الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن يقال: صِدقٌ، لكون المُخْبَر عنه كذلك، ويصح أن يقال: كَذِبٌ لمخالفة قوله ضميرَه، وبالوجه الثاني إكذابُ الله تعالى المنافقين حيث قالوا:{نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} [المنافقون: 1] "
(1)
.
*
أقوال السلف:
قال ابن بطة: "وكذلك وجوب الإيمان والتصديق بجميع ما جاءت به الرسل، من عند الله وبجميع ما قال الله عز وجل، فهو حق لازم، فلو أن رجلًا آمن بجميع ما جاءت به الرسل إلا شيئًا واحدًا كان برد ذلك الشيء كافرًا عند جميع العلماء"
(2)
.
وقال: "فمن كذب بآية أو بحرف من القرآن أو رد شيئًا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فهو كافر"
(3)
.
وقال أيضًا: "فكل من ترك شيئًا من الفرائض التي فرضها الله عز وجل في كتابه أو أكدها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سننه على سبيل الجحود لها والتكذيب بها فهو كافر بيّن الكفر لا يشك في ذلك عاقل يؤمن بالله واليوم الآخر"
(4)
.
ويقول القاضي عياض رحمه الله: "وكذلك نقطع بتكفير كل من كذب وأنكر قاعدة من قواعد الشرع وما عرف يقينا بالنقل المتواتر من فعل الرسول ووقع الإجماع المتصل عليه كمن أنكر وجوب الصلوات الخمس أو عدد ركعاتها وسجداتها"
(5)
.
وقال أيضًا: "وكذلك من أنكر القرآن، أو حرفًا منه، أو غير شيئًا منه، أو زاد
(1)
المفردات (ص د ق).
(2)
الشرح والإبانة ص 211.
(3)
الشرح والإبانة لابن بطة ص 201.
(4)
الإبانة 2/ 764.
(5)
الشفا 2/ 1073.
فيه،
…
وكذلك من أنكر شيئا مما نص فيه القرآن بعد علمه أنه من القرآن الذي في أيدي الناس ومصاحف المسلمين، ولم يكن جاهلا به، ولا قريب عهد بالإسلام،
…
وكذلك من أنكر الجنة أو النار، أو البعث أو الحساب أو القيامة فهو كافر بإجماع للنص عليه، وإجماع الأمة على صحة نقله متواترا .. "
(1)
.
يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله: "ومن جحد وجوب بعض الواجبات الظاهرة المتواترة: كالفواحش والظلم والخمر والميسر والزنا وغير ذلك، أو جحد حل بعض المباحات الظاهرة المتواترة: كالخبز واللحم والنكاح فهو كافر مرتد، يستتاب فإن تاب وإلا قتل"
(2)
.
وقال ابن تيمية: "والناس لهم فيما يجعلونه كفرا طرق متعددة، فمنهم من يقول الكفر تكذيب ما علم بالاضطرار من دين الرسول، ثم الناس متفاوتون في العلم الضروري بذلك، ومنهم من يقول الكفر هو الجهل بالله تعالى، ثم قد يجعل الجهل بالصفة كالجهل بالموصوف، وقد لا يجعلها، وهم مختلفون في الصفات نفيًا وإثباتًا، ومنهم من لا يحده بحد، بل كل ما تبين له أنه تكذيب لما جاء به الرسول من أمر الإيمان بالله واليوم الآخر، جعله كفرًا، إلى طرق أخرى.
ولا ريب أن الكفر متعلق بالرسالة، فتكذيب الرسول كفر، وبغضه وسبه وعداوته، مع العلم بصدقه في الباطن كفر عند الصحابة، والتابعين لهم بإحسان وأئمة العلم، إلا الجهم ومن وافقه كالصالحي، والأشعري، وغيرهم"
(3)
.
ويقول رحمه الله: "إنما الكفر يكون بتكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به، أو الامتناع
(1)
الشفاء 2/ 1076، 1077.
(2)
مجموع الفتاوى 11/ 405.
(3)
منهاج السنة 5/ 251.
عن متابعته مع العلم بصدقه، مثل كفر فرعون واليهود ونحوهم
(1)
.
قال ابن القيم: "وكفر الجحود نوعان: كفر مطلق عام، وكفر مقيد خاص.
- فالمطلق: أن يجحد جملة ما أنزله الله، وإرساله الرسول.
- والخاص المقيد: أن يجحد فرضًا من فروض الإسلام، أو تحريم محرم من محرماته، أو صفة وصف الله بها نفسه، أو خبرًا أخبر الله به، عمدًا، أو تقديما لقول من خالف عليه لغرض من الأغراض.
وأما من جحد ذلك جهلا، أو تأويلا يعذر فيه صاحبه: فلا يكفر صاحبه به، كحديث الذي جحد قدرة الله عليه. وأمر أهله أن يحرقوه ويذروه في الريح ومع هذا فقد غفر الله له، ورحمه لجهله. إذ كان ذلك الذي فعله مبلغ علمه ولم يجحد قدرة الله على إعادته عنادًا أو تكذيبًا"
(2)
.
وقال السيوطي: "اعلموا - رحمكم الله - أن من أنكر كون حديث النبي صلى الله عليه وسلم قولًا كان أو فعلًا بشرطه المعروف في الأصول حجة كفر وخرج عن دائرة الإسلام، وحشر مع اليهود والنصارى أو مع من يشاء من فرق الكفرة"
(3)
.
وقال الملّا علي القاري الحنفي: "وفي جواهر الفقه، من جحد فرضا مجمعا عليه كالصوم والصلاة والزكاة والغسل من الجنابة كفر، قلت: وفي معناه من أنكر حرمة محرم مجمع عليه كشرب الخمر والزنا وقتل النفس وأكل مال اليتيم والربا"
(4)
.
وقال الإمام الشوكاني في الدواء العاجل: "وقد تقرر في القواعد الإسلامية أن منكر القطعيّ أو جاحده، والعامل على خلافه تمردا وعنادا أو استحلالًا أو
(1)
درء التعارض 1/ 242.
(2)
مدارج السالكين 1/ 367.
(3)
مجموعة الرسائل المنيرية 4/ 302 من رسالة مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة.
(4)
شرح الفقه الأكبر ص 143.