الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"شاهان شاه" كان قد كثر التسمية به في ذلك العصر فنبه سفيان على أن الاسم الذي ورد الخبر بذمه لا ينحصر في ملك الأملاك بل كل ما أدّى معناه بأي لسان كان فهو مراد بالذم"
(1)
.
4 - مسألة: حكم التسمي بأسماء الله
.
انظر باب (احترام أسماء الله) في باب (توحيد الأسماء والصفات).
5 - التسمي بشيخ الإسلام:
قال شمس الدين محمد السخاوي رحمه الله: "أما شيخ الإسلام: فهو يطلق على ما استقرئ من صنيع المعتبرين على المتبع لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مع المعرفة بقواعد العلم والتبحُّر في الاطلاع على أقوال العلماء، والتمكُّن من تخريج الحوادث على النصوص، ومعرفة المعقول والمنقول على الوضع المرضي .. ".
ثم قال: "ولم تكن هذه اللفظة مشهورة بين القدماء بعد الشيخين: الصديق والفاروق رضي الله عنهما، الوارد وصفهما بذلك عن علي رضي الله عنه فيما ذكره المحب الطبري في "الرياض النضرة"
(2)
له بلا إسناد، عن أنس رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين، سمعتك آنفًا تقول على المنبر: اللهم أصلحني بما أصلحت به الخلفاء الراشدين المهديين، فمن هم؟ قال: فاغرورقت عيناه وأهملهما، ثم قال: أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، إماما الهدى وشيخا الإسلام، ورجلا قريش، والمقتدى بهما بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، من اقتدى بهما عُصِم، ومن اتبع آثارهما هدي إلى صراط مستقيم، مَن تمسك بهما فهو من حزب الله، وحزب الله هم المفلحون"
(3)
.
(1)
فتح الباري 10/ 606.
(2)
الرياض النضرة في مناقب العشرة 1/ 379 رقم 276.
(3)
الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر 1/ 65 - 66.
ثم ذكر من اشتهر بلقب شيخ الإسلام فقال: "واشتهر بها أبو إسماعيل الهروي، واسمه عبد الله بن محمد الأنصاري صاحب كتاب "منازل السائرين" و"ذم الكلام"، وكان حنبليًا، وأبو علي حسان بن سعيد المنيعي الشافعي وأبو الحسن علي الهكّاري، قال ابن السمعاني: كان يقال له: شيخ الإسلام، وكان شافعيًا أيضًا.
وكذا لُقِّب بها من الحنفية: أبو سعيد الخليل بن أحمد بن محمد بن الخليل السجزي، المتوفى بعد السبعين والثلاثمائة، وأبو القاسم يونس بن طاهر بن محمد بن يونس البصري، ذكره ابن منده، ومات سنة إحدى عشرة وأبعمائة، والقاضي أبو الحسن علي بن الحسين بن محمد السعدي المتوفى في سنه إحدى وستين وأربعمائة، وربما لُقِّب ركن الإسلام أيضًا، وأبو نصر أحمد بن محمد بن صاعد الصاعدي، قال فيه الذهبي: أحد من يقال له: شيخ الإسلام، مات سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة، وعلي بن محمد بن إسماعيل بن علي الإسبيجابي، مات سنة خمس وثلاثين وخمسمائة، وتلميذه صاحب "الهداية" برهان الدين علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الفرغاني مات في سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، ومحمد بن محمد بن محمد الحُلمي، والعماد مسعود بن شيبة بن الحسين السِّندي، وأبو سعد المطهر بن سليمان الزنجاني، وسديد بن محمد الحنّاطي.
واشتهر بها الأستاذ أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد الصابوني الشافعي، لقبه بها ابن السمعاني في "الذيل"، وتاج الدين ابن الفركاح وهو شافعي، ووصف بها ابن دقيق العيد شيخَه ابن عبد السلام، فقال: هو شيخ الإسلام، وأبو الفرج بن أبي عمر، وهو حنبلي، أول مَنْ ولي قضاء الحنابلة، وابن دقيق العيد، وابن تيمية.
ولم يكن أبو الحجاج المِزِّي يثبتها في عصره لغير ابن تيمية، وابن أبي عمر، والتقيُّ السبكي، وتزايد ظهورها في أيامه وأيام بنيه، خصوصًا بالشام، ثم لقب
السراج البلقيني بها"
(1)
.
وقد أطلق الذهبي في السير على ابن عمر رضي الله عنه شيخ الإسلام
(2)
.
كما لقب بهذا اللقب جماعات من أهل العلم منهم ابن المبارك
(3)
.
ومنهم أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي، قال الإمام أحمد بن حنبل لرجل سأله: عمَّن أكتب؟ قال: اخرج إلى أحمد بن يونس اليربوعي فإنه شيخ الإسلام
(4)
.
ولكن هذا اللقب حصل له من الابتذال ما جعل الجهلة يتلقبون به ويوضح لنا شمس الدين السخاوي ذلك بقوله: "وابتُذلت هذه اللفظة، فوصف بها على رأس المائة الثامنة، وما بعد ذلك من لا يُحصى كثرة، حتى صار لقبًا لكل من ولي القضاء الأكبر، ولو كان عاريًا عن العلم والسن، وغيرهما، بل صار جهلة الموقعين وغيرهم يجمعون جُلَّ الأوصاف التي لا توجد الآن متفرقة في سائر الناس للشخص الواحد، والعجب ممن يُقرُّهم على ذلك، فإنا لله وإنا إليه راجعون"
(5)
.
وقال الشيخ بكر أبو زيد: "وتكره التسمية بكل اسم، أو مصدر، أو صفة مشبهة مضافة إلى لفظ "الدين" أو لفظ "الإسلام" مثل نور الدين، ضياء الدين، سيف الإسلام، نور الإسلام، وذلك لعظيم منزلة هذين اللفظين: "الدين" و"الإسلام" فالإضافة إليهما على وجه التسمية فيها دعوى فجة تطل على الكذب، ولهذا نص بعض العلماء على التحريم، والأكثر على الكراهة، لأن منها ما يوهم معاني غير
(1)
الجواهر والدرر 1/ 66، 67.
(2)
سير أعلام النبلاء 3/ 204.
(3)
انظر الجواهر والدرر 1/ 66.
(4)
تذكرة الحفاظ 1/ 401، سير أعلام النبلاء 10/ 457، طبقات الحفاظ 1/ 178، تهذيب التهذيب ص 44.
(5)
الجواهر والدرر 1/ 68.
صحيحة مما لا يجوز إطلاقه، وكانت في أول حدوثها ألقابا زائدة عن الاسم، ثم استعملت أسماء، وقد يكون الاسم من هذه الأسماء منهيًا عنه من جهتين، مثل شهاب الدين، فإن الشهاب الشعلة من النار، ثم إضافةُ ذلك إلى الدين، وقد بلغ الحال في أندنوسيا التسمية بنحو: ذهب الدين، ماس الدين، وكان النووي رحمه الله يكره تلقيبه بمحيي الدين، وشيخ الإسلام ابن تيمية يكره تلقيبه بتقي الدين، ويقول:"لكن أهلي لقبوني بذلك فاشتهر""
(1)
.
قال الشيخ ابن عثيمين: "وأما التسمي بشيخ الإسلام مثل أن يقال: شيخ الإسلام ابن تيمية، أو شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، أي أنه الشيخ المطلق الذي يرجع إليه الإسلام فهذا لا يصح إذ أن أبا بكر رضي الله عنه أحق بهذا الوصف لأنه أفضل الخلق بعد النبيين، ولكن إذا قصد بهذا الوصف أنه جدد في الإسلام وحصل له أثر طيب في الدفاع عنه فلا بأس بإطلاقه.
وأما بالنسبة للتسمي بـ "الإمام" فهو أهون بكثير من التسمي بـ "شيخ الإسلام" لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى إمام المسجد إمامًا ولو لم يكن عنده إلا اثنان. لكن ينبغي أن ينبه أنه لا يتسامح في إطلاق كلمة إمام إلا على من كان قدوة وله أتباع كالإمام أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم ممن له أثر في الإسلام؛ لأن وصف الإنسان بما لا يستحق هضم للأمة؛ لأن الإنسان إذا تصور أن هذا إمام وهذا إمام هان الإمام الحق في عينه. قال الشاعر:
ألم تر أن السيف ينقص قدره
…
إذا قيل إن السيف أمضي من العصا
ومن ذلك أيضًا "آية الله، حجة الله، حجة الإسلام" فإنها ألقاب حادثة لا تنبغي؛ لأنه لا حجة لله على عباده إلا الرسل.
(1)
رسالة تسمية المولود ص 53، 54.
وأما آية الله فإن أريد المعنى الأعم فلا مدح فيه، لأن كل شيء آية لله كما قيل:
وفي كل شيء له آية
…
تدل على أنه واحد
وإن أريد المعنى الأخص أي أن هذا الرجل آية خارقة فهذا في الغالب يكون مبالغًا فيه، والعبارة السليمة أن يقال: عالم، مفتٍ، قاض، حاكم، إمام لمن كان مستحقا لذلك"
(1)
.
قال الجنيد: "علمنا مضبوط بالكتاب والسنة. من لم يحفظ الكتاب، ويكتب الحديث، ولم يتفقه، لا يقتدى به"
(2)
.
(1)
مجموع الفتاوى لابن عثيمين 10/ 835، 836. وانظر: القول المفيد لابن عثيمين 3/ 5، 6.
(2)
حلية الأولياء 10/ 255. تاريخ بغداد 7/ 243 الخطيب البغدادي. البداية والنهاية لابن كثير 11/ 114. سير أعلام النبلاء 14/ 67.