الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
280 - الهجرة
*
الهجرة في اللغة: مأخوذة من الهجر وهو الترك
(1)
.
قال في مختار الصحاح: "الهجر ضد الوصل
…
والاسم الهجرة والمهاجرة من أرض إلى أرض ترك الأولى للثانية"
(2)
.
وقال في النهاية: "الهجرة في الأصل الاسم من الهجر ضد الوصل، وقد هجره هجرًا وهجرانًا، ثم غلب على الخروج من أرض إلى أرض وترك الأولى للثانية. يقال منه هاجر مهاجرة"
(3)
.
وقال في التعريفات: "الهجرة: هي ترك الوطن الذي بين الكفار والانتقال إلى دار الإسلام"
(4)
.
وقال في اللسان: "والهجرة: الخروج من أرض إلى أرض والمهاجرون الذين ذهبوا مع النبي مشتق منه
…
قال الأزهري: وأصل المهاجرة عند العرب خروج البدوي من باديته إلى المدن، يقال هاجر الرجل إذا فعل ذلك، وكذلك كل مخلٍ بمسكنه منتقل إلى قوم آخرين بسكناه فقد هاجر قومه، وسمي المهاجرون مهاجرين لأنهم تركوا ديارهم ومساكنهم التي نشؤوا بها ولحقوا بدار ليس لهم بها
* التمهيد لابن عبد البر 2/ 218 - 8/ 388 - 12/ 224، الدرر السنية 1/ 175، 8/ 120، 198، 238، 278، 12/ 399، نور على الدرب ص 198، شجرة الإيمان للسعدي من المجموعة ص 416، شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/ 14، 21 الفصل المبين في مسألة الهجرة ومفارقة المشركين حسين عوايشة. التبرك د ناصر الجديع ص 378.
(1)
انظر شرح ثلاثة الأصول من مجموع فتاوى ابن عثيمين ص 130.
(2)
مختار الصحاح (هـ ج ر).
(3)
النهاية (هـ ج ر).
(4)
التعريفات (هـ ج ر).
أهل ولا مالك حين هاجروا إلى المدينة، فكل من فارق بلده من بدوي أو حضري أو سكن بلدًا آخر فهو مهاجر والاسم منه الهجرة"
(1)
.
الهجرة في الشرع: قال في المغني: "الهجرة: هي الخروج من دار الكفر إلى دار الإسلام"
(2)
.
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "والهجرة: الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام، والهجرة فريضة على هذه الأمة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام. وهي باقية إلى أن تقوم الساعة"
(3)
.
* الدليل من الكتاب: قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 218]، وقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الأنفال: 72]، وقال تعالى:{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: 110].
وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98)
(1)
لسان العرب (هـ ج ر).
(2)
المغني 9/ 236.
(3)
الأصول الثلاثة مع حاشية ابن قاسم ص 83
فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99) وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100)} [النساء: 97 - 100].
قال الإمام البخاري رحمه الله: حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ: حدثنا حيوة وغيره قالا: حدثنا محمد بن عبد الرحمن أبو الأسود قال: "قُطِع على أهل المدينة بعث فاكتتبت فيه، فلقيت عكرمة مولى ابن عباس فأخبرته فنهاني عن ذلك أشد النهي، ثم قال: أخبرني ابن عباس أن ناسًا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثّرون سواد المشركين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يأتي السهم فيرمى به فيصيب أحدهم فيقتله، أو يُضرب فيُقتَل، فأنزل الله {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ
…
} الآيةَ"
(1)
.
قال ابن كثير رحمه الله: "قال الضحاك: نزلت في ناس من المنافقين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، وخرجوا مع المشركين يوم بدر فأُصيبوا فيمن أُصيب فنزلت هذه الآية الكريمة
(2)
عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين وهو قادر على الهجرة وليس متمكنًا من إقامة الدين فهو ظالم لنفسه، مرتكب حرامًا بالإجماع وبنص هذه الآية حيث يقول تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} أي بترك الهجرة {قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ} أي لم مكثتم هاهنا وتركتم الهجرة؟ {قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ} أي لا نقدر على الخروج من البلد ولا الذهاب في الأرض، {قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً} الآية"
(3)
.
وفي قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ
…
} [النساء:97] قال ابن
(1)
أخرجه البخاري (4596)(7085).
(2)
انظر تفسير الطبري 9/ 108.
(3)
تفسير ابن كثير عند تفسير الآيات 95 - 96 من سورة النساء.
قدامة المغني: "وهذا وعيد شديد يدل على الوجوب؛ ولأن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه، والهجرة من ضرورة الواجب وتتمته، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"
(1)
.
وقال البغوي رحمه الله تعالى: "سبب نزول هذه الآية في المسلمين للذين بمكة لم يهاجروا؛ ناداهم باسم الإيمان"
(2)
.
وقال ابن قاسم رحمه الله: "أمر تعالى عباده المؤمنين بالهجرة من البلد الذي لا يقدرون فيه على إقامة الدين إلى أرضه الواسعة، وأخبر أن الأرض غير ضيقة بل واسعة، تسع جميع الخلائق، فإذا كان الإنسان في أرض لم يتمكن من إظهار دينه فيها، فإن الله قد وسع له الأرض ليعبده فيها كما أمر، وكذلك يجب على كل من كان ببلد يعمل فيها بالمعاصي، ولا يمكنه تغييرها أن يهاجر منها"
(3)
.
الدليل من السنة: عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله"
(4)
.
وعن بهز بن حكيم يحدث عن أبيه عن جده قال: قلت: يا نبي الله ما أتيتك حتى حلفت أكثر من عددهن لأصابع يديه ألا آتيك ولا آتي دينك، وإني كنت امرأ لا أعقل شيئًا إلا ما علمني الله ورسوله، وإني أسألك بوجه الله عز وجل بما بعثك ربك إلينا قال:"بالإسلام" قال: قلت: وما آيات الإسلام؟ قال: "أن تقول أسلمت وجهي إلى الله عز وجل وتخليت، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، كل مسلم على مسلم محرم أخوان نصيران، لا يقبل الله عز وجل من مشرك بعدما أسلم عملًا، أو يفارق
(1)
المغني 9/ 236.
(2)
مستفاد من حاشية ثلاثة الأصول ص 85.
(3)
حاشية ثلاثة الأصول 85.
(4)
أخرجه أبو داود (2787).
المشركين إلى المسلمين""
(1)
.
وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية إلى خثعم فاعتصم ناس بالسجود فأسرع فيهم القتل، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأمر لهم بنصف العقل وقال:"أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين" قالوا: يا رسول الله، ولمَ؟ قال:"لا ترايا ناراهما"
(2)
.
قال ابن قدامة في المغني: "ومعناه: لا يكون بموضع يرى نارهم ويرون ناره إذا أوقدت"
(3)
.
وعَنْ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه قَالَ سَمعتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها"
(4)
.
وروى الإمام أحمد عن أبي الخير أن جنادة بن أبي أمية حدثه أن رجالًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بعضهم إن الهجرة قد انقطعت، فاختلفوا في ذلك قال: فانطلقت إلى رسول الله فقلت: يا رسول الله إن أناسًا يقولون إن الهجرة قد انقطعت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الهجرة لا تنقطع ما كان الجهاد"
(5)
. وفي رواية عند النسائي قَال "لا تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار"
(6)
.
وعن ابن السعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنقطع الهجرة ما دام العدو يقاتل". فقال معاوية وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عمرو بن العاص إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الهجرة خصلتان إحداهما: أن تهجر السيئات، والأخرى: أن تهاجر إلى الله ورسوله،
(1)
أخرجه النسائي (2568).
(2)
أخرجه أبو داود (2645) والترمذي (1604)(1605).
(3)
المغني 9/ 236.
(4)
أخرجه أبو داود (2479).
(5)
أخرجه الإمام أحمد (16714).
(6)
أخرجه النسائي (4177).