الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تتبع الجنازة بصوت ولا نار"
(1)
. . . ويلحق بذلك رفع الصوت بالذكر أمام الجنازة، لأنه بدعة، ولقول قيس بن عباد:"كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، يكرهون رفع الصوت عند الجنائز". أخرجه البيهقي 4/ 74 بسند رجاله ثقات.
ولأن فيه تشبهًا بالنصارى فإنهم يرفعون أصواتهم بشيء من أناجيلهم وأذكارهم مع التمطيط والتلحين والتحزين.
وأقبح من ذلك تشييعا بالعزف على الآلات الموسيقية أمامها عزفًا حزينًا كما يفعل في بعض البلاد الإسلامية تقليدًا للكفار. والله المستعان" (
2).
2 -
زيارة القبور:
وتنقسم إلى زيارة بدعية، وزيارة شركية وزيارة شرعية وقد تقدم الكلام عنها وعن حكم زيارة قبر المشرك في باب (زيارة القبور).
3 - زيارة النساء للقبور:
تقدم الكلام عن منع ذلك وذكرنا أقوال العلماء في باب (زيارة النساء للقبور).
4 - منشأ وبداية عبادة القبور
(3)
:
قال ابن القيم: "ومن أعظم مكايده التي كاد بها أكثر الناس، وما نجا منها إلا
(1)
أبو داود (3171).
(2)
أحكام الجنائز ص 71، 70.
(3)
للاستزادة حول منشأ عبادة القبور انظر: مصنف عبد الرزاق 8/ 464، الاستذكار لابن عبد البر 2/ 160، التمهيد لابن عبد البر 3/ 502، 20/ 168، 239، 242، 5/ 41، المحلى بالآثار لابن حزم 2/ 345، اقتضاء الصراط المستقيم 1/ 122، 2/ 637 - 653 - 673، الآداب الشرعية لابن مفلح 3/ 381، تيسير العزيز الحميد ص 320، فتح المجيد ص 259، حاشية كتاب التوحيد لابن قاسم ص 153، القول المفيد 1/ 505، القول السديد لابن سعدي المجموعة 3/ 27، الدين الخالص لصديق حسن القنوجي 4/ 100، معارج القبول 1/ 388، فتاوى اللجنة الدائمة 1/ 257، مجموع الفتاوى لابن باز 2/ 731، نور على الدرب ص 276 - 282، مجموع الفتاوى لابن عثيمين 2/ 227، جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية ص 445، الجيلاني وآراؤه الاعتقادية ص 441، المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة للأحمدي 2/ 170، التبرك د. ناصر الجديع ص 318، عقيدة الإمام ابن عبد البر للغصن ص 173.
من لم يرد الله تعالى فتنته ما أوحاه قديمًا وحديثًا إلى حزبه وأوليائه من الفتنة بالقبور، حتى آل الأمر فيها إلى أن عبد أربابها من دون الله، وعبدت قبورهم، واتخذت أوثانًا، وبنيت عليها الهياكل، وصورت صور أربابها فيها، ثم جعلت تلك الصور أجسادا لها ظل، ثم جعلت أصناما، وعبدت مع الله تعالى. وكان أول هذا الداء العظيم في قوم نوح كما أخبر سبحانه عنهم في كتابه، حيث يقول تعالى:{قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21) وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22) وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا} [نوح: 21 - 24].
وقال البخاري: حدثنا إبراهيم بن موسى حدثنا هشام عن ابن جريج قال: قال عطاء عن ابن عباس: "صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد، أما ودّ فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع فكانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد، ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ، وأما يعوق فكانت لهمدان، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا، وسموها بأسمائهم، ففعلوا فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عبدت".
وقال غير واحد من السلف: "كان هؤلاء قومًا صالحين في قوم نوح عليه السلام، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم".
فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين: فتنة القبور، وفتنة التمائيل. وهما الفتنتان اللتان أشار إليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته عن عائشة رضي الله عنها منها أن أم سلمة ولكنها ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة، يقال لها مارية، فذكرت له
ما رأت فيها من الصور، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أولئك قوم إذا مات فيهم العبد الصالح، أو الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا، وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله تعالى". وفي لفظ آخر في الصحيحين: "أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها".
فجمع في هذا الحديث بين التماثيل والقبور، وهذا كان سبب عبادة اللات.
فروى ابن جرير بإسناده عن سفيان عن منصور عن مجاهد: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} . قال كان يلت لهم السويق فمات فعكفوا على قبره"، وكذلك قال أبو الجوزاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: "كان يلت السويق للحجاج".
فقد رأيت أن سبب عبادة ود ويغوث ويعوق ونسر واللات إنما كانت من تعظيم قبورهم ثم اتخذوا لها التماثيل وعبدوها كما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم.
قال شيخنا: "وهذه العلة التي لأجلها نهى الشارع عن اتخاذ المساجد على القبور هي التي أوقعت كثيرًا من الأمم إما في الشرك الأكبر، أو فيما دونه من الشرك. فإن النفوس قد أشركت بتماثيل القوم الصالحين، وتماثيل يزعمون أنها طلاسم للكواكب ونحو ذلك. فإن الشرك بقبر الرجل الذي يعتقد صلاحه أقرب إلى النفوس من الشرك بخشبة أو حجر. ولهذا نجد أهل الشرك كثيرا يتضرعون عندها، ويخشعون ويخضعون، ويعبدونهم بقلوبهم عبادة لا يفعلونها في بيوت الله، ولا وقت السحر، ومنهم من يسجد لها، وأكثرهم يرجون من بركة الصلاة عندها والدعاء ما لا يرجونه في المساجد، فلأجل هذه المفسدة حسم النبي صلى الله عليه وسلم مادتها، حتى نهى عن الصلاة في المقبرة مطلقًا وإن لم يقصد المصلي بركة البقعة بصلاته، كما يقصد بصلاته بركة المسجد، كما نهى عن الصلاة وقت طلوع الشمس وغروبها، لأنها أوقات يقصد المشركون الصلاة فيها للشمس، فنهى أمته عن