، وهو أنه تبارك وتعالى فطرهم شادين بما أخذه عليهم في الميثاق الأول كما قال تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30] الآية وهو الثابت في حديث أبي هريرة وعياض بن حمار والأسود بن سريع رضي الله عنهم وغيرها من الأحاديث في الصحيحين وغيرها.
الميثاق الثالث: هو ما جاءت به الرسل وأنزلت به الكتاب تجديدًا للميثاق الأول وتذكيرًا به قال تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165)} [النساء: 165] "
(1)
.
*الدليل من الكتاب: قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173)} [الأعراف: 172، 173].
وفي قوله تعالى {أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173)} هو قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "أي لو عذبهم بجحودهم وشركهم لقالوا ذلك وهو سبحانه إنما يهلكهم لمخالفة رسله وتكذيبهم، فلو أهلكهم بتقليد آبائهم في شركهم من غير إقامة الحجة عليهم بالرسل لأهلكهم بما فعل المبطلون، أو أهلكهم مع غفلتهم عن معرفة بطلان ما كانوا عليه، وقد أخبر سبحانه أنه لم يكن ليهلك القرى بظلم وأهلها غافلون، وإنما يهلكهم بعد الإعذار والإنذار"
(2)
.
(1)
معارج القبول 1/ 48.
(2)
الروح لابن القيم ص 168.
وبه تعلم أن العذاب لا يكون إلا على من قامت عليه الحجة الرسالية، وقد تقدم في باب أهل الفترة أن الله سبحانه وتعالى لا يؤاخذ بالمخالفة إلا بعد إرسال الرسل
(1)
.
قال شيخنا عبد الرحمن البراك عن الميثاق: "ليس حجة وحده ولا يستوجب من خالفه بمجرده العذاب إنما يستوجب العذاب من جاءته الرسل وبلغته دعوة الحق"
(2)
.
(1)
انظر الموافقات 3/ 377، الجواب الصحيح 1/ 312.
(2)
شرح العقيدة الطحاوية ص 159.