الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
252 - لَوْلَا
*
والمنهي فيها عن قولين:
أ - لولا الله وفلان.
ب - لولا فلان لم يكن كذا.
1 -
لولا الله وفلان: جاء عن إبراهيم النخعي أنه يكره أن يقول الرجل: أعوذ بالله وبك، ويجوز أن يقول: بالله ثم بك. قال: ويقول: لولا الله ثم فلان، ولا تقولوا: لولا الله وفلان
(1)
. وسيأتي تسمية ابن عباس له شركًا.
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: "وذلك - والله أعلم - لأن الواو تقتضي مطلق الجمع؛ فمنع منها للجمع، لئلا توهم الجمع بين الله وبين غيره، كما منع من جمع اسم الله، واسم رسوله في ضمير واحد. و "ثم" إنما تقتضي الترتيب فقط، فجاز ذلك لعدم المانع"
(2)
، ويؤيد ذلك حديث: "
…
ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان"
(3)
.
2 -
لولا فلان لم يكن كذا ولولا فلان لكان كذا وهذا من الشرك الخفي لقول الله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 22].
قال ابن عباس في الآية: "الأنداد هو الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل، وهو أن تقول: والله وحياتك يا فلانة، وحياتي، وتقول: لولا كُلَيْبَةُ هذا أتانا اللصوص، ولولا البطُّ في الدار لأتى اللصوص، وقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله وشئت، وقول: الرجل لولا الله وفلان، لا تجعل فيها فلان فلانا
* الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 9/ 273. تيسير العزيز الحميد ص 590، 594، 601. فتح المجيد ص 484، 490. حاشية كتاب التوحيد لابن قاسم ص 298، 301. القول المفيد لابن عثيمين ط 1 - 2/ 321، ط 2 - 2/ 378 - 388. ومن المجموع 10/ 795. مجموع الفتاوى لابن عثيمين 3/ 129.
(1)
أخرجه ابن أبي الدنيا في "كتاب الصمت" رقم (347).
(2)
تيسير العزيز الحميد ص 601.
(3)
أخرجه الإمام أحمد (23773).
هذا كله به شرك"
(1)
. وهذا محمول على أنه تناسى المنعم
(2)
.
وفي قوله: "لولا كليبة هذا لأتانا اللصوص" قال الشيخ سليمان بن عبد الله: "والمعنى أن من الشرك نسبة عدم السرقة إلى الكلبة التي إذا رأت السراق نبحتهم، فاستيقظ أهلها وهرب السراق. وربما امتنعوا من إتيان المحل الذي هي فيه خوفًا من نباحها، فيعلم بهم أهلها كما روى ابن أبي الدنيا في "الصمت" عن ابن عباس قال: "إن أحدكم ليشرك حتى يشرك بكلبه يقول: لولاه لسرقنا الليلة".
وقوله: "ولولا البط في الدار لأتى اللصوص". البط بفتح الموحدة: طائر معروف يتخذ في البيوت وإذا دخلها غريب صاح واستنكره، وهو الإوز بكسر الهمزة وفتح الواو ومعناها كالذي قبله. والواجب نسبة ذلك إلى الله تعالى، فهو الذي يحفظ عباده ويكلؤهم بالليل والنهار كما قال تعالى:{قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ} [الأنبياء: 42] "
(3)
.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "والخلاصة: أن الحادث بسبب معلوم له صور:
الصورة الأولى: أن يضيفه إلى الله وحده.
الثانية: أن يضيفه إلى الله تعالى مقرونًا بسببه المعلوم؛ مثل أن يقول: "لولا أن الله أنجاني بفلان لغرقت".
الثالثة: أن يضيفه إلى السبب المعلوم وحده مع اعتقاد أن الله هو المسبِّب، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في عمه أبي طالب لما ذكر عذابه:"لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار".
الرابعة: أن يضيفه إلى الله مقرونًا بالسبب المعلوم بـ "ثم"، كقوله:"لولا الله ثم فلان"، وهذه الأربع كلها جائزة.
(1)
أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (230).
(2)
وقد ذكرت تفصيل ذلك في باب (كفر النعمة) فليراجع.
(3)
تيسير العزيز الحميد ص 593.
الصورة الخامسة: أن يضيفه إلى الله، وإلى السبب المعلوم مقرونًا بالواو؛ فهذا شرك، كقوله:"لولا الله وفلان".
الصورة السادسة: أن يضيفه إلى الله، وإلى السبب المعلوم مقرونًا بالفاء، مثل:"لولا الله ففلان"، فهذا محل نظر: يحتمل الجواز، ويحتمل المنع.
الصورة السابعة: أن يضيفه إلى سبب موهوم ليس بثابت شرعًا، ولا حسًا، فهذا شرك"
(1)
.
ويستفاد من تفسير ابن عباس للآية: "أن السلف يحتجون بما أنزل في الشرك الأكبر على الأصغر"
(2)
.
وجاء عن عون بن عبد الله في قوله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} [النحل: 83] قال: "إنكارهم إياها أن يقول الرجل: لولا فلان ما كان كذا وكذا، ولولا فلان ما أصبت كذا وكذا"
(3)
.
قال ابن القيم ما معناه: "هذا يتضمن قطع إضافة النعمة عن من لولاه لم تكن، وإضافتها إلى من لم يملك لنفسه ضرًا وَلا نفعًا فضلا عن غيره، وغايته أن يكون جزءا من أجزاء السبب أجرى الله نعمته على يده، والسبب لا يستقل بالإيجاد وجعله سببًا هو من نعم الله عليه. فهو المنعم بتلك النعمة، وهو المنعم بما جعله من أسبابها، فالسبب والمسبب من إنعامه، وهو تعالى كما أنه قد ينعم بذلك السبب، فقد ينعم بدونه ولا يكون له أثر، وقد يسلبه سببيته، وقد يجعل لها معارضا يقاومها، وقد يرتب على السبب ضد مقتضاه، فهو وحده المنعم على الحقيقة"
(4)
.
(1)
تفسير سورة البقرة 1/ 217، 218.
(2)
تيسير العزيز الحميد ص 593.
(3)
أخرجه ابن جرير 14/ 158.
(4)
تيسير العزيز الحميد ص 590. وانظر للاستزادة باب (الند والأنداد).