الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نفى عنهم تكذيب القلوب علم أن الجحود الذي هو ضرب من الكذب والتكذيب بالحق المعلوم ليس هو كذبًا في النفس ولا تكذيب فيها
…
"
(1)
.
قال الخفاجي: "الفرق بين التكذيب والجحد أن الأول: مطلق الإنكار، والثاني: الإنكار لما يعلم حقيقته عنادا"
(2)
.
*
فائدة:
ومما يجدر ذكره هنا ما أطلق عليه بعض العلماء بـ (كفر العناد)
.
حيث يقول الإمام ابن القيم رحمه الله من أنواع الكفر: "كفر جحود وعناد وقصد مخالفة الحق
…
وغالب ما يقع هذا النوع فيمن له رياسة علمية في قومه من الكفار أو رياسة سلطانية
…
"
(3)
.
وقال رحمه الله: "والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، والإيمان بالله وبرسوله، اتباعه فيما جاء به، فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم، وإن لم يكن كافرا معاندًا فهو كافر جاهل. فغاية هذه الطبقة أنهم كفار جهّال غير معاندين، وعدم عنادهم لا يخرجهم عن كونهم كفارًا، فإن الكافر من جحد توحيد الله وكذب رسوله إمّا عنادًا أو جهلًا وتقليدًا لأهل العناد"
(4)
.
قال الراغب: "والمعاند: المباهي بما عنده، قال تعالى: {كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} [ق.24]، قال تعالى: {إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا} [المدثر.16] والعَنُود مثله قال: لكن بينهما فرق لأن العنيد الذي يُعانِد ويُخالِفُ والعنُودُ الذي يعنُد عن القصد"
(5)
.
(1)
الفتاوى الكبرى 5/ 198.
(2)
نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض 6/ 418.
(3)
مفتاح دار السعادة 1/ 94، وانظر التوضيح عن توحيد الخلاق ص 89.
(4)
طريق الهجرتين ص 382.
(5)
المفردات (ع ن د).
قال في مختار الصحاح: "عَنَدَ: أي خالف ورد الحق وهو يعرفه"
(1)
.
وهذا يشبه قولهم في كفر الجحود أنه "الإنكار مع العلم"
(2)
.
لكن المعاند ينكره بعدما عرف قلبه وأقر لسانه والجاحد لا يقر بلسانه فيجتمع العناد والجحود في الامتناع عن قبول الحق كما يجتمعان في المعرفة.
قال ابن القيم: "الجحود أن يكفر بما علم أن الرسول جاء به من عند الله جحودًا وعنادًا من أسماء الرب وصفاته وأفعاله وأحكامه وهذا الكفر يضاد الإيمان من كل وجه"
(3)
.
ونجد أن العلماء أيضًا يذكرون العناد مع الجهل وكأنهما نقيضان، فالعناد بعلم بخلاف الجهل قال الشيخ محمد بن إبراهيم:"ولا فرق بين من يكون كفره عنادا أو جهلا، الكفر منه عناد ومنه جهل"
(4)
.
وسألتُ الشيخ ابن جبرين عن الفرق بينهما فأجاب - حفظه الله -: "أن إبليس وفرعون وأهل الكتاب الذين عرفوا الرسول وكذبوه هؤلاء كفرهم كفر عناد قال تعالى {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ} [البقرة.146]. أما كفر الجحود فيظهر أنه قريب من كفر العناد ومعناه معرفة الحق ثم إنكار باللسان فيصدق على آل فرعون {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [النمل.14]. وكذلك قال تعالى: {وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ} [العنكبوت 380]. فكفرهم
(1)
مختار الصحاح (ع ن د).
(2)
مختار الصحاح (ج ح د).
(3)
الصلاة لابن القيم ص 26.
(4)
كشف الشبهات ص 101.