الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
191 - الطيرة
*
[الفأل - صفر - العدوى]
الطير في اللغة اسم لجماعة ما يطير
(1)
.
قال في مختار الصحاح: "الطائر: جمعه طير مثل صاحب وصَحْب وجمع الطير طيور وأطيار، مثل فَرْخ وفُرُوخ وأفراخ. وقال قطرب وأبو عبيدة: "الطَّير" أيضًا قد يقع على الواحد وقريء: {فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ}
(2)
"
(3)
.
وقال ابن الأثير: "الطيرة بكسر الطاء وفتح الياء وقد تسكّن وهي: التشاؤم بالشيء وأصله فيما يقال: التطير بالسوانح والبوارح من الطير والضباء وغيرهما.
* الاستذكار لابن عبد البر 27/ 52، 229. التمهيد لابن عبد البر 24/ 193 - 195، 9/ 282، 286. شرح السنة للبغوي 12/ 167. أحكام القرآن 6/ 60. الآداب الشرعية لابن مفلح 3/ 357. شرح مسائل الجاهلية 151. تيسير العزيز الحميد 427. فتح المجيد 345. حاشية كتاب التوحيد لابن قاسم 212. القول المفيد لابن عثيمين ط 1 - 2/ 31، 77، ط 2 - 2/ 93 ومن المجموع 9/ 559، 515. القول السديد لابن سعدي المجموعة 3/ 31. الدرر السنية 10/ 383. الدين الخالص 2/ 142، 156. معارج القبول 2/ 321. فتاوى اللجنة الدائمة 1/ 451. مجموع الفتاوى لابن باز 1/ 282. المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة الأحمدي 2/ 124. ابن رجب وأثره في توضيح العقيدة للغفيلي 475. شرح مسائل الجاهلية للسعيد 2/ 865. الجيلاني وآراؤه الاعتقادية ص 148. منهج ابن حجر في العقيدة 1092. نواقض الإيمان القولية والعملية 523. منهج الشافعي في إثبات العقيدة 273. الإمام الخطابي ومنهجه في العقيدة لأبي عبد الرحمن العلوي ص 266. عقيدة الإمام ابن عبد البر للغصن 246. الطيرة لمحمد الحمد.
(1)
لسان العرب (ط ي ر).
(2)
سورة آل عمران: الآية 49.
(3)
مختار الصحاح 402 باب (ط ي ر).
وكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم فنفاه الشرع وأبطله ونهى عنه"
(1)
.
قال ابن القيم في مفتاح دار السعادة: "وأصل هذا أنهم كانوا يزجرون الطير والوحش ويثيرونهما، فما تيامن منها وأخذ ذات اليمين سموه سانحًا، وما تياسر منها سموه بارحًا، وما استقبلهم فهو الناطح، وما جاءهم من خلفهم سموه القعيد. فمن العرب من يتشاءم بالبارح، ويتبرك بالسانح، ومنهم من يرى خلاف ذلك. قال المدائني: سألت رؤبة بن العجاج: ما السانح؟ قال ما ولاك ميامنه، قال: قلت: فما البارح؟ قال ما ولاك مياسره. قال والذي يجيء من قدامك فهو الناطح والنطيح، والذي يجيء من خلفك فهو القاعد والقعيد.
وقال المفضل الضبي: "البارح ما يأتيك عن اليمين يريد يسارك، والسانح ما يأتيك عن اليسار فيمر على اليمين، وإنما اختلفوا في مراتبها ومذاهبها لأنها خواطر وحدوس وتخمينات لا أصل لها، فمن تبرك بشيء مدحه ومن تشاءم به ذمه"
(2)
.
ولم تكن العرب قاطبة تعتقد هذا وتقول به، بل كان منهم من أنكره، قال ابن القيم: "ومنهم من أنكرها بعقله، وأبطل تأثيرها بنظره، وذم من اغتر بها واعتمد عليها، وتوهم تأثيرها، فمنهم المرقش حيث يقول:
ولقد غدوت وكنت لا
…
أغدو على واق وحاتم
فإذا الأشائم كالأيا
…
من والأيامن كالأشايم
وكذا فلا خير ولا
…
شر على أحد بدائم
لا يمنعنك من بغا
…
ء الخير تعقاد التمائم
قد خط ذلك في السطو
…
ر الأوليات القدائم
(1)
النهاية (ط ي ر).
(2)
مفتاح دار السعادة 2/ 229.
يعني بالواق الصرد، وبالحاتم الغراب، سموه حاتما لأنه كان عندهم يحتم بالفراق"
(1)
.
وقال الحافظ: "أصل التطير أنهم كانوا في الجاهلية يعتمدون على الطير، فإذا خرج أحدهم لأمر، فإن رأى الطير طار يمنة، تيمن به، واستمر وإن طار يسرة تشاءم به ورجع، وربما كان أحدهم يهيج الطير ليطير فيعتمدها، فجاء الشرع بالنهي عن ذلك"
(2)
.
قال البغوي: "فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون لشيء منها تأثير في اجتلاب نفع أو ضر"
(3)
.
وإنما أضيفت الطيرة إلى الطير، لأن غالب التشاؤم عند العرب بالطير، فعلقت به. وكذلك عرّفه ابن حجر فقال:"الطيرة والتشاؤم بمعنى واحد"
(4)
.
وقال العلامة محمد الطاهر بن عاشور: "إنما غلب لفظ الطيرة على التشاؤم؛ لأن للأثر الحاصل من دلالة الطيران على الشؤم دلالةً أشد على النفس؛ لأن توقع الضر أدخل في النفوس من رجاء الخير"
(5)
.
وقال أيضًا: "الطيرة في الأصل تكلف معرفة دلالة الطير على خير أو شر من تعرُّض نوع الطير، من صفة اندفاعه، أو مجيئه، ثم أطلق على كل حدث يتوهَّم منه أحدٌ أنه كان سببًا في لحاق شرٍّ به، فصار مردافًا للتشاؤم"
(6)
.
* فحدُّ الطيرة الشرعي هو: التشاؤم بالطيور، والأسماء، والألفاظ، والبقاع، والأشخاص، والأزمان أو هو التشاؤم بكل مسموع أو مرئي أو معلوم وهذا تعريف ابن القيم.
(1)
مفتاح دار السعادة 2/ 230.
(2)
فتح الباري 10/ 212.
(3)
شرح السنة 12/ 70.
(4)
الفتح 6/ 61. وانظر للاستزادة: الدرر السنية 10/ 339.
(5)
التحرير والتنوير 5/ 65.
(6)
التحرير والتنوير 11/ 362.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "والطيرة التشاؤم بالمرئيات والسمعيات من عمل الجاهلية"
(1)
.
والطيرة الشركية يوضحها حديث ابن عمرو - الآتي -: "من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك" وحديث: "إنما الطيرة ما أمضاك أو ردّك"
(2)
فحقيقة الطيرة الشركية ما دفعت الإنسان إلى العمل بها أما التي لا تؤثر على عزم الإنسان من التشاؤم فليس بطيرة. فكل طيرة وتشاؤم حمل الإنسان على المضي فيما أراده أو رده عنه اعتمادا عليها فهي شرك. ومفهوم الحديث: أن من لم تثنه الطيرة عن عزمه فإنها لا تضره، فلا تعود عليه بمعصية أو شرك، كما لا تضره فيما يستقبل من عمله وما عزم عليه، قال ابن حجر:"من وقع له ذلك فسلَّم لله ولم يعبأ بالطيرة لا يؤاخذ بما عرض له من ذلك"
(3)
.
قال الشيخ سليمان بن عبد الله في قوله: "إنما الطيرة ما أمضاك أوردك": "هذا حد الطيرة المنهي عنها بأنها ما أوجب للإنسان أن يمضي لما يريده ولو من الفأل، فإن الفأل إنما يستحب لما فيه من البشارة والملاءمة للنفس، فأما أن يعتمد عليه ويمضي لأجله مع نسيان التوكل على الله، فإن ذلك من الطيرة، وكذلك إذا رأى أو سمع ما يكره فتشاءم به ورده عن حاجته، فإن ذلك أيضا من الطيرة"
(4)
.
* الدليل من الكتاب: قال تعالى {أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (131)} [الأعراف: 131] وقال تعالى: {قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} [يس: 19].
(1)
القوادح في العقيدة ص 50، 51.
(2)
انظر تخريج الحديث في الأدلة.
(3)
فتح الباري 10/ 213.
(4)
تيسير العزيز الحميد ص 446.
* في الدليل من السنة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا عدوى
(1)
ولا طيرة، ولا هامة
(2)
، ولا صفر
(3)
"
(4)
. زاد مسلم: "ولا نوء ولا غول
(5)
".
ولهما عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل، قالوا وما الفأل؟ قال: الكلمة الطيبة"
(6)
.
وعن قَطَن بْن قَبِيصَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْعِيَافَةُ وَالطِّيَرَةُ وَالطَّرْقُ مِنْ الْجِبْت" الطَّرْقُ: الزَّجْر، وَالْعِيَافَةُ: الْخَطُّ
(7)
.
وعن بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان لا يتطير من شيء"
(8)
.
وعن عروة بن عامر رضي الله عنه قال: ذكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أحسنها الفأل، ولا ترد مسلمًا، فإذا رأى أحدكم ما يكره، فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك"
(9)
.
وروى الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أقروا الطير على مَكِناتها"
(10)
.
وعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم، أُمُورًا كُنَّا نَصْنَعُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ كُنَّا نَأْتِي الْكُهَّانَ. قَالَ:"فَلَا تَأْتُوا الْكُهَّانَ" قَالَ: قُلْتُ كُنَّا نَتَطَيَّرُ. قَالَ: "ذَاكَ
(1)
انظر: باب العدوى.
(2)
انظر: باب الهامة
(3)
انظر: باب صفر.
(4)
سبق تخريجه.
(5)
انظر باب الغول.
(6)
أخرجه البخاري (5656)، ومسلم (2220).
(7)
سبق تخريجه.
(8)
أبو داود (3920).
(9)
أبو داود (3919). وابن أبي شيبة في المصنف (6443).
(10)
أخرجه الإمام أحمد (27680)، وأبو داود (2835). مكِناتها: بكسر الكاف وضمها. انظر القاموس المحيط (م ك ن)، وسيأتي معنى الحديث.
شَيْءٌ يَجدُهُ أَحَدُكُمْ فِي نَفْسِهِ فَلا يَصُدَّنَّكُمْ""
(1)
.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الطيرة شرك الطيرة شرك" - ثلاثًا -، قال ابن مسعود: "وما منا إلا
(2)
، ولكن الله يذهبه بالتوكل"
(3)
…
وفي أحد إسنادي أحمد: "الطيرة شرك، الطيرة شرك ولكن الله عز وجل يذهبه بالتوكل"
(4)
.
ولأحمد من حديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك، قالوا: يا رسول الله، ما كفارة ذلك؟ قال أن يقول أحدهم: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك"
(5)
.
وله من حديث الفضل بن عباس: "إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك"
(6)
.
* قول السلف: قال عكرمة: كنا جلوسا عند ابن عباس فمر طائر يصيح، فقال
(1)
أخرجه مسلم (537).
(2)
قال الخطابي في معالم السنن 4/ 230: "قوله: "وما منا إلا" معناه إلا من يعتريه التطير وسبق إلى قلبه الكراهة فيه، فحذف اختصار للكلام واعتمادا على فهم السامع، وقال محمد بن إسماعيل: ان سليمان بن حرب ينكر هذا ويقول: هذا الحرف ليس من قول الرسول صلى الله عليه وسلم وكأنه قول ابن مسعود رضي الله عنه. وعلى هذا فيكون مدرجًا، قال ابن القيم: "وهذه اللفظة: "وما منا" إلى آخر مدرجه في الحديث ليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. كذلك قاله بعض الحفّاظ. وهو الصواب، فإن الطيرة نوع من الشرك، كما في أثر مرفوع:"من ردته الطيرة فقد قارن الشرك"، وفي أثر آخر:"من أرجعته الطيرة عن حاجته فقد أشرك، قالوا: وما كفارة ذلك؟ قال: أن يقول أحدكم: اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك"". مفتاح دار السعادة 2/ 234.
قال ابن حجر: "وقوله "وما منا إلا" من كلام ابن مسعود أُدرج في الخبر وقد بينه سليمان بن حرب شيخ البخاري فيما حكاه الترمذي عن البخاري عنه" فتح الباري 10/ 213.
(3)
أخرجه أبو داود (3910). والترمذي (1614). وابن ماجه (3538).
(4)
أخرجه الإمام أحمد (4194).
(5)
أخرجه الإمام أحمد (7045) 2/ 220، مجمع الزوائد 5/ 105.
(6)
أخرجه الإمام أحمد (1824).