الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محصور كبلاد الكفار التي فيها أقليات مسلمة فإنها لا تكون بلاد إسلام بما تقيمه الأقليات المسلمة فيها من شعائر الإسلام، أما بلاد الإسلام فهي البلاد التي تقام فيها هذه الشعائر على وجه عام شامل"
(1)
.
3 - معنى قوله صلى الله عليه وسلم "لا هجرة بعد الفتح
":
قال الخطابي رحمه الله وغيره: "كانت الهجرة فرضًا في أول الإسلام على من أسلم، لقلة المسلمين بالمدينة، وحاجاتهم إلى الاجتماع فلما فتح الله مكة، دخل الناس في دين الله أفواجًا، فسقط فرض الهجرة إلى المدينة، وبقي فرض الجهاد والنية على من قام به أو نزل به عدو"
(2)
.
وقال ابن حجر في الفتح: "قوله: باب لا هجرة بعد الفتح. أي: فتح مكة، أو المراد ما هو أعم من ذلك، إشارة إلى أن حكم غير مكة في ذلك حكمها فلا تجب الهجرة من بلد قد فتحه المسلمون، أما قبل فتح البلد فمن به من المسلمين أحد ثلاثة:
الأول: قادر على الهجرة منها لا يمكنه إظهار دينه ولا أداء واجباته فالهجرة منه واجبة.
الثاني: قادر لكنه يمكنه إظهار دينه وأداء واجباته فمستحبة لتكثير المسلمين بها ومعونتهم وجهاد الكفار والأمن من غدرهم والراحة من رؤية المنكر بينهم.
الثالث: عاجز يعذر من أسر أو مرض أو غيره فتجوز له الإقامة، فإن حمل على نفسه وتكلف الخروج منها أُجر"
(3)
.
وقال الأمير الصنعاني رحمه الله. "والحديث "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين مشركين" دليل على وجوب الهجرة من ديار المشركين من غير مكة وهو مذهب
(1)
شرح ثلاثة الأصول من مجموع فتاوى ابن عثيمين 6/ 130.
(2)
نقلًا عن تحفة الأحوذي 5/ 214.
(3)
فتح الباري 6/ 190.
الجمهور
…
وذهب الأقل إلى أنها لا تجب الهجرة، وأن الأحاديث منسوخة لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية" متفق عليه.
قالوا فإنه عام ناسخ لوجوب الهجرة الدال عليه ما سبق وبأنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يأمر من أسلم من العرب بالمهاجرة إليه، ولم ينكر عليهم مقامهم ببلدهم، ولأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا بعث سرية قال لأميرهم:"إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خلال، فأيتهن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول عن دارهم إلى دار المهاجرين، وأعلمهم أنهم إن فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا واختاروا دارهم فأعلمهم، أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله تعالى الذي يجري على المؤمنين" الحديث
…
فلم يوجب عليهم الهجرة، والأحاديث غير حديث ابن عباس محمولة على من لا يأمن على دينه.
قالوا: وفي هذا جمع بين الأحاديث، وأجاب من أوجب الهجرة بأن حديث "لا هجرة" يراد به نفيها عن مكة كما يدل له قوله "بعد الفتح" فإن الهجرة كانت واجبة من مكة قبله.
وقال ابن العربي: الهجرة هي الخروج من دار الحرب إلى دار الإسلام، وكانت فرضًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واستمرت بعده لمن خاف على نفسه والتي انقطعت بالأصالة هي القصد إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث كان.
وقوله: "ولكن جهاد ونية" قال الطيبي وغيره: هذا الاستدراك يقتضي مخالفة حكم ما بعده لما قبله، والمعنى: أن الهجرة التي هي مفارقة للوطن التي كانت مطلوبة على الأعيان إلى المدينة قد انقطعت، إلا أن المفارقة بسبب الجهاد باقية،