الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بن أبي طالب رضي الله عنه: "إن أحدكم لن يخلص الإيمان إلى قلبه حتى يستقر يقينا غير ظن أنه ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، ويقر بالقدر كله"
(1)
.
قال الإمام أحمد - رحمه الله تعالى -: "من السنة اللازمة: الإيمان بالقدر خيره وشره، والتصديق بالأحاديث فيه، والإيمان بها لا يقال: لم؟ ولا كيف؟ إنما هو التصديق بها والإيمان بها"
(2)
.
وقال ابن القيم رحمه الله: "وقال الإمام أحمد: القدر قدرة الله واستحسن ابن عقيل هذا الكلام جدا وقال: هذا يدل على دقة علم أحمد وتبحره في معرفة أصول الدين وهو كما قال أبو الوفاء فإن إنكار القدر إنكار لقدرة الرب على خلق الأعمال وكتابها وتقديرها"
(3)
.
أحكام وفوائد:
1 - أركان الإيمان بالقدر:
الإيمان بالقدر على أربع مراتب
(4)
:
المرتبة الأولى: الإيمان بعلم الله الذي هو صفته الأزلية فهو سبحانه عالم بكل شيء وهو بكل شيء محيط فلا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض فيعلم جميع خلقه قبل خلقهم ويعلم ما ستكون عليه أحوالهم كلها سرها وعلانيتها.
قال ابن عثيمين رحمه الله: "فعلم ما كان وما يكون. فكل شيء معلوم لله سواء كان دقيقا أم جليلا من أفعاله أو أفعال خلقه"
(5)
.
(1)
أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 4/ 666 (ح: 1214).
(2)
شرح أصول اعتقاد أهل السنة للآلكائي 1/ 157.
(3)
شفاء العليل 1/ 28.
(4)
مجموع الفتاوى لابن تيمية 3/ 148، 150.
(5)
مجموع الفتاوى لابن عثيمين 10/ 990، 991. وانظر: القول المفيد لابن عثيمين 3/ 164.
والأدلة على هذا كثيرة منها:
قول الله تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: 12]. وقوله سبحانه: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [الحشر: 22]. وقوله تعالى: {عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [سبأ: 3]. وقوله عز وجل: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 59]. ومن السنة حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أطفال المشركين؟ قال: "الله أعلم بما كانوا عاملين إذ خلقهم""
(1)
. وهذا يدل على علم الله وإحاطته بكل شيء وأنه يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون.
قال شارح الطحاوية: "وقد ضل في هذا الموضع خلائق من المشركين والصابئين والفلاسفة وغيرهم ممن ينكر علمه بالجزئيات أو بغير ذلك، فإن ذلك كله مما يدخل في التكذيب بالقدر"
(2)
.
المرتبة الثانية: الإيمان بأن الله تعالى كتب مقادير خلقه في اللوح المحفوظ ولم يفرط في ذلك من شيء.
والأدلة على هذا كثيرة منها:
قوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: 22]. وقوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحج: 70].
(1)
أخرجه البخاري (1384)(6598)(6600). مسلم (2659).
(2)
شرح العقيدة الطحاوية ص 305.