الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - موقف العلماء من المشاهد والقبور:
لقد اشتد نكير العلماء والفضلاء على ما يحدث في المشاهد والمقابر وعلت صيحاتهم وصدقت لهجتهم في التحذير من الشركيات والبدع والمخزيات التي تقوم هناك هذا مع ما يخالطها من اختلاط وإيقاظ شهوات وبذل للأموال في الخزي والعار، قال أبو الوفاء بن عقيل:"ما كان أحوج الجوامع أن تكون مظلمة من سرجهم منزهة عن معاصيهم وفسقهم"
(1)
.
وقال رحمه الله: "أترى بماذا تتحدث عنك سواري المسجد في الظلم، وأفنية القبور والقباب
…
غدا يرى أهل الجموع أن المساجد تلعنهم، والمشاهد والمقابر تستغيث منهم"
(2)
.
وقال ابن مفلح: "وإذا كان ذلك في زمنه، فما ظنك بزمننا هذا الذي بينهما نحو ثلاث مئة سنة وما يجري بالشام ومصر والعراق وغيرها من بلاد الإسلام في أيام المواسم من المنكرات؟ فإنا لله وإنا إليه راجعون"
(3)
.
وأنكر ذلك أئمة الدعوة وعلى رأسهم الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب كما أنكر العلماء الأجلاء على عباد القبور والمشاهد في شتى أصقاع الأرض.
قال العلامة شكري الألوسي عن عبدة القبور: "ومنهم من يطلب منهم النسل إذا كان عقيمًا، والشفاء إذا كان سقيمًا، وكثير منهم يطلب منصبًا فيه أخذ أموال العباد، والسعي في الأرض بكل فساد، فيجيء إليهم ويلازمهم معتقدًا: أن من لازمهم قضيت حاجته، ونجحت سعايته، واقتربت سعادته، وإذا فتحت بيوت قبورهم المذهبة، ورفعت ستور الأبواب المطلية المطروزة، وفاحت تلك الروائح
(1)
الآداب الشرعية 3/ 382.
(2)
المصدر السابق.
(3)
الآداب الشرعية 3/ 382.
المسكية من الجدران المخلقة، وجد هذا الزائر في فؤاده من الخشية والرهب ما لا يجد أدنى معشار جزء من عشره بين يدي خالق السموات والأرضين وإله جميع العالمين، فيدخل إلى القبر خاشعًا، ذليلًا متواضعًا، لا يخطر في قلبه مثقال ذرة من غير إجلاله، منتظرا فيض كرمه ونواله، فأقسم بالله أنه لم يتصوره بشرًا قد وضع بأكفانه في لحده، ولو سلمنا أنه خطرت له وهو عنده تلك الخطرة لتعوذ بالله منها، ووقف عند حده، ويا مصيبة من أنكر عليهم حالهم، ويا شناعة من رد عليهم أمرهم، ويا خسارة من علمهم وأرشدهم، فإن ذلك عندهم قد تنقص حق الأولياء، وهضمهم مرتبتهم من السمو والارتقاء، فبالله عليك أيها الناظر! إلا ما قابلت هذه مع ما ورد عن سيد الأنام صلى الله عليه وسلم متأملا كيفية إذنه بعد المنع.
وانظر إلى سبب المنع والإذن، وما علل النبي صلى الله عليه وسلم الإذن وجعله في حكم الغاية له والشرط
…
"
(1)
.
وقال الشمس السلفي: "وقال العلامة الخجندي (1379 هـ) وشيخ القرآن الفنجفيري (1407 هـ) والرباطي الملقب بجامع المعقول والمنقول بعد ما ساقوا عدة أحاديث في تحريم بناء القبب والمساجد على القبور؛ مبينين مفاسد هذا العمل الملعون أهلها: "وكم سرى عن تشييد أبنية القبور وتحسينها من مفاسد يبكي لها الإسلام: ومع هذا المنكر الشنيع، والكفر الفظيع، لا نجد من يغضب لله ويغار حمية للدين الحنيف: لا عالمًا، ولا متعلمًا، ولا أميرًا، ولا وزيرًا، ولا ملكًا، وقد توارد إلينا من الأخبار ما لا يشك معه: أن كثيرًا من هؤلاء القبوريين أو أكثرهم إذا توجهت عليه يمين من جهة خصمه حلف بالله فاجرا، وإذا قيل له بعد ذلك: احلف بشيخك ومعتقدك الولي الفلاني تلعثم وتلكأ، وأبى واعترف بالحق؛
(1)
فتح المنان ص 492، 493.
وهذا من أبين الأدلة على أن شركهم قد بلغ فوق شرك من قال: إنه تعالى ثاني اثنين، أو ثالث ثلاثة؛ فيا علماء الدين! ويا ملوك المسلمين!
أي رزء للإسلام أشد من الكفر؟!؟
وأي بلاء لهذا الدين أضر عليه من عبادة غير الله؟!؟
وأي مصيبة يصاب بها المسلمون تعدل هذه المصيبة؟!؟
وأي منكر يجب إنكاره إن لم يكن إنكار هذا الشرك البين واجبا؟!؟
لقد أسمعت لو ناديت حيًا
…
ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نارا نفخت بها أضاءت
…
ولكن أنت تنفخ في الرماد"
(1)
(1)
جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية لشمس الدين السلفي الأفغاني 3/ 164. وكلامهم منقول عن المشاهدات المعصومة ص 27، 28 والبصائر للفنجفيري ص 452، 453 ط القطرية وعقد اللآليء والدرر للرباطي ص 106، 107 وأصل هذا الكلام للإمام الشوكاني (1255 هـ) انظر نيل الأوطار 4/ 84، 85.