الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
* ومن القيام ما هو جائز، كالقيام على رأس بعض الأمراء خوفًا عليه، فهذا جائز لذلك السبب؛ وقد ورد مثل ذلك من بعض الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك في صلح الحديبية، ففي الحديث الصحيح قال: "والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه السيف وعليه المغفر
…
"
(1)
.
قال ابن القيم: "وفي قيام المغيرة بن شعبة على رأس رسول الله بالسيف ولم يكن عادته أن يقام على رأسه وهو قاعد سنة يقتدى بها عند قدوم رسل العدو من إظهار العز والفخر وتعظيم الإمام وطاعته ووقايته بالنفوس، وهذه هي العادة الجارية عند قدوم رسل المؤمنين على الكافرين وقدوم رسل الكافرين على المؤمنين وليس هذا من هذا النوع الذي ذمه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "من أحب أن يتمثل له الرجال قيامًا فليتبوأ مقعده من النار" كما أن الفخر والخيلاء في الحرب من هذا النوع المذموم في غيره"
(2)
.
* ومن القيام الجائز القيام إليه للتلقي إذا قدم. قال ابن القيم: "فالمذموم القيام للرجل وأما القيام إليه للتلقي إذا قدم فلا بأس به"
(3)
.
*
ويجوز القيام إذا ترتب على تركه مفسدة:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والذي ينبغي للناس أن يعتادوا السنة في ترك القيام المتكرر للقاء، ولكن إذا اعتاد الناس القيام وقدم من لا يرى كرامته إلا بالقيام له وإذا ترك توهَّم بغضه وإهانته، وتولد من ذلك عداوة وشر، فالقيام له على هذا الوجه لا بأس به و"إنما الأعمال بالنيات""
(4)
.
(1)
أخرجه البخاري (2731، 2732).
(2)
زاد المعاد 3/ 304.
(3)
حاشية ابن القيم مع عون المعبود شرح سنن أبي داود 14/ 85.
(4)
مختصر الفتاوى المصرية ص 563.
وقال ابن حجر: "وفي الجملة متى صار ترك القيام يشعر بالاستهانة أو يترتب عليه مفسدة امتنع، وإلى ذلك أشار ابن عبد السلام"
(1)
.
أما أن تقيم الرجل ثم يُجلَسُ مكانه فمنهي عنه ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه"
(2)
.
* حكم القيام لأهل العلم والفضل: قال ابن مفلح: قال حنبل: "قلت لعمي: ترى للرجل أن يقوم للرجل إذا رآه؟ قال: لا يقوم أحد لأحد إلا الولد لوالده أو لأمه فأما لغير الوالدين فلا"
(3)
.
وللإمام النووي رحمه الله رسالة أسماها الترخيص في القيام، وقد تعقبه ابن الحاج رحمه الله ورد عليه كل ما استدل به، وقد ذكر ابن حجر شيئًا من أقوالهم في الفتح
(4)
.
وقال الإمام أبو بكر بن العربي: "يجوز القيام للرجل الكبير بداءة إذا لم يؤثر ذلك في نفسه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لجلسائه حين جاء سعد: "قوموا إلى سيدكم" فإن أثر فيه لم يجز عونه على ذلك، لما روى: "من سره أن يمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار""
(5)
.
ولكن أخرج الإمام أحمد الحديث وفيه: "قوموا إلى سيدكم فأنزلوه" وزيادة (فأنزلوه) حسّنها الحافظ ابن حجر حيث قال: "وسنده حسن، وهذه الزيادة تخدش في الاستدلال بقصة سعد على مشروعية القيام المتنازع فيه"
(6)
.
وقال ابن مفلح: "روى ابن القاسم في المدونة: قيل لمالك: فالرجل يقوم
(1)
فتح الباري 11/ 54.
(2)
أخرجه البخاري (911)، ومسلم (2177).
(3)
الآداب الشرعية لابن مفلح 1/ 409. وانظر: منهاج القاصدين ص 344.
(4)
11/ 50، 54.
(5)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 3/ 1106.
(6)
فتح الباري 11/ 51.
للرجل له الفضل والفقه؟ قال: أكره ذلك"
(1)
.
وفي حديث: "من أحب أن يتمثل له الرجال قيامًا
…
" قال ابن قتيبة: "معناه من أراد أن يقوم الرجال على رأسه كما يقام بين يدي ملوك الأعاجم وليس المراد به نهي الرجل عن القيام لأخيه إذا سلم عليه"
(2)
.
وقال ابن كثير: "فأما اتخاذه ديدنا فإنه من شعار الأعاجم"
(3)
.
وقال ابن حجر: "وأما القيام حتى يجلس فلا. فإن هذا فعل الجبابرة، وقد أنكره عمر بن عبد العزيز"
(4)
.
* وقد سئل الشيخ حسين، وعبد الله ابنا الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله عن القيام في وجوه الأمراء والعلماء، وأهل الفضل .. إلخ؟
فأجابا: "لا يجوز القيام للعلماء، ولا الأمراء، بحيث يتخذ ذلك عادة وسنة، بل ذلك من فعل أهل الجاهلية والجبابرة، كملوك فارس والروم وغيرهم، فإنهم كانوا يفعلون ذلك مع عظمائهم"
(5)
.
وقد تقدم حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يمثل له عباد الله قياما فليتبوأ بيتا من النار"
(6)
.
قال الإمام البغوي: "هذا فيمن سلك فيه طريق التكبر"
(7)
.
وقال ابن قدامه: "ومن خصال المتكبر أنه يحب قيام الناس"
(8)
.
(1)
الآداب الشرعية 1/ 408.
(2)
فتح الباري 11/ 50.
(3)
تفسير ابن كثير 4/ 325.
(4)
فتح الباري 11/ 53.
(5)
الدرر السنية 7/ 235.
(6)
أبو داود (5229)، والترمذي (2755).
(7)
شرح السنة 12/ 295.
(8)
مختصر منهاج القاصدين ص 344.