الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
254 - متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم
-
انظر (باب البدعة)، (باب شهادة أن محمدًا رسول الله).
*
تحذير الأئمة من تقليد العلماء مع ورود النص
(1)
:
الأدلة على هذا الأصل في كتاب الله أكثر من أن تحصر، وفي السنة كذلك. قال الإمام البخاري في صحيحه:"وَكَانَتْ الأَئِمَّةُ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَشِيرُونَ الْأُمَنَاءَ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ فِي الأُمُورِ الْمُبَاحَةِ لِيَأْخُذُوا بِأَسْهَلِهَا فَإِذَا وَضحَ الْكِتَابُ أَوْ السُّنَّةُ لَمْ يَتَعَدَّوهُ إِلَى غَيْرِهِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "
(2)
.
قال ابن تيمية: "أما وجوب اتباع القائل في كل ما يقوله، من غير ذكر دليل يدل على صحة ما يقوله، فليس بصحيح، بل هذه المرتبة هي مرتبة الرسول صلى الله عليه وسلم التي لا تصلح إلا له"
(3)
.
وقال رحمه الله: "فالحذر الحذر أيها الرجل من أن تكره شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم أو ترده لأجل هواك، أو انتصارا لمذهبك، أو لشيخك، أو لأجل اشتغالك بالشهوات، أو الدنيا، فإن الله لم يوجب على أحد طاعة أحد إلا طاعة رسوله والأخذ بما جاء به، بحيث لو خالف العبد جميع الخلق، واتبع الرسول ما سأله الله
(1)
من المراجع في ذلك جامع بيان العلم لابن عبد البر 2/ 32، 91، أصول الأحكام لابن حزم 6/ 118 مجموع الفتاوى 20/ 10، 584، 22/ 248. إيقاظ الهمم للفلاني ص 93 وما بعدها، إرشاد النقاد للصنعاني ص 141. صفة الصلاة للألباني ص 27، القول المفيد لابن عثيمين ط 1 - 2/ 259، ط 2 - 2/ 108 ومن المجموع 10/ 734، زجر السفهاء عن تتبع رخص الفقهاء للدوسري ص 33، الجوهر الفريد في نهي الأئمة الأربعة عن التقليد لأبي عبد الرحمن الأثري.
(2)
صحيح البخاري ص 1267 بَاب قَوْلِ الله تَعَالَى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} وبعده الحديث رقم (7369).
(3)
مجموع الفتاوى 35/ 121.
عن مخالفة أحد، فإن من يطيع أو يطاع إنما يطاع تبعا للرسول صلى الله عليه وسلم، وإلا لو أمر بخلاف ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم ما أطيع فاعلم واسمع وأطع واتبع ولا تبتدع، تكن أبتر مردودا عليك عملك بل لا خير في عمل أبتر من الاتباع ولا خير في عامله"
(1)
.
* وإليك طرفًا مما ذكره الأئمة الأربعة وغيرهم رحمهم الله في التحذير من تقليدهم في كل ما يقولونه:
قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله: "إذا قلت قولًا يخالف كتاب الله تعالى وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فاتركوا قولي"
(2)
.
وقال أيضًا: "لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه"
(3)
.
وفي رواية: "حرام على من لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي"
(4)
وقال الإمام مالك بن أنس رحمه الله: "إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي، فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه"
(5)
.
وقال الإمام الشافعي رحمه الله: "إذا صح الحديث فهو مذهبي"
(6)
.
وقال أيضًا: "كل مسألة صح فيها الخبر بخلاف ما قلت فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي"
(7)
.
(1)
مجموع الفتاوى 16/ 528، 529.
(2)
إيقاظ همم أولي الأبصار للفلاني ص 50، وصفة الصلاة للألباني ص 48.
(3)
الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء لابن عبد البر ص 145، وإعلام الموقعين لابن القيم 2/ 309، وإيقاظ همم أولي الأبصار للفلاني ص 54.
(4)
الميزان للشعراني 1/ 55، وصفة الصلاة للألباني ص 47.
(5)
جامع بيان العلم لابن عبد البر 2/ 32.
(6)
المجموع للنووي 1/ 63، وانظر صفة الصلاة ص 26.
(7)
توالي التأسيس لابن حجر ص 108، ومناقب الشافعي للبيهقي 1/ 473.
وقال أيضًا: "كل حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو قولي، وإن لم تسمعوه مني"
(1)
.
وقال الإمام أحمد بن حنبل: "كان أحسن أمر الشافعي عندي أنه كان إذا سمع الخبر لم يكن عنده قال به، وترك قوله"
(2)
.
وقال الإمام أحمد بن حنبل: "قال لنا الشافعي: أنتم أعلم بالحديث والرجال مني، فإذا كان الحديث صحيحًا، فأعلموني كوفيًا كان أو بصريًا أو شاميًا حتى أذهب إليه إذا كان صحيحًا"
(3)
.
وقال رحمه الله: "لا تقلدوني ولا تقلدوا مالكًا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري وخذ من حيث أخذوا"
(4)
.
وقال أيضًا رحمه الله: "من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة"
(5)
.
وقال ابن تيمية رحمه الله: "وهؤلاء الأئمة الأربعة رضي الله عنهم قد نهوا الناس عن تقليدهم في كل ما يقولونه، وذلك هو الواجب عليهم"
(6)
.
وقال أيضًا: "ومن تعصب لواحد بعينه من الأئمة الباقين فهو بمنزلة من تعصب لواحد بعينه من الصحابة دون الباقين، كالرافضي الذي يتعصب لعلي دون الخلفاء الثلاثة وجمهور الصحابة، وكالخارجي الذي يقدح في عثمان وعلي رضي الله عنهما، فهذه طرق أهل البدع والأهواء الذين ثبت بالكتاب والسنة والإجماع أنهم مذمومون، خارجون عن الشريعة والمنهاج الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن تعصب لواحد
(1)
آداب الشافعي لابن أبي حاتم ص 94.
(2)
المدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي ص 206. تاريخ مدينة دمشق 51/ 384.
(3)
آداب الشافعي لابن أبي حاتم ص 94، والحلية لأبي نعيم 9/ 106، ومناقب الإمام أحمد ص 499.
(4)
إعلام الموقعين لابن القيم 2/ 302، صفة الصلاة ص 28.
(5)
انظر صفة الصلاة للألباني ص 53.
(6)
مجموع الفتاوى 20/ 211.
من الأئمة بعينه ففيه شبه من هؤلاء، سواء تعصبوا لمالك أو الشافعي أو أبي حنيفة أو أحمد أو غيرهم، ثم غاية المتعصب لواحد منهم أن يكون جاهلا بقدره في العلم والدين، وبقدر الآخرين، فيكون جاهلا ظالما، والله يأمر بالعلم والعدل وينهى عن الجهل والظلم"
(1)
.
وقال ابن القيم رحمه الله: "هذا مع حفظ مراتب العلماء وموالاتهم واعتقاد حرمتهم وأمانتهم واجتهادهم في حفظ الدين وضبطه، فهم دائرون بين الأجر والأجرين والمغفرة ولكن لا يوجب هذا إهدار النصوص وتقديم قول الواحد منهم عليها لشبهة أنه أعلم بها منك، فإن كان كذلك فمن ذهب إلى النص أعلم به منك فهلا وافقته إن كنت صادقًا.
فمن عرض أقوال العلماء على النصوص ووزنها بها وخالف منها ما خالف النص لم يهدر أقوالهم ولم يهضم جانبهم. بل اقتدى بهم، فإنهم كلهم أمروا بذلك فمتبعهم حقا من امتثل ما وصّوا به لا من خالفهم فخلافهم في القول الذي جاء النص بخلافه أسهل من مخالفتهم في القاعدة الكلية التي أمروا ودعوا إليها من تقديم النص على أقوالهم، ومن هنا يتبين الفرق بين تقليد العالم في كل ما قال، وبين الاستعانة بفهمه والاستضاءة بنور علمه، فالأول يأخذ قوله من غير نظر فيه ولا طلب لدليله من الكتاب والسنة. بل يجعل ذلك كالحبل الذي يلقيه في عنقه يقلده به ولذلك سمي تقليدا، بخلاف من استعان بفهمه واستضاء بنور علمه في الوصول إلى الرسول صلوات الله وسلامه عليه فإنه يجعلهم بمنزلة الدليل على الدليل الأول. فإذا وصل إليه استغنى بدلالته عن الاستدلال بغيره، فمن استدل بالنجم على القبلة فإنه إذا شاهدها لم يبق لاستدلاله بالنجم معنى"
(2)
.
(1)
مجموع الفتاوى 22/ 252.
(2)
الروح لابن القيم 390.