الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وله أيضا عن ابن عباس رضي الله عنه أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت، قال:"أجعلتني للّه ندًا؟ بل ما شاء الله وحده"
(1)
.
وعن طفيل بن سخبرة أخي عائشة لأمها أنه رأى فيما يرى النائم كأنه مر برهط من اليهود فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن اليهود. قال: إنكم أنتم القوم لولا أنكم تزعمون أن عزير ابن الله. فقالت اليهود: وأنتم القوم لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد. ثم مر برهط من النصارى فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن النصارى. فقال: إنكم أنتم القوم لولا أنكم تقولون المسيح ابن الله. قالوا وإنكم أنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وما شاء محمد. فلما أصبح أخبر من أخبر ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: "هل أخبرت بها أحدًا" قال: نعم، فلما صلوا خطبهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:"إن طفيلا رأى رؤيا فأخبر بها من أخبر منكم، وإنكم كنتم تقولون كلمة كان يمنعني الحياء منكم أن أنهاكم عنها قال: لا تقولوا ما شاء الله وما شاء محمد"
(2)
.
أحكام وفوائد:
1 - حكم إطلاق ما شاء الله وشئت:
يتبين مما سبق أن هذا الإطلاق له صور ثلاث وهي كالتالي:
1 -
ما شاء الله وحده فهذه أفضلها لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: "قل ما شاء الله وحده"
(3)
.
2 -
ما شاء الله ثم شئت فهذه تجوز؛ لأن فيه العطف بثم والعطف بثم يقتضي الترتيب والتراخي ولكونه صار تابعًا. ففيه إثبات المشيئة لله وحده، وإثبات
(1)
أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة ص 988.
(2)
الإمام أحمد (20970)(23774).
(3)
سبق تخريجه.
المشيئة للعبد وأنها تابعة لمشيئة الله تعالى.
3 -
ما شاء الله وشاء فلان وهذا شرك لأن في اللفظة مساواة غير الله مع الله فيما هو من خصائص الله. وجاء الحديث صريحًا في تحريم هذا القول وما أشبهه من الألفاظ مما فيه العطف بالواو لأن العطف بالواو يقتضي الجمع والمساواة بين الخالق والمخلوق وهذا شرك أصغر ينافي كمال التوحيد.
قال في التيسير: "قال ابن القيم: ومن ذلك أي من الشرك بالله في الألفاظ قول القائل للمخلوق: ما شاء الله وشئت، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال له رجل: ما شاء الله وشئت، وذكر الحديث. ثم قال: هذا مع أن الله قد أثبت للعبد مشيئة. لقوله: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} [التكوير: 28].
فكيف بمن يقول: أنا متوكل على الله وعليك، وأنا في حسب الله وحسبك، وما لي إلا الله وأنت، وهذا من الله ومنك، وهذا من بركات الله وبركاتك، والله لي في السماء وأنت لي في الأرض. والله وحياة فلان أو يقول: نذرًا لله ولفلان، وأنا تائب لله وفلان، وأرجو الله وفلانًا.
فوازن بين هذه الألفاظ، وبين قول القائل: ما شاء الله وشئت، ثم انظر أيهما أفحش. يتبين لك أن قائلها أولى بجواب النبي صلى الله عليه وسلم لقائل تلك الكلمة، وأنه إذا كان قد جعله ندا بها، فهذا قد جعل من لا يداني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من الأشياء، بل لعله أن يكون من أعدائه ندا لرب العالمين. فالسجود، والعبادة، والتوكل، والإنابة، والتقوى، والخشية، والتوبة، والنذر، والحلف، والتسبيح، والتكبير، والتهليل، والتحميد، والاستغفار، وحلق الرأس خضوعا وتعبدا، والطواف بالبيت والدعاء، كل ذلك محض حق لله الذي لا يصلح ولا ينبغي لسواه، من ملك مقرب ولا نبي مرسل. وفي "مسند" الإمام أحمد أن رجلا أتى به النبي صلى الله عليه وسلم، قد