الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن: "اللعنة: البعدُ عن مظان الرحمة"
(1)
.
* الدليل من السنة: عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من حلف بغير ملة الإسلام فهو كما قال، ومن قتل نفسه بشيء عذب به في نار جهنم، ولعن المؤمن كقتله، ومن رمى مؤمنًا بكفر فهو كقتله"
(2)
.
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله وكان يلقب حمارًا وكان يُضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب فأتي به يومًا فأُمر به فجُلد فقال رجل من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يُؤتى به! فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تلعنوه، فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله".
وفي رواية عن أبي هريرة رضي الله عنه قال بعض القوم: أخزاه الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم"
(3)
.
*
حكم اللعن:
يمكن أن نتكلم عن هذه المسألة في ثلاثة أقسام:
أولًا: جواز اللعن المطلق سواء على الكفار أو على الفساق
.
ثانيًا: حكم لعن الكافر المعين.
ثالثًا: حكم لعن الفاسق المعين.
أولًا: جواز اللعن المطلق سواء على الكفار أو على الفساق وسواء بوصف عام أم بوصف أخص: قال الله تعالى {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [المائدة: 78]، وقال تعالى:{فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [الأعراف:44]،
(1)
فتح المجيد ص 168.
(2)
أخرجه البخاري (1363)(6652)(4171) ومسلم (110).
(3)
أخرجه البخاري (6781) وأبو داود (4477).
وقال تعالى: {وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود:18]، وقال تعالى:{ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمرل:61]، وقال تعالى:{كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [آل عمران: 86 - 87].
وثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة"
(1)
.
وقال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله السارق؛ يسرق البيضة فتُقطع يده، وشرق الحبل فتقطع يده"
(2)
.
وقال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"
(3)
.
وعن علي رضي الله عنه قال: "حدثني درسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات: لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى مُحْدِثًا، لعن الله من غير منار الأرض"
(4)
.
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "لَعَنَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم زَائِرَاتِ الْقُبُورِ وَالْمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ"
(5)
.
وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال
(6)
، وَلَعَنَ صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ
(1)
أخرجه البخاري (5933) ومسلم (2123).
(2)
أخرجه البخاري (6783) ومسلم (1687).
(3)
أخرجه البخاري (1390)، ومسلم 19 - (529).
(4)
أخرجه مسلم (1978).
(5)
سنن أبي داود (3236) والترمذي (320).
(6)
أخرجه البخاري (5885).
وَالْمُصَوِّرَ
(1)
، ولعن صلى الله عليه وسلم النائحة والمستمعة
(2)
.
وفي حديث عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على سروج كأشباه الرحال ينزلون على أبواب المساجد، نساؤهم كاسيات عاريات، على رؤوسهن كأسنمة البخت، العنوهن فإنهن ملعونات، لو كانت وراءكم أمة من الأمم لخدم نساؤكم نساءهم كما خدمتكم نساء الأمم من قبلكم"
(3)
.
وفي الصحيحين في قنوته عليه الصلاة والسلام للنازلة: "اللهم العن لِحْيَانَ ورِعْلًا وذكوانَ وعُصَيَّةَ"
(4)
.
قال النووي رحمه الله: "فِيهِ: جَوَاز لَعْن الْكُفَّار وَطَائِفَة مُعَيَّنة مِنْهُمْ"
(5)
.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لأقربن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فكان أبو هريرة رضي الله عنه يقنت في الركعة الأخرى من صلاة الظهر وصلاة العشاء وصلاة بعد ما يقول: "سمع الله لمن حمده" فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار"
(6)
.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وقد ثبت عن أبي هريرة أنه كان يقنت ويلعن الكفرة عمومًا، ثم ذكر الحديث السابق"
(7)
.
وكان معاذ بن الحارث الأنصاري إذا انتصف رمضان لعن الكفرة
(8)
.
(1)
أخرجه البخاري (5962).
(2)
أخرجه أبو داود (3128). والإمام أحمد (11645).
(3)
أخرجه الإمام أحمد (7083)، والطبراني 9/ 131.
(4)
أخرجه البخاري (4560)، ومسلم (675) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(5)
شرح النووي على صحيح مسلم ص 1082 (5 - 177). وانظر النووي ص 4575 (16 - 73).
(6)
أخرجه البخاري (797).
(7)
القول المفيد من مجموع فتاوى ابن عثيمين 9/ 293.
(8)
مختصر الوتر ص 141 رقم (233).
وقال الأعرج: "ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان"
(1)
.
وقال القرطبي رحمه الله: "أما لعن الكفار جملة من غير تعيين فلا خلاف في ذلك .... قال علماؤنا: وسواء كانت لهم ذمة أم لم تكن وليس ذلك بواجب ولكنه مباح لمن فعله لجحدهم الحق وعداوتهم للدين وأهله، وكذلك كل من جاهر بالمعاصي كشراب الخمر وأكلة الربا ومن تشبه من النساء بالرجال ومن الرجال بالنساء إلى غير ذلك مما ورد في الأحاديث لعنه"
(2)
.
وقال ابن كثير رحمه الله: "لا خلاف في جواز لعن الكفار وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن بعده من الأئمة يلعنون الكفرة في القنوت"
(3)
.
وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية: "قال الشيخ تقي الدين: المنصوصُ عن أحمد الذي قرره الخلال اللعنُ المُطلَقُ العام، لا المُقيَّد المعيَّنُ"
(4)
.
وقال أيضًا: "ويجوز لعنُ الكفار عامة، وهل يجوز لَعُن كافرِ مُعَّين؟ على روايتين، قال الشيخ تقي الدين: ولعنُ تارك الصلاةِ على وجهِ العموم جائزٌ، وأما لعنةُ المعين فالأوْلى تركها، لأنه يمكن أن يتوب"
(5)
.
وقال ابن تيمية رحمه الله: "فلعنة الفاسق المعين ليست مأمورا بها إنما جاءت السنة بلعنة الأنواع كقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده"، وقوله: "لعن الله من أحدث حدثا أو آوى محدثًا"، وقوله "لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه"، وقوله: "لعن الله المحلل والمحلل له"، "لعن الله الخمر، وعاصرها
(1)
الموطأ للإمام مالك ص 114.
(2)
الجامع لأحكام القرآن 2/ 189. وانظر أيضا شرح الزرقاني 1/ 239، 240.
(3)
تفسير ابن كثير 1/ 202.
(4)
الآداب الشرعية 1/ 286.
(5)
الآداب الشرعية 1/ 285.